300 مليون يورو مساعدة ألمانية لسورية
عشرات الوفيات بسبب عواصف تضرب عدة ولايات أمريكية.. تفاصيل
واتسآب يطور ميزة جديدة لتنظيم المحادثات الجماعية
اشتعال موجهات وحرب طاحنة بين الجيش السوري وعناصر حزب الله ..تفاصيل
إسرائيل تترقب زلزالا سياسيا وأمنيا الأربعاء
البنك المركزي ينشر أسماء 8 بنوك كبرى قررت الإنتقال من صنعاء الى عدن
أول رد روسي على الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن
الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
حيث الإنسان يغير مسار حياة شابة أغلقت كل الابواب في وجهها وينتشلها من قسوة الحياة إلى واحات الأمل والحياة
طارق صالح يعلق على الضربات الأمريكية ضد الحوثيين.. ماذا قال؟
كان اليمنيون ينتظرون رحيل الرئيس، فإذا بنائب الرئيس أو الرئيس بالنيابة هو الذي يلوّح بالرحيل. هناك عهـد انتهى في اليمن لكن صالح لا يريد الاعتراف بالواقع، وما أعلنه عبدربه منصور هادي من ضيق بتدخلات صالح وأنسبائه وأعوانه ليس رد الفعل الأول شبه العلني فحسب، وإنما التهديد الأول الجدي لما يعرف بـ"الحل السياسي" وفقاً للمبادرة الخليجية.
فهذا رئيس بالنيابة يفترض أن يصبح أواخر فبراير المقبل رئيساً منتخباً لفترة انتقالية، ونظراً إلى سلوكه السويّ طوال الأزمة كان يتوقع من الرئيس معاملة سوية قوامها الاحترام والتعاون، إذا كان الهدف إنقاذ البلد ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو الحرب الأهلية. لكن ما شهده منذ "انتقال الصلاحيات"، وتشكيل "حكومة الوفاق"، لا يشي بأن الرئيس اقتنع أخيراً بأن هذه أيامه الأخيرة في الحكم.
قبل صدور القانون الذي يضمن لصالح حصانة من الملاحقة على جرائم القتل والفساد، استمر القتل وبقيت نوازع الانتقام من العسكريين والسياسيين الذين وقفوا ضدّه في الأزمة. تحوّلت الثورة الشبابية من المطالبة بإسقاطه إلى مهاجمة "الحل السياسي" نفسه، تحديداً لأنه يريد قوننة تلك "الحصانة"، التي لا يستحقها إطلاقاً، ولا بأي شرائع أو أعراف. يعرف الجميع أنها ثمن لابد منه لتسهيل الحل، لكنهم تنبهوا متأخرين إلى أنه قد يحصل على الحصانة من دون أن تكلفه شيئاً. وأخطر ما فيها أنها قد تشمل بضع مئات من الأشخاص، الذين يشكلون عملياً معظم عناصر "مؤسسة الفساد"، التي ربطت بين السياسة والاقتصاد والأمن والإعلام. بل الأخطر أيضاً أنها تقر جهاراً نهاراً باستحالة حماية الحال العام.
لعل هذه الحقيقة المرّة، هي التي أشعلت ثورة ثانية ولدت من رحم الثورة الأولى الشبابية، وقد سميت الثانية "ثورة المؤسسات"، إذ انتفض المرؤوسون العسكريون المدنيون على رؤسائهم من عسكريين ومدنيين وتوصلوا إلى إطاحة العديد منهم. تأخرت هذه الثورة، لكنها حصلت، تأخرت لأن المرؤوسين سكتوا طويلاً على الفساد، ثم وجدوا أن رؤساءهم ترشحوا للتمتع بـ"الحصانة"، وتركوهم وقد بدأت الأزمة المعيشية تؤلمهم.
كان صالح يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج، وتحدث عن مشاريعه بعد العودة، وعن بقائه في صنعاء لممارسة السياسة في حزبه من "موقع المعارضة"، وكأنه يضمن مستقبلاً أن هذا الحزب سيفشل في أي انتخابات مقبلة طالما أن نتائجها لن تزوّر لمصلحته. لكن انهيار بعض المؤسسات اضطره للبقاء، بل إن حزبه أعلن أنه لن يسافر حتى من أجل العلاج.
غير أن المتفاهم عليه في الوسط السياسي أن "صالح" راحل لا محالة، بل يصعب تنظيم الانتخابات الرئاسية في وجوده. كان عليه أن يستغل الفترة التي تلت توقيعه على المبادرة الخليجية في تصفية شؤونه ومساعدة الرئيس بالنيابة على الإمساك بزمام الحكم، والأهم تمكين اللجنة العسكرية من إزالة مظاهر الأزمة. لكن كل ما فعله كان عكس ذلك تماماً، بل إنه أعطى إشارات كثيرة إلى أنه يخطط ليبقى ممسكاً بالخيوط تمهيداً لإدارة البلد بـ"الريموت كونترول" من وراء الستار. لم يحسب حساب انهيار المؤسسات.
كان بإمكانه أن يسافر للعلاج، شرط أن يقر بأنها مغادرة ولن يعود. ويبدو أن الأميركيين اقترحوا أن يوقع على تعهد بعدم ممارسة أي دور سياسي في المستقبل، وأن يبقى في الولايات المتحدة المدة، التي يشاءها ثم يعود إلى مستقره الجديد خارج اليمن. غير أنه بإقلاعه عن السفر بدأ يجازف أولاً بتخريب الحل السياسي، وثانياً بخسارة الخروج الآمن مع "الحصانة" التي فاوض عليها طوال الشهور الماضية، وثالثاً بالتسبب بتفجير أمني واسع. لذلك وجد عبدربه منصور هادي أن عليه رفع البطاقة الحمراء كإنذار أخير للرئيس.
*كاتب ومحلل سياسي – لندن (نقلا عن الاتحاد الإماراتية)