آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

المرحلة الانتقالية: تحقيق الامن
بقلم/ أ.د سيف العسلي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 3 أيام
الإثنين 27 يونيو-حزيران 2011 07:12 م
 

 ينبغي ان تنحصر مهام المرحلة الانتقالية في تلك المهام الاساسية و الضرورية فقط. ان هذا الشرط اساسي بهدف تجنب الوقوع في اشكالية شرعية المرحلة الانتقالية من وجهة نظر القيم الديمقراطية. فمصداقية التحول الديمقراطي الحقيقي تعتمد على التأكيد على ذلك و الاصرار عليه منذ البداية. فمهما كان الادعاء بالالتزام بالديمقراطية لا يمكن تصديقه ما لم يتم ممارسة الديمقراطية فعليا حتى في المرحلة الانتقالية.

 ان حصر مهام المرحلة الانتقالية بالمهام الاساسية و الضرورية و عدم توسيعها لتشمل كل شيء ينسجم مع الممارسات الديمقراطية. و يتضح ذلك من حقيقة ان هناك اجماع شعبي على المهام الاساسية و الضرورية فقط. و على هذا الاساس فإن التركيز عليها في المرحلة الانتقالية يلبي متطلب الديمقراطية الاساسي و هو مشاركة كل فئات المجتمع في تحديد كيف يحكمون.

 هذا من ناحية و من ناحية ثانية فان التصدي للمهام الضرورية خلال هذه المرحلة ينسجم مع اهداف ثورة الشباب. اذ انهم لم يقوموا بثورتهم من اجل ترجيح كفة طرف سياسي على طرف اخر و انما لان النظام السياسي برمته ( سلطة و معارضة) قد تجاهل الاحتياجات الاساسية للشعب و خصوصا الناس العادين.

 و من ناحية ثالثة فان حصر مهام المرحلة الانتقالية بالمهام الاساسية سيتيح لمن يتولى المسئولية فيها التركيز على مهام محددة مما سيساعد على الانجاز. و كذلك فان تحديد ذلك سيمكن شباب الثورة من مراقبة من سيتولى مسئولية ذلك بشكل فعال و عادل لكل من الطرفين.

 و من ناحية رابعة ان المهام غير الاساسية و التي تحتاج الى توافق ستترك للقوى السياسية للتحاور حولها و الوصول على توافقات معقولة حتى لا تتهم الثورة بممارسة الاقصاء. و لا شك ان ذلك سيمكن هذا القوى من تحديد طبيعة النظام السياسي القادم و الذي ستكون شريكا فيه بعيدا من ضغوط المصالح و المناكفات السياسية. و في هذه الحالة فان توافقها على ذلك سيكون ممكنا في وقت قصير.

 تنحصر هذه المهام الاساسية من وجهة نظري في ثلاث مهام هي تحقيق الامن و الاصلاح الاداري و الاصلاح الاقتصادي. و ما عدا ذلك من مهام مثل كتابة دستور جديد يعتمد اما على النظام الرئاسي او البرلماني و العلاقة بين المركز و المحليات و النظام الانتخابي ( العادي او القائمة النسبية) و الضمانات الكافية للانتخابات الحرة و النزيهة و غيرها من المهام يمكن ان تترك للقوى و الاحزاب السياسية للتحاور و التفاوض حولها. و عندما يتم الاتفاق عليها يتم الانتقال من المرحلة الانتقالية الى المرحلة العادية.

 في هذا المقال سيتم مناقشة مهام تحقيق الامن من حيث ضرورتها و معالم تحقيقها و الحدود الممكنة لتحقيقها في المرحلة الانتقالية. لا شك بان التركيز على تحقيق الامن لو بالحد الادنى سيعمل على تحسين الاوضاع الحالية و التأسيس لعهد ما بعد المرحلة الانتقالية. و لذلك فان تحقيق الامن لا بد و ان يحظى بأهمية قصوى.

  فكما هو مسلم به فانه لا يمكن تصور وجود اي حياة كريمة لأي مجتمع من المجتمعات بدون توفير الحد الادنى من الامن لجميع افراده و المتمثلة في توفير حماية كافية لكل من النفس و المال و العرض. فبدون ذلك لا يمكن ان يتصور قيام اي نظام سياسي مستقر و مفيد و اقتصاد متطور و علاقات اجتماعية حميمة.

 ذلك ان الوظائف الرئيسية لأي نظام سياسي ديمقراطي تعتمد على تحقيق الامن للمواطنين. فاذا لم يتوفر ذلك فلا يمكن توفير خدمات اساسية للمواطنين مثل التعليم و الصحة و البنية تحتية و الانتخابات الحرة التداول سلمي للسلطة و الصحافة حرة و العدالة. و بدون ذلك تتحول الدولة و مؤسساتها الى وسيلة لظلم غالبية افراد الشعب لصالح القلة المتنفذة.

 و بدون توفر الحد الادنى من الامن لا يمكن تحقيق اي نوع من انواع التنمية الاقتصادية. ففي ظل الاختلالات الامنية لا يكمن وجود استثمار و ادخار و وظائف و زيادة في الدخل و علاقات تجارية و استقرار للأسعار و انظمة مصرفية متطورة و استغلال للموارد المتاحة.

 في ظل غياب الحد الادنى من الامن لا يمكن اقامة اي علاقات اجتماعية مثل العلاقات الاسرة المنضبطة و مؤسسات المجتمع المدني الفعالة. و بالتالي لا يمكن الحديث عن اي نوع من انواع التكافل الاجتماعي. فقط يسود في المجتمع الخوف و الارهاب و العنف و التفكك الاسري و الاجتماعي.

 لا يختلف اثنان في حقيقة غياب الامن في البلاد في الوقت الحاضر. و يتفق الجميع ان غياب الامن في الوقت الحاضر قد تسبب في الازمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الحالية في البلاد. فعلى الرغم من اليمن ينفق بشكل ظاهر و باطن اكبر نسبة من موازنتها على الامن الا ان الجميع يشكو من غيابه. صحيح ان النظام يزعم بانه قد نجح في بناء مؤسسات عسكرية و امنية كثيرة و متعددة. لكن الصحيح ايضا انه لا يستطيع ان ينكر حقيقة ان ما تقدمه هذه المؤسسات من خدمات امنية للمواطنين شبه منعدم.

 ولا شك ان ذلك يرجع الى اختلال في كل من مفهوم الامن و الهيكلية لدى هذه المؤسسات. فمن الواضح ان مفهوم الامن قد اختزل لدى هذه المؤسسات الى امن النظام و على وجه التحديد امن رئيسه و ليس امن المجتمع ككل. و لذلك فقد تم هيكلية هذه المؤسسات لتتمحور حول امن النظام و رموزه. فحماية هؤلاء مقدمة على حماية المجتمع. بل ان هذه المؤسسات تعاملت مع المجتمع على اساس انه مهدد للنظام و بالتالي يجب قمعه حتى و لو ادعت غير ذلك. فالوطن في نظرها هو النظام فقط.

 و لقد ترك على هذا الفهم تشوه هيكلية هذه المؤسسات. و يتضح ذلك من تشوه اهدافها و طريقة عملها. فلم تعد مهمة مؤسسة الجيش مواجهة العدو الخارجي بل اصبحت مهمة التعامل مع الاوضاع الداخلية الوظيفة الاساسية لها. و قد ترتب على ذلك ان انقسم الجيش الى جيوش. فالمؤسسة العسكرية اليمنية تتكون من عدد من المكونات التي لا توجد بينها اي رابط سواء من حيث الهدف و القيادة و المهام و التدريب و التسليح. فالحرس الجمهوري و القوات الخاصة و الحرس الخاص لا تعتبر ضمن القوات المسلحة. انها تخضع مباشرة الى رئيس الجمهورية و بالتالي فان مرتباتها مختلفة و تسليحها مختلف و مهامها مختلفة. اما الجيش فانه عبارة عن محاور او فرق او الوية مستقلة عن بعضها البعض على الاقل من حيث الولاء و القيادة. و قد ترتب على ذلك حدوث تداخل في مهام الجيش بين حماية حدود البلاد و تدخلها في الشؤن السياسية و الامنية الداخلية.

و لا يختلف الامر كثيرا فيما يخص مؤسسة الامن. انها تتعدد وفقا لأهدافها و قيادتها. اذ انها تتكون من الامن المركزي و الامن و العام و النجدة و امن الحدود و الامن السياحي و الامن الراجل و مكافحة الارهاب و الامن السياسي و الامن القومي. و على الرغم من هذا التعدد فإنها كلها مسخرة لحماية النظام و رموزه. و لأسف الشديد فان هذه المؤسسات لم تفلح لا في حماية النظام و رموزه.

 و لا على الرغم من هذا التعدد و الامكانيات التي اعطيت لها فالوطن بدون حماية. الناس يقتلون لا يتم القبض عليهم و تقديمهم للعدالة. و المؤسسات العامة بدون حماية و الدليل على ذلك تخريبها و انتهاكها. و لا توجد حماية للمال العام مما عرضه للاستيلاء و السلب و التدمير. و لا توجد حماية للاستثمارات الخاصة بل ان مؤسسات الامن تستخدم للاستيلاء عليها. لا توجد حماية للبيوت و الممتلكات الخاصة و الدليل على ذلك انتشار السرقات و الاستيلاء الاراضي بدون ان تحرك اجهزة الامن اي ساكن.

 و قد ترتب على ذلك ان لجاء الناس الى حماية انفسهم اما من خلال القبيلة او المليشيات الخاصة او دفع اتاوات للمتنفذين في الاجهزة الامنية. فمن لا يقدر على ذلك فما عليه الا ان يعيش في ظل خوف الدائم على نفسه و ماله و عرضه.

  لذلك يجب ان يحتل تحقيق الامن خلال الفترة الانتقالية الاولوية القصوى. ان ذلك يعني لبدا فورا في تغير مفهوم الامن من امن النظام و رموزه الى امن المجتمع كله و العمل على اعادة هيكلية مؤسسة الامن بما يتوافق مع ذلك. انه يجب النظر الى الامن بنظرة كلية. ان ذلك يعني عدم التفرقة بين امن فرد و فرد و مكون و مكون اخرى من مكونات المجتمع. اي انه يجب السعي لتحقيق امن كل من يعيش في اليمن بعض النظر عن مكانته و منطقته و انتمائه السياسي.

فقد اثبت التجارب اذ انه لا يمكن تجزئة الامن لأي سبب من الاسباب. فمن اجل توفير الامن لدار الرئاسة فانه لا بد من توفيره للعاصمة و بل و لليمن كله. و اذا ما حدث اختراق لها فان ذلك سيمثل اختراقا لأمن الرئاسة. و من اجل حفظ الامن في البلاد فانه لا ينبغي ان يسمح لأي فرد او قبيلة ان يوفر الامن لنفسه او قبيلته او منطقته و انما يجب ان تتولى ذلك الدولة. و على هذا الاساس فان عليها ان لا تسمح باي حروب قبلية او غيرها.

 ومن اجل تحقيق ذلك فانه يجب اعادة النظر بهيكلية المؤسسات العسكرية و الامنية كيف تكون قادرة على تحقيق الامن للجميع وفقا للعقيدة الجديدة. و في هذا الاطار فانه لا بد من اعادة النظر في توزيع الجيش على المناطق و المحاور في البلاد بما يتلاءم مع التهديدات الخارجية. و كذلك فان يجب اعادة النظر في العلاقة بين وحدات الجيش و قاداتها و رئاسة الاركان و وزارة الدفاع و الحكومة و رئيس الدولة و مجلس النواب.

 و كذلك فانه يجب تحويل الحرس الجمهوري من وحدات مقاتلة الى وحدات شبه مقاتله مثل الحرس الوطني الذي يوجد في عدد من البلاد و التي يجب ان يكون وسيطا بين مهام الجيش و مهام الامن.

 يجب ان يتحول الامن المركزي و الوحدات الخاصة و كل مكونات الامن المختلفة الى امن عام ينتشر في كل مناطق الجمهورية من اجل التعامل مع الاختلالات الامنية البسيطة و تنفيذ الاحكام و القيام بالتحقيقات القضائية.

 و في هذا الاطار فانه يجب تحويل جهاز الامن السياسي والى جهاز يتولى محاربة الجريمة المنظمة مثل الفساد الاداري و السياسي و الاقتصادي و الغش و التدليس الاختطاف و غسيل الاموال. في حين يتخصص جهاز الامن القومي في محاربة التهديدات الخارجية و الارهاب. 

 ان تحقيق الامن على هذا النحو امر ممكن خلال الفترة الانتقالية لان الامر لا يتطلب من وجود رؤيا و ارادة و بذل الجهود. انه يمكن تحقيق ذلك من خلال الموارد الحالية سواء المالية او البشرية او المادية.