الاخوة النائب العام، والنخبة، والرأي العام.. هذا مهدي مقولة
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و يومين
الأربعاء 07 مارس - آذار 2012 05:36 م

أمر ٌ فوق التصور والخيال ، صدمة ، كآبة ، مُرٌ ، علقم ..

أكثر من (200) جندي ، ومثلهم جرحى ، ورقم آخر يقارب أو يزيد ــــــــ المعلومات لم تتأكد بعد ــــــــــ يقولون أنهم أسرى .وكمية من الاسلحة و الآليات العسكرية والعتاد المختلف قدمت فصار التصنيف غنيمة .

قُتلوا جميعهم غيلة ، وجرح الآخرين غدرا ، وقدمت الاسلحة والآليات والمعدات من منفذ التواطؤ والغدر والخيانة ، وهي في المحصلة أعلى سقف للخيانات العظمى وتقرأ من الوجوه الاربعة ..

ما حصل ويحصل في ابين من مسلسل فواجع على يد الغدر والخيانة والفجور أمور تجعل الولدان شيبا في حلقات تتبع بعضها من ذات المخرج والمنتج ،كأنما أعدت على منهجية .

 فمجزرة المعجلة تتكرر بذات البشاعة في محرقة مصنع السلاح ، وهي ذات البشاعة وأعظم في دوفس ابين في الاحد الاسود ..

200 قتيل و60 اسير بينهم ثمانية ضباط و150 جريح من منتسبي اللواء (31) مدرع.

هذا الرقم لم يقتل في غزة ، ولم يسقط الجرحى على ارض السويس ، أو يؤخذ الاسرى في حروب (48) على ارض فلسطين .

هذه الارقام لو اصطف اصحابها بفاصل متر بين الفرد وزميله لامتلأ بهم ميدان السبعين .

نعم معسكر بأكمله قُدم قربان بين قتيل وجريح وأسير ، ومن تبقى من جند هذه المنطقة العسكرية فقد قتلوه من الداخل وخار نفسيا هو بعد الذي حصل وشاهده بأم عينيه .

جيشنا يا سادة قتلوه ويقتلوه معسكرات وكتائب ... وفوق الفجيعة حسرة ومرارة تعتمل في الداخل ، فهو لم يُقتل في معارك الشرف في مقابلة عدو حقيقي يتمثل على الارض يتلقى ضرباته على الصدر ، إنما غدرا وفجورا على ظهره من الخلف من قياداته التي يهتف لها وعلى طول المسار يعتز ويغالي بها ، ويعلق صورها على صدره أنواطا وافتخارا .

الجيش اليمني يا كرام اليمن يُوشك الآن أن يتآكل ويخور من طول الخيانات والغدر التي تطبخ من داخله عليه بدء من خيانات قياداته وتآمرها عليه في صعدة مرورا بمواجهته مع القبائل في جور على القبيلة وتعمية عليه أراد بها صالح أن يكسرها ويكسره ثم يمحي من خلالها معاني الانتماء وقيم الواجب والعقيدة العسكرية لهذا الجيش ، وصولا الى التفجيرات التي استهدفته وتستهدفه في ثكناته وتلك المذابح غيلة لصالح مشروع شخصي ومناورات حقيرة ليس لها البتة ثمة عائد .

الجيش اليمني العظيم في ظل ثقة وهبها وتفاني عاشه في مقابل تفريط مُتعمد وخيانات تمشي على اربع ، وغدر وحيلة عليه من مُكَوِّنه الآخر في جسده فضلا عن الاجتراءات التي هبت عليه من هنا وهناك ، عفوية ومقصودة كلها تنهشه ....

في ظل هذا الوضع الحرج والمتداعي فإنه يعيش حالة من الغربة والنكسة والدهشة وتدني لمعنوياته .

إنه بحاجة إلى أن يُتدارك قبل وصول المنحنى الى نقطة حرجة .

قد سعى صالح وبقيته التي ترك إلى تدميره تماما بعد أن شظّاه ، وحول بأسه بينه ، وعلى القبيلة وعليه ، فلما آيس صالح بلوغ المراد هنا لأمر قدره الله ، ذهب مكره وحقده الى استنزافه في اكثر من سبيل ، وإلى آلياته وعتاده وهذه بحسب التقدير والفرصة ، فطورا نهبها وتخزينها والاستعداد بها عليه في الحين الذي يفرض نفسه ، وطورا بيعها ، وطورا توزيعها لخصوم الجيش والوطن التقليدين .

دفع به في مغامرات شخصية لمزاج معتل وغير سوي ، وفي معارك خاسرة وغير محسوبة لا تجمعها بوصله ، أو يدفع بها هدف نبيل ، وفي تسوية حسابات شخصية ، وفي تكتيك إقليمي ودولي لمشاريع ضيقة هابطة تكون نتيجتها مجازر بالجملة لمجاميع من هذا الجيش العظيم على هيئة خرفان تذبح بيدي القاعدة أو غيرها في تواطؤ محكم يكون القصد تضخيم الحالة ورفع وتيرة القلق للطرف الخارجي للهروب من استحقاقات ولتزيد الحميمية والضخ المالي .

******* *******

ما حصل في دوفس ابين يوم الاحد الاسود ..حدث غاية في الوضوح , شواهده محسوسة ، مقدماته ومعطياته ومساراته كلها تشهد بيقين ، وتقطع في غير ظن .. وهنا على غير العادة تتكامل الصورة والصوت ، والبعدين الزماني والمكاني ، تنطق فيه الاموات قبل الاحياء ، وتتكلم بألسنتها الاشلاء ، وتغلب الدماء الدموع .

من بقي من الجنود قالوا هو ، ومن بقي من الضباط قالوا هو ، وحتى الآليات والمعدات التي أهديت غنيمة قالت هو ..

إنه مهدي مقولة بشحمه ولحمه ، كم أنَّت لهوله عدن ..وكم بكت وتضرعت الى الله ، وكم اشتكت!! ..

يحكي العدنيون قصصا تبكي منها القلوب ...يقولون تلك الدماء كانت جراء بعض حيلة ومكر مقوله ، وتلك نهبها مقولة ، وهذه استولى عليها مقولة ، وذك المسؤول الحر حال بينه وبين واجبه مقولة ، وتلك الاراضي التي تُوازي مساحة مملكة البحرين استولى عليها مقولة ، وشحنة الحراك التي تتأجج دموية وانفصال وراءها اليوم مقولة ، وذك القاعدي الذي يتفجر وتلك القاعدة من ورائهم مقولة ..

السؤال العابر والحزين لماذا مجزرة ابين وإجمالي ما أنبأنا عنه حدث دوفس الاسود لم تكن ويكون الا يوم قرار عزل مقولة بقيادة أخرى ؟

وماذا عن شهادات ضباط وافراد اللواء 31 مدرع واللواء 25 ميكا بشأن فضائع مقولة وتسليمه المواقع والمعدات والآليات للقاعدة ؟

**** ****

وبشأن جدلية العلاقة بين مقولة والقاعدة بخصوص ما حدث فالشواهد انها اقرب للبنيوية ، وفي بعض الاحيان بين متغيرين مستقل وتابع .

أما في هذه فقد صُنعت بإحكام على عيني صالح ومقولة ، وقد كانت القاعدة أداة للتنفيذ ثم بالفعل هي من حضر بعد ، على تقاطع مصالح وحسابات الارباح والخسائر ، وإقتناص الفرص عندما تلوح .

لم تخطط لها القاعدة لكنها نفذتها في عملية اختراق وتوجيه سلس أفادتها الخبرة والتراكم ، ثم تلقفتها القاعدة كفرصة اتت على ارجل لتبني عليها بعد ذلك ..

حتى صارت الكرة الآن في الاغلب في ملعب القاعدة وكأن مقولة قد أخلى العهدة وقام بدور التسليم هنا ايضا .

بيد أن هناك أكثر من شاهد أن مساحة الملعب ستكون مناصفة بين القاعدة والحوثيين وتحت إشراف صالحي مقولي مباشرة ، وتظهر هنا جدلية أخرى أشبه بجدلية البيضة والدجاجة ..

ما حصل في ابين دوفس وحده لو كان في دولة أخرى لكانت قيامة ، إنه اخطر وافظع من مذبحة الاهلي وبورسعيد في مصر الذي اهتزت له مصر وادت الى عدد من الاجراءات ذات الحجم .

وعندنا لا أقل من استقالة وزير الدفاع ورئيس الاركان بل واللجنة العسكرية والاجهزة الامنية الاخرى في عدن ، والتحقيق مع الجميع جراء ما حصل وقبله السكوت وعدم التعاطي الجاد والمسؤول في عدد من الممارسات الاجرامية المقاربة في البشاعة وإن اتت في دائرة الاضيق مساحة.

هذا دور مجلس النواب والنخب ، وفي مقدمة ذلك النائب العام الذي وصله خبر دوفس وأخبار ما قبله ولم يتحرك بالتحقيق ، وهو موقف سيقف به على قدم المساءلة ذات يوم على ما فرط وتجاوز .

ومادامت الامور تسير على هذا النحو والناس تنظر وتفغر لها الافواه فإن كل فاسد يطاله التغيير سيجعل التكلفة على نحو من سبقه ، وربما قد تصبح تقاليد بروتوكولية .

أنين وكتمة على القلب ..

نموذج لشهداء دوفس

احمد خريج ثانوية لم تسمح ظروفه بمواصلة تعليمه ، كان بأمس الحاجة للراتب الشهري ، يستلمه ويراكمه ، همّه اكتمال المبلغ المطلوب لاجراء عملية القلب لوالده ..

ـــ آخر بنفس السن والمستوى التعليمي تنتظره عروسه في شوق يقرح الاكباد ، متى سيأتي ؟ ومتى هي إجازته ؟ وهل اشترى لها الجوال الذي وعد لتعيش فرحة سماع صوته ؟ وهو الذي لم يعش معها سوى شهر واحد من ساعة بسم الله ، وبه من الشوق لها اضعاف اضعاف .

ـــ ثالث أمه تنتظر مجيئه من معسكره على أحر من الجمر لتتم له بعروسه التي طالت فترة خطبتها وطالت حتى لمنها الجارات .. والعجوز المسكينة تشكي المرض وتخاف ان تموت قبل ان يتزوج الغالي ...أما العروس التي في الطريق فكم طار بها الخيال وحلقت بها الأشواق ، وكم غلبتها الحيرة ، وتكومت عليها مشورات صديقاتها ... أي الفساتين ستلبس ، واي المخضبات ونوع التخضيب ، ونوع تشكيلة الشبكة ،ونوع ابتسامتها عند التقاط صورة الكوشة ، وما هي الخطوط العامة التي ستضعها بمشاركته ويبنيا عليها حياتهما الجديدة ...وووووووووو

لكنهم قتلوا ، والابتسامة في اولها ، والفرحة في المخاض ..فانتحرت الاشواق ..

كانوا يصلون كما تصلي القاعدة واكثر ، ويصومون كما تصوم القاعدة واكثر ، يزكون ويتصدقون ، ويضمرون النية للحج، في قلوبهم لفلسطين حرقة ونية ، وهموم المسلمين تسكن قلوبهم .

يحبون الله ورسوله وصحابته وسلف الامة وخلفها ، ويعبدون الله على بصيرة ، ويرجون الخير للإنسانية ، وينبذون الظلم والارهاب بصورة..

فبأي وجه قتلتهم القاعدة ــــ إن صح ــــ وهم يسبقونها الى الله عند كل أذان ، ويلهجون بكلمتي التوحيد مع كل وارد .

إن كان في ظن القاعدة أن هؤلاء أعداء الاسلام ، فكم هو العدد من ابناء اليمن الذي سيبقون عليه ؟

وهل من سار على رزقه في وظيفته مدنية كانت او عسكرية يعد عميلا للأمريكان وحقه ان يقتل ، وهل إن قتل منهم احد يثأرون له من الحجر والشجر وكل نابت ؟

وإذا كانت القاعدة حسب عقيدتها وتفكيرها تُعد لمواجهة مع الغرب الصليبي فمع أي امة ستقاتل وتعتصم بعد ان تكون هي من افنتها وكسرت مفاصلها ؟

على هذا الحال ...أليس الامريكان واليهود بنا ارحم من بني جلدتنا الذين استووا نحونا كالمنجل حينما ينحني للزرع ؟

الحمدلله أن عرفنا الاسلام قبل مجيء هؤلاء ..

إن كانت هي القاعدة فعليها أمر الله وسننه في الكون ، وإن كان غيرها فعليها ان تبين ، ثم تعود للمراجعات وتتقي الله في امة محمد ، فليس على دمائنا واشلائنا يبنى مجد الاسلام وتحقق العبودية لله ، إنما جوهر الاسلام العدل ، والرحمة ، والاحسان للإنسان والحيوان والحجر والشجر ....

من اللطائف:

قالوا ان القاعدة اعلنت عن عمليتها باسم (عملية قطع الذنب ) لتتبعها اخرى باسم (النهر المتدفق ) طبعا وهذه مسميات تسير في نسق الفاظ واختيارات العمليات العسكرية الامريكية (ثعلب الصحراء ) (عاصفة الصحراء ) وغيرها ..ولا يسير على هذا الهدي الا من تربى وتاهل بين يدي العسكرية الامريكية ..أما القاعدة فحسب ظني فإن مسمياتها شتنطلق من فكرها وتصوراتها ..إذ ستكون باسم بعض من قضوا من قياداتها ، او من وحي معاركها في افعانستان ... او المعارك التاريخية للمسلمين ..او من مخزونها الفكري والثقافي .

اليس الامر هنا يلفت النظر فعلا ؟