المتعلمه الجاهله..
بقلم/ زعفران علي المهناء
نشر منذ: 16 سنة و 10 أشهر
الأحد 13 يناير-كانون الثاني 2008 07:21 ص

مأرب برس – خاص

أنهيا الثانوية العامة معاَ... وفي الاجازه تم تتويج نجاحهما بالزواج ، هكذا كان القرار لمن نصبوا أنفسهم أحقية لمثل هذا القرار .

نشاءة جليله وهاني... ضمن أسره ممتدة لثلاثة أجيال جميعهم يسكنون بيت واحد لذي كان قرار والديهما بعد ماتمت المباحثات بين الأخوين بما إن هاني لابد أن يذهب إلى الدراسة في المدينة... فلا بد أن يتزوج ابنة عمه... حتى تحافظ عليه في غربته وعلى كيان الأسرة خوفا من أن يقع هاني بغرام وحب فتيات بنات المدينة ...ويفرضها عليهم لتكون الغريبة التي تستولي على ابنهم..!!.

 وكما كتب القدر...!! لسميه فرصة الدراسة ومرافقة أبن عمها في سنوات الدراسة في قريتهما الهادئة ...قدر لها أن تتزوج من دون أن تُستشار أو أن يُأخذ برأيها...!!! وكانت من ضمن من أخبروا بموعد الزفاف... واستعدادها له كان كباقي أفراد الأسرة... لينتقلوا على اثر حفل الزفاف للمدينة حتى يتسنى لــ هاني إكمال إجراءات التسجيل في الجامعة.

 وقبل أن يلتحق بالدراسة في الجامعة كانت الزوجة الصغيرة تعاني من بوادر حمل... إظطرت أن تدفن مع بوادر هذا الحمل حلمها بأن تلتحق مع زوجها للدراسة في الجامعة... وكان أول الاستسلام وعدم البوح بما تريد بعد أن تم تزويجها من ابن العم ولم يدعو لها خيار الرفض أو القبول ..!!!.

وضلت تحدث نفسها سألحق بركب العلم وسأفاتح هاني بعد ولادتي بمُولودي الأول ... وتلا الأول الثاني والثالث والرابع والخامس والزوج سعيد بتفرغها لرعاية أولاده وبيته، من دون أن يكون لها ذلك الصوت الذي يقرر أو يرفض أي خطوة من خطوات حياتها... ومرت السنوات.... تخرج هاني من الجامعة ...وانخرط في سلك التدريس في الجامعة وانهمك في دراساته وأبحاثه، واضعاَ هدفاَ بأن يكون دكتور الجامعة المرموق..!!.

 وكانت هي تقوم خلال هذه الفترة بدور الأب والأم معاَ... تنفق على بيتها وأطفالها من المقرر الشهري الذي قرراها لهما صانعي قرار زواجهما إضافة إلى راتبه البسيط ...الذي لايفي بمقومات الحياة الاساسيه....!! إلى إن تسلم وضيفه تليق بمقامه كدكتور في الجامعة بفضل مساعدة أهله وزوجته التي تفرغت لكل المهام الصغيرة والكبيرة مفسحه له المجال لتحقيق طموحه.

 وكبروا أولاده وأصبحت أبنته الكبرى في الرابعة عشر من عمرها وبدل أن يحتفلوا بهذا الانجاز العظيم الذي أثمرته السنين...!!!

 أتى ليعلن عن رغبته بالزواج بأخرى وكان عذره الذي برر بهِ رغبته لرفيقة الدرب التي تحملت عنه كل المصاعب والمتاعب والحرمان... ( أنتي لم تكملي تعليمك وقبل هذا انظري إلى نفسك تبدين كعجوز شارفت على الخمسين ) ...!!! ومثل مابدئت معه الحياة من دون قرار سمعت ماقال من دون أن تنطق بكلمه...!!! فهي لم تتعود أن تتكلم أو تعبر عما يخالج نفسها من مشاعر غضب أو رضا..

 واكتفت بأن تطلق العنان لدموعها ...وأمسكت بالمر آه لترى وجهها للأول مرة منذأن ولدت، تتحسس عينيها ..وجبينها.. وخديها فلم تجد نفسها...!!

 فهي لم تتعود أن ترى الأشياء من خلال عينيها ...كل شيء تراه من خلال عينيه، من خلال أنفاسه، من خلال تعابير وجهه، من نبرات صوته.

 فأن دخل البيت صائحا .... كتمت بكاء أطفالها من أجله ....!!.

 وان دخل البيت واجما ..... هيئت له الهدوء حتى يستعيد نفسه ..!.

فهي بالتأكيد لاتجيد استخدام اللغة الفصحى ، ولا تنمق الحروف ولا تزخرف الكلمات..!.

هي فقط تجيد استخدام فطرتها..

فهي مازلت تعيش ذلك الزمن الجميل.. تضن أن كل الرجال مثل أباها وأبوه لايحتمل قلبيهما أكثر من حب ...ولم يحلما بطيف غير طيف والدتهما ...!.

هي بالتأكيد لاتجيد استخدام الموبايل ..

ولكنها تجيد الأمن والاستقرار .

هي لاتجيد الكمبيوتر والانترنت ..

ولكنها تجيد الحفاظ على ميزانية الماء والكهرباء في بيته طوال أربعة عشر عاما.

أنها لاتجيد تنسيق ملابسها لون الحذاء مع الشنطه..

ولكنها تجيد تنسيق الطعام الدافئ بجميع أشكاله وألوانه.

إنها لاتجيد وضع المساحيق على وجهها ..

ولكنها تجيد نظافة الأولاد وترتيب المنزل.

إنها لاتجيد كلمات الحب والدلال ..

ولكنها تجيد أن تسجد لله شكر لأنك من بين رجال الأرض كنت زوجها وان لم تكن اختيارها.

إنها من رافقتك الطريق وارتضتك نصفها الأخر وأنت لاتمتلك شيئا

فكانت ذلك الكبريت الذي يمنحك دفء الشتاء ..

وكانت ذلك البرد الذي يطفئ حرارة الصيف ..

وكانت تمسك على قلبها حين ينقبض حين يصيبك مكروه ... فتشعر بألمك قبل أن يصيبك..

وبحزنك قبل أن يتسرب إليك ...

 أو بالاه قبل أن تستقر بك...

ارتضت أن تعيش ببيتك القديم ...وتصافح والدك.. وتقبل والدتك..

وتعشق غرفة نومكم ألقديمه وترسم أركانها بلهفة ... هنا جلس ، هنا ذاكر دروسه ، هنا لعب مع أبنائه ، هنا بكي ، هنا فرح ، هنا وقف أمام هذه المرآءه بكامل أناقته في أول يوم وظيفي تلتاها وقفة الماجستير والدكتوراه .

هنا وقف بكامل جاذبيته لينظر من النافذه على باص الجامعة استعداد للذهاب لوظيفته.

 لتعود هي فتقرءا في كتبك المتناثرة ..

وترتب أوراقك المبعثرة ..

وتحتسي بقايا القهوة من ذلك الفنجان الذي يحبه..

لتستأنف يومها في رعاية أولادك الخمسة..

 لتعلن اليوم بكل بساطه في وجهها بأنك تريد أن تتزوج من إمراءة أخرى.. لاء لاشيء..، ألا لأنها أفسحت لك الطريق تكمل تعليمك ولم تكمل تعليمها..!! وأفسحت لك المرآة لتنظر على كامل أناقتك وتتجاهل أناقتها ...!

فاعذرها سيدي... إن كانت للأول مرة ستفاجئك بقرار من دون أن تستأذنك وتحزم حقائبها وتعود أدراجها تاركه لك الأولاد الخمسه، والغرفة القديمه، والمراءه، والنافذه، وبقايا القهوة في ذلك الفنجان واعذرها أيضا... إن تمردت على جرحك لها ،وكسرت كل القيود وانسلخت من حياتك وتحررت ........فأنت من بداء النهاية .