الفيدرالية خطر كبير وأُمنية إمريكية يراد تنفيذها بأيد يمنية
بقلم/ د.عبد الملك حسين التاج
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 9 أيام
السبت 27 إبريل-نيسان 2013 03:36 م

يدور الحديث اليوم في الأروقة السياسية و يطرح المقترح في الغرف المغلقة بمباركة إمريكية الاتفاق على  إنشاء نظام فيدرالي يتم فيه تقسيم اليمن إلى أقاليم بعد وحدة إندماجية ، مقترح سيكون مآله وصمة عار في جبين كل من أقره أو وافق عليه في ظل وضع مهترئ وضعيف وقابل للتمزق والتشظي يحقق أهدافا لجهات خارجية تجعل من تقسيم هذا البلد المسلم بؤرة صراع وتوتر داخلية دائمة لا يأمن فيها الشعب على نفسه ولا ينعم بخيراته، وإنما تأمن فيها الدول الكبرى على مصالحها بإضعاف هذا الكيان وتتفرغ لنهب ثروات الشعوب كما هو حاصل في العراق الذي يجثم على ثروة بترولية كبيرة لا يستفيد منها أهلها نتيجة الشقاق والتنازع والتناحر والاختلاف.

من خلال بؤرة الصراع هذه تُؤمِن فيها إسرائيل محيطها بانشغال كل دولة بمشاكل أقاليمها وصراعاتها الداخلية المناطقية والطائفية كما هو حاصل أيضا في العراق ولبنان، وتبقي السياسة الاستعمارية على كيانات طائفية ومناطقية خارج نفوذ الدولة وسيطرتها لتبقى الدولة مفككة وضعيفة في ظل قوى متصارعة يحافظ الأجنبي على تكافئها حتى يستمر الابتزاز والتدخل من خلالها، وأما إذا أضيف إلى هذا الوضع المهترئ إقامة النظام الفيدرالي فهو بمثابة صب الزيت على النار لتتم خطوات التقسيم والتفتيت والتمزيق للجسد الواحد ولكن بأيدي يمنية سيسجلها التاريخ ولكن في الصفحة السوداء.

لماذا استهداف اليمن بالفيدرالية ؟

كما أنَّه ليس بخافٍ أنَّ يمنًا موحَّدًا بكثافة سكانية كبيرة، وأرض شاسعة، وسواحل طويلة تمتد إلى 2400 كم، على بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر، متنوّع الثروات، تتنامى فيه الحالة الإسلامية، وتزداد يومًا بعد يوم، وتتحكم بالحالة الاجتماعية فيه، أعرافٌ قبلية ذات نزعة محافظة، وداعمة لقضايا الأمة الإسلامية، وتنطلق منه مواقف مؤثرة إقليميًّا وعالميًّا مناهضة للمشروع الصهيوأمريكي.. إنَّه لا يمكن أن يُطمئن المشروع الغربي المخرّب في المنطقة، ولا الجهات الإقليمية الدائرة في فلكه؛ ولهذا التقى الهدف الصهيوأمريكي مع المخطط الصفوي في مؤامرة تقسيم اليمن والبدء بالخطوة الأولى (الفيدرالية).

ولهذا فالواجب على العلماء، والمفكّرين، والحركات الإسلامية الدعوية،.. أن يحولوا دون نجاح هذه المخططات التقسيميّة، بل أن يعملوا بضدها، فهو جزء أساس من مشروع توحيد الأمة الإسلامية، في إطار نهضتها الشاملة. المصدر: موقع الشيخ حامد العلي بتصرف .

مالذي يجري في اليمن:

إن ما يجري اليوم في بلادنا من بعض القوى في الداخل أو الخارج إما تصفية حسابات سياسية قديمة عبر طرق ملتوية وظفت لها مطالب حقوقية وتم تجييش الشارع المسكين لها واستغلال المظالم لا لرفعها ولكن لإثارة العاطفة وتحقيق مكاسب سياسية ضيقة تضر بالبلاد والعباد كانت قد دفنت في مقبرة التاريخ، ويتم من خلالها العودة لتقسيم البلاد وتمزيقها.

هل الحل تمزيق البلاد وتقسيمها ؟

لقد جرب اليمنيون قيام دولتين مستقلتين في اليمن فكانت ويلات الألغام وحروب المناطق الوسطى والتي تشبه في هولها الأساطير ، مضافا إليها ماحدث من انقلابات واقتتال داخلي وصراع على السلطة ونهب للحقوق وتأميم للممتلكات والقتل بالبطاقة وعملية السحل والدفن في رؤوس الجبال ، كل هذا يحدث والشعب اليمني يتفرج ويؤمل الفرج بوضع حد للصراعات وعودة الأمن والاستقرار، لتأتي بعد ذلك بارقة أمل وفرحة كبرى لليمنيين خصوصا وللمسلمين عموما هيأها الله سبحانه وتعالى ببعض الظروف الإقليمية والدولية ليفاجئ اليمنيون العالم بيوم إعلان الوحدة وإنهاء التشطير والتقاء الأخوة وعودة الأمل للأمة لأن تكون وحدة اليمن خطوة وبارقة أمل في طريق الوحدة العربية والإسلامية الشاملة بعد أن نُكبت الأمة وفُجعت بفشل تجارب سابقة كوحدة مصر وسوريا .

ونحن اليوم في اليمن لا نريد أن نُفجع مرة أخرى بالتراجع عن هذا المكسب الكبير وبالعودة إلى الخلف بعد وحدة إلتقت فيها القلوب وانتهى فيها التشطير وتوحدت فيها التشريعات والكيانات والمؤسسات وسادها ما سادها من الأخطاء والمظالم التي يجب على أبناء اليمن جميعا الاتجاه لإزالتها وتصحيح الوضع وفتح صفحة جديدة وبناء دولة يمنية يسودها العدل والحق والتقدم والرخاء والأمن والاستقرار واستقلال القرار ويكون لها دور مؤثر على المحيط الإقليمي والدولي لا أن تظل رهينة للهبات والمساعدات المشروطة. وتتعدد فيها الحكومات والبرلمانات المحلية لكل إقليم وتختلف التشريعات والدساتير من إقليم لآخر، وتحيا فيها العصبيات المناطقية وتسود روح الأنانية .

خطوات الدول نحو القوة والتأثير :

إن الدول التي تريد أن يكون لها دور مؤثر في محيطها الإقليمي والدولي تخطو الخطوات التالية :

1ـ توحيد مواقف في قضايا معينة في المحافل الدولية والإقليمية .

2ـ الانتقال إلى الكونفدرالية بتوحيد بعض المؤسسات المالية أو العسكرية أو غيرها مع بقاء الشخصية الدولية مستقلة لكل دولة من تلك الدول .

3ـ الانتقال إلى الفيدرالية بحيث تذوب شخصية كل دولة من تلك الدول في شخصية دولية واحدة مع بقاء آثار داخلية لشخصيات تلك الدول من برلمانات وحكومات ودساتير محلية على مستوى كل إقليم .

4ـ الانتقال إلى الوحدة الاندماجية المرحلة، وهي المتقدمة التي تنتهي معها كل آثار الانقسام فيصبح فيها الدستور واحدا والتشريعات موحدة والحكومة واحدة والبرلمان واحدا والعلم فيها واحدا،  ويعتبر فيها الوطن واحدا بالنسبة لجميع موظفيها الذين كانوا ممنوعين من التوظيف وتولي المسؤوليات خارج أقاليمهم .

فنحن في اليمن قد خطونا في ذلك خطوة متقدمة اختصرنا فيها المراحل وهي الوحدة الاندماجية ساعدنا في ذلك عوامل كثيرة من أهمها وحدة الدين واللغة والقيم والعودة باليمن إلى ما كان عليه ، ولكن رغم هذه الخطوة المتقدمة إلا أنه أعترى هذه الوحدة أخطاء ومظالم نتيجة السياسات الخاطئة وسوء الإدارة كان علاجها الآن هو الاتجاه لرفع المظالم ورد الحقوق وتصحيح الأخطاء وليس علاجها تقسيم اليمن وتمزيقه بالفيدرالية والتراجع خطوة إلى الخلف ستتبعها خطوات تكون لها ضريبة باهضة سيدفعها الجميع ، لا نجد مبررا لمشروع الفيدرالية في اليمن والتراجع عن الوحدة الاندماجية ، فاليمن ليست دولة مترامية الأطراف كالولايات المتحدة الإمريكية ، ولا متعددة الديانات والأعراق واللغات مثل الهند وسويسرا وغيرها بحيث يُعطى كل صاحب ديانة وأقلية أو عرق خصوصيته في التشريعات، ولاهي إمارات ودول مستقلة تريد أن تنتقل إلى اتحاد فيدرالي كالإمارات العربية المتحدة التي لم تتراجع من وحدة اندماجية إلى الفيدرالية وإنما تقدمت وانتقلت من إمارات مستقلة إلى دولة فيدرالية واحدة .

ما حاجتنا للفيدرالية ؟

إن أبناء اليمن في أمس الحاجة لخطوات جادة لإصلاح أوضاعهم الأمنية والمعيشية وبناء دولة العدل، وليسوا محتاجين لعودة الأوضاع السابقة تحت أي مسمى من أنواع الأنظمة ، ولذا فنحن نستغرب مما يحدث اليوم ويتم طرحه من المشاريع التي لا تجلب قوة ولا تحقق أمنا ولا استقرارا ومنها الفيدرالية.

إن الفيدرالية في بلاد العالم الثالث وفي بلاد المسلمين على وجه الخصوص هي خطوة لتفريق المجتمع بخلاف الفيدرالية في الغرب التي هي لتجميع المتفرق، فنحن في وضع يسعى فيه العالم للتوحد والتكتل وتكوين الكيانات الكبيرة إذ لا مكان اليوم للكيانات الصغيرة والضعيفة التي تتناوشها النزاعات والمشاكل الداخلية على حدود الأقاليم كما يحدث الآن في العراق مع إقليم كردستان ، وكما يحدث في السودان الذي بدأ بالفيدرالية لعلها تحل مشاكله ورفع شعار "الوحدة الجاذبة " فانتهى به الأمر بالتقسيم ولكن مشاكله وصراعاته الحدودية لم تنته .

نحن اليوم محتاجون لنظام إداري يصلح الأوضاع ويعطي كل محافظة حقها من الاهتمام والعدل وتنال نصيبها من ثروة البلاد ، ويغلق باب الصراع ويحافظ على النسيج الاجتماعي وعلى الأمن والاستقرار ويقلل التبعات ويحافظ على وحدة البلاد ووحدة التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء ، بعيدا عن العصبيات الجاهلية المناطقية والحزبية والطائفية والمذهبية ، والمكاسب السياسية الضيقة وبعيدا عن روح الانتقام والتشفي التي تريد أن توصل البلاد إلى وضع وإلى قناعة عنوانها " ليس بالإمكان أحسن مما كان "، نحن نحتاج إلى نظام إداري يفوض الصلاحيات ويخفف من المركزية التي تخفف على المواطنين الأعباء ويحافظ على مكسب اليمنيين الكبير ورمز قوتهم وهي الوحدة الاندماجية التي لم تكن هي السبب ولم تكن هي الجريمة في المظالم وإنما كان السبب هو من مارس الظلم وأساء في حق أبنا الشعب اليمني عموما وأبناء المحافظات الجنوبية خصوصا.، ليس علاج مشاكلنا بالتمزيق وتقطيع أوصال البلاد ، ولا بالخطوة الأولى للتمزيق وهي الفيدرالية .

إن ماتكلم به أ .د / صالح باصرة الذي كان يجلس على كرسي أعلى وزارة لنخبة المثقفين في المجتمع وهم أساتذة الجامعات كلام مؤلم، وما كنا نتوقع أن يصدر من مثقف وعاقل مثله فما لذي جرى للناس وهل بقي عقلاء في هذا البلد وهل العبرة بالمناطقية أم بالكفاءات حتى يصرح ويقول : " أن كل إقليم يحكمه أبناؤه عبر صندوق الانتخابات ولا يحق لأحد من خارج المحافظة الواحدة أن يحكم محافظة أخرى ، وإذا لم يتوفر في أي محافظة كادر فعليها أن تستعين بتوفير كادر من المحافظة المجاورة أو أي إقليم قريب منها وأردف قائلاً: نجد 22 مديراً عاماً من محافظة يأتون إلى محافظة غير محافظتهم وهذه المحافظة لها كادر قيادي من حقه أن يعمل بمحافظته " .

و نحن نقول له والله لو كانت كل الكفاءات من محافظة حضرموت أوعدن وهي مؤهلة لرضينا أن تتولى كل المسؤوليات لأن العبرة في الإسلام هي بالكفاءة والأمانة والدين ، وأما المناطقية فهي مظهر جاهلي وداء عضال يصادم أخوة الإسلام وي صادم معيار الكفاءات يجب اجتثاثه من النفوس، ولذا هل كان تصرف النبي صلى الله عليه وسلم صحيحا عندما أرسل إلى البلدان ولاة من غير أهلها  كعتاب بن أسيد الذي استعمله على مكة، ومعاذ بن جبل الذي أرسله قاضيا على اليمن.

وعندما ولّى الصديق ـ رضي الله عنه ـ عتاب بن أسيد واليا على مكة، وعثمان بن أبي العاص على الطائف، والمهاجر بن أبي أمية على صنعاء، وزياد بن أبيه على حضرموت، ويعلى بن أمية على خولان، والعلاء بن ثور الحضرمي على زبيد و زمع، ومعاذ بن جبل على الجند، وعبد الله بن ثور على جرش، فهل احتج أهل هذه البلدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه ولوا عليهم ولاة ومسؤولين من غيرهم ومن خارج بلدانهم .

عيوب الفيدرالية :

إن للفيدرالية عيوب وسلبيات من أهمها :

أولا: زيادة في معاناة المواطن: نظرا لاختلاف التشريعات المحلية من إقليم لأخر فإنه يصعب استقرار المواطن خارج إقليمه وذلك بما قد ينتج من صعوبات، مثل الذي يحدث للطلبة والموظفين ذات الطبيعة الخاصة.

ثانيا:زيادة في النفقات المالية : إن تكلفة البرلمانات والحكومات والإدارات وازدواجها في الفيدرالية، هي اكبر من تلك التي يتم الصرف عليها في الدولة المركزية.

ثالثا: تفتيت الوحدة الوطنية : يؤدي النظام الفيدرالي تفتيت الوحدة الوطنية خاصة إذا كثرت الأصوات الداعية للانفصال في الأقاليم. بالإضافة إلى أن الفيدرالية ستؤدي إلى زيادة ارتباط المواطن بإقليمه على حساب اليمن مما يوجد فرقة بين أبناء اليمن بسبب التنافس على الموارد والمصالح والتي ممكن إن تؤدي إلى صراعات، فلا نعمل على تفتيت الوحدة الوطنية ، ولا نهدر مال الشعب الذي يسببه تعدد الهيئات وازدواج السلطات ( وطبعا سيتحمل المواطنون هذه النفقات عن طريق فرض المزيد من الضرائب ) ! .

رابعا: ضياع الوقت: لا يمكن تنفيذ قرارات البرلمانات والحكومات في الفيدرالية إلا بعد انتظارهم وانخراطهم في مفاوضات طويلة من قبل البرلمانات والحكومات في الأقاليم المختلفة.

خامسا: حدوث الكثير من المنازعات والمشاكل وخاصة تلك المتعلقة بممارسة القضاء وذلك بسبب  تعدد السلطات واختلاف التشريعات.

كما أن الصراعات بين الأقاليم سيجعل من اليمن تحت الوصاية الأجنبية الدائمة وتحت التهديد والاحتلال ، بالإضافة إلى أن تعدد السلطات واختلاف التشريعات يؤدي إلى ازدواجية في القوانين ومنازعات في توزيع الاختصاصات بين الدولة الفيدرالية والأجزاء التابعة لها .

وغالبا ما يؤدي الازدواج التنفيذي والتشريعي إلى نشوء مشاكل بين الأجزاء المشكّلة للاتحاد أو بين هذه الأجزاء وبين الدولة الاتحادية . مع بقاء خطر تفتّت الدولة الفيدرالية إلى دويلات كلما قويت سلطات الأجزاء على حساب سلطة الحكومة الاتحادية، فلأي سبب إذن نؤسس دولة اتحادية ( فيدرالية ) ؟

أين مطبخ الفيدرالية؟ وما الهدف ؟

عقد لقاء في قاعة لنكولن بفندق ديربورن الواقع على شارع اوك وود ضم عددا محدودا فتح السفير الأمريكي بحضور المنسق في الخارجية الأمريكية باب النقاش مع اشتراط الإيجاز والاختصار. أحد أعضاء ما يسمى مجلس التنسيق الأعلى للمؤتمر الجنوبي وفي هذا اللقاء قدم شرحا استمع إليه السفير الأمريكي بصنعاء ومنسق الخارجية الأمريكية حول القضية الجنوبية وعن مخرجات المؤتمر الجنوبي الأول المنعقد في القاهرة, مقدما له سؤال ما رأيه برؤية القاهرة التي تدعو إلى حل القضية الجنوبية من خلال إقليمين بين الجنوب والشمال تتوج بالاستفتاء ليقرر شعب الجنوب مصيره بنفسه ولماذا لا تكونوا انتم الداعمون لهذا المشروع؟

أجاب: السفير الأمريكي السيد جيرالد فايرستاين مبتسما ... أتمنى أن أرى اليمن دولة فيدرالية بين الشمال والجنوب وأنا أرى أن هذا هو الحل المناسب للخروج من الأزمة الحالية التي يعيشها اليمن .

لم تعجب هذه الإجابة بعض الحاضرين من أبناء المحافظات الشمالية الذي أبدوا امتعاضهم

وقالت مجلة "فورين بوليسي": في تقرير نشرته الخميس الماضي لأستاذ العلوم السياسية في جامعة ستيتسون الأمريكية ستيفن جورج بعنوان "هل سيبقى اليمن موحدا"، وأضافت الصحيفة: أن الحل المقترح لتذليل الانقسامات الإقليمية اليمنية يكمن في إصلاح الدستور اليمني على أسس فيدرالية، لكنها توقعت أن تكون مسألة الفيدرالية معرقلة في نهاية المطاف، وتؤدي إلى تعثر مؤتمر الحوار الوطني وسترفضها القوى القبلية والعسكرية في الشمال تماما .

إن الفيدرالية مخطط تم تجريبه في العراق فظهرت نتائجه واليوم يطرحه السفير الأمريكي وغيره في اليمن، فقد دخل الأمريكان والعراق واحد ، وخرج وهو ممزق الأوصال بعد أن أكد بول بريمر إبان توليه الحكم الأميركي للعراق أن مشروع الفيدرالية هو من الأولويات التي تسعى واشنطن لتحقيقها في العراق، وبالتأكيد فإن هذه الفيدرالية لا يقصد منها في حقيقة الأمر إلا تقسيم العراق وتمزيقه بحيث يظل متصارعا متناحرا كما هو حاصل اليوم، والكيان الصهيوني آمنا.

والسؤال هنا هو : لماذا يشجع السفير الأمريكي على الفيدرالية في اليمن؟ ولماذا تريد الولايات المتحدة أن تفكك أو تقسم الدول الإسلامية كما حدث في العراق والسودان ؟

الإجابة عن ذلك تتضح من خلال خمسة أهداف، اثنان منها يتعلقان بالدولة الصهيونية، ويتحددان وفق مصالح دينية وسياسية مختلطة، وهذه الأهداف هي غاية ما يريده الأمريكيون، وليست أهدافاً مرحلية:

1ـ تدشين القوة الأمريكية كإمبراطورية معاصرة تسيطر على دول العالم التي لا تعتنق الحضارة الغربية.

2ـ ضمان أن تفقد الدول الإسلامية أي قدرة اقتصادية أو سياسية أو عسكرية أو ثقافية على مواجهة أو تهديد أمن «إسرائيل» وسلامتها، والفقد هنا ينبغي أن يكون شاملاً ودائماً.

3ـ التهيئة لدولة «إسرائيل» الكبرى وإقامتها وفق الحدود والتعاليم التوراتية، أو قوة «إسرائيل» العظمى وفق الحدود الحالية، وفي النطاق العربي والإسلامي.

4ـ الوصول بالدول الإسلامية إلى حالة العجز الكامل والتجزئة بما يمنع أي احتمال لانبعاث إسلامي يهدد المصالح الأمريكية.

5ـ ضمان استمرار الدول الإسلامية مصدراً مأموناً للمواد الأولية وفي مقدمتها البترول، وسوقاً استهلاكية مفتوحة للمنتجات الأمريكية.

هل نعتبر مما حل بغيرنا ؟!

إن الخطة التي تحدث في اليمن هي نفس الخطة التي حدثت في العراق إنشاء كيانات طائفية ومناطقية، فمناطق للأكراد ومناطق للشيعة وتمثيل على أساس طائفي ومناطقي ، ليصب عليها نار الفيدرالية بعد ذلك.

نريد أن نوجد حلا للمظالم و رد الحقوق ولا نمزق البلاد ولا تخدم الأعداء من حيث لا نشعر ، ويكفينا درسا ما حدث ويحدث في العراق، فالعراق الآن يواجه ما يشبه مقدمات الحرب الأهلية المقبلة بسبب ما أرساه الاحتلال من تطبيقات لنظام الحصص حسب الطوائف والأعراق فهذا النظام الذي وضع في البداية ـ في فترة بريمر الحاكم الإمريكي للعراق في ذلك الوقت، كان مقدمة للبعض للمطالبة بالفيدرالية، وهذا ما تم وضعه في مسودة الدستور بعد الاحتلال، ووضع العراق في المستقبل على هاوية الفوضى والتمزق الطائفي.

كما أن مسودة الدستور ـ عندما صدرت آنذاك ـ كانت أحد العوامل المساهمة للانفصال، ومن هذه العوامل فقرات مثل الفيدرالية وخصوصية كردستان، والأخطر في هذه المسودة هي الفيدرالية التي ستكون في ظل الأوضاع المتفاقمة وحالة عدم الاستقرار، مقدمة لتفكيك العراق إلى كيانات وكانتونات صغيرة متناحرة لأسباب أثنية وعرقية ومذهبية، والغريب أن الاحتلال شجع مثل هذه الفيدرالية، هذه الخطط في العراق وفي غيرها ستساهم في تدمير المجتمع ونسيجه القائم إلى كيانات هامشية متناحرة وتقوم باسمه دولة جديدة مسيّرة لا تملك من الأمر شيئاً ـ وباسم هذه الدولة أيضاً يتشرعن وجودها التفكيكي، ففي التساؤلات تلك ـ كما يشير عبد الإله بلقزيز ـ " بيان صريح لعملية التفكيك ... وهو تفكيك ينصرف إلى تمزيق نسيج هذا المجتمع، وقطع كل آصرة تشد بين أفراده وجماعات، والعودة بالبنية الاجتماعية العراقية من بنية المجتمع الوطني الموحّد إلى البنية العصبوية، حيث لا يتعرف فيها العراقيون على أنفسهم من حيث تقوم بينهم رابطة توحيدية تصنع منهم شعباً، ... وبالجملة هم عصبيّات فرعية صغيرة وميكروسكوبية، لا من حيث هم شعب!".

مشروع التمزيق صهيوني :

تشير إحدى الوثائق الإسرائيلية ـ أن وثيقة إسرائيلية صدرت في الثمانينيات ونشرتها مجلة " كيفونيم " في عام 1982 التي " تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية باللغة العبرية، وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية، وأهم ما ورد فيها أنها شرحت بالتفصيل خططاً تتعلق بالعالم العربي الإسلامي والرغبة في تفتيت دول مثل العراق ومصر وفصل جنوب السودان، واللعب على وتر الطائفية في لبنان، واللعب على وتر الأقليات في العالم العربي عموماً، الوثيقة الثالثة كتبها ضابط الموساد السابق العميد المتقاعد موشى فرجي حول التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي في التعامل مع العالم العربي ودول الجوار ونشرها في كتاب يلخص كيف تتدخل إسرائيل في إفريقيا لإحاطة السودان وفصل جنوبه عن شماله ـ وهذا تحقق بالفعل ـ وبالتالي إضعاف مصر، والتي أصدرها في كتاب مركز ديان للأبحاث التابع لجامعة تل أبيب في أواخر التسعينيات ويشرح فيها خلفيات مساندة الحركة الانفصالية في جنوب السودان، ويذكر فيه المؤلف صراحة أن الإستراتيجية الإسرائيلية إزاء المنطقة تقوم على تشجيع وحث الأقليات في المنطقة للتعبير عن ذاتها، للحصول على حق تقرير المصير والانفصال عن الدولة الأم.

وخطورة هذه الوثيقة أنه في إطار تلك الإستراتيجية قامت عناصر الموساد بفتح خطوط اتصال مع تلك الأقليات بالفعل كما سرد العميد "فرجي" بالتفصيل الممل، وفي مقدمتها عناصر من الأكراد في العراق والموارنة في لبنان والجنوبيون في السودان، وكانت جبهة السودان هي الأهم، لأسباب عدة في مقدمتها أنها تمثل ظهيراً وعمقاً استراتيجياً لمصر، التي هي أكبر دولة عربية، وطبقاً للعقيدة العسكرية الإسرائيلية فإنها تمثل العدو الأول والأخطر لها في المنطقة، ولذلك فإن التركيز عليها كان قوياً للغاية.

الإسلام والفيدرالية:

ـ الأصل في السياسات والعاديات الإباحة ويكون التصرف فيها مشروط بتحقيق المصلحة الشرعية ، وأعظمها الحفاظ على الضروريات الخمس والذي لن يتم إلا بحراسة الدين وسياسة الدنيا به ، ولذا فإن شكل الدولة يدخل في السياسات والعاديات التي الأصل فيها الإباحة بحيث ينظر الناس إلى ما يحقق المصلحة الشرعية بشروطها المعتبرة، وهي:

1 - عدم معارضة دليل أقوى منها من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس .

2 - اعتبار الشارع لجنس المصلحة ، فتكون المصلحة المرسلة ملائمة لتصرفات الشرع . وإن لم يكن لها أصلا معينا .

3 - أن يكون المحدد للمصلحة مجتهدا ؛ لأن تقدير المصالح من باب الاجتهاد وشروط الاجتهاد لا بد من توفرها فيه .

4 - أن تكون المصلحة حقيقة لا وهمية ، ويعرف ذلك بإنعام النظر والبحث والاستقراء .

5 - أن تكون المصلحة عامة لا شخصية .

6 - أن لا يكون للأهواء والشهوات فيها مدخل .

7 - أن لا تكون في العبادات ولا في المقدرات .

 أما بالنسبة للفيدرالية فسينظر إليها على أنها من باب السياسات والعاديات في الشريعة كما أسلفنا، والحكم عليها سيكون بحسب تحقق شروط المصلحة المذكورة آنفا، ومن خلال عرض الفيدرالية على شروط المصلحة الشرعية يلاحظ ما يلي :

1ـ الفيدرالية تصادم نصوص الشرع التي تأمر بوحدة الصف واجتماع الكلمة ، فأكثر النصوص بعد نصوص التوحيد هي نصوص الوحدة واجتماع الكلمة ، بينما الفيدرالية ليست توحيدا للصف وإنما تمزيقا له .

2ـ الفيدرالية هي من باب السياسات والعاديات المتروك النظر فيها للمصلحة وليست من باب العبادات والمقدرات

3ـ الفيدرالية في الحالة التي نحن عليها لا تعتبر من جنس المصالح الملائمة لتصرفات الشرع، إذ الشرع يدعو لوحد الصف واجتماع الكلمة بينما الفيدرالية وسيلة للفرقة وتمزيق الصف .

4ـ أن الفيدرالية ليست من باب المصالح الحقيقية ولا المظنونة ولا حتى المتوهمة ، بل هي تعتبر اليوم في اليمن من باب تكثير المفاسد وتقليل المصالح على خلاف مقصد الشرع الذي جاء لتحقيق المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها .

5ـ أنها ليست من باب المصالح العامة ولا الشخصية ، فلو كانت من باب المصلحة الشخصية لكانت غير معتبرة في الشرع لأنها لا بد أن تكون من باب المصلحة العامة، فكيف وهي من باب المفاسد العامة التي ينعكس ضررها من الفرقة وشق الصف على عموم الشعب اليمني .

6ـ أن الناظر فيها لا بد أن يكون مجتهدا؛ لأن تقدير المصالح من باب الاجتهاد وشروط الاجتهاد لا بد من توفرها فيه ، والناظر فيها هنا هم الأمريكان والغرب الذين لا يرون إلا تحقيق مصالحهم وأهدافهم ولا يريدون الخير للأمة كما قل تعال : (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). [البقرة:105] .

7ـ أن للأهواء فيها مدخل ونصيب كبير إذ أن المطالبة بها مبناه على العصبية المناطقية وليست على المصلحة المعتبرة شرعا .

وبناء على ما سبق وإعمالا لقاعدة سد الذرائع فإن القول بالفيدرالية والأخذ بها لا يجوز شرعا لما يترتب عليه من المفاسد وفوات المصلحة الشرعية المؤدي إلي تمزيق البلاد وذهاب القوة وإعانة للأعداء على انتهاك حمى المسلمين ونهب ثرواتهم وأموالهم ، ولأنه يمكن تحقيق مصلحة البلاد والعباد بشكل من أشكال أنظمة الحكم أو شكل الدولة أو التقاسيم الإدارية الأخرى التي تحقق مصلحة البلاد والعباد بالحفاظ على وحدة البلاد والعباد وإمكانية رفع المظالم ورد الحقوق بالوسائل المشروعة ، لأن الوسائل في الشريعة لها حكم المقاصد .، وهذا بخلاف ما لو كانت هناك دولا منقسمة ومستقلة فأرادت تكوين تعاون فيما بينها عبر اتحاد كونفدرالي أو فيدرالي فإن ذلك أمر مشروع لأنه من باب تكثير المصالح ودرء المفاسد بخلاف التراجع عن الوحدة الاندماجية إلى الفيدرالية فإنه من باب تقليل المصالح وتكثير المفاسد وهو أمر غير جائز شرعا ؛ لأن من شروط التغيير المعتبر شرعا في إزالة المنكرات ألا يؤدي إلى منكر مساو أو إلى ما هو أعظم منه ، فكيف بالتغيير الذي يؤدي إلى تقليل المصالح وتكثير المفاسد .

هل الفيدرالية تشبه نظام الأقاليم في الدولة الإسلامية ؟

إن الدولة في الإسلام هي دولة واحدة لا تعرف الحدود فيما بينها توحدها العقيدة وتحكم بشرع الله تعالى وتجمع أبناءها أخوة الإسلام ولا تختلف مصادر التشريع فيها الولاية فيها على أساس الكفاءة والدين لا على أساس المناطقية ، ولو كانت المناطقية هي المقياس في الولاية لما ولى صلى الله عليه وآله وسلم على البلدان من غير أهلها ولما أرسل عليا ومعاذا وأبا موسى إلى اليمن ، وأما من يقارن الفيدرالية اليوم بنظام الأقاليم في الدولة الإسلامية الأولى فهو مخطئ وقد جانب الصواب ويجب ألا يخدعه تشابه المصطلحات عن معرفة حقائق الأشياء والفرق بينها ، وكذلك الفرق بين واقعنا اليوم الذي يختلف عن واقع الدولة الإسلامية الأولى التي لم بكن مقترح التقسيم من الروم أو الفرس ولم يكن ذلك التقسيم ذريعة لتمزيق الدولة الإسلامية ولم تكن هناك قيادات مصطنعة متصلة بفارس والروم تنادي بتمزيق البلاد وتفتيتها ، ولم تكن ـ أيضا ـ تسمية الأقاليم تعني اختلاف الدساتير وبذا اختلاف التشريعات لكل إقليم ، ولم تمنع تسمية التقسيم الإداري بالأقاليم النبي صلى الله عليه وسلم من إرسال معاذ بن جبل قاضيا على اليمن بحجة أنه من خارج الإقليم كما هي طبيعة النظام الفيدرالي المفتت ، ولا منعت الصديق رضي الله عنه من تولية عتاب بن أسيد واليا على مكة، وعثمان بن أبي العاص على الطائف، والمهاجر بن أبي أمية على صنعاء، وزياد بن أبيه على حضرموت، ويعلى بن أمية على خولان، والعلاء بن ثور الحضرمي على زبيد وزمع، ومعاذ بن جبل على الجند، وعبد الله بن ثور على جرش، هل احتج أهل هذه البلدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه ولوا عليهم ولاة ومسؤولين من غيرهم ومن خارج بلدانهم .

إن الملاحظ اليوم أن الدولة ضعيفة وعاجزة عن بسط نفوذها على كل أراضيها وهي لازالت دولة بسيطة ، فكيف سيصبح الحال بعد تقسيم اليمن إلى أقاليم فيدرالية لها دساتيرها وحكوماتها وبرلماناتها وشرطتها المحلية ستكون أكثر قابلية للتقسيم والتمزق، وإذا عجزت الدولة عن بسط نفوذها قبل الفيدرالية فكيف سيصبح حالها بعد استقلال الأقاليم ، حتما ستكون أضعف وستقود الفدرالية حتى على مستوى الإقليم نفسه إلى تغذية الصراع التنافسي على المصالح والمناصب على مستوى القبائل والشخصيات وتؤجج الصراع وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي .

هل يوجد مبرر لقيام الفيدرالية في اليمن ؟!

تنشأ الفيدرالية للأسباب الآتية :

الأول : أن تكون هناك عدة دول مستقلة ،يوجد بينها مجموعة من العناصر المشتركة كوحدة اللغة أو التاريخ أو أن يكون هناك وحدة خطر خارجي يهدد كيان كل دولة من هذه الدول فتتجه في مثل هذه الحالات إلى إقامة اتحاد فيدرالي فيما بينها مستفيدة من العناصر المشتركة . لتقوية موقفها في مواجهة الأخطار الخارجية وتحقيق اكبر قدر ممكن من مصالحها . وهذا ما حصل عند تشكيل الاتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية مثلاً ، فبعد أن كانت عبارة عن مستعمرات تابعة للحكومة البريطانية قام مواطنو ورعايا هذه الولايات بحركات مناهضة للتاج الملكي البريطاني والبرلمان الانكليزي واستمرت وتكللت بإعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا في المؤتمر العام الذي عقد في ولاية فيلاديفيا في الثاني من يوليو من سنة 1776 م وتم وضع دستور اتحادي في سنة 1781 والذي أرسى في مواده أركان النظام الفيدرالي إذ أعطى الكثير من الصلاحيات والسلطات لحكومة الولايات في مقابل تسلم القليل من سيادتها وسلطاتها للحكومة المركزية مما ساعدها على مواجهة الخطر البريطاني آنذاك وسارت قدما مستفيدة من كل عناصر القوة والارتقاء العلمي في ولاياتها حتى أصبحت أمريكا القوة الأولى في العالم ( القوة والهيمنة الأمريكية ). فهل ينطبق هذا على اليمن؟ فمن أجل مواجهة الأخطار الخارجية نمزق البلاد ونتراجع خطوة إلى الخلف عن الاندماجية إلى الفيدرالية كخطوة أولى من خطوات التقسيم ؟!! 

الثاني : أن تكون هناك دولة واحدة ولكنها بسبب تعدد الديانات والأعراق يصعب التوصل معها إلى مشروع سياسي يحفظ لجميع هذه التنوعات خصوصيات بشكل تفصيلي مما يهدد الدولة بالتفكك الذي لا ترغب هذه القوى والمكونات الدينية والعرقية بحدوثه فتعمد الى البقاء ضمن ارتباط قانوني يسمى ( الاتحاد الفيدرالي )،كالهند التي يوجد فيها أكثر من 1500ديانة تريد كل ديانة أن تحافظ على خصوصياتها، فهل ينطبق هذا على اليمن، وكم عدد الديانات ولأعراق في اليمن؟! 

الثالث: أن تكون مساحة الدولة شاسعة ومترامية الأطراف كالولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر خامس دول العالم من حيث المساحة، فمساحتها (تسعة مليون ونصف مليون كم2 تقريبا بعد روسيا الاتحادية والصين وكندا والبرازيل؛ أي تبلغ مساحة الولايات المتحدة الأمريكية 1.9 مليار فدان تقريباً ، وقد بلغ عدد سكانها نحو 309 مليون نسمة في عام 2013م .، وولاية كاليفورنيا وحدها عدد سكانها يبلغ 37 مليون نسمة تقريبا أكثر من سكان اليمن ب12مليون نسمة ،

 فهل اليمن بنفس المساحة وعدد السكان وتعدد الأعراق والقوميات حتى نقارن فيدرلة اليمن بفيدرالية أمريكا ـ عجيب أمركم ـ، فسكان اليمن ما يقارب 25 مليون , ومساحتها حوالي (نصف مليون كيلو متر مربع )؛ أي 1ـــ 19 من مساحة أمريكا .

 وقد يقول قائل: سويسرا دولة مساحتها صغيرة وهي فيدرالية ، والإجابة لأنها تتكون من إيطاليين وفرنسيين وألمان ورومان فليست شعبا متجانسا ومتحد الديانة والثقافة والأعراق فلا بد فيها من تقسيم يحافظ على خصوصيات كل فئة ، وأما الإمارات العربية المتحدة فليست كاليمن، فهي لم تتراجع عن وحدة اندماجية وإنما تكونت من دول وإمارات كانت مستقلة بخلاف اليمن .

وجاء الدور على اليمن ... لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد: .

مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعلنته كوندليزا رايس سابقا الذي يهدف إلى إدماج الكيان الصهيوني كعضو طبيعي في المنطقة مع مراعاة التفوق العسكري له والذي لن يتم إلا بإعادة ترتيب الخارطة بتقسيم الدول العربية وتفتيتها وتدمير وحدتها ومقدراتها وإمكانياتها ، فالعراق أخذ حظه الكبير من التفتيت والتقسيم وإثارة الفوضى الخلاقة الطائفية والمناطقية وتم تدمير إمكانياته ومقدراته الاقتصادية والعسكرية والتمكين للمشروع الطائفي الذي يعمق من الشرخ الاجتماعي والسياسي ، وكذلك السودان الذي تم فيه المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني بدءًا بالدعم لجيش تحرير السودان الجنوبي عبر الجار القريب أوغندا والضغط لإقرار اتفاقية نيفاشا وإقرار الفيدرالية بين شمال السودان وجنوبه لتنتهي المؤامرة الأمريكية بحق تقرير المصير للجنوب وانفصال الجنوب وبقاء جذوة الصراع واحتدامها واختلاق بؤر صراعات في شمال السودان في دارفور وكردفان وغيرها والتجاوز إلى توجيه مذكرة من ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية للقبض على رئيس الدولة دون حياء أو خجل والتهديد بفرض عقوبات واختراق الطائرات الصهيونية للأجواء السودانية والضرب للمصالح السودانية ، ونحن اليوم في اليمن لسنا بعيدين ولا في مأمن عن مخطط الشرق الأوسط الجديد لتمزيق البلاد وتفتيتها والذي يراد تنفيذه ـ وكما هي العادة ــ بأيادٍ محلية يمنية من خلال خطوة التقسيم الأولى (الفيدرالية ) التي لا يوجد أي مبرر داخلي لها لا تنوع ديني ولا عرقي ، ولا نحن عدد من الدول المستقلة التي أحاطت بها الأخطار من كل جانب فتنازلت عن جزء من سيادتها لبعضها واتجهت للفيدرالية لحماية مصالحها وسيادتها كما حدث في سويسرا، بل يراد لنا التقسيم والتمزق والعودة إلى الوراء من أجل إضعافنا أمام الأخطار الخارجية لتنفيذ مخططاتها .

كيف ستتم الخطوات لتقسيم اليمن ؟

1ـ الإبقاء على كيانات طائفية أو مناطقية خارج نفوذ الدولة ومنع الدولة من التوجه لبسط نفوذها حتى تستكمل الخطوات ، كما حدث في كيان كردستان العراق وكما حدث في جنوب لبنان مع حزب حسن نصر .

2ـ إطالة عمر الفتنة والصراع وإنهاك الجميع والإبقاء على تكافؤ القوى المتصارعة وتخويف كل قوة من الأخرى حتى تستمر عملية الابتزاز للجميع والتدخل بالحلول ولكن بالصورة التي يراها وتحقق مصالحه .

3ـ   جعل التمثيل في الحوارات الوطنية على أساس طائفي ومناطقي لتغذية الطائفية والمناطقية التي ستمزق النسيج الاجتماعي ، وليس على أساس التقسيم الإداري أو الدوائر الانتخابية .

4ـ إنشاء نظام فيدرالي يكون هو الخطوة المهمة بعد التمثيل الطائفي والمناطقي لتقسيم اليمن إلى دويلات مستقلة وصغيرة .

5ـ جعل المحافظات الجنوبية في إقليمين ليتماسكا حتى موعد إعلان توحيدهما وبذا انفصال الجنوب و عودته على ما كان عليه مع زيادة نتف من بعض المحافظات الجنوبية التي تم ضمها مع الإقليمين .

مخطط تقسيم اليمن

يذكر الكاتب :رمزي الفقيه : مخطط تقسيم اليمن فيقول في مقال له في موقع يمن ستريت :

حذرت منذ أكثر من عام أن بلادنا مستهدفة ضمن مخطط يهدف إلى تقسيم الدول الإسلامية إلى دويلات صغيرة مختلفة في توجهاتها السياسية والمذهبية .. ويبدأ ذلك التقسيم بتقسيم الدولة إلى أقاليم .. لكل إقليم عاصمة وميناء وموارد اقتصادية مستقلة .. بما يسهل تحول كل إقليم إلى دولة مستقلة في المستقبل .. وفكرة هذا المخطط هي عبارة عن تعديل لمخطط الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنه برنارد لويس في ثمانينات القرن الماضي .. ثم في بداية عام 2005م تم تعديل المخطط الخاص باليمن وفقاً لأبحاث وتقارير تم إعدادها من قبل عدد من المراكز المتخصصة في الدراسات السياسية والإستراتيجية وأهمها مركز الدراسات الإستراتيجية في دمشق ليصل المخطط إلى صورته (قبل النهائية) والتي تتمثل بتقسيم اليمن إلى أربعة أقاليم (الموضحة في الصورة) .. - إقليم صعدة ويضم محافظات مأرب والجوف وصعده وعمران وحجه .. عاصمة الإقليم صعدة أوعمران وميناء الإقليم ميناء مـيــدي - إقليم صنعاء ويضم مدينة صنعاء ومحافظات صنعاء وذمار والبيضاء وإب والحديدة وتعز والمحويت وريمه .. عاصمة الإقليم صنعاء وميناء الإقليم ميناء الحديدة - الإقليم الشرقي (محمية حضرموت الشرقية .. ويضم شبوة وحضرموت والمهرة) - والإقليم الجنوبي (الجنوب العربي) .. ويضم عدن وأبين ولحج والضالع المخطط الأخير .. يبدو أنه نتيجة للأحداث والتطورات التي شهدتها بلادنا خلال العام المنصرم .. تم تعديل المخطط ..إلى صورته النهائية بحيث يتم إلغاء إقليم صنعاء ليكون هناك أربعة أقاليم .. هي .. الإقليم الغربي (تعز وإب والحديدة) والإقليم الجنوبي (عدن وأبين ولحج والضالع) الإقليم الشرقي (شبوة وحضرموت والمهرة) والإقليم الشمالي (ويضم بقية المحافظات وعاصمته عمران أو صنعاء وميناءه ميدي) .. ملاحظات مهمة .. - مخطط تقسيم اليمن .. لن يتم إجبار اليمنيين على تنفيذه .. بل سيتم جعله يظهر وكأنه اختراع يمني بحت سيأتي نتيجةً لمؤتمر حـــــوار سـيشارك فيه اليمنيون بكل أطيافهم. - لا يمكن أن يتم تقسيم اليمن .. طالما وجيشها موحد ..

لماذا تأخرت هيكلة الجيش ؟!

إمريكا تشرف على هيكلة الجيش ، وتم تأخير الهيكلة أو التقسيم على الواقع ليتناسب مع نظام الأقاليم .. - أهم خطوة لتنفيذ المخطط بصورته النهائية .. هي أن يتم إصدار قرار رئاسي يقضي بنـقـل العاصمة من صنعاء إلى عدن .. بحجة أن ذلك سـ يحافظ على الوحدة .. أخيراً .. أرجو من الجميع قراءة الموضوع بعين محايدة .. وأترك لكم حرية التعليق .. وأسأل الله أن يختار لبلادنا ما فيه الخير والصلاح ..

مناشدة للعقلاء في المحافظات الجنوبية :

إننا نناشد الأخوة في المحافظات الجنوبية بأن يكونوا عقلاء ويكونوا أداة لتحقيق الخير وتعميق روح الأخوة بين أهل الدين الواحد والبلد الواحد ونتعاون على إصلاح أوضاعنا، وأما من سيكون سببا في إشعال نار الأحقاد والفتنة وإيغار الصدور وفي سفك الدماء وإزهاق الأرواح فإنه سيتحمل مسؤوليتها يوم القيامة ، ولاندري أمام من رُفع شعار الجمعة التي أقامها الحراك (أنا الشهيد القادم )، وكيف سيقابل الخطباء المولى جل وعلا في عرصات يوم القيامة وهم يدفعون بالفتاوى الشرعية إلى ساحات إزهاق الأرواح وهم يعرفون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي مُوسَى ـ رضي الله عنه ـ قَالَ :

( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) ، ويجب ألا تأخذ الناس نشوة الشارع ونشوة العصبية المناطقية فيؤدي ذلك إلى البغي والظلم وتمزيق الجسد اليمني وحلول التنازع والاختلاف، فبالتنازع والاختلاف والفرقة والبغي ترتفع النعم وتنزع البركة ويحل الفشل وتكثر الفتن فلا يهنأ أحد بعيش ولا يهنأ بأمان مهما توفرت الموارد، فإن من يبغى يحول الله النعم وبالا عليه كما قال تعالى : (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( الأنفال - 46).)  فإخوانكم في كل المحافظات الشمالية تجمعهم بكم أخوة الدين والعقيدة ويكنون لكم كل حب واحترام ولا يبالون أن يكونوا جميع المسؤولين من المحافظات الجنوبية مادامت المسؤولية مبنية على الكفاءة والأمانة والدين ، فعامة الناس لم يكونوا هم من أخذوا الأموال ولا هم الذين نهبوا الأراضي ، ونأمل ألا تحملوا الوحدة الجريمة وما حدث من مظالم في المحافظات الجنوبية فإن كان قد حدث ذلك فالآن الفرصة مواتيه للتصحيح ، وقد حدث قبل الوحدة ما هو أعظم من ذلك: فقد بلغ عدد القتلى في يناير 86م أكثر من اثني عشر ألف قتيل ، وحدث تأميم للممتلكات من مزارع وبيوت وأراضي لا زالت آثارها إلى اليوم واعتداء على الدين وغير ذلك وإن كنا لا نريد أن نذكرها اليوم وننبش جراح الماضي، لكننا مضطرون لذلك حتى لا نحمل الوحدة ما لا تحتمل، واليوم وقد تبنى البعض ما يسمى بالتسامح والتصالح ، كنا نريد أن تتوسع التسامح والتصالح بين جميع أبناء اليمن وفتح صفحة جديدة وليس في إطار محدود فقط . 

ومناشدة لعقلاء اليمن ورجالاتها :

يا عقلاء اليمن ورجالاتها في الأحزاب وفي كل المحافظات تداركوا المسألة واصطلحوا فيما بينكم وتناسوا الأحقاد ولا تجعلوا للتدخلات الخارجية ولا للإمريكان ولا للغرب عليكم سبيلا، فأنتم تستطيعون بإذن الله تعالى الصبر على بعضكم وتصحيح أخطاء الماضي وتصفية النفوس، فأدركوا الأمر قبل فوات الأوان، وقبل أن تأتي مرحلة تكون فيها الضريبة أضعافا مضاعفة ولا ينفع معها الندم، فالأعداء لايريدون لنا الخير ويكفي مامضى ، قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، فالمرحلة خطيرة والمؤامرة كبيرة من وقع فيها وشارك في تنفيذها فهي تأشيرة خروج وبوابة مغادرة من رضا الله ومن التاريخ لا بطاقة دخول ، تتبعها بعد ذلك لعنة الأجيال .

ونقول مؤخرا هل كان من أهداف الثورة الشبابية تمزيق اليمن وإلغاء الوحدة الاندماجية واعتماد الكوتا النسائية وغيرها من مشاريع التآمر ؟ أم كانت الأهداف إصلاح الأوضاع في جميع المجالات وتحسينها ؟ اتقوا الله في هذا الشعب وفي دينه ووحدته ..