مجاهد القهالي : ناصري نبذ الناصرية
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و يوم واحد
الأربعاء 26 سبتمبر-أيلول 2007 12:12 ص

لقد اثأر البيان الصادر عن تنظيم التصحيح الشعبي الناصري واندماجه في إطار المؤتمر الشعبي العام العديد من التساؤلات التي جعلت من حزب سياسي كحجم المؤتمر الشعبي العام يسعي للاندماج مع حزب سياسي صغير قد يكون الواقع له لا يشكل أي صورة حقيقة حول تواجده وبرامحة وإثره .


إعلان الدمج يضعنا أمام تحركات جديدة يقوم بها الحزب الحاكم في اليمن فبعد نجاحه المنقطع النظير تقريبا على مستوى الوطن العربي في استنساخ الأحزاب نجد أنفسنا أمام ظاهرة جديدة ’ لا ندري هل يكون ورائها من أطلق على نفسه أنه سياسي محترف ونعني به الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عبد القادر باجمال وراء هذه التحركات , وهل دمج الأحزاب إستراتجية جديدة ينتهجها الحزب الحكم ’ كون ألانتخابات النيابية على الإطلال.

أسئلة قد تكون الأيام كفيلة في ألإجابة عنها ووضعها في مرماها الصحيح .

تنظيم التصحيح الشعبي الناصري هو حزب سياسي صغير " شارك في الانتخابات النيابية الأولى 27/ ابريل 93م وحصل على مقعد واحد من إجمالي ( 301) مقعد في مجلس النواب .

وكانت تلك الانتخابات هي الفرصة الوحيدة والأخيرة لذالك الحزب الذي تلاشي تدريجيا من الحياة السياسية في اليمن .

باستثناء قيامه بأدوار الدعم المباشر للحزب الحاكم كما عمل في الانتخابات الرئاسية سبتمبر 1999م . لدعم مرشح المؤتمر الشعبي العام .

وعودا على موضوع الدمج الذي تم ألإعلان عنة مُبررا من الأمانة العامة لتنظيم التصحيح الشعبي الناصري وإيضاح موقفها من الدمج أنه جاء نتيجة لسلسلة من الحوارات التي وصفوها بالجادة والمسئولة بين قيادة التنظيمين توصلت إلى دمج تنظيم التصحيح الناصري الذي يرأسه مجاهد القهالي في إطار المؤتمر الشعبي العام على أن تشكل لجان مشتركة لبحث الترتيبات التنفيذية لدمج الأوضاع القيادية وكافة التكوينات الهيكلية .

في حين أغفل البيان هل سيتنازل تنظيم التصحيح الشعبي الناصري عن كل رؤاه وتوجهاته الفكرية ويعتنق منهج " المؤتمر الشعبي العام " أم سيناقش ذالك مستقبلا .

وأضاف البيان أن اللجنة التنفيذية لتنظيم التصحيح الناصري قد أقرت اختيار الشيخ مجاهد القهالي رئيساً للتنظيم واحتفاظ عبد العزيز مقبل بمركزه كأمين عام للتنظيم واللذان توليا إدارة الحوار مع المؤتمر للإندماج إنطلاقاً مما قالوا أنه " يجمع التنظيمين من قواسم مشتركة وتاريخية والعمل معاً لتنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الذي بارك الحوار بين التنظيمين -كما يقول البيان .

ونتيجة لهذه السلسة من الحوارات التي تمت في أوقات سابقة فقد أقرت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام في اجتماعها الأخير ضم مجاهد القهالي لعضويتها والتي تعتبر أعلى سلطة تنظيمية في الحزب الحاكم .

الباحث في مسيرة " مجاهد القهالي " وهو المعروف عنه أنه ذو خلفية عسكرية وخبرات ميدانية حيث تولى ‏قيادة قوة عسكرية ضاربة في السبعينات، وشارك الزعيم الراحل إبراهيم ‏الحمدي في قيادة حركة 13 يونيو في تلك الفترة , وسياسيا كان من المشاركين في التحضيرات التي ‏سبقت تأسيس المؤتمر الشعبي العام في نهاية عهد الحمدي , كما أن الشيخ القهالي يتمتع ‏بقوة قبلية لا يمكن الاستهانة بها بحكم انتمائه لقبيلة بكيل كبرى قبائل اليمن .

والرجل قضى أكثر من ربع قرن في المنافي والتشرد. تخرج من الكلية الحربية عام 68 الدفعة السابعة برتبة ملازم ثاني. وتعين قائد سرية في لواء العاصفة. ثم قائدا للكتيبة الثالثة عاصفة. وشارك في تأسيس قوات العمالقة، ثم قائدا لمدرسة العمالقة لتدريب الوحدات الخاصة. ثم عُين أركان حرب اللواء الثالث عمالقة. ومن ثم قائدا للواء الأول مشاة في تعز، الذي انتقل إلى عمران في 75، وأسندت اليه قيادة الوحدات العسكرية في عموم المناطق الشمالية.

القهالي الذي أستطاع الوصول إلى أعلى الهرم القيادي في الحزب الحاكم في اليمن في أقل من عام يجعلنا نقف أمام العديد من ألأحداث التي تسارعت بها الخطى خلا الأشهر الماضية , حيث يكشف لنا القهالي في بيانه الرسمي قبيل عودته من الأمارات العربية المتحدة " عن نوازع الحنين لليمن حيث يظهر في البيان مدى الرغبة الجامحة في العودة لليمن والتنازل عن كل الأفكار التي كان يحملها الرجل بل لمح في ثنايا بيانه بقولة " قد يختلف الفرقاء في الآراء والتقديرات، وقد يكون الخطأ حاضراً في كل اجتهاد.. بل يؤكد للجميع " إننا بحاجة إلى ثقافة جديدة تُغادر ثقافة المصادرة والإلغاء المتبادل، نتساوى جميعاً في مسؤوليتنا المشتركة عن أخطاء الماضي وحسناته، ويبقى الوطن هو الأساس المكين والحصن الحصين .

والمتفحص لبوادر العودة السريعة التي يقول القهالي عن نفسه أنه لم يحسب لها حسابا حيث جاء قرار العودة بدون مقدمات ومفاجأة له شخصيا عقب اتصال رئاسي به بمناسبة عيد الأضحى , لكننا نجد أن مجاهد القهالي هو من بدأ بمغازلة القصر الرئاسي عبر وسيط لم يكشف القهالي عن أسمة حيث طلب نقل تهانيه للرئيس , وفي توقيت جعلت الرئيس يتذكر القهالي الغائب عن الوطن منذ " 13" عاما والذي قضاها في كل من مصر والأمارات العربية المتحدة .

كما يلحظ الدارس لما بين السطور في بيان القهالي الذي إصدارة قبيل مغادرته الأمارات متجها لليمن إعلان الولاء للرئيس " صالح " كما تكشف خفايا السطور عن توجه قوي نحن " السير نحو أحضان المؤتمر الشعبي العام " .

يقول القهالي في بيانه " الذي تظهر فيه الصياغة العاطفية قبل السياسية بجلاء بقولة " لقد كان لاتصال فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح قوة دفع قوية معنوية كبيرة حدتْ بي إلى ترجمة خيار الحلم الدائم بالعودة إلى أرض الوطن، مُشاركاً وفاعلاً في ملحمة البناء والتغيير، مواطناً يحضر في أساس وتضاعيف المشهد المجتمعي اليمني من موقع المساهمة المسئولة.

مضيفا " لم يكن ذلك الاتصال مجرد حديث عابر، بل حمل في طياته روح المحبة والتسامح والمسئولية الرفيعة، فقد كان فخامته –وكعادته- مُترعاً بالشفافية، رفيعاً في مبادرته، كبيراً في وطنيته، وحاضناً لذاكرة المكان والزمان اللذين يتسعان للجميع، مهما كانت الالتباسات والغوامض.

القهالي والرئيس

يكشف مجاهد القالي علاقته المبكرة بالرئيس صالح حيث يقول في أحد مقابلاته الصحفية " انخرطت في العمل السياسي مع مجموعة من الزملاء الضباط وعلى رأسهم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حينما بدأنا بتكوين بعض الأفكار التصحيحية لتصحيح الأوضاع عام 1972م "في عهد الرئيس الإرياني" وكنا قد بدأنا مجموعة من القيادات العسكرية من أجل تقديم عدد من المقترحات التصحيحية لتصحيح الأوضاع داخل القوات المسلحة وخارجها، وفي حينها كنا قد بدأنا فعلا تكوين هيئة صغيرة توسعت إلى حين تكونت مجلس قيادة الظل الذي بدوره تمكن من قيادة حركة 13 يونيو 1974م بقيادة الرئيس إبراهيم الحمدي رحمه الله "1974-1977م"، وهو المجلس الذي كان يُناقش الكثير من القضايا الكبيرة ويقرها ....

القهالي والناصريين .. علاقة مجاملة

العجيب في رجل قاد حزب سياسي لسنوات يقول في نهاية المطاف " أنا تحالفت مع التنظيم الناصري ولكني لم أكن في يوم الأيام منظماً في الحزب الناصري ولم يسبق لي أن كنت عضواً في هيئاته التنظيمية، ولكني تحالفت وتعاونت مع الإخوة الناصريين في فترات عديدة، وكانت الأيام التي سبقت الوحدة اليمنية عندما كنت أرأس جبهة التصحيح الديمقراطية عاملا في الجبهة الوطنية الديمقراطية وكنت حينها من قيادات الجبهة قبل الوحدة، وشاركت في الحوار الذي سبق الوحدة كتنظيم سياسي مستقل مع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأمين عام الحزب الاشتراكي علي سالم البيض كجزء من الحركة السياسية القائمة حينذاك وتقدمت بوجهة نظري إلى تلك الاجتماعات، وبعد الوحدة جاء إليّ عدد من الإخوة الناصريين على رأسهم الدكتور فضل أبو غانم وعبد الفتاح البصير وعدد كبير من الإخوة الناصريين طلبوا أن نكوّن تنظيم موحد وبعد حوار ونقاشات دارت بيننا توصلنا إلى إنشاء تنظيم موحّد يُسمى تنظيم التصحيح الشعبي الناصري .

رياح التغيير تعصف بالقهالي

لم يسلم القهالي من رياح التغيير التي أعقبت صيف 94م كون الرجل صنف من جهات عدة بميوله الاشتراكية مما تسبب في مواجهات استهدفت الرجل وصل الحد إلى طردة من منزلة الشخصي حيث هاجمت قوات عسكرية و أمنية منازله في صنعاء و دكتها على رؤوس ساكنيها كما يقول و جرح العديد من أفراد أسرته بما فيهم أخية الأكبر، و زج بالجميع إلى السجون بجراحهم دون أي اعتبارات إنسانية و أخلاقية " كما يتحدث عن ذالك بنفسه " .

القهالي الذي تعرضت مقار حزبه في عدد من محافظات الجمهورية للهجوم و نهبت جميع وثائقه و ممتلكاته, غادر اليمن بعد أحساسة أنه لم يعد مرغوبا فيه من قبل النظام في صنعاء خاصة بعد تصنيفه , ولقد أحدث بعض الأحداث التي ألحقت الأذى بالقهالي حيث جعلت الرجل يعجل بمغادرة اليمن .

حيث لم يسلم حتى منزلة الشخصي الذي كان يملكة منذ عام 1979م, والذي كان مبني من قبل الحكومة في الجنوب ليكون سكناً لرئيس الوزراء محمد علي هيثم ومن بعده علي ناصر محمد.

حيث هُوجم ذالك المنزل بعد صيف 94 م بسبعة اطقم عسكرية واقتحمت منزله " بخور مكسر" وأخلته من المقيمين فيه وهم من اقارب القهالي.

وتشير بعض المصادر أن اقتحام المنزل جاء بناء على أمر من احمد الكحلاني المستند هو الآخر لأمر من رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال.

القهالي ابدي أسفه من أن يحل باجمال محل القضاء وان يلغي القرارات الجمهورية وان يتحول إلى شرطي ينفذ اموراً غير قانونية،

وعبر القهالي في حينها بقولة " المفروض ان احدى محاكم عدن تقوم بذلك لكنها كانت اعقل من رئيس الوزراء" .

مجاهد القهالي الذي حمل الكثير ضد باجمال سيكون اليوم من أقرب الناس إلى مجلسة وكرسيه.

وفي مشهد ختامي في حياة الرجل ينتقل اليوم مختزلا مراحل من النضال في حياته ليحط راحلة ملغيا رصيده الحزبي ليعلن للملأ عن قناعات جاءت متأخرة وهي إعلان الطاعة لسيد البيت الرئاسي ولحزبه الحاكم .

والسؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع مجاهد القهالي السياسي المحنك والقائد العسكري الفذ والخبير بإدارة الصراع داخل اليمن ومؤسساتها أن يلعب دورا فاعلا في قام الأيام أم أن أند ماجة هو بداية النهاية لرصيده النضالي .