رداً على د. الصبري: قُل خيراً أو اصمت!
بقلم/ عبدالله الثلايا
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 25 يوماً
الإثنين 23 أغسطس-آب 2010 12:01 ص

بعد عودته من رحلة الحنق الى الولايات المتحدة إثر إقالته من أمانة رئاسة الوزراء، عاد الدكتور محمد الصبري إلى مغازلة الحكومة كما عهد سابقاً عبر لقاء صحفي اقتصادي نشرته مؤخراً صحيفتا الأهالي ويمن نيوز . وعبر هذا اللقاء نجح الصبري في تقديري في تشخيص الازمة الاقتصادية اليمنية الأخيرة بنسبة 100% إلا أنه فشل تماماً في اقتراح الحلول لها حيث حمّل الاقتصاد العام والمواطن فقط مسئولية إصلاح الوضع بحيث تكون النتيجة النهائية هي زيادة الفقر بدرجات قياسية لاسيما وهو يعرف أن معظم أفراد الشعب غير موظفين حكوميين ولا تصلهم التنمية المطلوبة في مناطقهم الريفية غالباً. لقد كانت حلوله لأزمة التضخم وانهيار العملة الوطنية بسرعة رفع دعم الوقود وغيره تماماً وزيادة أذون الخزانة والضرائب وعدم رفع المرتبات.

لا ندري كيف ولماذا يفكر بروفيسور اقتصادي مميز بهذا الشكل البدائي عديم الرؤية والمتناقض. وهل كانت رؤيته تلك للاثبات للحكومة أنه لا يزال كما كان يحمل نفس الفكر الحكومي الكسول قصير النظر في توقعٍ لمنصب رفيع كسابقه على حساب فقر أمة كاملة! لم أجد مبرراً في نظرة الدكتور المالية البحتة، دون التفاتة الى ما يمكن أن تتسبب به اقتراحاته في تفاقم حدة الفقر وافشال مجهودات التنمية رغم أنه عمل في التنمية ومكافحة الفقر في البن الدولي ثم وزارة التخطيط ثم رئاسة الوزراء. فهل يفهم الاقتصاد بأنه يهدف لتوفير ايرادات الحكومة بغض النظر عن الانعكاسات الخطيرة الأخرى. كما نستغرب عدم تعلمه شيئاً خلال اقامته وعمله الطويل في الولايات المتحدة.

لم تشمل رؤية الصبري حلولاً عقلانية ولا متزنة بل سمحت لمتطفل على علم الاقتصاد مثلي بانتقاد نظرياته الضارة اقتصادياً وانسانياً يصفها بالكسولة التي لا تناسب إلا وزراء مجور النيام. وأرجو من دكتورنا الفاضل الاطلاع على الحلول التي سقتها في مقالي الاخير بعنوان "إنذار أصفر لمجور" التي لن أعرضها ثانيةً هنا، ولكني سأحاول تفنيد حلوله وإثبات كل ما وصفته به آنفاً.

أتساءل هنا، كيف يعالج الدكتور الاقتصاد الذي وصفه بأنه لن يستطيع دفع المرتبات بعد 4 سنوات عن طريق سحب السيولة من السوق عبر رفع فائدة أذون الخزانة. فكيف ستستطيع الحكومة دفع أكثر من 23% من قيمة الأذون وفي بمئات المليارات وهل ستضطر الى اصدار بنكنوت بدون غطاء كما تفعل اليوم؟ وكيف تغامر وتفعلها وتضرب بها الفرص الاستثمارية لصغار المستثمرين وتفاقم عجز الميزانية الخيالية وهما اللتان وصفهما بأنهما من أهم المشاكل الاقتصادية؟ ثم كيف يضمن الدكتور اتجاه الناس لاستثمار أموالهم في البنوك و 2.5% فقط منهم يتعاملون مع البنوك بالإضافة الى احجامهم عن إيداع أذون الخزانة بسبب الربا؟ لا تنس قضية البنك الوطني وثقة المودعين. ولقد أشار الدكتور ذاته في ذات المقابلة لاحقاً أن البنك المركزي سحب سيولة البنوك التجارية فعلياً؟ فلماذا لم سيساهم ذلك في إرجاع قيمة الريال السابقة وخفض التضخم؟

في جزء من المقابلة يصرح الدكتور بلسانه أن عجز الميزانية الكبير يمَوَّل بالإصدار النقدي بدو غطاء والذي يفاقم التضخم، فكيف يعالج العجز بعجز آخر. وأين السيولة المسحوبة من قبل البنك المركزي من ذلك؟

ذهب الدكتور الى تأكيد مقترحاته المتطرفة بما حدث من إجراءات في اليونان وبريطانيا وأمريكا خلال الأزمة غير مدرك ريما لأبعاد وكبيعة الاختلاف في الأزمة والمستوى الاقتصادي مع اليمن، ولعله لا يزال فير مطلع على التجربة السودانية الشقيقة التي خرجت من حرب استنزاف طويلة والتي تتشابه في كثير من الأحوال مع ظروف بلادنا وشعبنا والتي اتبعت إجراءات اصلاحية متناسقة ومتوازنة حتى غدا الجنية السوداني يرتفع كالصاروخ من 2700 جنية للدولار الى جنيهين فقط للدولار (وإن تغير اسمه الى الدينار) وذلك خلال 4 أشهر فقط.