أصغر داعية في العالم الإسلامي.. يتحدث من داخل غزه
بقلم/ جبر صبر
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 13 يناير-كانون الثاني 2009 10:22 م

الطفل أمجد بن سيدو ذا الـ14 عاما:

* الطفولة في غزة منزوعة ومحرومة .. فتحوا أعينهم على هذه الدنيا وسط الركام والدمار والحروب
    * المقاومة شرف الأمة ونحن متمسكون بها


قبل بضعة أيام كنت أتابع قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة المقاومة حماس, وإذا بي أجد طفلاً لايتجاوز عمره الـ14عاماً يتحدث في لقاء له من وسط ركام الدمار الذي ألحقه قصف العدو الصهيوني حديثاً أكبر من عمره , مستنكراً ومديناً العدوان الإجرامي, كما لو كان أحد رجالات المقاومة الكبار, فلفت انتباهي حديثه فقلت :قد يكون هذا أمجد بن سيدو!! وفي ختام حديثه يشكره من قابل معه ويذكره باسمه وكان هو.. وكنت قد أجريت معه لقاءً قبل ثلاث سنوات وكان عمره وقتها 11 عام.. فقررت أن أتواصل معه لأجري لقاءً معه عن ما يدور في غزه وصمود أبناءها وأطفالها خاصة, ولمن لايعرف الطفل أمجد بن سيدو فيطلقون عليه "كشك فلسطين" رغم صغر سنه إلا انه حمل همة أمته وجعل قضية وطنه همه الأكبر فهو خطيب في جامع كبير بغزه يحضره الآلاف من الناس مع وسائل إعلام مختلفة, كما عرف بأنه أصغر داعية في العالم الإسلامي تحدث عنه الكيان الصهيوني واتهم بأنه من أشبال كتائب عز الدين القسام ومن أبناء حماس حضر له العديد من الشيوخ والمسئولين عن وزارة الأوقاف في فلسطين ويشيدون علي خطبه ويعترفون بتميزه ونبوغه.كما يلقي محاضرات في أكثر من جامع بغزه بإسلوب مذهل وثقافة واسعة,, ولا يزال عمره 14 عاماً.. سافر الى مصر للدراسة في الأزهر ، وفي الإجازة عاد الى غزة ، إلا ان العدوان حال بينه وبين العودة الى مصر.

لمزيداً من تفاصيل مستجدات غزه وصمود أبناءها استطعت أن أجري هذا اللقاء مع الخطيب الطفل /أمجد بن سيدو بصعوبة لانقطاع الكهرباء عن غزة بسبب العدوان :.

لقاء / جـبر صـبر

*ياحبذا لو تطلعنا بصورة مختصرة عن آخر م ستجدات الحرب على غزة؟

في غزة الشجر والحجر ينطق ويقول: أغيثونا ياعرب أغيثونا يا مسلمون ألسنا من بني جلدتكم ألسنا من أبناء أمتكم ,,غزة تعيش كما عاشت القدس حينما دخل عليها الصليبيون تعيش بركة من الدماء تعيش أهات المرضى واليتامى والثكالى, لقد عاشت غزة قبل ذلك بل ولا زالت تعيش هذا الحصار الخانق الذي كان عليها مطبقا كالسوار على المعصم ,واليوم تعيش هذه العنجهية بل إن صح التعبير هذه الإبادة والعالم ينظر إلينا نظرة المشفق,فكل شيء في غزة يُستهدف كل ما فيها يضرب, المقرات الأمنية ,الجامعات حتى بيوت الله لم تسلم ..لم تسلم يا مسلمون .البيوت على رؤوس أصحابها تقصف.. المساجد على رؤوس المصلين تقصف الى الان دمرت اكثر من 17 مسجد تدميراً كاملاً.. ونحن هنا في المذبح وحدنا دون مغيث أو مجيب سوى الله..وشعارنا يقول إن لإسرائيل رب اسمه أمريكا ينصرها ويدعمها ولا يخذلها فمن هناك رب للمستضعفين غيرك يا الله".

 غزة اليوم تعيش بداية الأسبوع الثالث من الحرب ولا زالت عنجهية الاحتلال مستمرة ولا زال العرب صامتون ،لا زالت تعيش أياما سيسجلها التاريخ بحروف من نور ويكتب التاريخ صمت وتخاذل وخيانة أولئك المتآمرين على أهل غزة.

*ما أبشع الجرائم التي رأيتها بحق أطفال غزة جراء العدواني الصهيوني؟

يا أخي الكريم إن اللسان ليعجز أن يذكر ما يراه أو يسمع ه أو يقرأه بفعل هذه الحرب بفعل هذه الإبادة

لا يوجد هنا في غزة حقيقة من يطلق عليه اسم طفل فالطفولة هم محرومون منها ،الطفولة منزوعة منهم هم فتحوا أعينهم على هذه الدنيا وسط الركام والدمار والحروب ،،هم حرموا من كل شيء.. من الفرحة، من الطفولة، من التعلم، من الأمن، هم حرموا من ابسط الأمور التي يعيشها أي طفل في سنهم وعمرهم،عن أي شيء نتحدث عنهم وهم ينامون على صوت هدير الطائرات أو على قصف ورعب هنا وهناك,أو على أب فقدوه أو أم فقدوها، أو أخ تركهم.

إن إسرائيل اليوم بكل عنجهية تعمل جاهدة على أن يكون هذا الجيل القادم جيل منزوع من أبسط أموره هم يريدوا جيلا مدمرا، جيلا جاهلا، جيلا مجردا من أي قيم ومبادئ، لكن مع كل هذا أقول لازالوا يتحدون كل هذا الذي يواجههم..فهذه الحروب تظن إسرائيل أنها ستقضي بها على روح الطفولة والحياة والنشأة التي هي الأساس فيهم، لكنهم مخطئون والله فهذه الحروب وهذه المحن تخلق منهم رجالا بإذن الله، كأسامة ابن زيد رضي الله عنه الذي قاد جيوش المسلمين وهو ابن السابعة عشر من عمره.

* ما الذي يجعلكم كأطفال صامدين أمام العدوان دون خوف أو وجل؟

قلت فيما سبق أن المحنة تخلق رجالا فمن وسط الدماااااار هنا نوابغ تخرج, ولا تنسي يا أخي الكريم أن هذه أرض باركها الله أرض أثنى عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأثنى على أهلها فهم الذين وإن ضاقت عليهم الدنيا يدفعون أطفالهم وينشئونهم تلك النشأة التي يعجز عنها كثير من أصحاب الأمن والأمان. ولا ننسى في هذا المقام دور الأساس ألا وهو دور المساجد التي يقودها مجاهدي وعلماء غزة التي يؤسسون بها هؤلاء الأطفال نشأة إيمانية إسلامية فُيغرس في قلب هذا الطفل هذه المبادئ وهذه القيم، فما إن يبلغ شيء من عمره إلا ويخرج مدافعا عن أعراض الأمة وعن أعراض شعبه، هنا في غزة نوابغ تفتقدونها أنتم لأنهم نوابغ المحنة ،قبل أشهر كنت قدمت أحد النوابغ ولازال في الثانية عشر من عمره قدمته خطيبا مكاني ، وكان يتحدث بكل طلاقة وكل بيان هنا تجد حفظة القرآن هم من أوائل الحفظة في العالم الإسلامي، هنا تجد منشدين ورسامين وإذا نظرت إلى أعمارهم وجدتهم لا زالوا في مقتبل العمر.

* كيف وجدتم تفاعل وتضامن أطفال العرب والمسلمين معكم؟

- أنا أريد أن أؤكد لك أخي الكريم أن الكهرباء منذ بداية هذه الحرب قطعت عن كل أرجاء غزة وكنت بين الفينة والأخرى أتابع من هنا وهناك حيث مولدات يدوية لنشاهد هذه النخوة من كل المتضامنين مع غزة.

أخي الكريم أطفال العالم والعرب والمسلمون خاصة وإن خرجوا هذا يساهم في زرع الأمل في قلوب أطفالنا وبث التفاؤل عندما يجد طفل غزة أن الطفل الذي يعيش في باكستان أو اليمن أو هنا وهناك يشاركه هذه المحنة بصوته ونفسه، وأنا أريد أن أوجه من عبر هذا المنبر لكل أب أن يخرج هو وأبناؤه في هذه المسيرات

ليزرع في قلب أولاده أن لكم أخوة في أعماركم في غزة محرومون مما أنتم تعيشونه،حتى تعيش هذه الفكرة دائما في عقولهم وأذهانهم وتكبر شيئا فشيئا.

* كونك أحد الخطباء والمحاضرين بغزه أين يكمن دوركم في المساهمة في المقاومة؟

- نحن نبذل كل ما في وسعنا فنحن جزء ممن يعاصر هذه المحنة وهذه الإبادة من قبل أعداء الله ومن دار في فلكهم ،نحن نخرج في كثير من الأوقات وخاصة في ظل هذه ال حرب. ففي الجمعة الماضية وفي سابقها

نشد على أيدي الناس، نزرع أملا في قلوبهم ونبشرهم بنصر الله سبحانه وتعالى، المقاوم هناك من يحمل سلاحه ونحن هنا على المنبر نحمل علما نزرعه في عقول وقلوب الناس، فالناس تحتاج أن تثبتها ما أمكن وتخفف عنها مما هي فيه،الناس بحاجة أن ترشدها لترشد أبنائها أن يخرجوا مدافعين عن غزة وأهلها.

في أول الحرب كانت عندي خطبة الجمعة وامتدت لنصف ساعة وكنت أتحدث خلالها مذكرا حشود الناس التي حضرت لتستمع أن هذا ديدن اليهود، وأن ما يجري لم ولن يكون حرب سياسة هي حرب عقيدة هي حرب دين هي حرب مبادئ، هم كان يدبرون استئصال النبي صلي الله عليه و سلم فحيي بن أخطب ذلك اليهود الذي كان يجمع الأحلاف لاستئصال النبي صلي الله عليه وسلم هو نفس أولمرت وليفني التي خرجت تجمع الأحلاف والموافقات لاستئصال غزة الحبيبية،وكل هذه الأمور تخفف عليهم، تزرع أملا ويقينا بنصر الله سبحانه وتعالى.

*هل لك أن تطلعنا عن معجزات إلهية حصلت في غزة خلال كل هذا العدوان؟

- سأقول لك كلمة موجزة إسرائيل هزمت الجيوش العربية في ظل ساعات،ربما أنا وأنت لا ننسى حرب ما سميت بحرب الستة أيام استولوا فيها على الجولان وسيناء وغزة والضفة والجنوب اللبناني وخرت الجيوش العربية أمام الجيش الذي لا يقهر،ولقد سقطت بغداد في غضون ساعات ومع كل هذه المعادلات لو نظرت لغزة في يومها الخامس عشر لوجدت الجيش الذي لا يقهر لا يجرؤ على التقدم بضع أمتار في غزة رغم قلة المعدات والعتاد.. ألا يدل ذلك على أن هناك قوة من عند الله تحارب معنا!! ألم تنظر قناة الجزيرة والشهداء قد استشهدوا وخرجت أرواحهم وأصابع السبابة إلى السماء مرفوعة!! كل هذه الكرامات وأزيد لك وأختم أن القذائف بكل قوتها وحممها تنزل على البيوت لكنها لا تنفجر في جل البيوت هنا وكأن النار كما قال لها الله يوم إبراهيم عليه السلام (يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم) اليوم يقول لها كوني بردا وسلاما على الآمنين في بيوت غزة.

* إلى أي مدى تراهنون على المقاومة في دحر العدو؟

المقاومة هي شرف الأمة وهي ركنها الأساس وهي طموح الشعوب وهي ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به، فنحن لا نراهن فهذا يقيننا أخي الكريم،هذا الذي نبني عليها العقيدة أن النصر حليف المؤمنين ربنا يقول " وكان حقًا علينا نصر المؤمنين " ويقول " وكم من فئةٍ قليلة غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله " وسنة الله في الأرض أن الباطل مهما علا مهما تسلح مهما كانت له الأساطيل، فلن يعلوا على الحق أبدا بإذن الله تعالى، وان كنت تتحدث عن مقاومة غزة، فالعرب وقفوا عاجزين عن إخراجهم من غزة، ولكن بفعل هذه المقاومة أخرجوهم من غزة، واليوم يزرعون بعون الله الرعب في قلوبهم فهم عاجزون أن يتقدموا بضع أمتار.

المقاومة هي سبيل الأمة أؤكد هي شرف الأمة وكرامتها لا كرامة للأمة لا شرف للأمة إلا بهذه المقاومة وهذا الجهاد الذي فرضه الله سبحانه وتعالى علينا.

* ما الدروس والعبر التي استفدتموها من هذه الحرب الغاشمة؟

الحرب لا زالت في أيامه الأولي كما يرى اليوم المحللين وكما يقول هذا المحتل الغاشم والعبر لا زالت تؤخذ ولا زالت تستنبط أننا رغم كوننا في المذبح وحدنا أن لا نتكل على أحد سوى الله سبحانه وتعالى هو ناصرنا وهو معزنا،كل الأبواب في هذه الحرب أغلقت أمامنا بل ولم يكتفوا بغلق الباب بل وتآمروا علينا لاستئصال غزة، وإذا كانت مع إسرائيل أمريكا وكانت معها أولئك المنافقون فان معنا رب اسمه الله اسمه الكريم.

إن العظة التي اتعظنا بها أن ليس لنا إلا سواعدنا وعلمنا وأنفسنا ليس لنا إلا أن نتوجه إلى ربنا تبارك وتعالى فهو حسبنا ونعم الوكيل.

* ما هي رسالتك لأطفال اليهود وأطفال العرب والمسلمين وأطفال اليمن خاصة ؟

- أتمنى أن تصل هذه الرسالة لأطفال العرب والمسلمين فأقول لهم: لتكن قضية فلسطين دائما بينكم يضع كل واحد منكم صورة للأقصى في بيته وغرفته،لتكن هذه القضية على سلم طموحاتكم لتكونوا أنتم القادمين محررين لها بإذن الله سبحانه وتعالى، فالقدس والأقصى لم ولن تكون لأهل فلسطين فقط بل هي واجب سيكون عليكم لتأديته، نحن بحاجة إليكم أن تخرجوا متضامنين مع إخوانكم من هم في أعماركم هنا في غزة.

وأوجه هذه الجملة لأطفال اليهود قائلا لهم "كونوا باحثين عن الحقيقة, وجيل السلام والرفض لأي اعتداء على حقوق الآخرين.

أما رسالتي لأطفال اليمن فهي جزء من رسالتي لأطفال العرب والمسلمين أنا أريد منهم خروج بمسيرة منفردة لتكون هذه المسيرة مليونية، أريد منهم أن يرسموا الأقصى والقدس على كل دفتر وورقة من أوراقهم

رسالتي لكل أب أن يجعل لفلسطين نصيبا من كلامه لأولاده يذكرهم بفلسطين وأهلها.وأخيرا أقول حسبنا الله ونعم الوكيل. وبإذن الله يكون اللقاء القادم في رحاب المسجد الأقصى المبارك بإذن الله وأعلام الدين ترفرف فوقه .ونحن بريئون من كل من تأمر علينا وحرض علينا وصمت تجاه ما يحدث لنا.وأقول لنا رب اسمه المنتقم.


*الناس