|
كانت انتكاسة وفاجعة بالنسبة لشعب ينتظر الوحدة اليمنية المبتسمة بعد 22عاماً من الكآبة والاعتقال في سجن تيس الضباط، أن يتجمع الأمن والجيش في مكان واحد بذلك العدد الضخم هو صيد ثمين بالنسبة لمسخٍ يريد أن يمارس هوايته في بحر من الدم والأشلاء .
ثمة انتكاسات غير قابلة للنسيان، ثمة جروح عميقة لم تلتئم، لا يمكن للدم المسفك أن يدفن مع صاحبه، ولا للقضية العادلة أن تموت مع حاملها، السكاكين التي حزت أعناقنا كيف يمكن لها أن تنام ببرود وسلام !
"سيقولون ها نحن أبناء عم " سنقول لهم ليس للإرهاب دين ولا وطن، وليس للمجازر ممحاة الحصانة وأوسمة السفراء، تبقى الجريمة هي الجريمة والمجرم نشاز يشار إليه بالسخط، ومكان وقوعها خالداً مخلداً في أعماقنا وأجيالنا شاهداً على بشاعتهم .
في ال21 من مايو المنصرم كنت في ساحة التغيير بصنعاء، الساحة المكتظة بخيام الأمل وأحلام الثورة، كان الزمن يقترب من منتصف النهار، لكن عمال القتل حولوه إلى مساء دامس حين أطفؤوا مائة من أرواحنا في ساحة السبعين.
انخلع قلبي لهول الخبر ، لم أصدق ان بشرا بإمكانه ان يقتل هذا الكم الكبير من الناس، وأن يقتنص كبد أولئك الفتيان من طلاب المدارس والمعاهد العسكرية وهم يهتفون لليمن والأرض والإنسان .
تحولت بروفات العيد الوطني الذي نحتفل به لأول مرة بدون الرئيس الذي قضى في السلطة 3 عقود ـ تحول الى يوم عزاء وجنازة تشييع لأنبل فتيان اليمن، كم هو مرسوم في ذاكرتي ذلك المنظر الذي ينام فيه أولئك الشباب الى جوار بعضهم مضرجين بدمهم كأبطال انتهوا لتوهم من خوض معركة مقدسة .
ذلك المنظر يعري أولئك الميتون أخلاقياً، الغارقون في وحل المجزرة، الدائبون على سفك الدم واغتيال الإنسان، الإنسان اليمني بطبعه المسامح والنبيل أرعبهم بسلوكه الوسطي وكفاحه من أجل الحياة، فحملو عليه أحزمة الموت .
يكافح اليمني من أجل البلد الطيب، يواجه معركة البقاء في عمق محيطات زرعت فيها عوامل اللابقاء واللا استقرار واللا حياة، يملك اليمني عود البن وحزام الإصالة وشوقه ينمو كل يوم الى دولة محترمة تضع أقدامها بين دول العالم الكبير .
تغيب الدولة وتحضر مدنية اليمني، تحضر أداة الدولة بعنفها وشرها لتجد سلمية ابن الجبل والسهل والصحراء يعطبها بسلوكه الأنبل، ويعريها أخلاقياً فتبدوا أشبه بجماعة إرهابية تتخذ من الجبل مصنعاً للموت .
لم يبتسم أحداً للقتل في ساحة السبعين وساحات الحرية والتغيير إلا ذوي النفوس المشوهة، هوية القتلة واحدة وقبلتهم متحدة، لا أحد بإمكانه أن يوافق أعمال الظلم التي ينتهجها جلاوزة ينظرون للإنسان كوقود لبنادقهم المشحونة بالحقد.
المحكمة الجزائية المتخصصة كانت قد قررت حجز أموال أركان الأمن المركزي يحيى صالح ، وقائده اللواء عبدالملك الطيب، واستدعائهم في فبراير المنصرم، لكن خطواتها فيما بعد اتسمت بالغموض، الشفافية ينبغي ان تستمر، ينبغي ان نحاصر منابع الجريمة ومموليها، لا ينبغي ان تمر هكذا وندفن جراحاتنا مع الضحايا.
في الثلاثاء 21 مايو 2013 09:42:13 م