قيل قديما “لا بد من صنعا وان طال السفر”, وفي الملف اليمني بات واضحا للجميع انه لا بد من مقررات مؤتمر الرياض وان طالت الحرب لأن آخر الدواء, كما تقول العرب, الكي وتلك المقررات هي العلاج الاخير لهذا البلد المبتلى ببعض طلاب السلطة الغارقين في شهوتها الى حد الجنون وارتكاب المجازر في سبيلها.
هناك شبه اجماع يمني على أن الترياق لن يأتي الا من الرياض, لكن لا يزال الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح يراهن على سراب يتراءى له من خلال جمر الوهم الحوثي الذي تطلقه الجماعة في سبيل تحقيق اهدافها, وبعدها ترميه جانبا, كما هي حال نصرالله وجماعته الذين انقلبوا على كل مقررات الوفاق الوطني اللبناني وفجروها بالعبوات الناسفة التي اغتالت الحريري ورفاقه ومجموعة من قادة التيار الاستقلالي اللبناني ظنا منهم انهم في ذلك كانوا يقتلون اتفاق الطائف ويلحقون الهزيمة بالمملكة العربية السعودية المتصدية بحزم لعدوان التدخل الايراني في العالم العربي, لكن كما اسقط في ايدي نصرالله وعصابته أسقط ايضاً في يد الحوثيين ومعهم صالح.
حديث صالح الاخير الى فضائية ايرانية التمويل والهوى كان واحدة من اكثر مهازل التاريخ سخرية, فقد ظهر مستجديا ومستزلما للحوثيين, مهينا دماء مئات القتلى والاف الجرحى الذين وقعوا ضحية حروبه الست مع العصابة الايرانية التي كانت تختطف صعدة وقتذاك, واليوم تسعى عبر استخدامه حصان طروادة الى اختطاف اليمن كله وتقديمه الى نظام الملالي مزرعة وجعله خنجرا في خاصرة الجزيرة العربية.
من تابع الحديث عرف سبب حقد صالح على المملكة العربية السعودية ومعها دول” مجلس التعاون” ومدى تأثير القرارات الدولية التأديبية ضده التي جعلت منه مجرد منبوذ دوليا وعربيا, وهو ما يفسر المغالطات والافك والتدليس الذي تفوه به, ورغم ذلك نسأل صالح: هل من الوطنية المساهمة في تدمير ما بني طوال 33 عاما من حكمك لمجرد الدفاع عن نفسك, وهل الخراب والقتل سيشفع لك أو هل تظن ان الحوثيين سيسلمونك السلطة على طبق من ذهب, ام نسيت ما كنت تقوله عنهم ووصفك لهم كجماعة حسن نصرالله الذين يسعون الى اختطاف لبنان, ولا يعيشون الا على الخراب؟
أطنب الرجل في توجيه الاتهامات لقوات التحالف, زاعما انها تقتل المدنيين, وربما كان هذا ينطلي على غير المتابعين او البسطاء, لكن حين يُجمع كل المراقبين, ومن داخل اليمن, على ان عمليات التحالف تستهدف التشكيلات العسكرية ومخازن السلاح فقط, وان الحوثيين وقوات صالح ارتكبا جرائم ضد الانسانية في عدن وتعز وشبوة, وغيرها, ومنعوا وصول المساعدات الى المحتاجين, لا يكون امام المرء الا الأسف على ما وصلت اليه حال الرئيس المخلوع.
صالح يعلم كغيره ان الحوثيين لن يسمحوا له في حال استتب لهم الامر بممارسة اي دور سياسي, بل هم بدأوا التضييق عليه منذ اليوم عبر منعهم اياه وافراد اسرته من مغادرة اليمن, وهو يخطىء اذا اعتقد ان استمرار تحالفه مع هؤلاء, واطالة امد الحرب سيؤديان الى فت عضد التحالف الخليجي- العربي – الاسلامي, وكسر شوكة المقاومة الشعبية او انهاء الشرعية الدستورية اليمنية المتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي, ومخطىء اكثر في رهانه على الوقت, وعليه – بالمقارنة – ان يتذكر ان الحرب اللبنانية استمرت 17 عاما الى ان تحرك الشعب اللبناني وتوصل الى اتفاق برعاية المملكة العربية السعودية الساعية دائما الى السلام والاستقرار ونصرة المظلوم, واذا كان امد الحرب اللبنانية طال نتيجة للتدخلات الاقليمية, فان اليمن تيسر له من يقف في صفه, وهو هذا التحالف المبارك, ليمنع اطالة الحرب الاهلية التي تسبب بها الحوثيون الذين وصف صالح, من دون وجل, حروبه الست معهم بالخلافات الادارية… أليست مهزلة؟