القبـــلية فـي مـــأرب
( تقرير يوضح معني القبيلة ولعرف السائد في هذه المجتمعات وجهات نظر يطرحها عدد من مشايخ مأرب )
الزايدي – بن سعد – القاضي ( نقلا عن قناة الجزيرة )
محمد خير البوريني: أهلا ومرحبا بكم مشاهدينا إلى حلقة جديدة من مراسلو الجزيرة، نتناول من اليمن القضية القبلية الأكثر جدلا، نتحدث عن مستجداتها ومتغيراتها ونرى مدى استجابة القبيلة لمتطلبات وتطورات العصر بين الأرياف والحواضر
أهلا بكم إلى أولى فقرات هذه الحلقة، طالما عرف اليمن بسطوة القبيلة لكن جليد الإرث القبلي بدأ بالذوبان اليوم إلى حد تستجيب القبيلة لاستحقاقات العصر وتستعصي على طوفان الحداثة والتغيير. وما هي علاقة القبيلة بالدولة والقانون والمحاكم وإلى أي مدى لا يزال شيخ القبيلة شيخا بالمعنى العربي التقليدي، القبيلة، الدلالات، الحضور في تقرير أحمد الشلفي.
[تقرير مسجل]
أحمد الشلفي: لا تشبه القبيلة اليمنية إلا نفسها وإرثا من العادات والتقاليد التزم بها الأجداد وأبصرها الأحفاد قبل أن يبصروا نور الحياة، ماض يستعصي على طوفان الحداثة ورياح التغيير، يكبر هذا الإرث وبرغم قدمه فإن آثاره ما تزال ضاربة في جذور الصحراء، شلالات فرح أحيانا ومواويل حزن أحيانا وندم لا يداويه سوى الدم.. دم الثأر في أخ أو ابن عم والفرد هنا لا يفتأ يبحث عن غريمه ليداوي جراحه لكن القلوب التي أكلتها نيران الثأر تحاول عن البحث عن طريق آخر يحفظ أرواح الأبرياء.
ناجي الزايدي- قبيلة جهم: العرف بين القبائل فيه أعراف متفق عليها وقواعد أساسية نتبعها عن حدوث أي مشاكل تتعالج بطرق عرفية ولكل موقف ولكل حدث يعني أحكام معينة أو وجهات لتغطية موقف معين، مثلا يحدث أي موقف خلاف ما بين قبليتين تأتي القبيلة التي تشعر بالخطأ مما حدث من أحد منتسبي هذه القبيلة بتبادر بتقديم الوفاء للقبيلة الذي حدث فيها الخطأ.
أحمد الشلفي: لشيخ القبيلة الحل والعقد وللجميع هنا المشورة والرأي وليس هناك محاكم للدولة، فأهل هذه البلاد أعلم بشؤونها وقوانين القبيلة أقوى على حل المشاكل من أي قوانين أخرى.
ناجي الزايدي: والله دورنا حل المشاكل بين القبائل والدخول في أي ثأر يكون عام.. في المشاكل نقود القبيلة إذا دعت الظروف للدفاع عن الوطن وإذا مستوى بعيد ما هم غير على مستوى حل مشاكل القبائل، هذا أسلوبنا الأسر القيادية في اليمن.. في القبائل مجالات كثيرة تقوم بها.
أحمد الشلفي: هذه قبيلة جهم في مديرية سرواح بمحافظة مأرب اليمنية، على بعد نحو مائتي كيلومتر من العاصمة صنعاء وهناك مراسيم تعدها القبيلة لاستقبال وفد من قبيلة قتل أحد أفرادها واحدا منهم وسيقوم الوفد بتقديم ما يسمى هنا بالوفاء ويحرص الجميع على التواجد هنا، فالأمر يخص كل أفراد القبيلة.
ناجي الزايدي: المبادرة بالوفاء من الجانب الآخر في الأحكام العرفية تخفف الغضب من قبل الجانب المجني عليه وفيه أحكام يعني مختلفة تحكم على وجهاء القبائل والمشايخ ما بينهم أحكام يعني من الأدنى إلى الأعلى يعني على ضوء حجم القضية.
أحمد الشلفي: يصطف المستقبلون من قبيلة جهم بهذه الطريقة بينما كبير الوفد من الجهة الوسيطة يبادر بالاعتذار عما ارتكبه ابنهم من حادثة قتل.
عبد ربه القاضي: حدث ما حدث من خطأ وقدر ما فينا المخالف هو آل الزايدي مما أدى إلى قتل جار الله علي الزايدي رحمه الله وهذا قدر الله وقدره لا يقدر أن يعترض عليه أحد إنما تكون له أسباب وجئتم المخالفة ومشايخ تعز ومن معهم من مشايخ اليمن موجودين من أعضاء مجلس النواب هذه أربعة رؤوس بقر وعشرين ناقة وهذه الأربعة بنادق تعال تقدم وهذه أربعمائة ألف كفن وهذا مفتاح سيارة صالون من أخوات الحكم وجاتم القوم إلى ساحاتكم.. القيم والهمم وهم في ساحاتكم وفي رحابكم وما حاكمتم .. وسلام..
أحمد الشلفي: يرحب الجميع بوفد الوفاء ربما للدلالة على قبول الأمر.
أحد أبناء قبيلة جهم اليمنية: وحياكم وأنتم في.. وصاروا ضيوفنا وبعد الغداء خبرنا جديد وأهلا وسهلا.
أحمد الشلفي: في هذه اللحظة أصبح الوفد القادم في ضيافة القبيلة وسينهي هذا قضية القتل أو ستحدد هدنة بين الطرفين لأعوام يلتزم فيها الطرفان بعدم التعرض للآخر.
ناجي الزايدي: الواصلين يأتون عندنا على ضوء خبرهم ليكون التشاور ما بين وجهاء المستقبلين وليكون الرد على ضوء ما أتى بأهل الواصل يتحاسب بأحكام.. بأحكام رادعة والأحكام الرادعة هي بتكون يعني جور يعني في.. العرب وفيه بعض الأبناء يتوجه يعني كل الوجهاء من جانب من أخطاء في أشياء يعني بيتغاضوا عنها مثلا الجانب الآخر عن ما يكون الوفاء لكن يعني هذه يعرفوه يعني حجم الحكم حكم الخطأ وهذا يعني درجات، لكل خطأ له حكم معين وله ردع معين.
جعبل طعيمان– عضو مجلس النواب اليمني: القبائل في معظم الأحيان هي تلتزم بقوانين الدولة وإنما تطلب من الدولة هي بسط النظام أو تسهيل النظام أو تصحيح مفاهيم النظام، فإذا وجد القضاء إحنا في مديرية سلواح لا يوجد عندنا محكمة للتقاضي ويتقاضوا القبائل فيما بينهم البين عند عقالهم يحتفظوا بقضاياهم.
محمد الزايدي– قبيلة جهم: القانون يطوِّل.. يطول المشاكل ولا يحل مشاكلنا بس يدفعوا المواطن إلى السجون ولا يحلوا مشاكلهم ولكن يعودوا للقبلية وتخلص مشاكلهم وتردع الغلطان.
أحمد الشلفي: تتملك الناس هنا رغبة شديدة في القضاء على الثأر الذي كان سببا في قتل المئات، الثأر والحروب القبلية لم يتوقف حتى الآن والجهود الكبيرة من قبل الدولة أو وجهاء القبائل لم تنجح بشكل مرضٍ في إقناع الناس بالتوقف عنها عدا بعض المحاولات ويبقى أمام هذه الجهود مشوار طويل، لا زالت القبيلة حافلة بزهوها، الضيافة وأصول الكرم والسلاح رفيق يعتد به بل أنه زينة الرجال.
محمد حسين بن سعد– من قبيلة آل راشد: والله القبائل مشهورة بالكرم والعادات الحميدة والأمن والأمان والوفاء والانقياد وراء الشيخ الكبير ووراء الحاكم من عشر سنين وجاي من.. وجاي وتغيرت الأوضاع ما عادش.. لا عاد.. الناس تأثروا بالفضائيات.
أحمد الشلفي: لكن الخوف من أن تفقد الأجيال القادمة ذاكرتها وتنسلخ من عادات القبيلة وتقاليدها لن يحُل دون اللحاق بإيقاع العصر.
حسين بن سعد– من قبيلة آل راشد: الشيء المهم هنا أنه كيف نستطيع أن نحن نحوّل يعني من هذه القبيلة إلى مؤسسة تنموية يعني تخدم التنمية، هذا هو أعتقد أن يعني صار تحدي العصر في اليمن بشكل عام يعني كيف نجعل من القبيلة كمؤسسة تنموية بحيث إنها يعني تساهم في بناء اليمن في تطوير التنمية في إحداث نقلة.
أحمد الشلفي: ويبقى ما يقال عن ثنائية الدولة والقبيلة في اليمن محل خلاف إلا أن الناس لا يطلبون من الدولة شيئا سوى الاهتمام بالبنى التحتية وتقديم العون لأبنائهم من خلال توفير التعليم والوظائف.
جعبل طعيمان: القبائل جزء من الدولة والدولة جزء من القبائل يعني نكمل المناطق اليمنية باعتبارها مناطق جبلية واسعة ولكن هي جزء متكامل لحماية الدستور والقانون وحماية الوطن فلا فرق هناك يعني لا فرق.. يعني لا تؤدي إلى ضرر من وجود القبائل المسلحين أو كذا فهم جزء من الدولة.
أحمد الشلفي: في مناطق القبائل بمأرب تعمل كبريات الشركات النفطية لكن حرائق الذهب الأسود هذه تثير جدلا حول نصيب أبناء القبائل من هذه الثروات إلا أن الحديث عنها يبدو كالاقتراب من المناطق الشائكة ويفضل الكثيرون عدم الخوض فيه.
محمد بن حسين سعد: نبغي الأمن قبل الإيمان.. الأمن قبل الإيمان.. نباشر مشاريع خطوط.. خطوط ولا مرافق دولة المرفق.. مليار سوينا في مصنع مصانع الصلب والحديد ولا صناعات خفيفة.. هذا.. أما عادت القبائل انتهت ما عادش تغيروا، تسيسوا والسياسة صارت تطال القلوب.
أحمد الشلفي: القبيلة التي كانت رحلة للبحث عن المجهول لا تزال طوقا للترحال في آفاق الحاضر لكن دون التخلي عن الروح.. روح العربي الذي يحمل أزمنته معه كدلالة على عمق تمسكه بقديمه، القبيلة والدولة في اليمن من يحكم الآخر؟ سؤال يتجدد كل يوم ليبحث عن إجابة لكن كل الشواهد هنا تؤكد على أنه مازال أمامها الكثير للانعتاق من تقاليدها لكن ليس كل تقاليدها محمد
في الأربعاء 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2005 07:25:29 م