فلسطين: الاحتلال يرتكب انتهاكات مفضية إلى الموت بحق المعتقلين ...بلا قيود ترصد جرائم إسرائيل بحق المعتقلين سفارة اليمن في قطر تدشن موقعها الإلكتروني الجديد .. نافذة حديثة تلبي احتياجات المقيمين والزوار وتسهم في توفير الخدمات القنصلية خدمة إلكترونية جديدة لحجاج اليمن تطلقها وزارة الأوقاف ..لتفعيل نشاطها الرقمي ومواجهة الروابط الوهمية وزارة الاوقاف تدشن في عدن المسابقة القرآنية ويخوضها 41 حافظاً وحافظة في فروع القراءات السبع والتلاوة،والتجويد وحفظ المصحف والاذن عدن ستغرق في الظلام.. حلف قبائل حضرموت يعلن منع خروج النفط الخام من المحافظة رئيس هيئة العمليات العسكرية بوزارة الدفاع يصل جبهات تعز إب تحتفل في مأرب بالعرس الجماعي الأول لـِ 36 عريسا وعروسا من أبناء المحافظة توافق أمريكي يمني على إغلاق كافة القنوات الفضائية التابعة للحوثيين وإغلاق كافة منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي قبائل أرحب ونهم وبني الحارث تعلن النفير وتؤكد جاهزية رجالها لدعم الشرعية في معركة استعادة الدولة (فيديو+صور) أسوأ قيمة للعملة اليمنية على الإطلاق.. أسعار الصرف اليوم في عدن وصنعاء
جاءت استقالة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير 2011 نتيجة ضغط جماهيري، تلا (ربيع) تونس، واستمر لأسابيع انتهى بتقدير القوات المسلحة أن المصلحة الوطنية المصرية تقضي إعلان وقوفها مع توجهات الأغلبية الصاخبة التي تجمعت للمطالبة برحيله، وكان انعكاس ذلك الموقف جليا في الشارع اليمني فخرجت جموع الشباب في نفس اليوم رافعة شعارات مماثلة تطالب برحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
الفارق بين الموقفين هو لجوء الرئيس المصري لأدوات الدولة دون الدفع لتحرك جماهيري مضاد كما فعل الرئيس صالح في اليمن حيث انقسمت العاصمة إلى ساحتين لاستعراض القوة والقدرة على الحشد، ورفع الطرفان الشعارات التي تنسجم مع مزاج جمهوريهما، ولا شك أن الطرفين استخدما الكثير من المال للحشد والإنفاق، ويقال إن تمويل الساحات المعارضة كان في أغلبه من مصادر ذاتية وإن كان جزء منه يعود لحزب الإصلاح بالذات باعتباره الأكبر تواجدا والأكثر تنظيما والأعلى صوتا، كما توزعت بعض الأسر التجارية الكبرى على الساحتين لتمويل حشود الطرفين تحسبا لنجاح طرف وفشل الآخر.
استغلت الأحزاب صوتها العالي وقدرتها على الحشد، لاستخدام الرغبة الشعبية المتصاعدة لرحيل صالح لمصلحتها فأحكمت الخناق على توجهات الساحات وأخمدت تدريجيا حماستها الثورية وفرضت نفسها ممثلة للشباب فتحولت المطالب من رحيل رأس السلطة والنظام بأكمله إلى سعي الشراكة معه وتقسيم المواقع الحكومية مناصفة معه، وجاء انضمام عدد من العسكريين المقربين من صالح إلى المعارضة لإثارة شكوك حقيقية حول مآلات الأمور.
بعد أشهر من الوساطات والحوارات ثم تعطلها ثم انفراجها بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، اتفقت القوى السياسية على تشكيل حكومة بين المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك في ديسمبر ٢٠١١ سبقت استقالة صالح، وكان من تعقيداتها الإجرائية كيفية اقتسام الوزارات، فتوصل الطرفان إلى قيام أحدهما بتوزيع الحقائب الوزارية في قائمتين ويكون للطرف الآخر حق اختيار إحداها، أي أن المسألة تمت بما يشبه القرعة واليانصيب، وهو ابتكار مثير للدهشة والسخرية في آن ويظهر عمق الهوة السحيقة من انعدام الثقة وكذلك الرغبة في شراكة دون النظر إلى المصلحة الوطنية أو الكفاءة أو التجربة وانعكس على فشل سياسي وإداري قاد تدريجيا إلى الكارثة الحالية التي تجلت ملامحها مع انتهاء (لقاءات الموفينبيك)، بل إن رئيس الحكومة المستقل محمد سالم باسندوة الذي اختارته المعارضة اعترف في أكثر من لقاء تلفزيوني أنه لم يكن مشاركا في اختيار الوزراء بل ولا حتى مدير مكتبه، وهو أمر صار طبيعيا بعد الحكومة التي شكلها خالد بحاح في أكتوبر ٢٠١٤.
عانت الأحزاب اليمنية الرئيسية دائما من ضعف الأداء وانشغال قياداتها في البحث عن مكاسب وظيفية ومالية، وحدث نتيجة لذلك انقطاع كامل في تواصلها مع قواعدها رغم المحاولات التي بذلتها زعاماتها لإظهار الأمر صراعا من أجل مصلحة وطنية، ولا شك أن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح استغل ذلك الوهن لعقد صفقات آنية لكسب الوقت ولإضعافها وإظهارها شعبيا بالابتعاد عن الهم العام مما نفر الناس عن العمل الحزبي المنظم وساهم في تشتت الشباب وتوزعهم إلى جماعات متناثرة دون قيادة بفكر خلاق عدا التخلص من النظام بوهم أن القادم سيكون حتما أكثر ازدهارا واستقرارا، وتلك نتيجة للثورات الشعبية التي لا تملك فكرا مستقبليا، ولعل ما كتبه عبدالناصر في (فلسفة الثورة) هو التعبير الأدق عن هذه الحالة «أيمكن حقا أن يتغير مستقبل بلدنا إذا خلصناه من هذا الواحد أو من غيره، أم المسألة أعمق من هذا وأقول لنفسي في حيرة: أكاد أحس أن المسألة أعمق»، وتلك كانت إشكالية (الربيع) في اليمن وربما في غيره.
اشتركت الأحزاب في حكومة مع طرف كانت تطالب بإسقاطه ونظام اتهمته بالفساد والعبث، ولكنها لم تتمكن من إعطاء انطباع مقنع برغبتها الصادقة في تصحيح المسار السابق، وكانت ذريعتها الوحيدة المعبرة عن كسلهم هي (الدولة العميقة) وهو تعبير لا يمكن بأي حال إسقاطه على «تركة» صالح لأن مفهوم الدولة ومؤسساتها لم يكن راسخا أصلا في فكر الحاكم والمحكومين حينها -ولا الآن-، لهذا تبعثرت أحلام الشباب واستبدلتها الأحزاب بفكرة التقاسم الوظيفي، ومن المنطقي القول إن القوى المنظمة الوحيدة التي تمكنت من استغلال الموقف هي التي تحمل فكرا دينيا محركا لنشاطاتها ما يفسر استمرارها بفاعلية على الساحة السياسية إذ امتلكت التنظيم الصارم والذراع العسكرية المساندة، وأعني هنا حزب الإصلاح والسلفيين وجماعة أنصار الله الحوثية، أما البقية فلم يعد لها إلا موقع في الفضاء الافتراضي أو ممثل في الحكومة وفي أفضل الأحوال مستشار.
يقول عبدالناصر في (فلسفة الثورة): «وما أشبه شعبنا الآن بقافلة كان يجب أن تلزم طريقا معينا، وطال عليها الطريق، وقابلتها المصاعب، وانبرى لها اللصوص وقطاع الطرق، وضللها السراب، فتبعثرت القافلة، كل جماعة منها شردت في ناحية، وكل فرد مضى في اتجاه».
هل اختلف الأمر؟