عامٌ رحل .. وعامٌ أطلّ
بقلم/ حسن عبده الراسني
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و 3 أيام
الأحد 28 ديسمبر-كانون الأول 2008 07:57 م

رحل عنا عام 1429هـ - 2008م - وإلى الأبد !!!

وها هو عام جديد أطل علينا  1430هـ - 2009م !!!

مضى اثنا عشر شهراً ، 365 يوما كاملة ، 8760 ساعة دون نقصان ، مرت بنا 525,600 دقيقة ، 31,536,000 ثانية ، مضى كل ذلك وانقضى ، وكل منا يهنيء الآخر بقدوم عامٍ جديد .

تلك هي حقيقة أعمارنا ، مجموعة أيامٍ وليالٍ ، كلما مضى يوم أو انقضت ليلة ، كلما نقص رصيد أيامنا ، حتى ينتهي ذلك الرصيد ، ثم نغادر هذه الدنيا ، فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد وخطط لغده .

لنعود معاً بذاكرتنا إثنا عشر شهرا مضت , ماذا قدمنا؟؟ ماذا تركنا من أثر؟؟ ماذا أضفنا إلى حياتنا ؟؟ فإن كان خيراً فلنحمدلله ، وإن كان غير ذلك فلنبادر إلى استدراك مافاتنا . يقول الحسن البصري : ( يا بن آدم إنما أنت أيام ؛ فإذا ذهب يوم فقد ذهب بعضك ) ، ويقول بن الجوزي رحمه الله تعالى : ( من تفكر في عواقب الدنيا أخذ الحذر ، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر ) .

إنا لفرح بالأيام نقطعها              وكل يوم مضى يُدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا     فانما الربح و الخسران فى العمل

الأعمار تقاس بالأعمال :

نحنُ في الأيام الأولى لعامٍ مجموع أيامه 365 يوماً، فهل أعددنا له ليكون مُشرقاً مليئاً بالعمل والإنجاز ، والفرح والسّعادة ، والإيجابية والتحدي ؟

هل أعددنا وخططنا له ( حكومات وشعوب ، أفراد ومؤسسات ، نساء ورجال ، آباء وأمهات ، .. الخ ؟

إن أعمار الأمم والشعوب والأفراد ، تُحسب وتقاس بمقدار ما تقدمه وتنجزه للبشرية ، فأسلافنا في صدر الإسلام - رضوان الله تعالى عليهم - بنوا الحضارة الإسلامية بأزهى صورها ، خلال فترة زمنية وجيزة ، حتى نهل من حضارتنا المجيدة الأمم الأخرى في الشرق والغرب ، وشهد القاصي والداني بعظمة تلك الحضارة ، وقوة أولئك الأفذاذ ، لأنهم سخّروا إمكاناتهم العقلية والجسدية والزمنية لخدمة دينهم وأمتهم ، فكانت أوقاتهم منظمة، فلم يضيعوا فرصة ، ولم يهدروا طاقة ، إلا فيما يبني أمتهم ويعلي مكانتهم بين الأمم والشعوب .

ولذا فالأمة التي لاترسم لحياتها خططاً مكتوبة ، وفق رؤى واضحة ، ولا تحسن استغلال الوقت لا يمكن أن تكون في مركز الصدارة والقيادة ، بل تعيش في فوضى وتخبط وعشوائية ، فيؤدي ذللك إلى ضياعها وتأخرها ، فيكون وجودها كعدمها ، وصدق الرافعي حين قال : (إذا لم تزد على الحياة شيئاً كنت انتَ زائداً على الحياة) .

يقول د. ابراهيم الفقي – استاذ التنمية البشرية – في كتابه سيطر على حياتك : " "إن عدم وجود خطة فى حياتك يجعلك تعيش الحياة وكأنها حالة طوارئ .. كل شئ فيها متداخل ومضطرب .. وعلى العكس من ذلك ، فوجود خطة منظمة ومتوازنة لحياتك .. سيجعلك أكثر تركيزا على طريقة معيشتك ، وستجد أن هناك طاقة هائلة ونشطة بداخلك على الدوام تدفعك إلى الاستمتاع الدائم بحياتك " .

تأمل فيما تعمل :

هذه قاعدة عامة ضمن فقه الأولويات والموازنات ، وأرى فائدتها عند التخطيط أوالشروع في تنفيذ أي عمل كان وتتلخص في ثلاث نقاط :

 1- اختبار الضرورة : هل هذا العمل ضروري وله أولوية في حياتي ؟ لأن هناك الكثير من الأنشطة والأعمال التي نقوم بها ، لمجرد أننا نحبها فقط لا أنها ضرورية .

2- اختبار الخصوصية : هل هذا العمل يخصني ؟ سوف تكتشف أنك تقوم بمهام كثيرة ليس من اختصاصك.

3- اختبار الكفاءة : هل سأنفذ هذا العمل بأكبر قدر من الكفاءة الممكنة ؟

استبيان تطبيقي :

نصل إلى الجانب العملي : وهو أن تجيب أخي القارئ عن السؤالين التاليين باختيارك لإجابة واحدة من الخيارات الثلاثة لكل سؤال وفقاً لواقعك الحالي :

س1 :هل خصصت جلسة تقييمة لما تم إنجازه في العام الماضي 1429هـ - 2008م ؟؟؟؟

 1- نعم  (   )

2- لدي نية ولم أقم بها حتى الآن (   )

3 - لا - لم تخطر على بالي إطلاقاً (   )

 س2 : هل أعددت خطة العام القادم 1430هـ - 2009م ؟؟ كـ " فرد ( )- أسرة ( )- مؤسسة (  )

1- نعم أعددت خطة مكتوبة (   )

2- نعم لدي خطة ذهنية (غير مكتوبه) (  )

3- لا       (   )

فإن كانت إجابتك إيجابية فحافظ على المستوى الذي أنت عليه واعمل على الارتقاء نحو الافضل ، وإن كان غير ذلك فبادر إلى وضع خطتك وأهدافك الخاصة .. كيف ذلك ؟؟

حدد أهدافك بوضوح , أكتب ماذا تريد أن تغيّر أو تطور أو تنجز أو تنفذ هذا العام؟ ثم لماذا تريد أن تفعل ذلك؟ حتى تتعرف على دوافعك وأهميتها وقوتها , ولتتأكد من جدوى الهدف .. ثم متى تبدأ ؟ وأين ؟ وكيف سيكون التنفيذ ؟

أهم فوائد كتابة الخطة :

1- تُريح ذهنك من تزاحم الأفكار والأهداف وغموضها ، فعند كتابتها محددة مزمنة قابلة للقياس بمؤشرات واضحة , حينها تكون الأهداف أكثر تنظيما ، وأسهل تنفيذاً .

2- الخطة المكتوبة تجعل الحلم حقيقة فمع مرور الأيام ، ستجد نفسك تقترب من تحقيق أهدافك التي حددتها ، شرط المتابعة والتقييم المستمر .

نأمل أن نقضي عاماً حافلاً بالخير والعطاء ، عنوانه الأمل والطموح ، وتاجه التوكل على الله ، وذروة سنامه التخطيط مصحوباً بالإرادة والرغبة والعمل الدؤوب .

Email: training.h@gmail.com