|
* كيف تقيّمون ما يعتمل اليوم على الساحة اليمنية من أحداث، خاصة الحرب على القاعدة والمواجهات مع الحوثيين والوضع في الجنوب؟
ـ المشهد اليمني له صور متعددة، سواء ما يتعرض له البلد من نتوءات أكانت في صعدة أو بعض مديريات المحافظات الجنوبية أو في المواجهات مع تنظيم القاعدة، كلها أمور محسوسة ومتابعة من قبل الدولة، وكلنا نعرف ماذا يجري في صعدة، فهناك مجموعة حاولت أن تحل محل الدولة في ممارسة سلطتها في المديريات والإضرار بمصالح الناس في هذه المديريات من خلال إنشاء نقاط تفتيش مسلّحة وغيرها، حتى إنها وصلت أخيراً إلى التدخل في أمور القبيلة وقضايا الثأر بين القبائل بشكل عام فتحولت عداوة لها، ما دفع الدولة إلى أن تمارس حقها وسلطاتها في تنفيذ القوانين وهذا واجب الدولة.
أما ما يجري في بعض مديريات المحافظات الجنوبية فهذا ناتج عن أمور بدأت مطلبية وتدّعي حقوقاً وحلت مشكلتها ثم تطوّرت فيما بعد إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة من أعمال التقطّع والمعاملة بالهويّة، وهذه أمور نعتبرها خارجة عن نطاق القانون والدستور ويجب أن تتابع كقضايا جنائية.
ولدينا مواجهات مع تنظيم القاعدة، وبرأيي فإن الولايات المتحدة وتسليطها الإعلامي الكبير والمبالغ فيه على القاعدة يضاعف من حجمها ويهوّل من شأنها، فالإعلام والدعاية التي يغطي بها مساحة القاعدة يزيدها انتشارا في المناطق التي تسودها الأمية، والأمر هذا ليس متوقفاً على اليمن، بل والدول الأخرى، ولا أبالغ إن قلت إن الناحية الإعلامية تستفيد منها القاعدة أكثر مما تضرها بهذا الشكل والحجم.
ما يتصل بالحوارات مع القوى السياسية، فإنها تسير بوتيرة عالية، وكان آخر اجتماع عقد الأسبوع المنصرم بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارض، ونأمل من الله سبحانه وتعالى أن تستمر هذه اللقاءات كي تزيل الغشاوة، سواء كانت لدينا أو لديهم بما يفيد مصلحة اليمن، لأن اليمن يتعرض لتحديات كبيرة تستدعي تكاتف كافة القوى الوطنية لمواجهتها.
** الحرب ضد الحوثيين
* ما الذي أرجأ حسم المواجهات المسلّحة مع التمرد في صعدة؟ ما الذي قوى شوكة الحوثيين برأيكم؟
- ما قوى شوكة الحوثيين هو التوقف المتكرر للحروب من قبل الدولة، ابتداء من الحرب الأولى وحتى الخامسة، على اعتبار أننا نتعامل مع الأمر كدولة وكمسؤولين، حيث تتوقف الحرب سواء لأغراض إنسانية، أو كي نبدأ المفاوضات أو لغرض حل المشاكل، فإن الحوثيين يتعاطون مع توقف الحرب بطريقة معاكسة ومخادعة.
هم يعتقدون أن سبب توقف الحرب هو الخوف منهم أو أنهم يمكن أن يحققوا مكاسب كبيرة؛ لأن توقف الحروب مرة بعد مرة أدى إلى تقويتهم وبلطجتهم من خلال ممارسة التقطعات وقتل المشايخ وتهديد كل من يعارضهم، حتى وصلت الأمور إلى حد نسف المنازل وطرد أسر كاملة من هذه المناطق. لكن الحرب القائمة هي الحرب الحاسمة، والحسم يمكن أن يتم لكنه سيتم بخسائر كبيرة، وأظن أنه في الحرب الأخيرة عرف الحوثيون أن هناك دولة وأن هناك من يقاتل بشراسة، وضيّق عليهم الخناق، وهم الآن يطالبون بوقف الحرب بأية وسيلة كانت.
*تتحدثون منذ بداية الحرب السادسة عن عدم التفاوض مع الحوثيين، واليوم هناك دعوة من الرئيس صالح بالتفاوض معهم، إذا ما ألقوا السلاح؟
- الدولة لا تتعامل مثلهم كعصابة، نحن يحكمنا دستور ونظام وقانون، ومن الطبيعي أن تضع الدولة شروطا، ومن قبل بهذه الشروط ضمن إطار الدستور والثوابت الوطنية فنحن نرحّب بالحوار معه، الآن الحوثي قبل بالنقاط الست التي طرحت عليه، لكننا نريد بوادر حقيقية منه، وأن يبدأ بالتنفيذ، لكن ليس بتنفيذ ما يتصوّره الحوثي من أن نوقف الحرب أولا.
أنا أقول إن الدولة لن توقف القتال إذا لم يبدأ الحوثيون فك الحصار على المديريات وفتح الطرق لمرور المساعدات للمواطنين؛ لأن الحوثيين يحاصرون مديريات، والمديرية الواحدة يقطنها بين 60 -70 ألف نسمة، وعلى الحوثيين فتح الطرقات وإزالة الألغام التي زرعوها فيها.
أما ما يخص المطالب التي يدّعون بها فليست هناك مطالب واضحة حتى نستمع إليها كمطالب حقوقية، فالدستور كفل لكل مذهب أن يمارس معتقداته بحرية، ونحن لسنا ضد المذهبية؛ لأننا جزء من الزيدية والحوثيون يمثلون شريحة معينة من مذهب جاء من خارج اليمن ويستغلون النطاق الجغرافي تحت شعار الزيدية، والزيدية لا علاقة لها بهذا الأمر.
مثلا في المديريات التي يحاصرها الحوثيون وصل سعر اسطوانة الغاز فيها إلى 3500 ريال، وكيس القمح إلى خمسة آلاف ريال، إذ هم فارضون الحصار عليها، وليس الدولة، وعليهم أن يثبتوا حسن نيتهم بقبولهم البدء بعملية فتح الطرقات وتأمين المسافرين، هناك أشياء كثيرة مطلوب منهم البدء بتنفيذها.
*هل تقبلون بالتفاوض معهم مباشرة؟
- تحت الثوابت الوطنية والنقاط الست التي أعلنها الرئيس علي عبد الله صالح، والالتزام بالدستور نحن على أتم الاستعداد، وليس لدينا مانع من ذلك.
* هل لديكم معلومات حول مصير زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي؟ هل قتل أم لا يزال حيا يرزق؟
- الرئيس أوضح ذلك أكثر من مرة، وقال إن عبد الملك الحوثي تعرّض لإصابات ضارة، وأنه موجود الآن في أحد الجروف الواقعة بعزلة مران، التابعة لمديرية حيدان بمحافظة صعدة.
* برأيكم من أين يحصل الحوثيون على السلاح والمال؟
- بالنسبة للسلاح من الصعوبة أن يصلهم، لكن من السهولة أن يصلهم المال السائل، فهو يمكن أن ينتقل عبر الأشخاص ومن خلال هذه الأموال يستطيعون أن يشتروا السلاح، وكلنا نعرف أن الأسلحة موجودة، ويمكن أن يشتروها من الأسواق كسوق الطلح أو جحانة أو مارب، وهذه الأسلحة هي من مخلفات حرب صيف 94، حيث كان هناك الكثير من الأسلحة التي تم أخذها من المعسكرات وظهرت الآن.
أضف إلى ذلك، هناك أسلحة كثيرة في صعدة من أيام المصالحة بين اليمنيين في العام 1970، وهذه الأسلحة كانت موجودة مع الملكيين وخزنت في البيوت في صعدة وضحيان وخرجت هذه الأيام، بالإضافة إلى السلاح الذي تم السطو عليه من قوات الأمن المحلية وأخذه بالغدر.
* لكن على حد علمي، وبحسب ما أعلنته وزارة الداخلية، فإن كافة أسواق السلاح في البلاد تم إغلاقها؟
- ما أقصده أنه كان متاحاً للحوثيين أن يشتروا الأسلحة في السابق، أما حاليا فأسواق السلاح أصبحت تحت سيطرة الدولة، لكن الإعداد للحروب من قبلهم تم منذ وقت مبكر.
* وماذا عمّا يتردد عن دعم الحوثيين من قبل الإيرانيين، وبعض الجماعات الشيعية في العالم العربي؟
ـ رئيس جهاز الأمن القومي علي الآنسي عرض ما بيد الدولة من وثائق تخصّ هذا الأمر في مؤتمر صحفي عقده في البحرين مؤخراً. أما بالنسبة للدعم الإيراني فإننا نسمع الإذاعات والفضائيات الإيرانية تتبنّى مواقف الحوثيين، وهذا يدلّ على أنهم مدعومون منهم، أما الجوانب المالية فالتبرعات تنهال عليهم من كل جانب وتصلهم مبالغ كبيرة بالدولار وبقيّة العُملات.
* سياسياً، هل تم التخاطب مع إيران في ما يتعلق بهذه القضية؟ وماذا كان رد الإيرانيين؟
ـ إيران تتحدث رسمياً بشيء، لكن في الإعلام وفي الواقع شيء آخر، هم أنفسهم يقولون إن الحكومة الإيرانية ليست مع هذا الأمر، وأن هناك مراجع دينية خارجة عن نطاق النظام هي التي تقوم بدعم الحوثيين، لكننا لا نعرف هذا الكلام، نحن نعرف أن هذا الشيء داخل إيران وإيران هي المسؤولة عن هذا، سواء كان هذا الدعم قادم من مرجعيات دينية أو غيرها، فكلها توجد داخل إيران.
* هناك دخول قوي للقبائل في الحرب ضد الحوثيين وبالذات في الحرب الدائرة الآن، ما الذي دفع الحكومة للاستعانة بالقبائل؟
- هذا الأمر ليس جديداً في هذه الحرب، فهي في كل الحروب التي تدور في اليمن؛ لأنه يوجد رديف للقوات المسلحة، المتمثل في الجيش الشعبي؛ إذ يتم استدعاؤه للقيام بأعمال قتالية مساعدة للقوات المسلحة، وهذا شيء سار في اليمن منذ القدم وليس جديدا ويعتبر الجيش الشعبي هو رديف للقوات المسلحة .
* ألا تخشون من استحقاقات لرجال القبائل بعد انتهاء الحرب؟
- لا، هذا الأمر ليس واردا، لأنهم في الأساس يحصلون على نفس الحقوق أو أقل قليلاً من تلك التي يتقاضاها أفراد القوات المسلحة.
* ماذا عن خارطة الحرب القائمة في صعدة، أين يتواجد الجيش وأين يتواجد الحوثيون؟
- صعدة تتكون من 15 مديرية، والمعارك الدائرة الآن تدور في ثلاثة محاور هي: محور الملاحيظ، وهذا المحور يشمل مديرية شذا ومديرية رازح وغمر وحيدان، والمحور الثاني في مدينة صعدة نفسها بشكل كامل، أي مديريات مجز وساقين والصفراء، والمحور الثالث يشمل مديرية حرف سفيان، وهذه المديرية تعتبر متوسطة ما بين الجوف وصعدة وعمران، أضف إلى ذلك أن هناك مديريات لا تزال هادئة كالحشوة وكتاف والبقع، لكن الشيء الذي أؤكد عليه أن معظم المديريات الموجودة في الجزء الشمالي الغربي من صعدة كلها محاصرة ومطوقة بنقاط حوثية، وهي التي تمنع عنها دخول الإمدادات والتموين والعلاج لهذه المديريات.
* هل هناك فترة زمنية محددة وضعتها السلطات لإنهاء التمرّد في صعدة؟
ـ نعم، هناك فترة زمنية محددة، وهذه الفترة واضحة المعالم والآن تم تحقيق ما يزيد عن حوالي 60 بالمائة منها، ولم يتبقَ إلا 40 بالمائة منها، ونأمل أن تسير بحسب البرنامج الزمني المعد لها.
* في الحرب الأولى كانت المعارك تنحصر في مناطق محدودة في صعدة، لكن الجيش يقاتل اليوم في ثلاث جبهات هي صعدة، وعمران والجوف، فلماذا امتدت المعارك إلى عمران والجوف في الفترة الأخيرة؟
ـ عمران لا يوجد فيها سوى مديرية واحدة تجري فيها المعارك، وهي حرف سفيان، وهي مجاورة لمحافظتي صعدة والجوف، ومديرية المراشي والعنان والأخيرة مجاورة للمحافظتين، التوغل والضغط الذي مارسه الحوثيون عن طريق التعليم والمذهب الذي بدأوا فيه استطاعوا أن يوجدوا لهم قاعدة شبابية في هذه المناطق، وبنفس الأمر يحاولون استغلال تواجدهم بفرض أنفسهم وكأنهم دولة، مثل القيام بجباية الزكاة والضرائب التي لا تسلم إلا لهم والمدارس يجب أن يشرفوا عليها بشكل كامل .
هذا كان سببه الفراغ الذي تركته الحكومة خلال الفترة الماضية بالديمقراطية وانتشار الديمقراطية من دون تطبيق القوانين، وقد أدى ذلك إلى وجود هذه النتوءات وتطوّرت فيما بعد إلى مواجهات شاملة.
* البعض يقول إن الحوثيين هم صنيعة السلطة؛ فلماذا تحاربونهم إذا؟
ـ حين قامت الوحدة اليمنية في العام 90 كان هناك حزب اسمه "حزب الحق" وهذا الحزب أنشئ بحسب القوانين والأنظمة المعتمدة، هناك عناصر في الحزب اختلفت في ما بينها وأدى ذلك إلى أن يفرخ الحزب تنظيم "الشباب المؤمن"، وهو الجناح المسلح في الحركة.
أما بالنسبة للحديث عن أن الحوثيين هم صنيعة السلطة فإن السلطة تتعامل مع كافة الأحزاب الموجودة باعتبار أن لها حقوقاً وعليها واجبات تنظمها القوانين، فلماذا لا يفعل الحزب الاشتراكي مثلا ما يفعله الحوثيون؟ ولماذا لا يقوم حزب الإصلاح أو الناصري بنفس ما يقوم به الحوثي؟ فالأمر شتان بين الحوثيين وهذه الأحزاب، فالحوثيون تربوا على هدف معيّن يريدون تحقيقه، وأنا أتمنّى من الإخوة الحوثيين أن يعلنوا سريعا تمسّكهم بالدستور والنظام الجمهوري والنقاط الست التي طُرحت عليهم بشكل كامل، نأمل أن يكون هذا سريعا كي نستطيع أن نتحاور ونتحادث معهم.
* لكن الحوثيين أعلنوا أنهم موافقون على النقاط الست والخلاف القائم هو حول من يبدأ بوقف الحرب؟
ـ فليبدؤوا هم بفتح الطرقات وإزالة الألغام لإيصال المعونات والتموينات إلى المواطنين في المديريات المحاصرة.
** الوضع المقلق في الجنوب
ـ هناك توترات واحتجاجات في الجنوب تصل لحد المطالبة بالانفصال، فهل يقلقكم ما يجري في هذه المناطق؟
نعم، الوضع هناك يقلقنا جدا، ونحن على أتم الاستعداد للجلوس والتحاور حول ما يخرج البلد من هذه الأزمة تحت سقف الوحدة.
* هناك مطالب تدعو لفك الارتباط والعودة إلى صيغة الجنوب العربي؟
- في ما يخص الجنوب العربي أريد أن أقول لأصحاب هذا الطرح إننا في الأساس يمنيون، ونعتبر أن اليمن مساحته كبيرة، وعرفنا آباءنا وأجدادنا، ودرسنا تاريخاً إسلامياً وعربياً، وكل ذلك يقول ويؤكد إن اليمن واحد من صعدة إلى سقطرى ومن المهرة إلى أقصى الجزر اليمنية في البحر الأحمر.
ما يتعلق بمطلب فك الارتباط فإننا لا نعترف بهذه الأشياء ولا يمكن أن نقبل بها، وفك الارتباط مصطلح تجاوزه الزمن؛ باعتبار أن هناك دستوراً وقوانين تم إقرارها، مثل دستور دولة الوحدة واتفاقية إعلان الوحدة، وحدث تغيير شامل في الأنظمة على ضوئها، وإذا كانت هناك أية مطالب فإننا على أتمّ الاستعداد للتحاور حولها، لكن في إطار الوحدة والجمهورية والديمقراطية.
* هل طرحت لكم وساطات من دول عربية وأجنبية لحلحلة ملف الجنوب، خاصة وأن أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى زار صنعاء قبل فترة بسيطة؟
ـ لم تطرح علينا أية وساطات وجامعة الدول العربية موقفها واضح من الأزمة، فهي معترفة بدولة واحدة هي الجمهورية اليمنية.
* هل تقبلون بالحوار مع علي سالم البيض، الذي كان شريكا في تحقيق دولة الوحدة؟
- إذا كان في إطار الوحدة والثوابت الوطنية فلا يوجد أي مانع أن يكون الحوار معه ضمن الحوارات التي دعا إليها رئيس الجمهورية.
* قيام الناس في المناطق الجنوبية بمظاهرات ورفع أعلام دولة الجنوب السابقة وترديد الشعارات الشطرية، ألا يعني لكم ذلك أن الناس بدأت تراجع موقفها في هذه المناطق من دولة الوحدة؟
- نحن نعتبر مثل هذه السلوكيات والأفعال قضايا جنائية، كالتقطّع في الطريق ونهب السيارات والاستيلاء على المجمّعات الحكومية ورفع علم غير علم الدولة، هذه قضايا جنائية يتم إحالتها إلى المحاكم والنيابات أولاً بأول، أما القضايا المطلبية والحقوقية فنحن على أتم الاستعداد للجلوس والتحاور ومناقشتها مع الجميع وأن يأخذ كل حقه.
* لماذا ترتفع برأيكم هذه الأصوات في الجنوب، هل لغياب الدولة أم لغياب الحزب الحاكم أم لغياب العدالة؟
ـ الدولة موجودة في كل مكان، لكننا نعتبر ما يحدث امتدادا لنتائج حرب عام 94، فبعد الحرب تم تغيير الخطط في اتجاه آخر، أما بالنسبة لمن يريدون استغلال مثل هذه المواقف بالمناداة بعودة الجنوب العربي فهذه مرفوضة رفضا تاما ولا يمكن التعامل معها بل إننا مستعدون لتقديم آلاف الضحايا لتثبيت الجمهورية وحماية أمن اليمن وسيادته وحدوده المعروفة .
* برأيكم ما الحلول للوضع القائم والمتأزم اليوم في الجنوب؟
- الحلول أن نترك التشنجات والمظاهرات غير الهادفة، وأن نعلن أننا يمنيون تحت نطاق الوحدة، ونجلس لنتحاور لنصل إلى نتيجة لتحقيق المطالب التي يمكن أن تتحقق في إطار الدستور والقانون.
**الحرب ضد القاعدة
* ملف "القاعدة" بدأ يكبر بشكل لافت في الآونة الأخيرة إلى حد أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية صار يشير إلى الحاجة لتدخل أجنبي لمحاربة القاعدة ، فكيف تتصورون أنتم خطر القاعدة في اليمن؟
ـ القاعدة موجودة، وكلنا عايشنا أعمالها، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية، ونأسف طبعا لما تم في عملية الاعتداء على نيويورك من قبل القاعدة، وهذا يسيء لنا جميعا كمسلمين، لأن الإسلام ليس وسيلة للقتل والذبح، كما أنه لا يعني التفجير والتلغيم فالحديث يقول ادع لربك بالحكمة والموعظة الحسنة.
مع ذلك فإننا نجد أن سياسة الولايات المتحدة نفسها أخطأت في التعامل مع القاعدة بشكل كامل لأنها لا تتعامل مع القاعدة على اعتبار أنها مجموعة أشخاص لا يتجاوزون المئات، بل حولت ملياراً ونصف مليار مسلم إلى إرهابيين، أسلوب التعامل الأميركي وتسليطهم الإعلامي الكامل على القاعدة يزيدها حجما وكبرا وهي ليست بهذا الحجم أو الكبر.
القاعدة الموجودة في اليمن هي نفس المجاميع والعناصر التي خرجت من أفغانستان بعد الانتهاء من الحرب ضد الاتحاد السوفييتي، حيث ذهبوا لمقاومة المد الشيوعي في أفغانستان بدعم كامل من الولايات المتحدة ومختلف الدول الإسلامية.
هؤلاء عادوا إلى بلدانهم ولديهم أفكار ومبادئ دخلت في رؤوسهم في أفغانستان وما هو موجود في اليمن تقريبا هو موجود في معظم الدول الإسلامية، واليمن كان من ضمن الدول التي أعلنت الحرب ضد الإرهاب والقاعدة بالتنسيق مع الولايات المتحدة من وقت مبكر.
اليوم بدأت أجهزة الإعلام تسلط الضوء على اليمن، وكأن اليمن هو بؤرة للقاعدة رغم أن ما حدث بالنسبة لعضو القاعدة النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب يؤكد أنه لم يدرس فقط في اليمن، بل أيضاً في بريطانيا ودول أخرى، لكن الحكاية انه لفت النظر إلى كونه درس في اليمن، رغم أنه جنّد للقاعدة في بريطانيا.
مع ذلك فإنني أستطيع القول إن اليمن لديه القدرة على ملاحقة عناصر القاعدة في أي وكر لها داخل أراضي الجمهورية اليمنية.
* كم تتوقعون عدد عناصر القاعدة في اليمن؟ وهل هم بالمئات أم بالآلاف؟
ـ لا استطيع الجزم بالعدد بشكل محدد، لكنهم ليسوا بالآلاف بل بالمئات.
* هل كان لدى السلطات اليمنية معرفة بهذه القواعد والمعسكرات أم أنها تلقت معلومات من الخارج؟
- القواعد والمعسكرات ليست ظاهرة وثابتة، المعلومات موجودة من قبل الاستخبارات اليمنية، وهنالك طبعا تنسيق في هذا المجال الاستخباراتي والمعلوماتي مع دول خارجية، وبالأخص الولايات المتحدة.
* لكن هناك حديث أن الغارات التي نفذت كانت بصواريخ أميركية، ما ردكم؟
ـ الغارات الأخيرة نفذت عن طريق الأجهزة اليمنية المختصة الأمنية والعسكرية بالتنسيق وعلم الأميركيين.
** لا تواجد أجنبياً
* هناك جدل قائم ومتصاعد حول احتمالات تواجد قوات أجنبية على الأراضي اليمنية لملاحقة عناصر القاعدة، فهل يقبل اليمن بمثل هذه الأطروحات إذا ما طرحت من قبل الغرب؟
ـ اليمن لا يقبل وجود أي جندي أجنبي داخل أراضيه؛ لأن هذا يتعلق بسيادته على أرضه، ويخطئ من يفكر بتدخل أجنبي في اليمن؛ لأنه سيجد مقاومة ليس من الجيش اليمني فقط بل من 23 مليون يمني يعارضون أي تدخل أجنبي في البلاد، لكن إذا كانت هناك أي أشياء داخل اليمن تتعلق بالقاعدة فاليمن قادر على ملاحقتها إلى كل وكر من أوكارها.
الغرب إذا أراد أن يقدّم لنا مساعدات فيمكن أن تكون مساعدات تنموية استخباراتية أو مساعدات في التدريب، أما غير ذلك فهو مرفوض بشكل كامل، والقاعدة في اليمن لا تشكل شيئاً وكلنا نذكر الدروس التي حدثت في العراق وأفغانستان، فعندما فكر الأمريكيون بغزو العراق كان لا يوجد فيها فرد أو فردان من تنظيم القاعدة، لكن بعد الغزو تحولت إلى "قاعدة للقاعدة".
والخطأ الذي تم ارتكابه في العراق ننصح ألاّ يتكرر ارتكابه في اليمن؛ لأن اليمن لا يقبل بأي تدخل أجنبي في أراضيه، وإذا كان هناك أشخاص يسيئون لهذه الدول أو يمثلون تهديدا لها كالقاعدة فنحن كفيلون بهم، واليمن قادر على مطاردة أعضائها إلى كل وكر من أوكارهم.
* هل تجدون تحالفاً بين القاعدة وقوى الحراك الجنوبي رغم تباعد المواقف الفكرية بين الطرفين؟
ـ ربما أن لكل طرف هدفه، لكن تقاطعت مصالحهم؛ فكل يريد أن يستغل الثاني لتحقيق هدف من أهدافه التي يراها ولا يمانع أن يكون هناك تنسيقاً بين هذه الجماعات، وأخص بالذكر محافظة أبين لأن موضوع القاعدة مرتبط بالحراك في هذه المحافظة.
** مؤتمر لندن
* في ما يتعلق بمؤتمر لندن المقرر انعقاده أواخر الشهر الجاري، ما هي معلوماتكم عن أجندة هذا المؤتمر؟
- ما نعرفه أنه مؤتمر مخصص لدعم اليمن في الجوانب الأمنية والتنموية؛ لأن الجوانب التنموية جزء من الجوانب الأمنية وكيفية وضع سياسة لدعم اليمن، ونحن نرحب بهذا الموقف، أما غير هذا فإننا لا نرحب به ونرفضه جملة وتفصيلا.
* هل فاجأتكم دعوة رئيس وزراء بريطانيا جوردون براون إلى مؤتمر دولي حول اليمن من دون التشاور مع القيادة اليمنية، وحديثه أن اليمن في طريقه ليكون دولة فاشلة؟
- لم تفاجئنا الدعوة بحد ذاتها، لكن لم نكن نتوقع التوقيت الذي حدده براون، أما مسألة تقييمه بأن اليمن دولة فاشلة فهو تقييم شخصي، وربما المصادر التي يعتمد عليها ليست مصادر صحيحة، فهو لا يستقي مصادره من مواقعها الصحيحة وإنما عن طريق صحف أو أناس معادين للنظام ولهم أهداف أخرى غير الأهداف التي تخص اليمن.
* وأنتم ما تقييمكم للدولة في اليمن؟
ـ الدولة قائمة بمؤسساتها وبحدودها وبكل ما يتعلق بدولة بكل معنى الكلمة.
* هناك حوار وطني من المقرر عقده نهاية الشهر الجاري، هل في تقديركم أنه يمكن أن يخرج اليمن من أزماته الداخلية؟
ـ الدعوة التي أطلقها الرئيس جاءت استجابة لمطالب من الداخل والخارج بوجوب أن تفتح الدولة المجال للحوار وهو حوار يشمل كافة اليمنيين بكل توجهاتهم عدا الحوثيين وقوى الحراك؛ فعلى الحوثيين أن يوافقوا ويلتزموا بتنفيذ النقاط الست ويعلنوا تمسكهم بالدستور والنظام الجمهوري وعندها أهلا وسهلاً بهم، ويمكن أن نتحاور معهم والوضع نفسه ينطبق على الحراك في بعض المحافظات الجنوبية شرط أن يكون في إطار الوحدة والجمهورية والديمقراطية.
أما أحزاب اللقاء المشترك فقد وقعنا معها اتفاقية فبراير لتمديد فترة مجلس النواب وسنبدأ -إن شاء الله- حواراً جاداً خلال الفترة القادمة للتوصل إلى آلية نفهمها جميعا في ترجمة هذا الاتفاق.
* هل أنتم متفائلون بالتوصل إلى نتائج ايجابية؟
- التفاءل كبير* وماذا عن الحوار مع تنظيم القاعدة؟
ـ القاعدة شيء آخر، فنحن لن نتحاور مع القاعدة إلا بعد أن يترك التنظيم السلاح الموجود مع أعضائه، وأن يُقدّم المتهمون بقضايا جنائية داخلية وخارجية إلى القضاء.
* في تقديركم ماذا يحتاج اليمن للخروج من أزماته الراهنة؟
- يحتاج اليمن إلى تكاتف كل أبنائه، لأنهم جميعا في سفينة واحدة، لذا يجب أن نتحاور ونعالج قضايا البلد بروح المسؤولية وعدم المكايدة السياسية عن طرق الحوار الهادف والبناء الذي هو مصلحة اليمن فوق كل اعتبار ونترك المزايدات التي يمكن أن تقود البلاد إلى كارثة -لا قدر الله.
في الثلاثاء 19 يناير-كانون الثاني 2010 06:19:50 م