|
قبل أيام قليلة من النهاية المقررة المفترضة للحوار السياسي الوطني الذي تميزت به اليمن بين اقرأنها من بلدان الربيع العربي فبينما تتجاذب تلك البلدان العواصف تلتئم ألوان الطيف السياسي من النخب اليمنية في أهم مراحل ماعُرف بالمبادرة الخليجية التي طبعت ربيع اليمن بخصوصية يتفاخر اليمنيون عن غيرهم في حال قدر لهذا الحوار أن يفضي لتوافق ومن ثم لانفراج قريب ، وفي نفس الوقت ينتاب المتابع والمراقب لسير هذا الحوار بشئ من القلق الطبيعي من تعثر فعاليات الحوار الوطني، فقد بدا مستحوذاً على كثير من الأطراف السياسيين جراء ابتزاز البعض من عناصر الحراك لتطويع مألات الحوار لما تشتهيه رغباتهم الأنانية غير مدركين بخطورة الوضع والمرحلة فإذا كان النظام السابق قد عاث فسادا في حلم اليمنيين فقد شمل ذلك كل اليمنيين من أقصاه إلى أدناه وإذا كان هناك ممن تعاونوا معه مستفيدين من عطاياه فهم من كل أبناء هذا البلد شمالا وجنوبا ، فنحن أبناء هذا الواقع المؤلم بكل مساوئه وأماله فلتكن كل الأطراف على مستوى المسؤولية فالحوار في عنق الزجاجة فأما نكون أو لا نكون، وخصوصاً وهو تزامن مع تعقيدات جديدة في المشهد الأمني برزت إلى الواجهة في عودة التوتر وأعمال العنف في أنحاء عدة من ربوع اليمن ، وعودة الهجمات الإرهابية لتنظيم القاعدة بعدما تمكن من لملمة صفوفه فضلاً عن الهجمات التخريبية التي تستهدف المنشآت النفطية والاقتصادية .فالقاعدة تستهدف كل اليمن سواء موحدا او منفصلا فلن يكون أحدا بمنأى عن مخططها ، بل بالعكس في حال الانفصال سيكون المناورة لهم اقوي تأثيرا في حال كون اليمن سلطة قوية واحدة
يتوقع الأيام القليلة المقبلة عودة ما يسمون أنفسهم بالحراك الجنوبي والذين ليسوا بالضرورة يمثلون كل الشعب ولكن الأمر الواقع يفرض التعامل معهم فبعد الاعتذار توالت الخطوات المسرعة بإمكانية تفاعل حكومة الوفاق بالتعامل مع ماعُرف بالنقاط العشرين التي قد تفضي لنجاح الحوار الوطني في اخطر واهم جزئية فيه وهي المعضلة الجنوبية فلا المتحاورون ولا حكومة الوفاق لها ذنب من الوضع الذي الت عليه الأوضاع في اليمن عموما وفي الحالة الجنوبية على وجه الخصوص فلو كانت عند هؤلاء وطنيه فلا تزروا وزارة وزر أخرى وهو الأمر نفسه فيما عرف بالنقاط ال 11 المقدمة من فريق القضية الجنوبية أنفسهم ، رغم أنها حظيت بترحيب الأوساط السياسية إلا أنها لم تكن مقنعة لقوى الحراك الجنوبي وأنصارهم في المحافظات الجنوبية والحال نفسه مع ممثلي الحراك المشاركين في الحوار الوطني الذين تعاطوا معها بفتور على اعتبار أنها تأخرت كثيراً ولم تعد مجدية، بعدما رفع هؤلاء سقف مطالبهم لقاء عودتهم إلى طاولة الحوار بعد أسابيع من إعلانهم مقاطعة جلسات المؤتمر ورفض أي قرارات يخلص إليها في غيابهم . يذكرنا هذا الجدل والمماطلة بأجواء ما قبل حرب 1994 التي أفضت لحرب ظالمة لأنها استندت لتقاعس الأطراف الجنوبية حينها التي كانت ليس فقط تفتعل العوائق ولكنها تزيد من شروطها يوما بعد يوم فما كان يصلح اليوم قد لايكون أساسا للتفاوض غداء وبهذه الروح المتمردة غير الراغبة هي التي أفضت لتلك الحرب فرغم جرم النظام السابق على شن الحرب الظالمة فأن الأطراف الجنوبية حينها تتحمل وزر تلك التبعات والتاريخ يعيد نفسه ففي حال فشل المؤتمر لاتفاق يرضي الجميع فأن كل الاحتمالات واردة بقوة حتى لو أفضت لاتفاق ظاهري شكلي يهدأ من غرور وصلف البعض والانفعال المصطنع إلا انه قد يكون ملغما بصراع مستقبلي في حال إقرار الفدرالية كأنها تحمل بذور عودة الصراع مستقبلا وبأي صيغة كانت فيما كانت على أساس إقليمين فتجربة العراق في الفدراليات فشلت وتجربة الانفصال في السودان مهددة بحروب مستقبلية ومشكلة اليمن في عدم وجود دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات ويحفظ للمواطن حريته وكرامته ومصدر رزقه ، وبهذا وفي حال إقرار نصف اتفاق ، او ما شابه ذلك فقد يولد انفجارا لدى الشعب اليمني وكله ونخبة المتنورة وقد يفضي أيضا لحرب أقسى من تلك التي جرت في 1994 م وحينها سيخسر ليس السياسيين فحسب ولا الشمال او الجنوب سيتحول اليمن لصومال آخر وتخسر كل الأطراف .
ومن هنا يرى البعض بأن إدارة ملف القضية الجنوبية وصل إلى حال من التعقيد يصعب معه التكهن بمضي مؤتمر الحوار الوطني وفق الخارطة الزمنية المقررة فيما يذهب آخرون إلى التأكيد أن فشله في حلحلة هذا الملف قد يهدد ويقوض الحوار الوطني برمته ، فليس من المعقول والمنطقي أن يكون الأخر خارج الحدود من غير اليمنيين أكثر حرصا على مصير مخرجات التوافقات في هذا الحوار وبالتالي مصير اليمن في أكثر حلقاته تعقيدا.
واستنادا لقاعدة أن كل فعل رد فعل فقد بداء اليمنيون كلهم شمالا وجنوبا يكفرون بالوحدة التي اقترنت بالظلم وحب الزعامة وتمجيد القائد الرمز ، فقد كان ما يعرف بالجمهورية اليمنية يعيشون في حال أفضل بكثير مما هو اليوم او فيما كان يعرف باليمن (الديموقراطية) عندما كانوا في حالة من رغد العيش ولاسيما في منتصف السبعينيات فترة الشهيد ابراهيم الحمدي ، ومؤخراً تداعت صيحات حراك شمالي وهذا رد بداهة رد فعل سلبي جراء تلك الأفكار الرعناء التي تحاور فقط من اجل الابتزاز فنأمل أن يسعى الجميع ليمن موحد يعيش في ظل دولة مدنية لايسود فيها قيادات وأحزاب الفترة الحالية ولا القبلية أو الجهوية أو المؤسسة العسكرية ولا حتى الإسلام السياسي فقط دولة مدنية يتساوى فيها اليمنيون في الحقوق والواجبات. وحينها ستنفرج كل قضايا اليمن الأمنية والاقتصادية والاجتماعية .
في الخميس 05 سبتمبر-أيلول 2013 04:53:09 م