انتخابات 20 سبتمبر 2006 ومسألة الشرعية!..
بقلم/ دكتور/عبد الله الفقيه
نشر منذ: 18 سنة و 4 أسابيع و يوم واحد
الجمعة 06 أكتوبر-تشرين الأول 2006 02:08 م

حيرة انتخابية

وصفت وكالة الأسوشيتدبرس انتخابات سبتمبر 2006 الرئاسية والمحلية في الجمهورية اليمنية بأنها الأولى من نوعها في التاريخ العربي الحديث. فللمرة الأولى، بحسب الوكالة، يخوض رئيس عربي جالس على كرسي السلطة منافسة انتخابية جادة مع مرشح حقيقي ويمتلك دعما شعبيا كبيرا. ومع ان الوكالة قد ذكرت بالتفصيل موقف المعارضة اليمنية، الا أنها ربما بقصد أو بدون قصد، قد أغفلت الإشارة إلى ان الانتخابات اليمنية في نهايتها الغريبة ليست الأولى من نوعها في العالم العربي. وإذا كان الرئيس بوش قد سارع في خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى اعتبار الانتخابات اليمنية باعثاً على التفاؤل، فان وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي قد وجد نفسه في مؤتمر صحفي عقد الجمعة 22 سبتمبر في مقر الأمم المتحدة محاصرا بأسئلة حول اتهامات المعارضة للحزب الحاكم بتزوير الانتخابات.

وقد كان لافتا بان الدكتور القربي قد حاول في إجابته التخفي خلف شهادة المراقبين الدوليين الذين هم من طراز «صنع خصيصا لليمن» تارة وخلف التحالف مع الولايات المتحدة تارة أخرى، وخلف الدول المجاورة تارة ثالثة قائلا بأنه مادامت المعارضة اليمنية تشكك في مصداقية مراقبي الإتحاد الأوروبي فانه ولذلك السبب لا ينبغي ان تؤخذ اتهاماتها مأخذ الجد. ويبدو الوزير القربي من اشد المتحمسين للبابوية الأوروبية وكأن المراقبين الأوروبيين لا يمكن استمالتهم أو خداعهم وتضليلهم.

وعندما سئل الوزير القربي عن تقرير مركز المعلومات والتأهيل الذي يتهم الإعلام الرسمي بالانحياز للحزب الحاكم أجاب القربي بقوله انه في الفترة السابقة للتحضير للانتخابات عملت أحزاب المعارضة على تأسيس مجموعات حقوق إنسان الهدف منها العمل لصالح المعارضة. وعندئذ سئل الدكتور القربي «هل تعني ان مركز المعلومات والتدريب حول حقوق الإنسان يعمل لصالح المعارضة» أجاب القربي بعد تردد «بحسب علمي لم يتم تأسيس المركز من قبل أحزاب المعارضة». ولم ينس الوزير القربي ان يستعدي أمريكا على أبناء شعبه حيث قال للصحفيين «تخيلوا ان تظهر المعارضة في العالم العربي على تلفزيون الحكومة وتهاجم الحكومة ليس فقط بسبب الفساد ولكن بسبب كل شيء بسبب السياسية الخارجية، والتنمية الاقتصادية، والعلاقات الوثيقة بالولايات المتحدة». لقد قال لنا الجيران، والكلام ما زال للقربي، «إنكم تسنون سابقة بسماحكم للمعارضة لأن تأتي وتهاجمكم على التلفزيون الرسمي». وفي كلام القربي إيحاء بان قرار فوز صالح قد اتخذ في واشنطن والرياض قبل ان يتخذ في صنعاء وانه ينبغي على الجميع بمن في ذلك الإعلام الدولي القبول بذلك القرار. فكما ان الرئيس صالح بحاجة إلى كسب الانتخابات فان الرئيس بوش بدوره وبعد فشله الذريع بحاجة إلى أي نجاح في أي مكان في العالم وان كان مثل ذلك النجاح وهمياً.

وفي الوقت الذي كان فيه حمود منصر مراسل قناة العربية (السعودية) والمقرب جداً من مطابخ الرئاسة يعلن وفي انتهاك واضح لدستور الجمهورية اليمنية وقانون الانتخابات ولأبسط قواعد الديمقراطية فوز الرئيس صالح قبل ان تنتهي عملية الاقتراع، كان السفير الأمريكي في نفس اللحظة وفي رسالة مباشرة للمراقبين الدوليين يؤكد بان الانتخابات اليمنية كانت نزيهة وشفافة! أما الدكتورة روبن مدريد رئيسة المعهد الديمقراطي الأمريكي بصنعاء والتي كانت تقوم بدور «ماما تريزا الديمقراطية اليمنية» فسرعان ما تحولت إلى «ماما تريزا التزوير». واستحقت الدكتورة مدريد الشكر على توعية الشعب اليمني من رئيس الجمهورية اليمنية.

مشاكل جديدة

بغض النظر عن الأوصاف والألقاب التي أطلقت على الانتخابات اليمنية الأخيرة التي طلب القربي،

الذي لا يفرق في خطابه بين تمثيل الحزب الحاكم وتمثيل الجمهورية اليمنية، من المجتمع الدولي ان يفهمها في سياقها (العربي!) فان ما فات الجميع هو حقيقة ان الانتخابات اليمنية لم تحل أي مشكلة من مشاكل اليمن بقدر ما عقدت بعض المشاكل وأضافت إلى مشاكل اليمن المتراكمة مجموعة جديدة من المشاكل. ولعل المشكلة الأولى التي سيواجهها صالح في فترته الجديدة كما ذكر سيمون هندرسون في تقرير نشر على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في يوم ال20 من سبتمبر هي العمل على الحد من الجدل الدائر حول نتائج الانتخابات. فمنذ الآن فصاعداً سيحمل كل يوم جديد في حياة اليمنيين دليلاً جديداً على التزوير الكبير. فتقرير الاشتراكي نت عن فوز صالح بـ12 الف صوت في دائرة لا يزيد عدد الناخبين المسجلين فيها عن ثمانية آلاف صوت قد كان متبوعا بتقرير أكثر ثقلا كتبه من صنعاء مراسل موقع إيلاف اللندني عن شراء الحزب الحاكم للأصوات، وعن قيامه بتعبئة استمارات الرقابة على الانتخابات. ولن يكون مختار حمود سرحان عضو اللجنة الأصلية بمديرية مذيخرة آخر الأصوات المؤتمرية التي تخرج على التزوير. فمع اشراقة شمس كل يوم جديد سيكون هناك مؤتمري يتكلم عن المبالغ التي دفعت كثمن لأصوات الناس وعن التهديد والوعيد وطرق التزوير المبتكرة. وإذا كان الغرض من الانتخابات اليمنية هو إضفاء الشرعية على الحاكم فان الانتخابات اليمنية الأخيرة قد كشفت غطاء الشرعية عن الحكم القائم فأصبح أكثر من ذي قبل بحاجة إلى مصدر آخر للشرعية.

ورغم ان أحزاب اللقاء المشترك قد فاجأت الجميع بهرولتها إلى الاعتراف بالنتائج وإضفاء الشرعية

 على ما حدث يوم 20 سبتمبر الا ان ذلك الاعتراف الذي يضفي الشرعية القانونية على النظام لا يمكنه ان يغير الإحساس بالغبن بين الذين صوتوا للقاء المشترك. لقد كان اعتراف قادة اللقاء المشترك بالنتائج وبعد ان هددوا بالنزول إلى الشارع بمثابة اعتراف من «الخيول المنهكة» بحسب وصف الأستاذ الدكتور محمد عبد الملك المتوكل لأحزاب المعارضة ذات مرة بان الرهان عليها في الضغط على الحاكم لإحداث تحولات تنتشل البلاد من الفقر والجهل والمرض والفساد ربما كان في غير محله وان الوقت قد حان لأحزاب المعارضة ان تدفع بقيادات جديدة إلى الساحة. ففي مقابل انقلاب الحزب الحاكم على الديمقراطية في 20 سبتمبر 2006، كان الأجدر بقيادات اللقاء المشترك ان تغتنم الفرصة لتعطي الحاكم درسا في الديمقراطية. لكنها لم تكن أكثر ديمقراطية من الحاكم. كانت أحزاب اللقاء المشترك قد أعلنت بأنها ستعيد قرار الاعتراف بالنتائج إلى الهيئات المختصة في أحزابها وهو اقل القليل من الديمقراطية، ثم إذا بها وفي الوقت الذي كانت فيه فروع المشترك في المحافظات ترفض النتائج، تفاجأ الكل باعتراف يصعب فهم مبرراته..

ومع تقدير الظروف الصعبة التي تعمل من خلالها أحزاب اللقاء المشترك إلاَّ ان ذلك لا يعفيها من تحمل مسئوليتها التاريخية تجاه أوجه القصور التي كان يمكن تجاوزها. وقد كان الصحفي والكاتب عبد الرحيم محسن محقا عندما اقترح بان تقوم أحزاب اللقاء المشترك بدراسة التجربة دراسة علمية بعيدة عن التبرير. والدراسة وحدها للتجربة لا تكفي بل لا بد ان تكون متبوعة أيضا بتطوير إستراتيجية للعمل تجعل المعارضة في موقف المبادرة. وإذا كانت أحزاب اللقاء المشترك قد قامت بخطوات شجاعة في الماضي فان المستقبل القريب ينتظر منها خطوات أكثر شجاعة.

لقد عقدت المعركة الانتخابية، التي وصفها الصحفي الأردني «ياسر أبو هلالة» بـ«الحامية» مشكلة اليمن الأساسية، وهي بحسب الصحفي أبو هلالة وجود «دولة فاشلة بكل المقاييس التنموية». فاليمن، بحسب الصحفي أبو هلالة، «لا تنقصه الموارد ولا ينقصه البشر» ولكنه مع ذلك يحتل ذيل القائمة العربية في مؤشرات التنمية البشرية «وحاله في تراجع لا في تقدم». وعلى عكس بعض الصحفيين «المأجورين" والمراقبين الدوليين «مدفوعي الثمن» الذين جاؤوا إلى اليمن كالجراد لاغتنام الموسم الانتخابي وليحصلوا على نصيبهم من هبات الحزب الحاكم، فان أبو هلالة الذي يعمل مراسلا لقناة الجزيرة في الأردن قد كتب شهادة يشتم منها الصدق في القول والشعور. لقد هال أبو هلالة -وهو ينظر إلى عدن «المفتوحة على البحر ناسا وأفكاراً» والتي ارتبطت بالحداثة منذ وقت مبكر وتشكل فيها «أول مجلس تشريعي منتخب في الجزيرة العربية... ومنها... انطلق أول تلفزيون وأول إذاعة» -ان يرى حالة من الفقر والبؤس لم يراهما بحسب مقاله «سوى في العراق أيام الحصار». ويصف أبو هلالة حال عدن قائلا: «أطفال حفاة وكبار وجوههم مغبرة، كهرباء تنقطع، فقر تتشارك فيه مع اليمنيين جميعاً». ومن حظ الحزب الحاكم ان أبو هلالة لم يذهب إلى الحديدة والا لترك عمله في قناة الجزيرة وتحول إلى معارض للحزب الحاكم في اليمن.

ويتفق الدكتور القربي مع أبو هلالة في تشخيصه لمشاكل اليمن ولكن بلغة مختلفة عن لغة أبو غزالة حيث قال القربي في المؤتمر الصحفي في الأمم المتحدة: «نحن أفقر دولة في المنطقة وربما نملك واحدا من اكبر معدلات الأمية، ونواجه تحدي الفقر والفاقة». وإذا كان القربي قد أسمى الأمية والفقر بالتحدي فان ما فاته هو ان الفقر في اليمن في شكله الحالي هو نتيجة لفشل الحكومات المتعاقبة للجمهورية اليمنية منذ انفراد الحزب الذي ينتمي اليه بالسلطة، وهو فشل مركب ويشمل السياسات الداخلية والخارجية. فالسياسات الداخلية فشلت في تحقيق الحد الأدنى من التنمية بأبعادها المختلفة وفي توظيف موارد البلاد بطريقة تحد من اتساع دائرة الفقر. أما السياسة الخارجية فقد فشلت في الحصول على مئات الملايين من الدولارات التي ظل الأمريكيون يعدون بها النظام منذ سبتمبر 2001 وفشلت في ترميم العلاقات مع الجيران وفي إدماج اليمن بمجلس التعاون الخليجي، وفي اجتذاب الاستثمارات الخارجية، وفي الكثير من الأمور. كما فات على الوزير القربي ان يذكر بان المسئولين الفاسدين والجشعين في حزبه هم السبب المباشر للفقر والفاقة في اليمن، وان بقاء أولئك المسئولين في السلطة يضيق فرص البلاد في النمو والتطور وفي تعليم الأميين وإطعام الجائعين. كما يضيق أيضا من فرص النظام الحاكم في خلق شرعية حقيقية يتجاوز بها الشرعية المشكوك فيها التي أفرزتها انتخابات ال20 من سبتمبر.

يمن قديم

يعرف الكثير من اليمنيين قبل غيرهم بان صالح لا يختلف كثيرا عن الزعماء العرب الآخرين وانه مهما قال عن خططه المستقبلية ومهما عدل في الدستور، فان الحقيقة القائمة هي انه لن يخرج من السلطة... والمشكلة الكبرى ليست في بقاء صالح في السلطة أو تركه لها بقدر ما تكمن في فساد وهشاشة السلطة التي يتربع صالح على عرشها وفي الفقر والجهل والمرض التي ما زالت كلها وبعد مرور أربعة عقود على قيام الثورتين اليمنيتين قدر الغالبية من اليمنيين.

ولعل الأمر الذي يتفق حوله اليمنيون هو ان بقاء الفساد بحجمه الحالي لن يقود البلاد الا إلى المزيد من التدهور والفقر والبطالة والجوع والمرض والأمية. ولكن اليمنيين مختلفون حول صالح.. هناك من يظن ان صالح الذي يجمع كل الخيوط في يده يستطيع ان يقلب المائدة على الفساد والمفسدين، ويعطي القضاء استقلاله الضروري ويرسخ الأمن ويقضي على حوادث الاختطاف، ويوزع السلطة بين مختلف المؤسسات ويخلق بيئة استثمارية تجتذب رأس المال المحلي والخارجي وتضع اليمن على طريق النهوض الاقتصادي. وصالح وفقا للمتفائلين هو الأقدر أكثر من غيره على إحداث تحولات تجنب البلاد الانهيار الذي يتهددها مع المحافظة على الاستقرار. ووفقا لأصحاب وجهة النظر تلك فإن الرسالة قد وصلت لصالح وانه رغم ما يبديه من مكابرة قد سمع أصوات مئات الآلاف التي خرجت تهتف ضده في عمران وإب وتعز وعدن والمكلا وغيرها من المحافظات وان الحراك الذي أحدثه التنافس الانتخابي قد أيقظ صالح من غفوته وجعله يدرك مواطن الخلل التي تعتور نظامه.

وهناك في المقابل من يعتقد بان صالح «المعتق» في السلطة لن يستطيع ومهما قال أو وعد قيادة "برسترويكا" يمنية! ويقول أصحاب ذلك الرأي ان الفساد أصبح هو الحاكم الفعلي لليمن وان صالح مجرد واجهة لذلك الفساد. ربما كان صالح، وفقا لوجهة النظر الثانية، يملك كل الخيوط في يده لكنه غير قادر على تحريكها بشكل ابتكاري بحيث يعيد ترتيب الأوراق. ويزيد أصحاب وجهة النظر تلك بالتأكيد على ان صالح الذي وعد اليمنيين بيمن جديد لن يستطيع ان يفي بوعده لان الكروت التي يلعب بها هي كلها قديمة والجديد منها لا يحمل الإضافات المطلوبة.

ويشير أنصار وجهة النظر تلك إلى وجود عوائق وتحديات كبيرة في طريق الإصلاحات. وأهم تلك العوائق هو ما يتصل بالتصميم المؤسسي للدولة اليمنية وللحزب الحاكم. فالترتيبات الدستورية ذات الجذور الثقافية والاجتماعية تركز السلطات في الدولة وفي الحزب الحاكم في شخص الرئيس. ومشكلة الرئيس انه ورغم تمسكه بالسلطة لم يعد راغبا ولا قادرا على ممارسة السلطات الهائلة التي تضمنها الدستور. ومهما كانت قدراته فانه وبعد ثمان وعشرين سنة

من العمل المضني لم يعد يتحمل الضغط اليومي الهائل الذي يزداد كل ساعة.

وفي الوقت الذي يمكن فيه للرئيس تفويض السلطات فانه من الواضح ان الرئيس المسكون بهاجس

الحفاظ على السلطة وهاجس توريثها لابنه من بعده لا يثق بأحد وغالبا ما يراهن في مسألة تفويض السلطة على الشخصيات الضعيفة والمفتقرة إلى الكفاءة والتي يعتقد مخطئا أنها لا تشكل تهديدا لنظامه. فبقاء باجمال في رئاسة الحكومة كل هذه الفترة برغم أدائه السيئ على كل الأصعدة لا يمكن تفسيره إلاَّ بشعور الرئيس بأن باجمال لا يمثل خطرا عليه. ومما يعزز من قوة هذا التفسير حقيقة ان رئيس الجمهورية قد خسر السباق الرئاسي في المحافظة التي ينتمي إليها رئيس وزرائه خلال السنوات الست الماضية. وإذا كان اختيار الرئيس للضعفاء والأقل كفاءة وشعبية قد ساعده على البقاء في السلطة خلال فترة معينة فان الاستمرار في تلك السياسة لن يعني سوى تآكل النظام وخصوصا في ظل وجود تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية لا يمكن مواجهتها بالضعفاء والأقل كفاءة ونزاهة.

وبالرغم من ان الكثير من الناس يتهامسون بان الرئيس مقدم على قيادة تحول الا ان المشككين في مصداقية الرئيس أو في قدرته أو في الاثنين معا ينتظرون ان يقوم الرئيس بخطوات مقنعة تختلف عن الخطوات التي قام بها في السنين السابقة والتي زادت الفاسدين فسادا والمظلومين ظلما والفقراء فقرا والمترفين ترفا. لقد وعد صالح أبناء شعبه أثناء الحملة الانتخابية بالكثير من الخطوات والإجراءات: بعض تلك الوعود يمكن تحقيقه ان توفرت الإرادة السياسية، والبعض الآخر صعب التحقيق. ولعل «وعد الوعود» الذي قطعه الرئيس على نفسه هو القيام بمحاربة الفساد!

كانت الأستاذة آمال الباشا في مشاركة لها في برنامج لقناة الحرة حول الانتخابات اليمنية الأخيرة قد قالت في جواب على سؤال حول إمكانية ترك الرئيس للسلطة بعد خمس سنوات بأنه حتى لو كان الرئيس يريد ترك السلطة فان المستفيدين من نظامه لن يدعوه يتركها. ويمكن تعميم قول الأستاذة الباشا على وعود الرئيس الانتخابية. فلو أراد الرئيس مكافحة الفساد فعلا، فهل سيدعه أباطرة الفساد في المؤتمر الشعبي العام يفعل ذلك؟ ولو أراد الرئيس معاملة اليمنيين بالتساوي فهل سيدعه العنصريون والمناطقيون في الحزب الحاكم يفعل ذلك؟ ولو أراد الرئيس تعيين الناس وفقا لمبدأ الكفاءة، فهل سيدعه عديمو الكفاءة والانتهازيون من أعضاء الحزب الحاكم يفعل ذلك؟

لقد أظهرت المنافسة الانتخابية ان الفاسدين وعديمي الكفاءة في المؤتمر الشعبي العام يرتكبون كل المحرمات ويبقون في منأى عن العدالة والمساءلة. وعندما ينتهي عهد الرئيس صالح فان التاريخ سيحمله كل الإخفاقات التي حدثت في عصره بما في ذلك مسئولية الفساد الذي يسرق من الفقراء ثمن حليب اطفالهم. أما شركاء المغنم فسينسحبون بهدوء وسيتمكنون من الهروب من حكم التاريخ. وأيا تكن خيارات الرئيس للمرحلة المقبلة فان عليه ان يعي جيدا بان شرعيته في الحكم داخليا وخارجيا ستعتمد كلية على الخطوات التي يقوم بها لإصلاح الأوضاع والحد من الفساد والسيطرة على الفقر وإيجاد بدائل للنمو الاقتصادي بخلاف النفط. فخطوات مثل تلك هي التي يمكن ان تكسبه الشرعية في نظر شعبه، وهي التي يمكن ان تحول أشخاصا من أمثال العلامة محمد مفتاح والشيخ حميد الأحمر وغيرهما من معارضين للرئيس إلى مناصرين له. أما تهديد الرئيس بكسر رأس العلامة محمد مفتاح وآخرين فانه لن يحل للبلاد أي مشكلة ولن يجعل الرئيس أكثر شعبية ولن يحقق للرئيس أي وعد من وعوده الانتخابية.

 

 

كاتب/رداد السلاميمعارضة هشة
كاتب/رداد السلامي
إصلاح القطاع النفطي مهمة المرحلة القادمة -
مشاهدة المزيد