قدرها مليار دولار..مصادر إعلامية مُطلّعة تتحدث عن منحة سعودية لليمن سيعلن عنها خلال أيام الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟
ثمة مجموعة من البشر لا يزالون يعتقدون إن الحديث عن تحديات التغيير المناخي هو كالحديث عن الفنتازيا وان التخطيط والقيام بخطوات عملية تواجه تلك التحديات هي ترف! وبرغم اقتناعي الكامل بإدارة الأولويات وهي ترتيب التحديات وفق إلحاحها وانعكاس ذلك على المجتمع إلا أني متأكد أن تحدي التغيير المناخي علينا أخذه بجدية بل والتحضير له من خلال خطوات عملية على الأرض لأن القادم يتطلب ذلك.
شهدت مديريات محافظة عدن منذ الساعة الأولى من فجر يوم 27 فبراير هطول أمطار يصفها الكثيرون "بالغزيرة" صاحبها رياح أدت إلى شل حركة المحافظة وانقطاعات في خدمات (الكهرباء والمياه والمواصلات) حيث أغلقت الطرقات جراء مياه الأمطار, وقد انقطعت الكهرباء عن جميع مديريات المحافظة لمدة تجاوزت السبع ساعات مما سبب إرباكاً في المحافظة وخاصة في محطات الوقود (مقتبس من موقع حياة عدن) وفي مكان آخر، أدى هطول الأمطار الغزيرة التي عمت مختلف مديريات المحافظة إلى انهيار كامل لسوق السيلة الشعبي في مدينة كريتر، حيث جرفت السيول المتدفقة عشرات الأكشاك المنتشرة في السوق ما أدى إلى خسائر ماديه فادحة (مقتبس من موقع مأرب برس).
أؤكد أن الأمطار لم تكن "غزيرة" إذا ما قارناها بتلك التي تتساقط في موسم الأمطار على العاصمة صنعاء, وما جعل الكثيرون يصف تلك الأمطار بالغزيرة هو الانعكاس للهشاشة في البنية التحتية للمحافظة والتخطيط الذي يسير من سيء إلى أسوء ولا يراعي احتمالات وتصورات قد تصادفها المحافظة في المستقبل على الأرض هو السبب الرئيسي وراء وصفهم لتلك الأمطار بالغزيرة. مازلت أتذكر جيداً اليوم الذي أنشئ فيه سوق السيلة الشعبي وأتذكر حينها أني وصفت هذا الأجراء "بالغبي" وحينها ابتسم الكثيرون معتقدين أني أنا الغبي لاعتقادي ذلك!.
سوف السيلة الشعبي هو في الأساس مجرى تم إنشاؤه كمصب تصب إليه جميع قنوات ومجريات السايلة لمدينة كريتر لتؤدي به إلى البحر. صحيح أن المدينة ظلت سنوات طويلة تشهد ندرة في تساقط الأمطار لكن هذا لا يعني بطبيعة الحال أن نستبدل منشأ تم بناؤه في الأساس لغرض ما وتحويله لشيء آخر بغض النظر عن التحديات الآنية التي تواجهها المدينة من وقت إلى آخر. فهذه الطريقة بالتفكير هي "حديثة" وليست "إستراتيجية" ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد عليها في إدارة شئون مدينة يسكنها عدد كبير من الناس. حين تم استبدال "مجرى السيلة" بسوق "السيلة الشعبي" لم يكن يتخيل حتى ذوو المشاريع الصغيرة والأصغر أنهم مهددون بهكذا حادثة مؤسفة؛ لأنهم لم يفكروا بالأساس بالغرض الرئيسي "لمجرى السيلة" والذي أنشئ لأجله وربما أيضاً قلة هطول الأمطار هي أحد تلك الأسباب التي أقنعتهم بأمان المكان! وكي لا تتكرر الحادثة المؤسفة مرة أخرى عليهم أن يفكروا بأكثر جدية بأن يبحثوا عن مكان آخر ولعل هذا يقع أكثر على عاتق السلطات المحلية في محافظة عدن!.
عدد من المواقع الإخبارية التي غطت هطول الأمطار على مدينة عدن اتفقت جميعها وفي حدها الأدنى على العيوب في تصميم الطرقات، وبحسب مراسل موقع مأرب برس الإخباري في عدن، فإن الأمطار أدت إلى تجمع المياه الراكدة في الطرقات والشوارع وأعاقت مرور السيارات واتجاه الناس إلى أعمالهم في ظل عدم وجود منافذ لتصريف المياه (مقتبس من موقع مأرب برس). وهذا كما أشرت سابقاً يعود إلى العمل في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في هذه المدينة. ويستحضرني موقف هو أعمال "رصف الشوارع" بالحجارة! تساءلت مراراً... كيف يمكن أن يتم رصف هذه الشوارع بهذا الشكل دونما أي تخطيط وتفكير بمد خدمات (الاتصالات والماء والكهرباء والإنترنت و المجاري...الخ) ناهيك عن قنوات التصريف التي كانت موجودة في عدن لسنوات طويلة لكنها أهملت ولم يتم مواصلة بنائها فيما بعد ناهيك عن العشوائيات المنتشرة حتى أعالي الجبال وأثر ذلك!!!.
لو تخيلنا أن مدينة عدن واجهت نفس سيناريو هطول الأمطار المؤسف الذي شهدته عاصمة حضرموت "المكلا" بتاريخ أكتوبر 24 2008م! دون أدنى شك سيكون الواقع مروع! يتحدث موقع حياة عدن عن نسبة 75% من امتلاء الصهاريج! وتصف المواقع الإخبارية مدعمة بصور توضح بشكل مؤسف حجم الفوضى والخراب الذي عم أرجاء المدينة!
لكن حتى اللحظة هذا ليس كل شيء، إذ في ظل التطور المستمر في تغير المناخ تصبح التوقعات ضرب من الجنون إن تجاهلنا إمكانية تحققها مثلما تعاملنا اليوم وأدى إلى كارثة "سوق السيلة الشعبي"!
السنوات القادمة ستكون أعين الخبراء على مدينة عدن ليس لأنها بؤرة لأحداث سياسية إنما لوقوعها ضمن دائرة أوائل المدن المتوقع تأثرها بارتفاع منسوب مياه البحر جراء التغير المناخي! في دراسة أجرتها إحدى الفرق المكلفة بمعرفة حجم تأثر المناطق الساحلية اليمنية بالتغيير المناخي والتي ستقدم ليتم تضمينها ضمن "التقرير الوطني الثاني لتغير المناخ في اليمن" تؤكد ارتفاع منسوب مياه البحر بشكل بسيط في مديرية خور مكسر. ويضيف الفريق: خور مكسر منخفضة جداً وقد تكون معرضة للغمر بالكامل في حالة ارتفاع منسوب البحر, وهو الذي أكده الدكتور محمد الصعفاني- أستاذ علوم الأرض والبيئة في جامعة صنعاء وكان أحد أعضاء الفريق المكلف بالنزول إلى مدينة عدن.
وضمن مجموعة من التقارير العالمية التي تتحدث عن تأثير التغيير المناخي على بلدان العالم، كانت اليمن ضمن الدول الـ10 في قوام 87 دولة تتأثر بارتفاع منسوب مياه البحر، ومن بين 288 مدينة حول العالم جاءت عدن في المرتبة الـ15 وهي المتوقع غمر مناطق منها بحسب تقرير البنك الدولي مؤخراً والدكتور الصعفاني!.
ويضيف الدكتور الصعفاني، إن 3 تقارير عالمية تحدثت عن وجود تغيرات وتأثيرات مناخية على البحار، ومنها اليمن. مستغرباً إغماض أعيننا وإنكارنا لذلك, قائلاً: "ليش إحنا نغطي عيوننا ونقول ما فيش تأثيرات، ثم سنكتشف بعد فترة وقد غمرت مناطق كثيرة بالمياه!" ويستمر بالقول، "ارتفاع مياه البحر سوف يؤثر على المياه الجوفية, "بير أحمد" مثلاً في عدن زادت فيها الملوحة، وكلما ارتفع مستوى البحر زادت المشكلة". كما استغرب الدكتور الصعفاني أيضاً من عدم وجود دراسات أولية لتغير المناخ، إضافة لتقييم أثر بيئي للمناطق الساحلية وخاصة خليج عدن والتواهي، قبل بدء بتنفيذ مشاريع استثمارية. حيث يقول "مش معقول نعطي أراضي لمستثمرين ويخسروا عليها ملايين، وبعد كم سنة تغمرها المياه!", كما يضيف "إذا كانت المحارم البرية لشواطئ البحر تحدد بــ300 مترا، فإن منطقة التواهي يجب ان تحدد بــ500 مترا" حتى يتم تفادي أي ضرر بالمستقبل (مقتبس من موقع نيوز يمن الإخباري).
أخيراً... عدم الاستجابة لهكذا مؤشرات والتعامل بنظرة لا تتجاوز أصابع القدمين يؤدي إلى مزيد من العواقب الكارثية. التحدي المناخي ليس ترف بل هو حقيقة مؤلمة, وقد اجتمع العالم في كوبنهاجن لإيجاد حلول لها وما زل العمل جارٍ والمطلوب مزيد من التنسيق بين القطاعات المختصة في مدينة عدن وفي مقدمتهم قيادتها المحلية.
Alaa.alaghbari@Gmail.com