عاجل .. وزير الدفاع اليمني : القوات المسلحة وجميع التشكيلات العسكرية في جهوزية عالية وسنتعامل بحزم مع أي مغامرة حوثية
في أمسية رمضانية لرابطة الجرحى بمأرب.. بلغيث: القيادة السياسية تقدر تضحيات الجرحى
من أعماق سقطرى.. حيث الإنسان يوثق حضورا إنسانيا جديدا ويغير مسار حياة ابو سلطان
حزب الإصلاح في اليمن يوجه دعوة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة
تقرير دولي.. اليمن خامس أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأعداد النازحين ستصل الى اكثر من 5 مليون نازح ..
مركز الفلك الدولي يكشف عن موعد عيد الفطر 2025 وغرة شهر شوال
عاجل ...الجامعة العربية تكشف عن أدوات المواجة مع إسرائيل ردا على المجازر الإسرائيلية في غزة
وزارة الدفاع الأمريكية: مصممون على تدمير قدرات الحوثيين العسكرية
أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني
تفاصيل لقاء الرئيس رشاد العليمي مع سفير تركيا
Alzorqa11@hotmail.com
الشعوب الحية لا تصبر للأبد على الضيم والظلم والقهر والإذلال، وما شهدته بلدان الربيع العربي من ثورات تؤكد فكرة رفض تلك الشعوب لفكرة الموت والخنوع، في عالم متجدد ومتغير يصبح البقاء فيه للأمم القادرة على الخروج من بوتقة الاستبداد السياسي، ووصاية فكرة الأب المهيمن والمنقذ المخلص للشعوب.
مازالت الثورة الشعبية في دول الربيع العربي كفكرة إنسانية قبل أن تكون سياسية، في مرحلتها الجنينية، ولابد أن تمر بمخاضات عسيرة وصعبة بسبب التراكم الطويل لفكرة الاستبداد والإقصاء والإلغاء بكل صنوفه وأدواته السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وما زال من المبكر و الصعب الحكم على نتائجها أو تقييم مدى نجاحها أو قدرتها على تجاوز مخلفات عقود طويلة من الاستلاب السياسي والنفسي للشعوب والنخب العربية.
والثورة كالنار تنتشر تلقائيا إن وجدت البيئة الملائمة ، وهي لا تحتاج لتصدير نظرا لتشابه واقع الشعوب والأنظمة في المنطقة التي تسيطر على مقاليد الثروة والحكم، ولا تعترف بقيم الحرية والعدالة والمساواة، وتعتمد على ثنائية الخيار الأمني والعسكري، والفساد السياسي في التعامل مع الأصوات المعارضة المطالبة بالإصلاحات.
اليمن كغيرها من البلدان العربية التي شهدت ثورات في منتصف القرن الماضي وقعت أسيرة سيطرة النخب العسكرية التي تحالفت مع القوى القبلية والدينية التقليدية،التي فشلت في تقديم مشروع حضاري أو إنساني يستجيب لتطلعات الشعوب العربية، أو تحقق الجزء اليسير من ألأهداف التي قامت من أجلها تلك الثورات، وكان باستطاعة أي مفكر أو مراقب سياسي متحلل من الانتماء للمؤسسات الرسمية أو الحزبية التي نشأت في ظل الأنظمة الحاكمة أن يتنبأ بحتمية وصيرورة انتهاء حقبة الاستبداد وسرقة السلطة،ومصادرة حريات المجتمعات، بسبب إفراط الانظمة الحاكمة في العنف والقتل واحتكار السلطة والثروة، وشيخوخة النخب السياسية وسعي الانظمة البوليسية للمضي في مشاريع التوريث السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وعدم السماح لظهور نخب شابة وتوسيع رقعة المشاركة الشعبية في العملية السياسية، وقد أفرزت تلك العوامل وغيرها لاتساع رقعة السخط والغضب الشعبي من تلك الممارسات، مصحوبة باتساع ظاهرتي الفقر والبطالة، وغياب تكافؤ الفرص في شتى مجالات الحياة.
المنطقة العربية لا تعيش بمعزل عن العالم وليست بمنأى عن التحولات السياسية والاقتصادية والتطورات التقنية التي شهدها العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث أسهمت الطفرة التكنولوجية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، لتقريب فجوة المعرفة او ما يعرف بالثقب الأسود للمعرفة، بين الشمال والجنوب، وفتحت آفاق واسعة للاطلاع على تجارب العالم المتقدم الذي تجاوزنا بمئات السنين الضوئية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وفي عملية الإنتاج التقني والصناعي، والحريات العامة وحقوق الإنسان.
مارست الأنظمة العربية المتسلطة خلال عقود طويلة من الهيمنة على مقاليد الحكم، أصنافا عديدة ومتعددة من عمليات التدجين والتهجين للشعوب العربية، وحاولت طمس ومحو هويتها ومارست تدميرا واسع النطاق للهوية والذات العربية، وخلقت صراعات طبقية وسياسية عنيفة، واستدعت الهويات العرقية والطائفية وغذت الصراعات بينها لضمان بقاء تلك الأنظمة مهيمنة، وإلهاء الشعوب بالصراعات الجانبية على قضايا تجاوزها العالم منذ عقود طويلة.
من شأن الثورات أن تحدث تغييرا في بنية المجتمعات، وأن تعيد الاعتبار للشعوب العربية المقهورة، وتعيد صياغة العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أساس الاحترام والحرية والعدالة والمساواة، وليس على الطريقة القديمة القائمة على نظام التابع والمتبوع، والقامع والمقموع.
ولعل قضايا التعايش السلمي والاجتماعي والديني والسياسي تمثل أحد ابرز التحديات المباشرة التي من شأن التوصل لاتفاق مجتمعي وسياسي حولها، أن يمثل بداية حقيقية لمرحلة جديدة في تاريخ البلدان والشعوب التي عاشت ثورات الربيع العربي، والنجاح في تجاوز عقبة الطائفية والمناطقية، يعد إنتصارا واضحا حقيقيا، بامكانه إنهاء واحدة من أكبر المشاكل التي استغلتها النظم الحاكمة الفاسدة، لتبرير وجودها وبقائها في الحكم لفترات طويلة،لم تقدم خلالها سوى مشاريع صغيرة ومتخلفة، تلخص الشعوب والبلدان العريقة في أسر هامشية وفاسدة، وصلت لسدة الحكم في غفلة من الزمن وحالة وهن وضعف من الناس.
المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، ستتجاوز دول مثل تونس مرحلة بن علي سريعا، بينما ستظل مصر عالقة لفترة أطول، لكنها ستستعيد عافيتها بعد ذلك سريعا، وستكون بلدان مثل اليمن وليبيا وسوريا أمام إختبارات صعبة وحقيقية لتجاوز الامور الكارثية والمدمرة التي اصابت النسيح المجتمعي والسياسي في تلك البلدان، التي كانت اشبه ما تكون بممالك خاصة وحقول تجارب للانظمة الحاكمة فيها، عاثت فيها فسادا وتسلطا ودمارا،وسيكون على شعوب تلك الدول التي جربت الاقصاء والالغاء والقمع والقتل، أن لا تقع فيها أي جماعات دينية او اجتماعية او سياسية، فريسة لاغواء القوة وسيطرتها على السلاح مثلا، لاستخدامه ضد أي فئة أخرى ، فالثورات كان شعارها السلمية وكانت الحرية والعدالة والمساواة هي مطالبها وأهدافها.