وصي أبناء الأحمر..الرئيس أم الأمير!
بقلم/ اسكندر شاهر
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 30 يوماً
الثلاثاء 26 فبراير-شباط 2008 12:14 ص

مأرب برس - خاص

يكاد يُجمع السياسيون في اليمن على أن رحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أحدث فراغاً لا يمكن لغيره أن يملأه ، وسواءً اتفقنا مع الرجل وأعجبتنا مسيرته السياسية التي كان لها شديد الأثر على تاريخ اليمن الحديث والمعاصر أم اختلفنا معه ولم ترُق لنا تلك المسيرة فإننا أمام حقيقة واحدة ووحيدة في هذا الإطار هي أنه قد رحل ولم يورث شخصاً مثله يصنع الرؤساء ويؤثر فيهم ويجمع قبيلته الكبرى بقضها وقضيضها خلفه ويتزعم حزباً سياسياً معارضاً وإسلامياً يحظى بقاعدة جماهيرية عريضة وبنية تنظيمية واسعة وعصيّة . و لن نكون بعد الآن على موعد مع رجل آخر يدعم الرئيس في مقابل مرشح منافس يدعمه حزبه العتيد ويقول غير مكترث لأحد (جني نعرفه ولا إنسي لا نعرفه) .

هذا الإجماع الذي أشرت إليه مجرد إشارة لا وجود له بالمطلق في مقام تصوير ورثة الأحمر السياسيين والقبليين ، فبالأمس القريب كشفت صحيفة "الوسط" اليمني عن تفاصيل حادثة وقعت في مجلس الشيخ الراحل عبد الله الأحمر كان نجله حسين سيدها دون امتياز ، وجوهر الحادثة –كما نشرت- تعكس فشلاً ذريعاً على الصعيد القبلي بأعرافه وتقاليده المعهودة غرق فيه حسين الأحمر خلال محاولته دس أرنبة أنفه في خلاف كان على أخيه الشيخ صادق أن يتصدى له وهو الوريث الشرعي لمشيخ والده الراحل والذي قلدته إياه قبائل حاشد ليصبح شيخهم وهو المنصب الذي يعطيه الحق ليكون شيخاً للرئيس "السنحاني" كما كان والده .

غير أن حسين الأحمر الذي يتزعم مجلساً قبلياً حديث عهد يُدعى مجلس التضامن الوطني ويضم في قياداته وبين صفوفه مشائخ من مختلف القبائل اليمنية وهو لا يفهم الأعراف القبلية بحسب مانشرته الوسط وماتراءى لي خلال لقاء مقتضب معه بدمشق وما تناهى إلى مسمعي من أخبار لا يريد لأخيه الأكبر الشيخ صادق أن يكون شيخاً للرئيس من خلال تصريحه بأن والده قد جعل الرئيس وصياً على أبنائه دون أن يكلف نفسه عناء التأمل قليلاً في المفهوم الشرعي لكلمة الوصي ومدلولاتها وارتباطها الإجرائي بالورثة القُصّار الذين لم يبلغوا الرشد .

فالوصي يجعله المورث أو ولي الأمر أو الحاكم الشرعي مسؤولاً على الورثة القُصّار يدير شؤونهم وشؤون التركة إلى أن يبلغوا الرشد ، ويتقاضى الوصي -كما في شريعتنا- أجراً معلوماً على ذلك إذا كان فقيراً ويستعفف إن كان من الأغنياء .

وبطبيعة الحال لا يمكن للقاصر أن يكون شيخاً فضلاً عن أن يكون شيخاً للرئيس كما لا يمكنه أن يتزعم مجلساً للتضامن يضم مشائخ وقيادات ولا يحق له أن يسافر إلى ليبيا والسعودية وغيرهما للحصول على التمويل وتفعيل خطوط الإمداد ، ولا يحق للقاصر بلا شك أن يشتغل في الشأن العام ويصبح سياسياً كما يفعل أخوه الشيخ حميد الأحمر وإن كان هذا الأخير أثبت أنه قد شب عن الطوق وأنه ليس قاصراً وإنما مشروعاً سياسياً وإصلاحياً كبيراً يعول عليه الكثيرون وأنا مع من يميلون إلى هذا الرأي بحقه .

حسين الأحمر الذي صرح لقناة الـ nbn الفضائية بموضوع وصاية الرئيس عليه وعلى أخوته تحدث عن قضايا كثيرة ومنها قضيتي صعدة والجنوب وقد لاحظ الكثيرون وخاصة الجنوبيون أنه أسهب حديثاً في قضية صعدة وكأنها القضية الوحيدة والمركزية في اليمن وعندما ذكرت القضية الجنوبية التي تُعد اليوم كبرى القضايا وأهمها مما يهدد حاضر ومستقبل البلاد مرّ عليها مرور الكرام طاوياً إياها بسرعة وبكل تجاهل تأكيداً لمبدأ (عودة الفرع إلى الأصل) الذي يُنسب إلى والده الراحل رحمه الله ، وأكثر من ذلك ادعاؤه لقاء قيادات جنوبية كبيرة في الخارج ونقله تصريحات على لسانهم لا صحة لها فقد نفى الرئيس علي ناصر محمد أنه التقاه وقال بأنه : لم يلتقيني منذ عام 2005م في حفلة عشاء بالقاهرة ، كما سارع محافظ أبين السابق السياسي الجنوبي محمد علي أحمد إلى تكذيبه ونفي ما نقله على لسان كل من ناصر وأحمد والعطاس –بحسب ما نشره موقع عدن برس-. فهل يندرج هذا التجاهل لقضية الجنوب والاستخفاف بقياداته التاريخية ضمن ثقافة الضم والإلحاق والمواطنة غير المتساوية التي تكرسها السلطة أم أنه سبيل القاصر لخطب ود الوصي العاسر؟ .

حسين الأحمر لم يحشر ورثة الأحمر في قمقم وصاية الرئيس فحسب بل أوقع الناس في حيرة من أمرهم عندما أفاد في وقت سابق بأن والده قد أوصى صديقه الحميم ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز بأبنائه ، فلم يعد المتابع لهذه التصريحات المتضاربة يعرف الوصي الحقيقي والشرعي لورثة الأحمر هل هو الرئيس اليمني المشير صالح أم ولي العهد السعودي الأمير سلطان ؟ .

ولمزيد من الإفهام ولتعميم الفائدة الشرعية فإنه يجدر التذكير بأهم شروط الوصي على القُصّار لينشغل الشيخ حسين الأحمر والمهتمون بعملية مطابقتها على أحد الوصيين حيث يشترط في الوصي أن يكون :

- كامل الأهلية.

- أميناً

- قادراً على القيام بمقتضيات الوصاية.

- غير محكوم عليه بالعزل من وصاية.

- غير خصم في نزاع قضائي مع القاصر، ولا توجد بينهما عداوة، ولا خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة القاصر. وهناك شروط وأحكام أخرى لسنا بصددها .

ويخشى (بعضُهم) أن ينجرف صاحبنا أمام عطاء ليبي مباغت فيحول الوصاية باتجاه الجماهيرية التي يُكثر من زيارتها كما يُكثر من زيارة السعودية في عملية لا يزال المراقبون يقفون حيالها موقفاً عنوانه علامتي استفهام وتعجب ؟! .

eskandarsh@yahoo.com