إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام عاجل: غارات جديدة على اليمن المعبقي محافظ البنك المركزي يتحدث عن أهمية الدعم المالي السعودي الأخير للقطاع المصرفي ودفع رواتب الموظفين تعز: مقتل جندي وإصابة آخرين في قصف مدفعي حوثي بجبهة الدفاع الجوي اليمن تبحث عن فوزها الأول في كأس الخليج اليوم أمام البحرين وحكم اماراتي يدير اللقاء المرأة اليمنية.. كيف توفق بين الأدوار الأسرية والمهنية؟ عاجل: تحسن في أسعار الصرف بعد الإعلان عن تحويل نصف مليار دولار كدعم سعودي لليمن ''الأسعار الآن''
تتجه الأنظار اليوم إلى الثورات العربية وكنهها ومصدرها الحقيقي ومآلاتها ومستقبلها في ظل حالة استغراب عالمية وليست فقط محلية وإقليمية من الصحوة العربية المباغتة والتي أطاحت حتى الآن باثنين من أعتى القادة العرب المعمرين والدائرة اليوم تهدد اثنين آخرين ولا يبدو أن الثورات ستقتصر على بلدين أو ثلاثة ويبدو كذلك أن الغرب ذاته يعيش حالة الذهول تلك ... فهل هناك تفسيرات أخرى للموقف الغربي إزاء هذه الثورات؟؟ هل فعلا كما يدعي البعض من المحسوبين على الأنظمة العربية المهددة بالزوال أن الغرب يقف وراء تلك الثورات العربية الشبابية الواعدة؟ وهل فعلا أن الغرب هم المستفيد الأول والأخير منها؟؟ هل أفشلت هذه الثورات مخططات الغرب في الشرق الأوسط وهددت صديقته المفضلة ( اسرائيل ) ؟؟؟ ... أسئلة كثيرة تضع نفسها بإلحاح هذه الأيام ولربما تكون الإجابة عنها بموضوعية قد تزيل كثير من اللبس حول تلك الأحداث وخصوصا من قبل الباحثين المتخصصين في المجال الاجتماعي وسأحاول الإدلاء بدلوي مستعينا بالله فأقول أنه ينبغي أن يعلم أن الثورات هي إحدى أشكال التغير الاجتماعي السريع للمجتمعات وتكتنفه مخاطر اجتماعية واقتصادية وسياسية جمة تهدد مصالح أرباب النظرية الرأسمالية الليبرالية القائمة اليوم بزعامة أمريكا تلك النظرية التي تنص على أن الاستقرار في المجتمعات هو الأساس وأن الثورات تعد مظاهر غير صحية ينبغي القضاء عليها واستئصال شأفتها بعكس النظرية الماركسية البائدة والتي ترى في الصراع ضرورة بشرية ملحة تمنع من تحكم أصحاب رأس المال بالثروات وحرمان العمال من فرص العيش الكريم ورغم ادعائاتها تلك فقد فشلت تلك النظرية عمليا عندما استعبدت الناس في سهول سيبيريا ومنعتهم من التعبير عن أنفسهم والمطالبة بحقوقهم وهكذا الحال اليوم بالنسبة للنظرية الليبرالية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة وتوشك أن تلحق بصاحبتها – الاشتراكية – حتى أن الغرب في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها منذ عقود وتفاقمت في السنين الأخيرة بدأ يبحث عن نظرية جديدة من شأنها أن تعيد الحياة للحضارة الغربية الزائفة بقيادة أمريكا وليس أدل على فشلها من اعترافات منظريها أنفسهم واتهاماتهم لبعضهم البعض ولأبحاث مدارسهم المتنوعة بأنها تعمل فقط من أجل تطويل عمر النظام الرأسمالي وتبرير السياسات الغربية بل إن علم الاجتماع الغربي بأكمله القائم على الأسس الرأسمالية متهم في أوساط مفكريه ومناصريه – فضلا عن مناوئيه – بالفشل في حل مشاكل المجتمع والسطحية في الدراسات والـأبحاث المنطلقة من أسس النظرية البنائية الوظيفية واكتفائها بالجانب الوصفي والتحليلي دول إعطاء العلاجات النافعة.
ما يهمنا في هذه المقدمة أن الدور التبريري لفلاسفة علماء الاجتماع الغربي ونصائحهم فيما يتعلق بالتصدي للثورات المناوئة للأنظمة الرأسمالية لم يقتصر فقط على بلدانهم بل تعداه بدراسات وأبحاث في العالم الثالث بقصد ضرب الحركات التحررية نتيجة لما وفرته تلك الأبحاث والدراسات من بيانات لوكالة الاستخبارات الأمريكية فقد أوضح أحد هؤلاء الفلاسفة وهو ( جورج بيني ) في كتابه ( عملية الثورة ) أن دعاة الثورة لن يجدوا غير قليل من الآذان الصاغية في الغرب المتقدم لأن اهتمامنا الآن مقصور على دراسة الاجراءات المضادة للثورات. كما أكد ( لوسيا باي ) في بحثه ( جذور العصيان وبداية حركات التحرر ) أن هدف بحثه هو تزويد الحكومات بنصيحة صادقة تتعلق بكيفية التعامل مع المتمردين والتي لخصها في الامتناع عن تقديم أي تنازلات لهم تحت أي ظرف من الظروف وأن على الحكومات أن تدعم شبكات التجسس الخاصة بها وتحول دون تسرب المعلومات. وهذا ما تعمله اليوم بالتحديد الحكومات التي تتعرض لخطر الثورات إظافة إلى بث الدعاوى والشائعات والدعاية المضادة وقد تعمل على تفريخ ثورات مصطنعة تهدم وتقوض تلك الثورات المناوئة لها.
وبخصوص امكانية خروج الغرب عن أسسه ونظرياته ودعمه للثورات التي تهدد حلفاءه في الدول النامية فلا يستبعد ذلك في بعض الأحيان فقد يحاول أن يتبنى الثورة إذا رأى صلابة عودها من أجل الحفاظ على مصالحه المستقبلية في الحين الذي لن يتخلى بسهولة عن حلفاءه القداما المتمثلين بالأنظمة التابعة له التي تمثل بعده الرأسمالي الذي أذاق البشرية الأمرين منذ عقود طويلة من الزمن ( وهذا يضاف إلى التدمير والآلام التي تعانيها الشعوب بسبب أولغاريشات رأس المال المعولم ونفوذه العسكري والمنظمات التجارية والمالية والمرتزقة التابعين له تلك الآثار الناتجة عن الفساد وخيانة الأمانة الوظيفية المنتشرة على نطاق واسع في عدد من الحكومات في العالن الثالث على وجه الخصوص ذلك أن النظام العالمي لرأس المال العالمي لا يمكن أن يعيش من دون التواطؤ مع نشاط وفساد الحكومات المعنية) ( سادة العالم الجدد ص 11 ).
ومن هذا المنطلق فإن الحديث عن تبني الغرب للثورات ودعمها اليوم حديث بعيد عن الحقيقة بل ومجاف لها رغم التصريحات التي نسمعها بين الحين والآخر ونعت بعض الشخصيات المحسوبة على الثورات بالعمالة والدعم المبكر لها من الغرب كما حدث أثناء الثورة المصرية أو حديث المحسوبين على الأنظمة المتهالكة كما مر معنا بنسبة هذه الثورات ومصادرها إلى الغرب وأمريكا بالتحديد، بل الحقيقة أن وراء هذه الثورات حكمة بالغة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى وقد تكون مقدمة لتغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية عربية وعالمية كبرى من شأنها أن تعدل من موازين القوى المعروفة حاليا بنظام القطب الواحد بزعامة أمريكا وقبل ذلك تغيير شامل في الأنظمة العربية وظهور نجوم جديدة في سماء السياسة العربية ولاعبين جدد في ميدان الحياة العربية القادمة ومستقبلها المنشود.
*باحث اجتماعي وإعلامي