النظام الجمهوري ضحية من ؟ الحوثيون ام التوريث !؟
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و يومين
السبت 28 إبريل-نيسان 2007 10:10 م

مأرب برس ـ ريما الشامي ـ خاص

بغياب الدولة وحضور الانتقام . . . ابادة صعدة تحت جنح الظلام

أفضت حرب صعدة الى وضع انساني خطير صارت فيه المنطقة المذكورة ساحة مباحة للقتل والإبادة الجماعية للانسان والبنيان بكل حرية ومنذ تدشين الحرب الرابعة تعيش صعدة معزولة عن العالم نهائيا في أتون حرب ابادة واستئصال باقرار قادة الحرب

 ( لا أحد يعلم شيئا عن أحوال صعدة ومايجري فيها ) هذا باختصار جوابا شافيا كافيا لحال صعدة اليوم المعزولة عن اليمن والعالم و التي تعيش حربا يحضر فيها الانتقام ومن يجرؤ ان يتناول هذه المأساة الانسانية فهو في خانة الخونة والحاقدين على الوطن وعليه ان ينتظر مصير أهل صعدة .

تجار الحروب هم الذين يغلقون صعدة اليوم ويحيلوها الى ساحة مفتوحة لإشباع دمويتهم بعيدا عن أنظار العالم وفي ظل أجواء مناسبة لجنون الانتقام الذي لايعرف حدودا واخلاقا أمام رغباته في جعل هذه المنطقة وماعليها عبرة لمن لايعتبر.

لا أحد يمكنه الاقتراب من تلك المنطقة التي تنتمي لجغرافية الجمهورية اليمنية بما في ذلك المنظمات الانسانية والاغاثية لذا فلا يمكن تقييم الوضع
الانساني في صعدة الا أن تقديرات تقول بأن هناك 20000مشرد لا أحد يعرف أية ظروف يعيشونها تحت ظروف حرب تدار تحت جنح الظلام وفي ظل انعدام كامل للمعلومات حول تطورات الحرب غير توارد أنباء عن مجازر واستباحة ضحيان بعد قصفها بالطيران وتدميرها بيتا بيتا وهي التي سكانها يربو عن 30000 مواطن عدا ذلك فتفاصيل الحرب والمعاناة تحت ستار الظلام .

 ثـكــلى تـبـكي ابنها وزوجها في الطلح

حجب المعلومة برزت كخصوصية يمنية تفردت بها السلطة كسياسة لادراة حروبها تحت جنح الظلام ووصل الأمر في حرب صعدة الى حد التخوين والتهديد بتصفية كل من يتناول أحداث الحرب والدعوة لايقاف تلك الكارثة هذا فضلا عن منع وصول المساعدات الانسانية والمنظمات الاغاثية وحتى الادارة الأمريكية لم تفطن لهذه الخصوصية اليمنية في ادارة حروبها في العالم بعيدا عن انظار البشرية لترتكب تحت جنح الظلام ماتشاء من جرائم ولا حد شاف أو درى بل أن مايجري في الأرض المحتلة للشعب الفلسطيني من جرائم وانتهاكات من قبل اليهود تنقله وسائل الاعلام على الهواء مباشرة .

ان ظروف المأساة الانسانية في صعدة والتي لايمكن الوقوف عليها ومعرفة معطياتها بفضل التعتيم والسرية وحجب المعلومة ‘ هذا الوضع الذي أحال صعدة الى غابة صراع وحوش وجزيرة معزولة عن العالم للانتقام يجعل من استمرار الصمت مشاركة فيما يحدث لصعدة ولاينبغي أن يظل الصمت أكثر من هذا الوقت الذي مضى اذ أن مسؤلية مايحدث في منطقة في الوطن هي مسؤلية المجتمع بكل تفاعلاته وتكويناته لان مايحدث اليوم في صعدة غدا ستكون ساحته مناطق أخرى في الوطن وليس من الأجدى حينها القول بعد فوات الأون ذبحت يوم ذبح الثور الأبيض.

ان سيناريوهات حرب صعدة التي تدخل عامها الرابع تؤكد ان كل مايجري هناك هو منطق الفوضى ورغبات الانتقام وفرضا لأجندة شخصية باستخدام مقدرات الدولة وتسخير امكانيات السلطة لأجلها والا هل تتعامل الدولة مع مشكلة وطنية بمثل هكذا أساليب تعتمد الشخصانية في اتخاذ قرارات الحروب وحجب المعلومات عن الشعب وحشد الجيش لضرب مواطنيه في حرب عبثية لا يعرف أحدا لماذا قامت ولماذا تتجدد ؟ وماهي أسبابها ؟ وما هي أهدافها ؟ ومن المستفيد منها ؟

ان تداعيات وأثار هذه الحرب تقود البلاد الى ما هو اسوأ مما تعيشه صعدة اليوم ولن نفاجأ غدا بإسدال ستار الغموض والسرية عن ابادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في حق ابنائها مالم تتحرك فعاليات البلد نحو فك حصار صعدة وايقاف نزيف تلك الحرب الظالمة على الوطن والعودة للاحتكام الى مرجعية الشعب وهو الدستور والقانون ومؤسسات الدولة وليقل القضاء كلمته وحكمه الفصل والذي سيقف الشعب الى جانبه بقوة وهو ماسيعيد للدولة هيبتها واعتبارها أما استخدام امكانيات البلد واستغلال السلطة لأهداف غير وطنية واجندة شخصية فهو الذي صير البلد الى ماهي عليه اليوم من واقع جحيم ينتج كل هذه الحروب التي تدار بأساليب الحصار والعزل والسريةفي بلد قدره أن يعيش حياة العصور الوسطى الى الأبد.

ان هذا الوطن الذي أرهقته الحروب المتواصلة لم يعد يحتمل المزيد من الجراحات ولم يعد هناك متسع من الصمت واللامبالاة وقد صار جزءا من الوطن تحت التصرف الحر لهستيريا الانتقام الذي يقود البلاد الى محرقة يعلم الله وحده ماهي عواقبها في ظل هذا الجنون المغرم بالحروب الذي يغلق صعدة اليوم عن العالم ليؤدبها كما يحلو له .

ان هذه الحرب المجنونة التي لاهدف لها يجب أن تتوقف بعد ان أتخذت اتجاها مأساويا بعيدا عن الأنظار ولن يكون من أبسط وأقل تداعياتها ارتكاب أبشع الجرائم ضد الانسانية وانتهاكات لم تشهدها البشرية لحقوق الانسان في ظل التعتيم والسرية و الحصار

الحوثيون أم التوريث ؟ . . . أين الحقيقة ؟

للتذكير فان ثورة 26 سبتمبر قامت ضد الظلم والطغيان والاستبداد وكان أول أهدافها هو القضاء على الاستبداد وتخليص اليمن من الحكم الامامي وبالتالي فليس هناك إمكانية للتنازل عن الثورة وتضحيات الأجيال اليمنية لأجل اعادة حكم الائمة وبيت حميد الدين أو توريث الحكم جمهوريا إذ ان الثورة وما رافقها من تضحيات الشهداء لم تقم لاجل استبدال حكم فردي وحكم أسرة بحكم فردي أخر وأسرة حاكمة أخرى 

 ومثلما الشعب رفض ويرفض قطعيا الحكم الامامي الاستبدادي فأنه يرفض اليوم الحكم الفردي الأسري الذي يسعى اليوم لتوريث الحكم في اطار اسرة الرئيس صالح التي تمسك بمقاليد السلطة والجيش وتخوض به حروبها في صعدة لأجل تثبيت أركانها في حكم اليمن كأسرة بيت حميد الدين أخرى.

ان توريث الحكم هو خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الأجيال وتنازل عن الجمهورية واهداف الثورة التي قامت ضد الحكم الفردي وقضت على حكم الأسر والاستعلاء بالطائفة والمذهب وغيرها من العصبيات الجاهلية وكان من جوهر اهدافها مواطنة متساوية وعدالة في ظل مجتمع ديمقراطي حر يستمد نظامه من روح الاسلام الحنيف والشعب مناط به الدفاع عن ثورته والنظام الجمهوري الذي يتم الان تصفيته والانقلاب عليه وتوريثه وتمرير هذه الحرب تحت ادعاء الدفاع عن الثورة والجمهورية لأن هذا الادعاء لن يستطيع ان يصمد كثيرا امام أهداف الحرب الحقيقية التي تسعى لتوطيد أركان الأسرة الحاكمة الجديدة لليمن و العودة بالبلاد الى الحكم الأسري واستبدال أسرة بيت حميد الدين بأسرة الرئيس صالح بكل بساطة وكأنه لم تكن هناك ثورة أصلا. 

استنادا الى واقع وطننا اليوم فهل يمكن قبول أن من يسدد الطعنات للنظام الجمهوري ويحكم اليمن عمليا بالأسرة والمقربين ويسعى لتوريث الحكم وفرضه أمرا واقعا بقوة السلطة يمكن له بنفس الوقت أن يقف مدافعا عن نفس ذلك النظام الجمهوري ويدعي حمايته من أعدائه الحوثيون أو غيرهم الذين يريدون اعادة الحكم الامامي المقبور .

ان ادارة الحرب بالخفاء تحت ستار الحصار والاغلاق وفي جنح الظلام لن يحل المشكلة مهما كانت درجة الدموية والانتقام والمجازر بقدر ما تضاعف مثل هكذا أساليب وحشية من جراحات الوطن و تفتح بؤرا لصراعات وحروب متوالدة تلقي بالبلد الى المجهول

ان الخروج من كل أزمات اليمن وأوجاعها ومنها حرب صعدة لن يكون الا على قاعدة دستور البلد وبتفعيل مؤسسات الدولة وافساح المجال للقضاء ليقل كلمته الفصل في صراع طال امده ومن ثم فان الشعب سيتخذ موقفه بكل وضوح وشفافية وقوة الى جانب مؤسساته ودستوره ونظامه الجمهوري بدلا عن هذه الحرب العمياء التي لايعلم عنها شيئا ولايدرك من تفاصيلها وأبعادهاالا انها تدار تحت جنح الظلام