آخر الاخبار

العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران اللجنة العليا للحج تؤكد على استكمال إجراءات السداد وتحويل المبالغ لضمان جاهزية الموسم مقاومة قبيلة أرحب تدعو المجلس الرئاسي إلى اتخاذ قرار الحسم وتمويل معركة الخلاص وتعلن.جاهزيتها العالية لرفد الجبهات بكافة سبل الدعم وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه حنين اليمنيين يتجدد كل رمضان للراحل يحيى علاو وبرنامج ''فرسان الميدان'' عاجل: الدفاع الأمريكية تعلن مقتل عشرات القادة الحوثيين بينهم عسكريين وتكشف حصيلة ''الموجة الأولى'' من ضرباتها وعدد الأهداف التي قصفتها الرئيس اليمني يدعو المجتمع الدولي لمعاقبة الحوثيين كما فعلت أمريكا ويتحدث عن السبيل الوحيد لإنهاء التهديدات الإرهـ.ابية ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة ويحملها مسؤولية هجمات الحوثيين عاجل: أمريكا تكشف متى ستتوقف ضرباتها ضد الحوثيين غارات أمريكية تدمر مصنعًا في الحديدة

مشروع الأقاليم بين الإنقلاب والثورة
بقلم/ عصام الأكحلي
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 17 يوماً
الإثنين 29 ديسمبر-كانون الأول 2014 11:44 ص

من لأيقرأ التاريخ بتفاصيله وأحداثه ودروسه , يعجز أحياناً عن فهم وتحليل الواقع , وتصيبه بعض المواقف والأحداث بالحيرة أو الإندهاش , وفي حالات أخرى قد يصيبه الذهول أو شيء من الصدمة , وأحيانا يقودنا الجهل إلى أن نسلك الطريق الخاطئ بدون أن ندرك أننا نسير إلى الهاوية, فالجهل ليس فقط أحد معضلاتنا الملازمة لنا منذ أمدِ طويل , ولكنه أيضاً أحد الأوراق الأكثر نفعاً لأعدائنا ومعرقلي طريقنا نحو الأمام والمستقبل .

مثال على ذلك , رفض الحوثي ومن ورائه حلفائه لمشروع الأقاليم الستة , فبالمنطق والحساب والجغرافيا والقانون والإقتصاد وعلوم أخرى فإن المشروع يعد ثورة بحد ذاته على طريق إرساء العدالة والمساواة وتوزيع الثروة والشراكة في الإدارة والسلطة , ولكن بحسب التاريخ وحده فمشروع الأقاليم كما وصفه الحوثي بالضبط إنقلاب كارثي , ولكنه بطبيعة الحال لم ولن يفصح عن السبب وتفاصيل التاريخ .

لنعد إلى التاريخ وصفحاته , فخلال قرون سابقة , ظلت طبيعة النظام راسخة ومتأصلة و تتمثل في حكم مركزي فردي للإمام أو السلطان أو الرئيس , وتوزعت السلطة والنفوذ والثروة في الحاكم وحاشيته إضافة إلى مئات المشائخ وقادة الجيش والقضاة والمحافظين والنافذين و مافي حكمهم , فيما الملايين من الشعب محكوم عليهم التهميش والفقر والجهل والإستبداد , و لهذا كانت ومازالت الكفاءة أو التعليم حائلا دون وصول مواطن بسيط إلى منصب مستحق , فيما كانت ومازالت القرابة أو النسب لشيخِ أو نافذ وسيلة مناسبة للوصول إلى القمة , وحين تسود شريعة الغاب وتغيب العدالة ومعها القانون تصبح القوة معياراً للنفوذ ولذا كان شمال ووسط الشمال أكثر تواجدا لمئات من الأشخاص المشار اليهم سابقاً والذين شكلوا ومن بعدهم ورثتهم جيلا بعد جيل تكتل الفيد التاريخي مع تغييرات بسيطة كل فترة بحسب متغيرات الحال في كل فئة واستثناءات وطنية رفضت البقاء ضمن إطار التكتل .

بعد ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر تم السعي لإنهاء تكتل الفيد التاريخي في أكثر من مناسبة , لكن دون جدوى , ففي الجنوب وعبر القتل والقمع تم إنهاء التكتل ولكن تم إستبداله بتكتل حزبي لا يختلف عن السابق إلا من حيث الشكل لا المضمون , وبعد 94م وحتى الاّن يتم السعي بخطى حثيثة لإعادة إنتاج الماضي , وفي الشمال كان التكتل أكثر رسوخا وشراسة وثباتاً ولهذا قابل السعي لإنهائه برفض صريح تمثل في عدة مناسبات بدأت في الخامس من نوفمبر عام 1967 , مروراً بإغتيال الرئيس الحمدي وقبل ذلك أحداث أغسطس 68 , و كذا تثبيت نظام صالح بعد تعزيزه لنهج التكتل , وإنتهاءً بماحدث في 21 سبتمبر 2014 , فبعد عقود من الهدوء خرجت وثيقة الحوار الوطني بشئ يهدد الحياة والبقاء ويعد إنقلاباً على تاريخ طويل من نظامٍ راسخٍ في اليمن .. إذ تم إقرار مشروع الأقاليم الستة , ولهذا جاء إنقلاب 21 سبتمبر , وقبل أيام تم صياغة الإقرار في مسودة الدستور , ولهذا كان حتمياً أن يعلن الحوثي علناً ومن خلفه حلفائه في السر رفضهم القاطع للمضي في طريق مشروع الأقاليم الستة أو الخمسة أو حتى الأقاليم الثلاثة .

ليس صحيحاً البتة أن الخوف على الوحدة أو خشية الإنزلاق نحو التجزئة أو التشرذم وما إلى ذلك كان دافعاً أساسياً لرفض المشروع , فمن يعزز الطائفية اليوم , ومن تعامل بتعالي وهدر للحقوق تجاه أبناء الجنوب والوسط بالأمس لا يهمه الوطن أو الوحدة الوطنية من قريب أو بعيد , بقدر الخوف على مسار الثروة والسلطة و إنهاء تاريخ تكتل الفيد التاريخي .

حين تسود شريعة الغاب , وفي العراق مثلاً بعد 2003 أصبح هناك الاّن عشرة أشخاص يحصلون على سبعين مليار دولار سنوياً من ثروة الشعب الذي يعاني كثيراً العوز والحاجة , وحين يتحكم تكتل الفيد التاريخي بمفاصل الدولة يصبح المواطن مجرد رقم لا حساب له , فعلى سبيل المثال يظن البعض أن السلطة في اليمن كانت ومازالت تخفي بيانات تصدير النفط خشية نقمة المواطن أو غضبه , وهذا ليس صحيحاً , فالسبب الرئيسي لذلك هو الخوف من الشيخ أن يعرف أنه حصل على أقل من حصته , أو أن يعلم أن القائد أو النافذ حصل على أكثر مما يستحق .

خلال عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح وللاستشهاد بنموذج يمكن تعميمه , يظن البعض أن صالح هو من إبتدع فكرة رعاية وتدليل النافذين والمشائخ والقادة مقابل إهمال وسحق الشعب , وهذا خطأ شائع وظلم فادح لصالح , وصحيح القول أن صالح فقط واصل نهج ممتد لأكثر من ألف عام متصل بتاريخ تكتل الفيد الذي يحدد وحده مدى بقاء الحاكم من عدمه , ولهذا تم التخلص من الحمدي حين غامر بقراره إنهاء تاريخ تكتل الفيد ,حتى الأئمة في عز جبروتهم لم يكن بوسعهم تجاهل التكتل لأنه أساس أركان حكمهم و غيابه نهاية لعرشهم الراسخ على نهج الطغيان والجهل والفقر .

ماسبق ملخص للإجابة على حيرة الكثيرين , وهو معلوم للبعض الذين لم يتجاهلوا النظر إلى صفحات التاريخ , ولهذا فإن الحوثي وحلفائه سيدافعون عن مصير الماضي والحاضر حتى اّخر رمق وبلا هوادة أو تقديم أي تنازلات , وعلى الجميع أن يدرك ذلك ويستوعبه جيداً , وبقي فقط أن ندرك حول مايتعلق بنا نحن .. هل سندافع عن المستقبل وهل ستكسر إرادتنا جدار الظلم وتاريخ تكتل الفيد أم نستكين إلى إشعارٍ اّخر ؟

وحدنا من نقرر ذلك , واليوم قبل الغد , والعلي القدير وراء كل قصدٍ وغاية