مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن عاجل : الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها
أماط نائب رئيس الحزب الاسلامي طارق الهاشمي اللثام على حقيقة الاتفاقية طويلة الأمد المزمع توقيعها بين حكومة الاحتلال وإدارة الاحتلال, عندما كشف عن" رفض العراق التوقيع على الاتفاقية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة بشكلها الحالي بسبب ما تحتويه من بنود تمس السيادة العراقية"!
ولنرجع قليلا إلى الوراء عسى أن نستلهم درسا من الماضي القريب لفهم المستقبل المريب لهذه الاتفاقية التي ما تزال تمثل للشعب العراقي مجموعة من الطلاسم والغيبيات من العسير فك رموزها, فالأقوال متضاربة بشكل يدعو إلى السخرية أكثر منه إلى الدهشة مما يزيد الغموض حلكة ويضيع علينا الفرصة لأخذ صورة واضحة عن طبيعة هذه الاتفاقية وتحديد ملامحها الرئيسية, والسبب الذي يكمن وراء التستر عليها وعدم عرضها على الرأي العام كما حصل سابقا بعرض مسودة الدستور وغيرها من القوانين المهمة, فهل الاتفاقية هي أهم من الدستور والانتخابات الماضية أم هناك شيء ما في الأفق؟ وهل هناك علاقة للزيارة التي قامت بها رئيس مجلس النواب بيلوسي مؤخرا للعراق بتوقيع الاتفاقية؟ ومن هو الموقف المستفيد ومن الطرف المتضرر؟ وعلى سبيل الجدل إن الطرفين مستفيدان فمن الطرف الذي يحقق فائدة أكثر؟ ثم لماذا أخرجت الاتفاقية الحوزة العلمية من صمتها في حين أن تدنيس القرآن الكريم لم يزحزحها؟ وكيف يمكن تفسير رفضها من قبل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي والسيد علي السيستاني وحسن نصر الله ومقتدى الصدر في حين حظيت بتأييد المالكي و عبد العزيز الحكيم ومجلسه الأعلى؟ وهل يعرف من في إيران أو لبنان عن الاتفاقية ما يجهله كل الشعب العراقي باستثناء البعض من سكان كوكب المنطقة الخضراء؟
كما هو معروف إن المالكي سبق أن تباحث مع نائب وزيرة الخارجية الأمريكية جون نيغروبونتي خلال زيارته الأخيرة للعراق في بداية شهر ديسمبر من العام الماضي, وصدر على أثره بيان من رئاسة الوزراء أشار بأنه تم التأكيد على أهمية تطبيق مبادئ التعاون والصداقة طويلة الأمد التي تم الاتفاق عليها, لما لها من أثر على الواقع السياسي والأمني والاقتصادي في العراق.
من جهته أكد هوشيار زيباري خلال مؤتمر صحفي مشترك على هامش زيارة وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية كيم كاولز لبغداد بأن المحادثات بين العراق وأمريكا بشأن الاتفاقية طويلة الأمد سيبدأ في نهاية الشهر الحالي, وأضاف بأن الاتفاقية ستكون واضحة ومعلنة أمام الجميع ولم تتضمن أية بنود أو أجندة سرية, و أسر للوزير البريطاني بقوله"إننا قد نحتاج إلى اتفاقيات ثنائية مع بريطانيا على غرار الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية كون تواجد الجيش البريطاني في العراق محمي بتفويض من قبل مجلس الأمن الدولي" ولم يعلق الوزير على مبادرة الزيباري مكتفيا بالصمت, لربما استذكر ما كشفته صحيفة بلاده الغارديان بأنها حصلت على مسودة من الاتفاقية السرية التي تغطي مستقبل القوات الأمريكية في العراق, وتبين منها إن التدابير اتخذت لوجود أمريكي مفتوح في العراق, بل أن الصحيفة اعترفت بأن المسودة ترجع في تأريخها إلى 7/3/2007 ومختومة بكلمة " سري" و" حساس" والغرض منها استبدال وصاية الأمم المتحدة بقيادة عسكرية أمريكية في العراق تضمن لها التسهيلات العسكرية وتطلق يدها في العراق وتؤمن لها حرية الاعتقال من دون تحديد سقف زمني! بمعنى إنها تجاوزت تبادل الأفكار, وأنجزت منذ آذار السنة الفائتة, وإنها سريه وحساسة وليس كما وصفها الزيباري وكذلك الناطق بأسم السفارة الأمريكية في العراق بقوله بأنها "شفافة ولا تتضمن بنودا سرية"!
وكان النائب عن الائتلاف العراقي حسن السنيد قد وصف الاتفاقية بأنها سائبة الأطراف ولا تتضمن زمنا محددا وفقا لبنودها وأنه يحقق لأي من الطرفين أن ينسحب منها بعد مرور سنتين من توقيعها! بمعنى إن الاتفاقية ليست أفكار متبادلة ورؤى مما يؤكد بأنها تجاوزت تبادل الأفكار والآراء, فهي اتفاقية كاملة بكل بنودها ومفاصلها الدقيقة!
ما روج للاتفاقية في البدء بأنها" إعلان مبادئ" تم توقيعه بين الرئيس بوش والمالكي في شهر كانون الأول العام الماضي, وعلى أساس انه يتم التوقيع عليه في نهاية شهر تموز القادم, على أن يتم العمل بها في1/1/2009ولم نسمع سوى إن الاتفاق يتضمن التزام أمريكي تجاه الدفاع عن سيادة العراق في حالة تعرضه لعدوان خارجي في الجو والبحر والأرض, إضافة إلى تعاون في القطاعات الأمنية والفنية والسياسية والاقتصادية لم يكشف عن طبيعتها! لكن الذي لفت النظر هو الجلسة الطارئة ولا نعرف لماذا طارئة! التي عقدها المجلس السياسي للأمن الوطني في مكتب الرئيس الطلباني وبحضوره لبحث سير المفاوضات الجارية بين الطرفين لتوقيع الاتفاقية, وذكر رئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني بأن المالكي اطلع أعضاء المجلس على مجريات المفاوضات وتفاصيلها, ويزيدنا العاني حيرة بقوله أن المجلس السياسي" ثمن دور الوفد المفاوض لتماسكه وموقفه الوطني الذي ينم عن حرصه على مصالح العراق وشعبه" وكأنما الوفد يتفاوض على إنهاء حرب وليس اتفاقية تعاون! ولكن من هو الوفد المفاوض؟ وهل يمكن أن نتصور وفداً غير متماسكا يمثل حكومة ويتفاوض باسمها؟ وما هو السبب في تمسكه بالموقف الوطني؟ فهل كانت هناك ضغوطاً ما من الجانب الآخر حاولت أن تخرج وفدنا المفاوض من موقفه الوطني لكنه تمسك بها؟
بعدها تسربت الأخبار بان المجلس السياسي أكد على شروط من بينها عدم تضمين الاتفاقية إنشاء قواعد أمريكية دائمة في العراق, وان لا تفرض على العراق التزامات بتقديم تسهيلات عسكرية, وأخيرا عدم الموافقة على اعتقال العراقيين دون إذن مسبق من الحكومة العراقية.
اعتبر بعض المحللين إن التصويت غير الملزم لمجلس النواب الأمريكي بسحب القوات الأمريكي من العراق في نهاية الشهر الأخير من هذا العام والذي فاز بأغلبية(227) صوتا مقابل(196) صوتا إنما جاء للضغط على الحكومة العراقية للإسراع بالتوقيع على الاتفاقية وان زيارة رئيسة مجلس النواب بيلوسي مؤخرا للعراق تأتي في هذا السياق أيضا. على اعتبار إن العراق لن يتمكن من توقيع هذه الاتفاقية إلا بعد خروجه من خانة البند السابع من قرارات مجلس الأمن الدولي وفقا للقرار المرقم 661 لسنة 1991.
وفي خضم هذه الدوامة زادنا حيرة تصريحات المسئولين العراقيين التي تتلاطم مع بعضها, فالنائب محمود عثمان صرح بأنه من الطبيعي" أن تصب نتائج اتفاقية طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة في صالح الولايات المتحدة، وسيفقد العراق فيها الكثير من استقلاليته" مؤكدا بأن التوقيت الحالي سيسمح لأمريكا بإبقاء الحصانة على أجهزتها العاملة في العراق، والعمل على منع مساءلتهم عن إي خطأ من الممكن أن يرتكبوه، ما يشكل ثلماً كبيراً في سيادة العراق" علاوة على أن الأمريكان سيحاولون إبقاء الجيش العرقي" كسيحا وبدون تسليح متطور وحرفي، حتى تظل البلاد في حاجة إلى خدماتها الأمنية، ولتؤكد وجود حاجة ماسة لإبرام هذه الاتفاقية في أسرع وقت ممكن"! أما النائب عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق فقد وصف الاتفاقية وصفا ايجابيا على اعتبار أنها" ستؤدي إلى حماية العراق من أي اعتداء خارجي. و أن بنود الاتفاقية تؤكد على تحقيق الأمن والاستقرار في العراق وحمايته من التدخلات الخارجية" ويبدو أن وصوله لأرذل العمر لم يسمح له بقراءة بنود الاتفاقية كاملة أو عرضت عليه ناقصة, وربما لم تكن معه نظارته الطبية وهو كما معروف يعاني من عاهة قصر النظر السياسي! من جهته اعتبر النائب علي الأديب إن موضوع التوقيع على اتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق هو أمر شائك وليس سهلاً, وان القوى السياسية تدرس الموضوع بتأني وتريث بسبب وجود مطالب أمريكية" تخدش سيادة العراق واستقلاله" معتبرا إن الموضوع سابقا لأوانه والمخاطر في هذه الاتفاقية واردة عند السياسيين ورجال الدين على حد سواء. ولا نعرف ما الذي يقصده بسابق لأوانه طالما إن الاتفاق سيوقع خلال الشهر القادم! وإن كان الموضوع شائكا فكيف ستنتهي المفاوضات بشأنه نهاية الشهر الحالي كما صرح الزيباري؟
الموقف الصدري كان الأكثر تشددا بموقفه الرافض للاتفاقية نصا وروحا باعتبار إن الوضع الحالي في العراق لا يساعد على عقد مثل هذه لاتفاقيات في ظل الاحتلال, واصدر مقتدى الصدر بيانا يتضمن توجيها لأتباعه للتظاهر بعد كل صلاة جمعة ضد الاتفاقية وجمع تواقيع مليونية لرفضها والتحرك إقليميا لإجهاضها, كما طالب بالتحرك على الدول المجاورة والأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي لبيان إبعادها السلبية, مؤكدا صدور فتوى تحرم توقيعها سبق أن أصدرها مرشد التيار الصدري في قم السيد كاظم الحائري الذي وصفها بالجائرة, ودعا الحكومة العراقية إلى عدم توقيعها مبينا" إن الحوزة لن تعترف بشرعية هذه الاتفاقية وهي لن تكون ملزمة لأحد" ولا نعرف إن كان يتكلم بأسم حوزة قم أو النجف؟
موقف الحوزة لم يخرج عن نطاق الدعوة الإيرانية فقد حذر مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي من عقد الاتفاقية الأمنية بين الاحتلال الأميركي والحكومة العراقية. وقال ولايتي في كلمة ألقاها في (ملتقى دراسة دور المرجعية في هداية الجيل الصاعد بمدينة قم) جاء فيها إن الاحتلال الأميركي يسعى من خلال الاتفاقيـــــــــة إلى فرض سلطته على العراق, مضيفا بأن الاتفاق الأمني " يستهدف السيادة العراقية والاستيلاء على ثروات البلاد، إضافة إلى تهديد دول الجوار. كما أن البنود الأخرى لهذه الاتفاقية تتمثل في السيادة على وزارات الأمن والدفاع والداخلية على مدى عشر سنوات، وزج العراق في مشروع الشرق الأوسط الكبير وضرورة موافقة أميركا على العلاقات الدولية العراقية مع البلدان الأخرى" كما حذر احمد خاتمي من مغبة توقيع الاتفاقية باعتبارها تنتقص من سيادة العراق, وهذا الأمر حسب رأيه " يشكل خيانة للإسلام والعراق". ونقل عن السيد السيستاني قوله" لا أسمح بعقد الاتفاقية الأمنيّة مع أمريكا ما دمت حيّاً" ونقل عن نفس المصدر أن "السيستاني كان قد أعرب عن اعتراضه عقد الصفقة خلال لقائه المالكي في مدينة النجف الأشرف" وكان هذا الموقف مختلفا عما سبقه فقد رفض السيستاني حتى الاطلاع على مسودة الاتـفاقية عندما حملها لها مراسله الأمني كريم شاهبوري(موفق الربيعي), ويبدو أن الموقف الرسمي الإيراني هو الذي حدا بالسيستاني إلى تغيير موقفه باعتباره مواطن إيراني الجنسية وان الاتفاقية تهدد الأمن الوطني لبلاده وهذا الموقف يعتبر موقفا طبيعيا, ونضيف بأن الاتفاقية تهدد أيضا ليس دول الجوار فحسب وإنما منطقة الشرق الأوسط برمتها. ونفس السياق تحدث السيد حسن نصر الله في خطابه بمناسبة يوم التحرير جاء فيه" نحن في حزب الله من الطبيعي أن ننحاز إلى تيار المقاومة في العراق من موقع إيماني وعقائدي وفكري وسياسي وواقعي وتجربي أيضا ومع ذلك فقد اخذ مؤيدو العملية السياسية وقتهم والآن وصلوا إلى الامتحان العسير والصعب والفيصل وهو الموقف من المعاهدات والاتفاقيات التي تريد أميركا أن تفرضها على العراق وشعبه وتطلب من الحكومة ومن المجلس النيابي أن يوقعا عليها, هنا ينكشف هدف الأميركيين الحقيقي من لعبة الديمقراطية, جاءوا وفتحوا المجال أمام الجميع إسلاميين ووطنيين وقوميين ويعرفون هؤلاء أصدقاء من؟ وهؤلاء حلفاء من؟ أي فتحوا اللعبة الديمقراطية أمام الجميع ليتكون مجلس نيابي منتخب وتنبثق منه حكومة منتخبة وبالتالي كل العالم يقول مجلس وحكومة منتخبة ليأتي اليوم الذي يطلب فيه من هذه الحكومة ومن هذا المجلس أن يشرعنا الاحتلال. وأن يوقع على اتفاقية تعطي للأمريكي سيطرة سيادية على العراق وتجعل الأمن والقرار السياسي والنفط وخيرات العراق تحت تصرف الأميركيين". وينتهي بمناشدة العراقيين" إنني اليوم باسم جميع المحتشدين هنا وباسم أحرار العالمين العربي والإسلامي أناشد الشعب العراقي وجميع قياداته الدينية والسياسية أن يتخذوا الموقف التاريخي العزيز الذي يمنع سقوط العراق نهائيا في يد المحتل". وكأن العراق على شفا حفرة الاحتلال ساقطا وليس في أعماقها!
ويلاحظ إن التيار الإيراني وأقطابه( ولايتي- السيستاني- الحائري- حسن نصر الله- مقتدى الصدر) اتفقوا جميعا على رفض الاتفاقية في حين أن عراب الاحتلال عبد العزيز الحكيم كعادته ترك الأمر ولم يتحدث عنه فهو حائر بين جحيمين, إن وافق على الاتفاقية أمتعض الإيرانيون وان أعترض عليها أمتعض الأمريكان, فوجد في السكوت أفضل طريقة للتهرب وهذا ديدنه في مثل هذه المواقف, فالعمالة المزدوجة من أصعب أنواع العمالة وليس بالإمكان دائما التوفيق بين الجهتين سيما أن كان هناك صراعا حتى لو كان ظاهريا بينهما! ومع هذا فأن الدلائل تشير إلى أن جاذبية الكابوي الأمريكي أصبحت عند الحكيم أكثر إثارة وإغراء من جاذبية العمامة الإيرانية.
وتشير الدلائل بأن إيران وقعت في الفخ الأمريكي كما توقعنا فالتعاون والتنسيق الذي جرى بين الطرفين لإدارة العراق سراً انتهى بما لا تشتهيه السفن الإيرانية, عندما أدركت إيران بأن نظيرها الأمريكي حسب النتائج بطريقة أفضل منها؟ مما جعلها تثور وتزبد داعية أنصارها لرفض الاتفاقية التي أمست تهدد مضجعها الأمني. وهذا يفسر عدم رغبتها باستئناف الحوار مع الشيطان الأكبر في الجولة الرابعة من المباحثات الثنائية بشأن العراق.
أما موقف الحزبيين الكرديين فأنه لا يحتاج إلى تفكير وتحليل فهم غارقون في مستنقع العمالة حتى الرؤوس, وسبق أن تمسحوا ببساطيل قوات الاحتلال للبقاء قبل طرح موضوع الاتفاقية طويلة الأمد وناشدوهم بإقامة قواعد أمريكية ثابتة في إقليمهم المسخ متطوعين وليس مضطرين ودون أن يفاتحهم طرف ما, لأنهم على دراية بأنهم بدون قوات الاحتلال سوف لا تقوم لهم قائمة.
ومهما كان موقف الأحزاب والكتل فأن الاتفاقية ما تزال مبهمة باستثناء الخطوط العامة التي سربتا صحيفة الغارديان وبعض ما يمكن استشفافه من أحاديث رجال الدين والسياسة في العراق وإيران, ولكن التفاصيل لم تعرض مما جعل الشبهات تحوم فوقها, وهذا أمر طبيعي فمن غير المنطقي أن تعقد اتفاقية بين دولة محتلة(العراق) وإدارة من يحتلها(أمريكا), سيما إن الحكومة العراقية ذاتها صنيعة الاحتلال! كما انه لا يمكن تحقيق التوازن بين الكفتين مهما كانت المعايير فمصالح أمريكا سيكون لها الثقل على حساب مصالح العراق التي ستطفو لخفتها.
كما انه من السخرية أن نعقد مقارنة بين القوة التفاوضية للطرفين ومهارة كل منهما في إدارة التفاوض, ولا ننسى أنه منذ الحرب العالمية الثانية عقدت ألمانيا واليابان اتفاقيات مماثلة مع الولايات لمتحدة وما تزال تدفع ثمنها من خلال وجود قواعد أمريكية على أراضيهما!
ومن المثير أن تصر الإدارة لأمريكية على عقد الاتفاقية رغم أن هذه الإدارة لم يبقى لها سوى ستة أشهر لمغادرة البيت الأبيض! اللهم إلا إذا حسبنا أن الإدارة تحاول أن تحقق هدف الفوز في الوقت الضائع من المباراة! على اعتبار إن الإدارة الجديدة ستكون لها تصورات أخرى للوضع في العراق كما ذكر مرشحو الرئاسة وربما هذه التصورات تتناقض مع الإدارة الحالية بزعامة بوش.
الخلاصة أن الذي نعرفه لحد الآن القليل ولكن كما يبدو إن هناك بنودا سرية خطيرة في الاتفاقية وهذا السبب الذي يحول دون عرضها على الرأي العام العراقي, ويمكن أن نستنبط خطورتها بأن مجلس النواب العراقي سبق أن أسفر عن وجه القبيح في عدة مواقف منها الدستور والانتخابات الزائفة وقانون النفط والاستثمارات الأجنبية وغيرها من القوانين التي وجدت لتثبيت الاحتلال وتأمين مصالحه, وقد أعلن موقفه بجرأة واستهتار أمام الرأي العام دون أية اعتبارات وطنية أو أخلاقية! لكنه لم يجرؤ على طرح هذه الاتفاقية لأنها ستكلفه كما يبدو ثمنا غاليا هذه المرة, ومن المتوقع أن تؤجل المفاوضات بين الطرفين الأمريكي والعراقي إلى ما بعد انتخابات مجالس المحافظات لحراجة موقف الكتل السياسية, فشعور العراقيين الآن " لقد طمى الخطب حتى غاصت الركب" من عمالة هذه الأحزاب الدخيلة التي أذاقتهم الويل والذل والهوان, سيما أن الانتخابات القادمة أن مرت فعلا بشكل نزيه رغم - شكوكنا بهذا الصدد- فإنها ستكون صدمة للعملاء وإدارة الاحتلال على حد سواء.
فالعراق ليس كرة قدم يتلاعب بها الأمين العام كي مون مع الرئيس بوش, لترمي من خط الوصاية الأممية لمنطقة الوصاية الأمريكية! ومن الأولى أن تعلن الحكومة العراقية لشعبها أن كانت تحترمه مع يقيننا بعدم توفر هذه الخصلة عن أسماء الوفد العراقي المفاوض وما هي صمامات الأمان التي يمكن أن تحفظ مصالح العراق ولا تعرض سيادته الناقصة إلى الصفر. ومن الأولى أن يخرج الشعب العراقي عن صمته القاتل, لقد أصبح الصمت جريمة وكفر ومذلة لا يجوز الصمت والوطن يباع بمثل هذه الصلافة في سوق النخاسة ألاحتلالي بأرضه وثرواته وحضارته, وتجاره شلة من العملاء والخونة الذين تفقسوا في اللوبي الصهيوني الأمريكي الإيراني قدموا على ظهور الدبابات الأمريكية. فأن كنا قد ضيعنا حاضرنا فعلى الأقل حري بنا أن نحافظ على مستقبل أبنائنا ولات ساعة ندم.
لنوحد صرختنا في وجوه الاحتلال وعملائه الكالحة!
كفاكم ما فعلتم في العراق منذ خمس سنوات! ألا يكفيكم تدمير الماضي والحاضر لتنهشوا بمستقبله! دعوا الأجيال القادمة تعيش بسلام, فكلاكما ظل زائل كظل عصفور طائر فلا الاحتلال باق, ولا حكومة الاحتلال باقية ! فعلام تجعلون الأجيال القادمة أسيرة مؤامراتكم الشيطانية و هي ستصب على رؤوسكم العفنة اللعنات تلو اللعنات.
* كاتب ومفكر عراقي
Alialkash2005@hotmail.com