مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية اليمن تزاحم كبرى دول العالم في قمة المناخ بإذربيجان .. وتبتعث 47 شخصًا يمثلون الحكومة و67 شخ يمثلون المنظمات غير الحكومية
لم يسبق للحكومة المصرية أن وجدت نفسها في وضع أصعب مما تمر به حاليا في ملف سد النهضة فهي مدعوة حاليا إلى التحرك بنجاعة على أكثر من جبهة في نفس الوقت ولكن بأساليب مختلفة تبعا لطبيعة الطرف المقابل ومدى حدة الإشكال القائم معه.
أولى الجبهات وأصعبها طبعا هي إثيوبيا نفسها الذي يدل نهجها «على نية في ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خيراته» كما جاء في البيان الأخير للخارجية المصرية، في وقت تنظر فيه هي إلى الأزمة الحالية على أنها «قضية شرف وطني لن تتخلى عنه أبدا مهما كانت المكاسب التي ستحصل عليها من الخارج» وفق ما قاله مؤخرا رئيس وزرائها أبي أحمد.
ما يصعّب المواجهة على هذه الجبهة أن أديس أبابا لم تكتف بتصعيد لهجتها تجاه القاهرة وإنما فعلت ذلك أيضا مع واشنطن في أعقاب رفض المسؤولين الإثيوبيين التحول إلى واشنطن لتوقيع الاتفاق الذي صاغته الولايات المتحدة وقدمته كحل وسط للخلاف القائم بين بلادهم وكل من مصر والسودان بشأن سد النهضة وتفاصيله الفنية المختلفة. إثيوبيا التي قالت إن نسبة أعمال البناء في السد بلغت 71 بالمائة وإنها ستشرع في بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب من مياه النيل في يوليو/ تموز المقبل بالتوازي مع استمرار الانشاءات لم تجامل حتى واشنطن حين التفت إليها وزير خارجيتها ليقول لها إن هذا السد يقام على أراضيها تحت سيادتها الكاملة ولا ينبغي للولايات المتحدة أو أي دولة أخرى أن تتدخل في تحديد مصلحتها وأن دور واشنطن يجب أن ينحصر في «المراقبة فقط».
ثاني الجبهات مع السودان الجار الجنوبي والشريك كدولة مصب مقابل إثيوبيا دولة المنبع، جبهة قد تكون الأكثر إحراجا للقاهرة التي كانت تعتقد أن السودان سيقف معها في مواجهة إثيوبيا بعد تعطل المفاوضات وانسداد طريق الاتفاق لكن للخرطوم حساباته الخاصة التي تراعي مصالحه كما يراعي أي طرف آخر مصالحه. من الأساس، سيرتفع نصيب الخرطوم من المياه بعد إنشاء سد النهضة إلى ما بين 8 و20 مليار متر مكعب بدلا من 8 مليارات نصّت عليها اتفاقية 1959، فضلا عن اتفاق التعاون الكهربائي بين سد النهضة وشبكة الكهرباء السودانية الذي يجعلها متحمسة لضرورة سرعة الملء الأول للخزان الرئيسي للسد ابتداء من يوليو/ تموز المقبل بهدف البدء في توليد الكهرباء تجريبيا في ربيع العام المقبل.
وحتى لو تركنا جانبا ما يذكر أحيانا عن رغبة السودان في الانسحاب من اتفاقية تقاسم المياه بين مصر والسودان لعام 1959، فإن القلق المصري ينصب الآن ليس فقط على عدم توقيع الخرطوم لاتفاق واشنطن بحجة أن ذلك سيقتل أي إمكانية للتفاوض مع إثيوبيا لاحقا، بل كذلك على التحفظ السوداني على بيان مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة المتضامن مع مصر في مواجهة إثيوبيا.
ثالث الجبهات هي مع الولايات المتحدة التي تحرص مصر على أفضل العلاقات معها رغم النكسة التي منيت بها جهود واشنطن في الخروج باتفاق يوقع عليه الجميع ويضع حدا للأزمة الحالية المتعلقة بالسد. الأمر لا يتعلق فقط بالضجة التي أثارتها إثيوبيا عندما قالت إن دخول الإدارة الأمريكية على الخط إنما جاء بعد دعوتها للتدخل للمراقبة والتسهيل وليس للتصرف لاحقا كوسيط، وإنما أيضا باللغط الذي أثارته مسألة من الأجدر والمؤهل أكثر للعب دور كهذا هل هو البيت الأبيض والخارجية أم الخزانة الأمريكية التي ليس من مشمولاتها الدستورية تمثيل الولايات المتحدة في اتفاقيات وساطة ذات طابع دولي. وفوق هذا وذاك، تبدو القاهرة قلقة من تحركات ما يوصف بلوبي إثيوبي في الولايات المتحدة خاصة في أوساط الديمقراطيين غير الودودين تجاه الحكم الحالي في مصر.
رابع الجبهات وأكثرها حساسية هي الجبهة الداخلية حيث يشعر ملايين المصريين بالقلق على مستقبل بلادهم وزراعتهم وعطش عوائلهم بسبب ما تفعله إثيوبيا. عندما يختلط هذا الخوف المشروع مع انطباع بأن الحكومة لم توفق في إدارة هذا الملف بالمهنية و«الشطارة» اللازمتين فإنه لا مفر من أخذ ذلك بكثير من الجدية. لقد تعرض الموقف المصري الرسمي المتمسك بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل ورفضها أي إجراءات أحادية إثيوبية لضربة كبرى عندما وقع الرئيس السيسي على اتفاق المبادئ في آذار/مارس 2015 الذي تضمن لأول مرة اعترافا مصريا رسميا بحق إثيوبيا في إقامة هذا السد المثير للجدل. حتى أولئك الذين ارتفعت أصواتهم بصخب ضد الرئيس الراحل محمد مرسي في بدايات بروز قضية السد مع إثيوبيا متهمين إياه بالسلبية لم يعد يسمع لهم الآن أي همس بعد أن تحول الموقف الآن إلى إمكانية اتهام بالتخاذل أو التفريط وهما أخطر بكثير. وحتى ما وصف مؤخرا بــ «تصعيد مصري غير مسبوق في وضوح إشارته دون تصريح» يتعلق بإمكانية لجوء القاهرة إلى الحل العسكري ضد إثيوبيا فإن لا أحد أخذه بجدية حقيقية لإدراكه أن خطوة كهذه بعيدة بالتأكيد عن الحسابات المصرية لاعتبارات عديدة.
كيف يمكن للقاهرة أن «تحارب» على كامل هذه الجبهات وبأي حسابات ربح وخسارة؟؟… هذا هو الرهان الحقيقي.