آخر الاخبار

رمضان في مناطق الحوثي .. من أجواء روحانية إلى موسم للقمع الطائفي والتلقين السياسي.. شوارع تعج بالمتسولين وأزقة تمتلئ بالجواسيس العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران اللجنة العليا للحج تؤكد على استكمال إجراءات السداد وتحويل المبالغ لضمان جاهزية الموسم مقاومة قبيلة أرحب تدعو المجلس الرئاسي إلى اتخاذ قرار الحسم وتمويل معركة الخلاص وتعلن.جاهزيتها العالية لرفد الجبهات بكافة سبل الدعم وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه حنين اليمنيين يتجدد كل رمضان للراحل يحيى علاو وبرنامج ''فرسان الميدان'' عاجل: الدفاع الأمريكية تعلن مقتل عشرات القادة الحوثيين بينهم عسكريين وتكشف حصيلة ''الموجة الأولى'' من ضرباتها وعدد الأهداف التي قصفتها الرئيس اليمني يدعو المجتمع الدولي لمعاقبة الحوثيين كما فعلت أمريكا ويتحدث عن السبيل الوحيد لإنهاء التهديدات الإرهـ.ابية ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة ويحملها مسؤولية هجمات الحوثيين عاجل: أمريكا تكشف متى ستتوقف ضرباتها ضد الحوثيين

تنقية ( البهارات)
بقلم/ نشوان السميري
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 04 سبتمبر-أيلول 2007 02:05 ص

مأرب برس - خاص

جاءني أحد حملة الشهادات العليا ممن أعرف، يشكو ضيق حاله وقله حيلته وبدا منهارا بائسا، فسألته هل علمت بقصة الأرملة أم أحمد والأم لعدة أيتام التي تحولت - خلال فترة وجيزة - من معدمة تستجدي الإعانات من الناس إلى متبرعة؟

أم أحمد هي امرأة توفي عنها زوجها قبل أعوام قليلة بعد صراع مع المرض تاركا وراءه أبناءً لا عائل لهم، وزوجة بلا سند بل زوجة أمية لا تحسن القراءة والكتابة أو أي من أعمال الدنيا سوى أن تكون ربة بيت لا أكثر ولا أقل.

ولم تكد تمضي بضعة شهور بعد وفاة الزوج حتى نفذت مدخرات الأسرة فاستبد الفقر بأبنائها في ظل ضيق الحال وانعدام الفرص أمامها وأصبحت مهددة بالطرد من مسكنها المؤجر، ولم تجد ممثلة إحدى الجمعيات العاملة في إطار محاربة الفقر عند زيارة هذه الأسرة - بعد أن شاع صيت فقرها- سوى الوقوف حائرة حقاً أما معضلة بدت لها صعبة الحل جداً.. أرملة أمية لا مهنة لها تجيدها وأيتام كٌثر وفقر ضارب الأطناب.

وفجأةً أومض النقاش الطويل بين الأرملة وضيفتها الزائرة من ظلمة اليأس شمعة أضاءت حياة الأسرة بل ضوء عظيم غيّر مجرى حياتها إلى الأفضل، فكانت "البهارات" التي تجيد الأرملة تنقيتها بشكل لافت هي طوق النجاة، فتنقية " البهارات" بمهارة هي ميزة لا تتوفر عادة لدى كثيرات، وهكذا كان أن نسقت الجمعية للأرملة مع تجار البهارات في منطقتها الذين وجدوا في هذا التعاون مع الأرملة مصلحة أكيدة مشتركة تجر النفع على الجميع، وتحققت مقولة " علمني كيف اصطاد خير من أن تعطيني سمكة كل يوم".

والسؤال هنا : لماذا يقنع بعض المتعلمين لدينا من الدنيا بالإياب؟ ولماذا يصابون بالإحباط عند أول أو آخر محاولة فاشلة للبحث عن فرصة عمل؟ لكل إنسان منا لاشك في نفسه نقطة ضعف، لكن دون شك أيضاً لديه مواطن قوة كثيرة وميزات عديدة قد لا تتوفر في أقرانه، والمشكلة أن بعض الشباب خاصة حملة الشهادات يجهلون أو يتجاهلون كيف يفعّلون المهارات الكامنة في أنفسهم بكيفية تنتشلهم من واقع مزعج إلى آفاق النجاح ودائرة تأكيد الذات، إن المطلوب فعلا هو تنقية " المهارات" من شوائبها كما تنقى البهارات وسنصل حتما بإذن الله .

ليس شرطاً أن يعمل الخريج الجامعي في مجال تخصصه إن كان يملك مهارات عمل أخرى قد تكون بعيدة عن مجال معارفه، لأن التعلم عملية مستمرة والحياة أفضل جامعة في هذا الخصوص فنسمع مثلا عن خريج جامعة عريقة في مجال هندسة الحاسوب وجد فرصة عمل ناجحة في مجال التسويق وآخر من خريجي كلية التجارة أيقن أن فرصة نجاحه في العمل تكون في مهن حديثة وواعدة مثل التصميم والفني وأعمال الدعاية والإعلان وشراء المساحات الإعلانية، بل إن آخرين عادوا إلى استثمار خيرات الأرض وثرواتها بعد رحلة تعلم جامعي طويلة فزرعوا البطاطا والخضروات ليجنوا من ورائها آلاف الريالات.

ولا يفشي كاتب هذا المقال سرا أنه غير مرتبط بوظيفة مع الدولة لكنه في المقابل مرتبط بأبناء يجب توفير حقوق بنوتهم فهل نخذلهم في غياب درجة وظيفية؟ لذا يصيبني العجب وتأخذني الدهشة عندما أرى أمامي جامعيا بل حاملاً لشهادات عليا يشكو الفاقة والفقر مستسلما لواقع ارتضاه بنفسه وركن إلى يأسه فكان المسمار القاتل الذي دقه أخونا في نعش مستقبله.

وبالأمس فقط زارني شاب يافع تخرج بعد من الثانوية العامة وعرض بكل حماس مصنفاً جمع مادته في شهور عديدة ولمست فيه ابتكارا في الفكرة وإبداعا في التصور سيفيد قارئه بعد نشره بالقدر الذي سيعود على جامعه بالفائدة ماديا ومعنويا.

 وقد قالوا قديما "أشعل شمعة خيرا من أن تلعن الظلام"، فالبحث عن مورد رزق ولقمة العيش يستدعي أولا وأخيراً أن نعرف مواطن القوة فينا جيداً ثم نسعى جاهدين بعدها في طلب الرزق عملاً بأمر الله تعالى وتماشيا مع سنة الحياة، فالسماء لا ولن تمطر ذهبا أو فضة، وأحلام اليقظة لن توفر لك رغيفا ساخناً يملأ معدتك الخاوية. 

* خبير إعلامي ومدرب