في عيد الحب ..ما أحوجنا للحب
بقلم/ الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 6 أيام
الخميس 10 فبراير-شباط 2011 05:30 م
 

الأجواء مفخخة ، النفوس مريضة ، تعبئة تستهدف الجماهير العربية دون استثناء , قلوب تنضح بالكراهية والأحقاد . نظارات سوداء لا ترى شيئاً جميلاً ، دعوات وشعارات ومقالات وحوارات ، محاضرات وخطابات ، تجمعات وتنظيمات كلها في الغالب تدعوا للأحقاد وتزرع الشقاق والنفاق .

طفح الإعلام بشن العصبية وامتلأت الخطب بالكراهية .

ما الذي يحدث ؟ وأي وضع وصلنا إليه ؟

لم يعد للحب في القلوب وجود ، الجماهير محتقنة ، ملتهبة بتعبئة لا يُعلم مصيرها ولا المستقبل المظلم المجهول الذي تقود إليه !!!!

الأوطان في خطر ؟ الإنسان في خطر ، الوضع لا يحتمل المزيد .

الوطن العربي ككل يمر بمنعطف خطير ومرحلة حرجة لم يعهدها منذ عقود من الزمن , فنسيجه الإجتماعي مهددٌ بالتفكك في ظل الأزمات المحدقة بحاضر الأمة العربية والإسلامية ومستقبلها , والخلاصة فإن الصوملة والأفغنة والعرقنة تتهدد الشعوب العربية .

القلوب والأفئدة تدمي على ما آل إليه حالنا وما يتهدد حاضرنا ومستقبلنا وحياة أجيالنا .

النماذج المخيفة :

o  الصوماليون عاشوا مرحلة عصيبة أيام حكم محمد سياد بري فكانت الانتفاضة مطلع التسعينيات على حكمه والثورة على نظامه في نظر الثائرين تحرراً وازدهاراً _ وتباينت أفكار ورؤى الثائرين وتقاطعت مصالحهم وعمالاتهم وأيديولوجياتهم _ فتحولت الصومال إلى ساحة حرب مستعرة وقودها البشر والشجر والحجر حتى اليوم وكأنَّ لعنةً حلَّت على شعب كان ينشد الأفضل .

o  الأفغان كانوا يعيشون_ على الأقل _ بأمانٍ أيام حركة طالبان المتطرفة المتشددة رغم أخطائها الجسيمة وحماقاتها الفادحة , وبدخول القوات الأمريكية والأطلسية ( الناتو )لم يحصل الشعب الأفغاني على أيٍّ مما كان ينشده ويطمح له وإنما تفخخت الحياة وسالت الدماء وأزهقت الأرواح بشكل شبه يومي ولا زال السيناريو مستمراً وبدلاً من الأفضل حصل العكس , ومِنْ دولة تعيش في عزلة وبؤس تحولت إلى أرض ملتهبة بالنيران والخراب والدمار .

o  العراقيون هم أيضاً عاشوا عقوداً من الأمن والسلام بما فيها سنوات الحظر الدولي العجاف رغم نظام الحكم المليء بالسلبيات والأخطاء ، وحين نَشَدُوا الأفضل في لحظة تَيْهٍ وغفلة ما وجدوا بعد رحيل صدام حسين سوى بلداً محتقناً بالنزعات الطائفية والفرز المذهبي والصراع الإقليمي الذي بدوره حوَّل البلد إلى خراب وأنهار دماء وأشلاء ، وفي وضع كهذا _ وبعد أن كان العراق هو الدولة العربية الوحيدة التي تملك مقومات الدولة العظمى _ تغيَّرت حتى رؤية من كان يكره صدام حسين ليترحم على الأيام الخوالي من حكمه .

o  التونسيون في ظل حكم بن علي مرُّوا بمرحلة لا تُنكر من النظام والأمن والإستقرار والبناء والرخاء برغم الديكتاتورية التي كان يمتلكها نظام بن علي , أما اليوم وبعد الثورة الشعبية التي أشعل شرارتها الشاب المظلوم ( بوعزيزي ) فالمتابع للوضع هناك يخشى المستقبل المجهول الذي يتهدد تونس وهي تمر بمرحلة خطيرة لا يعلم أحدٌ ما ينتظرها من كوارث , فالخوف عليها من التمزق والصراع الظاهر حالياً في رؤى وأيديولوجيات الحركات والأحزاب المعارضة .

o  المصريون خرجوا في مظاهرات سلمية تنادي بالإصلاح والتغيير فتطور الأمر إلى أخطاء جسيمة التي أرتكبها النظام وقوات أمنه أدَّت لانتفاضة شبابية وثورة شعبية عمَّت أرجاء مصر تنادي برحيل حسني مبارك ونظامه وأعوانه , وتطوَّر الأمر إلى صراع شعبي بين مؤيدين ومعارضين حَوَّل أرض الكنانة إلى ساحة ضرب وخوف وهلع وفزع بعد تفشِّي العصابات والبلاطجة فأُزهقت النفوس وسالت الدماء في مشهد يُبكي العيون ويدمي القلوب , وأُصيب الناس بالخوف والفزع خوفاً على مصر من أبناء مصر والمستقبل المجهول لا سمح الله .

o  اللبنانيون مهددون بالإنقسام والتمزق في ظل التجاذبات الإقليمية والصراعات الدولية التي تتهدد مستقبل النسيج الإجتماعي لبلد متعدد الطوائف والمذاهب والتكتلات المتباينة إن لم يتدارك العقلاء حجم المؤامرات التي تحيق بالبلد وأبنائه .

بهذه النماذج الحية فأنا لا أُبرر للأنظمة القمعية الديكتاتورية لكني أخشى على مستقبل أمتنا وبلداننا ومصير إخوتنا من تنازع الحركات والأحزاب والأيديولوجيات المختلفة المتعددة حتى لا تتحول نحو النماذج الصومالية والأفغانية والعراقية .

خوفي على اليمن :

الخوف على الوطن يدفعني للكتابة والصراخ بكل ما أوتيت من قوة في وجه الحكومة والمعا رضة : رويداً رويداً ، كفى عبثاً ومناكفات ، كفى مهاترات وانقسامات ، كفى تعبئة للجماهير .

لا للإنقسام , لا للتمزق ، لا للأحقاد ، لا للمصالح ، لا للفساد ، لا للخراب والدمار لا للتفكك ، الخوف على اليمن يدعونا جميعاً للتراص والتعاضد والتكاتف والتعالي فوق الجراح وتجاوز المحن والإحن والترفع عن المصالح والأهواء .

هناك أخطاء وتجاوزات ، هناك مظالم ومفاسد لدى السلطة والمعارضة وإن كانت لدى السلطة أكثر كونها سلطة , وهذه الأخطاء والتجاوزات يجب معالجتها بالحكمة والعقلانية التي عُرف بها اليمانيون على مرِّ الزمن .

مبادرة الرئيس :-

بِحُسْن نيةٍ وحَمْلٍ على السلامة يجب على اليمانيين بكل أطيافهم السياسية والدينية تلقي المبادرة التي طرحها الأخ الرئيس وفقه الله , فإنها خطوة رائعة وشجاعة في الطريق الصحيح ، بل إنها نابعة من إحساس بالمسئولية وحجم الخطر الذي يفرض على الجميع تقبلها بروح وطنية مؤمنة بحب الوطن والخوف عليه , دون تشكيك بالنوايا ولا ابتزاز تفرضه ظروف المرحلة .

تحت مظلة اليمن وحب اليمن والخوف على اليمن خذوا مبادرة الرئيس النابعة من قول الحق جل وعلا : " تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ "

تعالوا إلى طاولة حوار تجمع الجميع , فالوطن للجميع ومسئولية الحفاظ عليه تخص الجميع سلطة ومعارضة .

أشُدُّ على يد الأخ الرئيس كي يواصل مسئوليته فيرعى الحوار بنفسه ويُشرف عليه إشرافاً مباشراً لِيُكَمِّهَ الأفواه التي تتقوَّل بعدم الجدية .

إنعدام الحب:

إن انعدام الحب الذي خَلَتْ ساحتنا منه , وأقفرت صدورنا من وجوده , وتزامناً مع ذكرى ميلاد نبي الوحدة والوفاق الناهي عن التباغض والشقاق والخصام صلى الله عليه وآله وسلم .

فما رأيكم بغرس وردة شذية في بستاننا الذي أجدبت ساحاته منه ليعود للحياة ألقها وبريقها الذي غاب في هذا الزمن المر وكما الإسلام الذي ندين به،دين الحب والحياة الكريمة وبلد الإيمان والحكمة ؟