قدرها مليار دولار..مصادر إعلامية مُطلّعة تتحدث عن منحة سعودية لليمن سيعلن عنها خلال أيام الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟
قلما يترك الرئيس نفسه لتبدو كما هي عليه لا كما هي في الصورة التي يرغب أن يراه الناس عليها. فصورته العامة المتداولة، هي على النقيض، تقريبا، مما هو في الواقع. ذلك أنها، في معظم الأحيان، صورة مزخرفة، تتصنع المثالية والكمال، وتستجدي المحبة والرضا والإبهار.
على أن الرجل، ذو التحصيل العلمي المتدني، يسمح لنفسه، خارج الصورة طبعا ودائما، بالتصرف على سجيته الخام والخالية من التنميق والبهرجة. ولمن تسنى لهم التواصل أو الاحتكاك به عن قرب، سيجدون في داخله صنوفا متضاربة من الشخصيات: فهو الودود والمتسامح نقي السريرة، أو الذكي بغريزته المتيقظ ثاقب النظر والمفعم بالحيوية، وهو العارف بمعادن الرجال. وهو، بالنسبة لمناوئيه، الشخص المتبجح الماكر واللئيم بطريقة تقترب من النذالة، أو الانتقامي الغبي والمتهور، يحترم الأقوياء المعتدين بأنفسهم إلى درجة تدفعه لإضمار الحقد والشر في آن، بينما يحتقر المخلصين الضعفاء من معاونيه، ويتعامل معهم بقسوة تكاد تقترب أحيانا من إطلاق الإهانات والشتائم.
الأسبوع الفائت، أجرى الصحفي الكويتي أحمد الجار الله من جريدة السياسة الكويتية، مقابلة مع الرئيس. والحاصل هذه المرة هو أن ردود الرئيس أضاءت جانبا خفيا من جوانب شخصيته الحقيقية بصراحة لم نعتد عليها قط: روح الانتقام تجاه الشعب، والتعامل معه كما يتعامل اللاعب مع خصمه في مباراة لا تنتهي.
ومع أنني لست واثقا من أنها المرة الأولى، لكنني على يقين بأنها واحدة من المرات النادرة.
إليكم السؤال الذي طرحه احمد الجار الله، ويليه جواب الرئيس:" سيدي الرئيس: لكن هذر بعضهم وصل - في ظل مساحة الحرية المتاحة - إلى حد ما يسمى بحرية "البذاءة".. فهم يتطاولون عليك شخصياً؟
الرئيس: أخ أحمد، يبدو أنك شخصت ذلك، وأنت تسأل عن حرية "البذاءة" أو الإسفاف.. إننا هنا نرد (الصاع صاعين) لكن بمنطق، وأود أن أؤكد لك أن مثل هذه الآراء لا تؤثر على قراري، لأنه قرار مدعوم من غالبية شعبنا الذي سئم مثل هذا الإسفاف وينشد الاستقرار والأمن الذي يجلب العمل والازدهار والنمو".
لبرهة وجيزة من الزمن بدا لي السؤال متحيزا أكثر من اللازم، وأنه ربما نزل بردا وسلاما على قلب الرئيس. لكن بالنظر إلى الجواب، يمكن للمرء أن يكتشف حجم الإحساس بالهشاشة وقلة الحزم المتأتي من النبرة العطوفة في السؤال.
أن تظهر الشفقة تجاه الرئيس معناه اعتراف منه بالعجز والوهن وقلة الحيلة. وهذا غير مقبول، بصرف النظر عن النوايا الحسنة للمشفق. ثم إنه لا يريد أن يطلع الناس على هذا النوع من التعاطف. لهذا فقد جاء الرد قارح بندق: "إننا هنا نرد الصاع صاعين". لكأنه كان يطمئن الجار الله الحزين والملتاع بكلام يحمل معنى واضح: لا تذهب بك الظنون بعيدا يا رجل، أنا لا يمكن أن أقف مكتوف اليدين حيال هؤلاء.. لكن "بمنطق". والمنطق الذي أشار إليه هو منطق القوة لا منطق القانون. وأما فكرة أنه يرد الصاع بصاعين فالمقصود: إنني أرد الشتائم بمثلها وزيادة، والنقد بمثله وزيادة، وعبر وسائل أقوى وأوسع، وهذا هو الصاع النظير للصاع الذي تلقفته منهم. ولكي أبرهن على تفوقي، فإنني لا أكتفي بذلك، فهناك دائما صاع آخر: الاعتقالات، القمع، الإقصاء، تدبير المكائد والمؤامرات للخصوم. مع الأخذ بالاعتبار أن الصاع الأخير أستعمله بتقشف عادة، وبطريقة هادئة لا تتلطخ معها الصورة الديمقراطية لحكمي.
وطرح الجار الله سؤالا عما إذا كان الرئيس بحاجة إلى البطش أحيانا، فكان رده كالآتي: "لا، لن يحدث في عهدي ما يخرج عن الخيار الديمقراطي الذي التزمنا به ولن نحيد عنه وعن حكم عادل ارتضيته لكل الناس، المؤيد والمعارض منهم.. إنني للجميع. وإذا كان هناك من يحلم بالتمصلح خارج إطار القانون وثقافة مجتمعنا، فان الرد عليه سيكون بشكل حضاري لا بنفس أدواته. واعتقد أننا أنشط من أولئك المتمصلحين، لأننا نستعمل لغة العصر، وهم يستعملون شعارات عفا عليها الزمن، وانتهت صلاحياتها".
وهنا تظهر شخصية مغايرة للرئيس، شخصية متسامحة مسئولة متعالية على الصغائر. والسؤال هو: لماذا ظهر الرئيس مرة انتقاميا ومرة متسامحا خلال المسافة الفاصلة بين سؤالين في مقابلة واحدة؟
إنها طريقة السؤالين على الأرجح، حيث اختلف إيحاء أحدهما عن الآخر. فالسؤال الأول كان متعاطفا وموحيا بالضعف والهشاشة، في حين جاء السؤال الثاني قويا فيه شيء من "البطش"، فاستعاد الرئيس ثقته بنفسه، وأخذ يتحدث بتواضع جم عن نهجه الديمقراطي الذي لا محيد عنه، وعن رده الحضاري على من اسماهم "المتمصلحين"، ولغة العصر في مقابل الشعارات التي عفا عليها الزمن. كلام شاعري جميل يستدعي دهشة متكلفة، وربما سعلة خفيفة.
شخصيا شعرت بالاطمئنان عندما قرأت هذا الكلام. ولسوف يراودني، لبعض الوقت، إحساس بأنني أصبحت بمنأى عن بطش الرئيس فيما لو انتقدت سياساته وأسلوبه في الحكم.
بيد أن ما حصل في التحرير يوم الخميس وضع حد لكل شيء بما في ذلك اطمئناني الزائف. وكغيري رحت أتحسس نصيبي من الصاعين (المنطقيين جدا) اللذين يطهوهما الرئيس على نار هادئة.
ولوددت أن أصرخ، على غرار بطلة الفيلم الأمريكي، الذي يروي قصة فتاة شارع، تقع في حب رجل أعمال مرموق وفاحش الثراء. ففي مشهد مؤثر، وبينما كان الرجل يحاول إقناعها بأنه لم يتصرف معها يوما كفتاة شارع، فإنها حدثت نفسها، بعيد مغادرته شرفة الفندق، بهمهمة خافتة لكنها مسموعة: فعلت لتوِّك..
alalaiy@yahoo.com