رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
في البدء لابد من الإشارة الى أهمية الاستفادة من تجارب الآخرين والاستفادة من دروس التاريخ فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. من هذا المنطلق سأقوم بسرد بعض الأفكار المستخرجة من دراسة متعمقة لتاريخ بعض الديمقراطيات الحديثة ومقارنتها بوضع اليمن الحالي بما يعانيه من أزمات واحتقانات ناتجة عن التركيبة الديمغرافية والسياسية بالإضافة الى تصرفات الحاكم خلال العقود الثلاثة الماضية.
بالرغم من أن الثورة اليمنية اليوم تمر بمراحلها الأخيرة وبالرغم من أن المتابعين والمهتمين يتوقعون انفراجة قريبة قد تحدث في أي لحظة إلا أن الجدل لا يزال قائما بشأن طبيعة النظام أو شكله في يمن ما بعد الثورة. فهناك من يدعو إلى نظام برلماني مع وجود رئيس فخري على شاكلة النظام التركي, وهناك من يدعو إلى نظام مختلط (رئاسي وبرلماني) كما هو الحال في فرنسا. بالإضافة إلى من يدعو إلى نظام رئاسي خالص على طريقة النظام الأمريكي. وبغض النظر عن ماهية النظام المناسب لبلد مثل اليمن لا يزال هناك خلاف حقيقي بشأن تركيبة الدولة كحكومة ذات طابع مركزي أو فدرالي، وهذا الخلاف ناتج عن تراكمات ومخاوف خلفها النظام الشمولي القائم، وهو ما جعلنا نتفهم قدرا كبيرا من هذه المخاوف خاصة إذا ما نظرنا إلى الجذور أو العوامل التاريخية المؤثرة.
إذا ما هو الحل الأنسب لتشكيل نظام أو دستور جديد يتجاوز هذه المخاوف ويقدم حلولا ناجعة تلبي تطلعات الشعب اليمني خاصة بعد أن قام بهذه الثورة وقدم ولا يزال الكثير من التضحيات؟
الحل الأمثل لإشكالية النظام بعد الثورة (وهذا رأي شخصي لكاتب هذه السطور) هو أن يكون هناك نظام رئاسي لامركزي يقوم على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وسوف أقوم بشرح المقصود هنا بالنظام الرئاسي اللامركزي بشيء من التفصيل في السطور التالية.
- يجب أن يتم انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب ولكن على أساس تقسيم اليمن إلى خمس دوائر انتخابية بدلا من الدائرة الانتخابية الواحدة بحيث تضمن كل مناطق اليمن في شمالها أو جنوبها تمثيلا متساويا من حيث القيمة الانتخابية وذلك بغض النظر عن الكثافة السكانية لهذه المحافظات أو تلك. وهذا المقترح بحد ذاته يمكن أن يكون جزءا من الحل للمشكلة الجنوبية المستعصية، وله شواهد تاريخية في بلدان عانت من مشكلات مماثلة. فهذا الأسلوب الانتخابي اتبعه المؤسسون لأقدم ديمقراطية في العصر الحديث وهي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام المؤسسون بتصميم نظام انتخابي يجبر مرشحي الرئاسة في أمريكا على التعاطي والاهتمام بالولايات الصغيرة في وسط الولايات المتحدة بقدر لا يقل أهمية عن الولايات الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية مثل نيويورك أو كالفورنيا. هذا بالإضافة إلى التمثيل المتساوي في مجلس الشيوخ، وهذا أمر يحتاج الى تفصيل أكثر سنأتي على جزء منه لاحقا.
في ظل وجود نظام انتخابي رئاسي بهذا الشكل سوف لن يكون بمقدور أي مرشح رئاسي الاعتماد على محافظات بعينها فقط لضمان الفوز بسبب كثافتها السكانية ولكن سوف يحتاج المرشح إلى صوت الناخب في أبين على سبيل المثال بنفس القدر الذي يحتاجه إلى صوت الناخب في صنعاء أو تعز. وهنا ينبغي التنويه إلى أن التقسيم الانتخابي المقترح والمكون من خمس دوائر انتخابيه يتم الاتفاق على حدودها من قبل النخب السياسية والاجتماعية في جميع المحافظات ينطبق على الانتخابات الرئاسية فقط. أضف إلى ذلك تحديد الرئاسة بدورتين انتخابيتين فقط لا تزيد إحداهما عن أربع أو خمس سنوات.
وفي ظل هذا النظام الرئاسي المقترح لن يكون هناك داع لوجود رئيس للوزراء فرئيس الجمهورية هو المسؤول والقائد التنفيذي الفعلي والذي يقوم باختيار وزرائه وعرضهم على البرلمان للتزكية وبهذا يكون الرئيس هو المسؤول أمام الشعب عن نجاح أو إخفاق حكومته.
- النقطة الأساسية الثانية في تركيبة النظام المقترح تتعلق بالنظام اللامركزي الكامل الصلاحيات، وهذا لا يشكل أي تهديد للوحدة اليمنية كما يردد البعض وخاصة في ظل النظام الرئاسي المبين أعلاه. ما أعنيه هنا بالنظام اللامركزي هو أن كل مسؤول تنفيذي على مستوى المحافظات والمديريات يتم انتخابه مباشرة من أبناء تلك المحافظات أو المديريات. فالمحافظ ونائبه منتخبان وكذلك مدير المديرية. بل ويمتد هذا النظام ليشمل المسؤولين الأمنيين والتعليميين والقضاة في المحافظات والمديريات بحيث يتم انتخابهم من أبناء تلك المحافظات والمديريات.
بمعنى أنه لن يتم تعيين القاضي أو مدير الأمن أو مدير المركز التعليمي في أي مديرية من قبل المحافظ أو غيره ولكن سوف يتم انتخابهم من أبناء المديرية وفق معايير محددة تحدد شروط الترشح. بهذا يكون كل هؤلاء المسؤولين خاضعين لمساءلة وإرادة أبناء المديرية أنفسهم وليس العكس. ومع وجود نظام كهذا يخضع لانتخابات حرة وعادلة سوف لن تنشأ صراعات على شاكلة المشكلة الموجودة في صعدة وغيرها والتي هي بالأساس ناتجة عن محاولات فرض الحكومة المركزية في صنعاء إرادتها على أبناء المحافظة.
- بالنسبة للسلطة التشريعية والتي هي من أهم مقومات أي نظام ديمقراطي فيجب أن يكون هناك تقسيم عادل للدوائر الانتخابية قائم على أساس التعداد السكاني الذي سوف يتم مراجعته كل عشر سنوات مما يعني أن الدوائر الانتخابية قد تتغير كل عشر سنوات بناء على التغيرات السكانية المرصودة. وهنا لابد من التأكيد على أن مهمة البرلمان هي رقابية وتشريعية فقط بحيث يقوم البرلمان بسن القوانين ومراقبة تنفيذها من قبل الحكومة. بالإضافة الى إعطاء البرلمان حق الموافقة أو الرفض على الوزراء الذين يختارهم الرئيس وكذلك الميزانية السنوية للحكومة.
- من أهم النقاط الجديدة في النظام المقترح هو وجود برلمانات مصغرة منتخبة على مستوى المحافظات تقوم بمراقبة السلطات التنفيذية في كل محافظة وكذلك سن قوانين محلية تتفق مع خصوصية كل محافظة وبما لا يتعارض مع دستور الدولة. فعلى سبيل المثال إذا كانت الحديدة تعاني من مشاكل مرورية وحوادث أكثر من غيرها سيكون بمقدور برلمان المحافظة سن قوانين مرورية خاصة بها أكثر صرامة وبدون الحاجة إلى العودة الى الحكومة المركزية. أو أن أبناء محافظة حضرموت يريدون سن قوانين تحد من تعاطي القات في المحافظة على سبيل المثال سيكون بمقدور برلمان المحافظة سن قوانين بهذا الشأن.
ما ينبغي ذكره هنا بعد سرد هذه المقترحات أن النظام الرئاسي اللامركزي يمثل أكبر ضمانة للحفاظ على وحدة اليمن وحل مشاكله المزمنة في الوقت الذي يلبي فيه تطلعات أبناء اليمن جميعا بما يقدمه من فرص متساوية للجميع وحريات واسعة لكل فئات المجتمع، كما أنه سيقوم بتوفير فرص عمل أكثر لخريجي الجامعات من شتى المحافظات.
هذه كما ذكرت أفكار ومقترحات أطرحها بين يدي النخب السياسية والفكرية من شتى فئات المجتمع وكذلك القيادات الشبابية والحزبية لدراستها ومناقشتها كخطوة أولى في طريق بناء دستور يمني جديد يستوعب جميع أبنائه ويؤسس لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي ستكون نبراسا يحتذى به، والله من وراء القصد.