مع الأستاذ نصر بين إيجابيات الحاكم... وسلبيات المعارضة
نشر منذ: 18 سنة و شهر و 26 يوماً
الإثنين 04 سبتمبر-أيلول 2006 12:25 م

منذ أربعة أسابيع يواصل الأستاذ نصر إجلاء الحقيقة الغائبة عن الكثيرين والتي لخصها بالقول: إن للرئيس إيجابيات وللمعارضة سلبيات.. على المعارضين أن ينتبهوا لذلك جيدا، كما أن للمعارضة إيجابيات وللرئيس سلبيات.. وعلى الحكومة وأنصارها أن يضعوا ذلك في حسبانهم، هكذا تبدو الحقيقة الغائبة ذات شقين، والتي دعا الجميع إلى تناولها لاسيما الكتاب وقادة الرأي، وشرع عملياً يرينا كتاباته كقدوة في التناول!!

وفي خضم ما يراه أستاذنا إعلاءً للموضوعية وانتصاراً للحياد رأيناه وفي مقالاته الأربع يتناول في الشق الأول منها وبكل حماس واجتهاد إيجابيات الرئيس وسلبيات المعارضة.. وهكذا مضت عناوين عموده.." الرئيس وإصلاح ما أفسده خصومه"" لهذا نقف مع الرئيس" و" هل حكم الرئيس فعلا 28عاما ؟"

وعد الحر دين

غير أنه قال إن" للرئيس وحزبه سلبيات وللمعارضة إيجابيات" قالها" بالفم المليان" وأكد أن الكاتب سيظل بعيداً عن الموضوعية والإنصاف إن لم يقرر هذا الجانب المهم من الحقيقة كاملا، ووعد وجزم وأكد أكثر من مرة أنه سيسلط الضوء عليها، كما يفعل مع إيجابيات الرئيس وسلبيات المعارضة.. سواء بسواء.

الآن وفي هذا الوقت الحساس و بعد أربعة أسابيع من الإسهاب في الحديث عن إيجابيات الرئيس وسلبياتنا ننتظر من الأستاذ نصر إنجاز وعده، والبدء بالحديث عن سلبيات الرئيس وحزبه، ننتظر ذلك.. على أحر من الجمر.

" وعد الحر دين" فكيف إذا كان هذا الحر نقيب الصحفيين اليمنيين الأستاذ نصرطه مصطفى وفي عمود اشتق اسمه من الحرية، فمن يملك إذاً إثناءه عن الوفاء أو إشغاله عن تحقيق وعده الناجز ؟!

المعارضة وإصلاح ما أفسده الرئيس

أعترف أن الأستاذ كان موفقا ً إلى حد بعيد في اختيار التوقيت للحديث عن سلبيات فرقاء الحياة السياسية وإيجابياتهم، أكانوا في الحكومة أو المعارضة شريطة الالتزام بالموضوعية والنزاهة.

الدعاية الانتخابية قد اشتعل أوارها، وقد عودتنا التجربة أن المتنافسين يذهبون لتقرير ما لا يستساغ تقريره بحيث تبدو عبارة" أنا المعصوم ومنافسي الشيطان" عبارة تختزل كل نشاطهم الدعائي.

غير أن مثل هذا التوجه غير الحصيف في المعارك الانتخابية يتناقض جملة وتفصيلاً مع الحقيقة الأولية السابقة لنصر مصطفى.

ولأن الوقت الذي أحسن اختياره يمر وما تبقى منه إلى يوم الاقتراع بالكاد يكفي لأربعة أعداد، فإننا نتوقع..لا بل نجزم.. أنه سيخصصها للحديث عن الشق الآخر من الحقيقة الغائبة عن الكثيرين، للمعارضة إيجابيات وللرئيس وحزبه سلبيات، هكذا سيمضي أستاذنا في تسليط الضوء عليها بمهارة وإتقان وسيمنحها نفس الفرصة والمساحة إعلاء للموضوعية وانتصارا للنزاهة والإنصاف.

الموضوعية لا تتجزأ، والإنصاف والنزاهة لا يقبلان القسمة، ولذلك يتوقع الكثيرون أن يقرأوا للأستاذ نصر في الأعداد القادمة من صحيفة الناس مثل هذه العناوين : المعارضة وإصلاح ما أفسده الرئيس، لهذا وقفوا مع المعارضة، وهل سمح للمعارضة أن تكون معارضة فعلا خلال ثمانية وعشرين عاما ؟!

أنا على يقين أن الأستاذ نصر سيفعلها، لن يغيب عن أستاذنا الأول أن الموضوعية ستظل عرجاء، وسيبقى الإنصاف أعور إن لم يفعلها وعن طيب خاطر، الآن ومن العدد القادم.

هنا سنكون نحن الصحفيين والكتاب على موعد هام لنتلقى درسا بليغا وعمليا في الموضوعية والإنصاف، لا غير الأستاذ نصر مؤهلٌ لإلقائه علينا.

أراهن أنه لن يفعل.. هكذا يشكك البعض، أراهن أنه سيفعل.. ليس الأستاذ نصر بالذي ينهى عن خلق ويأتي مثله.. هكذا أرد عليهم، أنتم بذلك لا تعرفون الرجل ولا تعرفون قدره.. هكذا أضيف.

ولنا حقيقتنا أيضا

في النظام التعددي هناك حقيقة موضوعية واحدة تنسجم مع الإنصاف والعدل في التعاطي مع الحاكم والمعارضة: لا يقال أبدا للجماهير سامحوا هذا الحاكم فإن إيجابياته أكثر من سلبياته، بل يقال لهم حاسبوه فإن سيئاته تمحو حسناته.

علينا أن ننظر إلى سلبيات الحاكم باعتبارها فضائح سياسية لايكفرها شيء إلا أن تكون إشاعة لا أساس لها من الصحة.. هذه حقيقتنا ونراها جوهر الموضوعية، نلقيها على مسامع أستاذنا نصر ما دمنا في موقف نعرض فيه الحقائق: أية أمور سلبية يقع فيها الحاكم هي فضيحة توجب إسقاطه وسحب الثقة عنه وليست مجرد سيئة تمحوها الحسنة هكذا تتلخص الثقافة الجديدة التي على النخب وقادة الرأي أن يقولوها للجماهير والقراء ومن يستمعون إليهم

مع الحاكم - أيّ حاكم في شرق الأرض أو غربها.. شمالها أو جنوبها - السلبية مرادفها الإساءة والفضيحة وهي سلوك جزاؤه الإقالة أو الاستقالة، وفي العادة يعقبها التحقيق والمساءلة إن كانت فضيحة من الحجم الثقيل كاختلاس بضع آلاف من الدولارات أو التهرب عن دفع المئات منها كضرائب مستحقة !

هكذا يجب أن تكون الموضوعية والجدية والصدق، وهكذا علينا أن نقرر جميعا ونحن نمضي قدما للتأسيس للثقافة الصحيحة في ديمقراطيتنا الناشئة، والتي ليس منها أبدا القول للجماهير: هذا الحاكم (عرطة) فجددوا له البيعة فحسناته أكثر من سيئاته !!.

لسنا معنيين بالبحث عن إيجابيات النظام الحاكم، ليست وظيفة المواطن العادي ناهيك عن المعارض البحث عن منجزات حققها الحاكم، وصكوك غفران لأخطائه وإساءاته !

بكلمة قصيرة سألخص ما تمليه الموضوعية علينا:

كنا ومازلنا وسنظل ننظر إلى ما ينجزه الحاكم وفي الذهن سؤال واحد : كان بإمكانك أن تنجزه بطريقة أفضل.. فلماذا لم تفعل؟! هكذا توجه الشعوب الحرة السؤال للحاكم بعد كل مشروع ينجزه من المال العام، وهكذا.. تلاحقه آلاف الأسئلة على ما لم ينجز!

الحكام والرؤساء يساءَلون على ما لم ينجزوه.. نعم على ما لم ينجزوه، لمَ لم تنجزوا وقد جلستم في الحكم 28 عاما كاملة غير منقوصة ؟! مئات الآلاف من الخريجين سنوياً لمَ لم يجدوا فرص عمل ؟! ملايين العاطلين لم هم عاطلون ؟ لماذا عجزت عن توظيف طاقاتهم الضخمة للبناء والتنمية ؟! هذه الثقافة تمثل ألف باء الديمقراطية والتي على النخب أن تـُعلمها شعوبها كواجب وطني مقدس لا تعذر على التقصير فيه، وليس اشكروا الحاكم.. لأنه بنى مدرسة، واحمدوه.. لأنه عفى، وصفقوا له.. لأنه كان ياما كان صحيفة اسمها الأمل والشعب !

على الرغم من أننا نحترم الأخ الرئيس ونقدره عند المقارنة بحكام انتهوا ببلدانهم إلى الهاوية، لكن كم يخطئ الكتاب والنخب وقادة الرأي عندما يطلبون من الجمهور أن يعذروه وأن يمنحوه فرصة أخرى عندما يقولون" ابحثوا عن الايجابيات فهو يخطئ ويصيب" إنهم بذلك يبتعدون بقرائهم عن جوهر الديمقراطية ويعلمونهم جهلا مركبا!

ألا ترى أستاذي الفاضل أن المثقفين والكتاب الذين لا يدعون شعوبهم إلى تغيير الحكام مهما كان حجم إنجازاتهم لايساهمون في التربية الحرة والفكر الحر؟ فكيف إذا راحوا يدعون الجماهير إلى نسيان السلبيات وذكر الإيجابيات ويذكرونهم أن الجدية والموضوعية تقتضي التجديد للحاكم، تجديد البيعة له ثلث قرن من الزمان!!

وكيف إذا كان أحد تلك السلبيات فساداً مالياً وإدارياً مؤلماً وموجعاً كما قلت في مقال سابق إجمالا، وننتظر منك التفصيلات في الأعداد القادمة من "الناس".

سلبيات الحاكم هي إيجابيات المعارضة.. تلك حقيقة أخرى نلقيها بثقة على أولئك المغرمين بتقييم المعارضة. من الحمق الحديث عن فضائح المعارضة طالما لم تحكم بعد.. هكذا علينا أن نخاطب جماهير الناخبين.. أن ترى المعارضة بريئة حتى يثبت العكس بالتجربة، عندما يكون معارضو اليوم حاكمو الغد.

العلاقة المتميزة مع الخليج منجز خالد

عاب الأستاذ نصر على المعقبين أنهم حاموا حول الحمى واستغرب كيف لم يقعوا فيه!

كاد أن يقول لن تستطيعوا أن تقعوا ولسان حاله.. ردوا عليّ هذه إن استطعتم، أشاركك الرأي أستاذي القدير أن الجميع تقريبا اختار أن يحوم حول الحمى، ليس لأنك أتيت بمالم تأت به الأوائل.. وليس لأنك أفحمتهم وألقمتهم حجراً.. السبب الوحيد هو ماتعرفه عن سياسة صحيفة الناس.

تقول سياستها كما تعلم : إذا أردت أن تخوض في سلبيات الرئيس فحوم حولها فقط، واحذر أن تقع فيها !! إن كنت مصمماً في طرح الدعوة فأقترح عليك نقل المعركة إلى صحيفة الثوري، حتى نقع في الحمى على راحتنا دون أن تعترضنا مقصلة رئيس التحرير!! ومع ذلك سنحاول في السطور المتبقية أن نقترب من الحمى ولو قليلا.

قال الأستاذ في معرض ما يعتبره منجزات خالدة" من ينكر أن الرئيس صاحب قرار العلاقة المتميزة مع الخليج"؟! هكذا وجه السؤال الاستنكاري! أولاً.. سيكون من عجائب الدنيا الثمان .. القول إن لليمن علاقة متميزة مع الخليج، وثانياً.. سيكون من عجائب الدنيا التسع القول إن السياسة الحكيمة لعلي عبدالله صالح سبب تلك العلاقة!

من المعلوم في العلاقات اليمنية الخليجية – بالضرورة - أن علي عبدالله صالح جاء إلى الحكم وحدود دول الخليج مفتوحة لليمنيين، يمسي الواحد منهم في صنعاء ويصبح في جدة، وعد ماشئت من أماكن ومدن، كانت السعودية - مثلاً - مأوى لملايين اليمنيين يجدون فيها وطنهم الثاني وقد نسي مئات الآلاف منهم أن لهم موطنا أول. عملياً كان اليمنيون فعلاً في مجلس التعاون الخليجي وكانت بلادهم الأقرب للسعودية من بقية دول الخليج، الأمر ذاته مع الكويت الأكثر مودة وهي كذلك مع بقية الدول.

وللأسف كان بإمكان الرئيس الصالح أن ينظم إلى مجلس التعاون الخليجي رسمياً بعد أول طلب يقدمه، لكنه استبدل الخليجي بالعرب فاختار المشاركة في تأسيس مجلس التعاون العربي بالإضافة للعراق والأردن ومصر، تطابق الاسمين أو تشابههما يوحي بتاريخ طويل للرئيس في الاستنساخ داخلياً وخارجياً !! كانت أول ثمار" مجلس التآمر العربي" كما تبين لاحقاً اجتياح الكويت، ودخول اليمن في مصطلح" دول الضد" الذي لا يزال سارياً إلى ماشاء الله !! كانت النتائج وخيمة، وأوصدت أمام اليمنيين أبواب دول تنام على بحار من النفط ومحيطات من الحب والإخاء، وفتحت أبواب العودة إلى وطن كل ما أوتي" أكل خمط وشيء من سدر قليل"، كانت ردة الفعل متوقعة من الكويت بعد أن رأى الخليجيون جارهم وأخاهم الشقيق الذي لحم أكتافه من خيرهم، يبارك الملايين وهم يهتفون في المدن" بالكيماوي ياصدام" والمزدوج وأسلحة الدمار الأخرى بالطبع، ستلاحظون الآن كم يبدو القول إن لليمن علاقة متميزة مع الخليج مثيرا للضحك وأن السبب الوحيد في تلك العلاقة يعود لعبقرية الرئيس مثيرا للقهقهة!!

وهو قول لن يشبع ملايين العائدين قبل عقد ونصف من الزمان، والذين لا يزالون في مخيمات الصفيح الأقرب إلى مقابر الأحياء، ومع ذلك فإن هذا القول سيكون وجيهاً فقط في حال ماإذا كان المقصود بالعلاقة المتميزة هي العلاقة مع تجار المخدرات ومهربي السلاح !! والتي تزايدت التحذيرات الدولية من العلاقة الحميمة معهم!

أستاذي القدير.. كل ماتراه منجزاً يصلح أن يكون سلبياً بامتياز، هكذا وجدت الأمر وأنا أقلب ماتراه منجزات قلت لا يستطيع أن ينكرها أحد !خذ مثلا مارأيته دليلا قاطعا على كفاءة الرجل وصلاحيته بالأمس واليوم وغدا.. أن البلد لكان" قد انتهى وسقط وتجزأ منذ أمد "!! هل يصلح هذا دليلاً على شيء ؟!

في أي بلد به قدر ولو قليل من الديمقراطية سيكون القول من قبل أي حزب بأن : البلاد لم تتجزأ في عهد حكمنا الميمون فنحن الأصلح والأجدر إذا، بمثابة دعاية مضادة تجلب عليه الويلات.

في عالم الديمقراطيات الناشئة والمتخلفة والتي لم تولد بعد لن تجد من يقول للناخبين كونوا موضوعيين ومنصفين وامنحوا وجددوا لهذا الحاكم البيعة لأن من إنجازاته أن البلاد لم تتجزأ أو تتقسم في عهده !!

هنا أريد أن أؤكد أنني بدوري لا أنظر للرئيس – وحزبه - باعتباره خالياً من أي إيجابيات، لكنها غير ما قلت، فضلا عن أنني معنية بالسلبيات وليس الإيجابيات، الحكام يسألون عن السلبيات.. وأداؤهم للإيجابيات جزء من واجبهم تجاه أوطانهم لم يأتوا به من مال ورثوه أو حلال اكتسبوه، هذه خلاصة الخلاصة وهكذا أعود فأكرر الذكرى، فالذكرى تنفع المؤمنين. وللحديث بقية.