ترحيب يمني بقرار الخزانة الأمريكية معاقبة عدد من قادة الحوثيين أبرزهم المشاط وعبدالسلام ومحمد علي
رفض أمريكي للإجماع العربي حول غزة وخطة مصر بشأن إعادة إعمارها
أسماء 8 من كبار قادة الحوثيين طالتهم عقوبات أمريكية جديدة.. تعرف عليهم والدور الذي يقومون به
ترحيب أميركي روسي برسالة زيلينسكي .وكشف تفاصيل عن حجب الأسلحة والاستخبارات
تقلل الشعور بالجوع والعطش.. أطعمة ينبغي تناولها في السحور
معارك طاحنة فى السودان .. الجيش يحقق تقدما فى الخرطوم ويقترب من القصر الجمهورى
إعلان دستوري مرتقب في سوريا و مصادر تكشف التفاصيل
رسوم ترمب تهز الأسواق وبشكل مفاجئ ومخيف وسط تراجع حاد في وول ستريت
قائمة تاريخية جديدة تنتظر محمد صلاح في دوري أبطال أوروبا
أول رد فعل من إدارة ترامب على المقترح العربي لإعادة إعمار قطاع غزة
مأرب برس - خاص
لكل منا قصته مع الانتظار بل قصص لا تنتهي لا قصة واحدة، فالطالب له قصة انتظار معروفة مع نتائج الامتحان والمزارع مع نضج الثمرة والتاجر مع جني الأرباح، ومدير التحرير مع انتظار يومي - قد يكون مقلقاً - لمقالات الصحيفة، والأسرة تنتظر طفلها حتى يكبر، ومريضها حتى يشفى.. ويبدو أن القاسم المشترك بين هؤلاء المنتظرين هو اعترافهم بصعوبة تدجين الانتظار واستئناسه، وعند هذه النقطة ربما أزعم أني لم أعد واحدا من هؤلاء بعد عملية صراع طويلة مع الانتظار سعيت خلالها لتدجينه، لكنها جعلتني لا أحب الانتظار ولا أرتاح لمن يجعلني انتظر؛ وإليكم قصتها.
عندما كنت طفلا رضيعاً؛ تورمت عيناي مرة من شدة البكاء، فقد صحوت من نومي ولم أعثر على أمي بقربي! فكانت بداية رحلتي مع الانتظار بداية سيئة، طفل رضيع ينتحب وحيدا في انتظار عودة أمه من الحقل؛ وفي غرفة مظلمة دون مؤنس.
ولما اكتمل ظهور أسناني اللبنية، أصبحت هذه المرة أنتظر أباً غائباً، صورته مثل الحلم في خاطري؛ لم أكن قد وعيتها بعد. كانوا يقولون لي: سيعود أبوك قريبا من غربته فلا تقلق.
وعاد أبي فعلا.. فكان انتظار فترات التنزه معه من أجمل أيام حياتي، ولم أعد من يومها مضطراً لانتظاره، فقد أخذنا أبونا معه إلى ديار الغربة وانتهت بهذا قصة انتظاري الصغير.
ومرت سنوات أول غربة لنا كالحلم، فلم أشعر بها ثقيلة لأنها كانت أياما جميلة ظلت خالدة في قلبي وعقلي، رغم اختطافها القاسي من بيننا أخا صغيرا لنا لم ننتظر عودته؛ لأننا ما افتقدناه زمناً في عيني أمه الدامعة.
لقد كان انتظاري في هذه المرحلة - كما شعرت به يومها - كبيرا: وطن خلفته ورائي فيه مرتع الصبا ورفاق الطفولة.
وعدنا إلى الوطن أخيرا، ولم تدم متعة البقاء كثيرا في قريتي الصغيرة بتلالها الجميلة وخمائلها التي تطل من الروابي، واستقرّ بنا المقام في العاصمة ليصبح النجاح الدراسي هذه المرة وطموح التفوق عنوانا لانتظار جديد لكن مختلف.
ومثلت سنوات التعليم الثانوي أقسى فترات هذا الانتظار، وما إن أعلن المذيع اسمي ضمن العشرة الأوائل على الجمهورية حتى تنفست الصعداء فكان عزائي جميلا ومؤقتا، وحمدت الله يومها وقلت متمتما: نهاية معقولة وموفقة لانتظار قاس ومؤلم.
ومع أولى نسائم الفجر في أروقة مطار صنعاء الدولي، غادرتُ آخر محطة انتظار "وطنية" لأصل مع غروب شمس ذلك اليوم إلى مطار تونس قرطاج الدولي.. محطة انتظاري الجديدة، وهذه المرة كانت انتظاراتي حقاً متواضعة: شهادة جامعية وتجربة حياتية مقبولة.
لكن من المفارقات العجيبة أني ألفيت نفسي حينها لأول مرة منتظرا (بفتح الظاء) .. لا منتظرا (بكسرها) فقد وجدت في انتظاري " إخطبوط انتظاريّ" إن جاز التعبير ذا وجوه متعددة ومتداخلة ومعقدة، شعرت معها أني فقدت - ولأول مرة أيضاً- كل معنى مميز للانتظار، ولم أعد أحفل ماذا أنتظر بالضبط؟ هل أنتظر العودة للوطن أم النجاح أم المستقبل أم الماضي والذكريات أم المرأة أم الصديق أم نفسي أم كل هؤلاء؟.
لقد بات صعبا علي وقاسيا أن اكتشف أني لم أعد مخيرا في انتظاري بل أصبحت فيه مسيرا.
ولهذا أثور دوما على الانتظار كفعل سلبي يعيق تقدمي، وربما أيضا لمجرد رغبتي في أن أشعر بوجود الإرادة.
ليس لقصة انتظار كل منا في حياته – كما ترون - نهاية منظورة كما في قصص الحكايات، ولا نملك الاعتراض على الانتظار بصفته حسابا زمنياً، فحياتنا كلها فترة انتظار قد تطول وقد تقصر. غير أننا بطبعنا نتفادى قدر الإمكان انتظار شئ لم يدخل في حسابات الانتظار أو لا نعرفه. فلنشغل لحظات انتظارنا المعلومة لنا أو الطارئة أيضا بما يفيدنا، فهي لا ولن تعود أبداً.
*خبير إعلامي ومدرب