العطاس ممسكاً بشعرة انفصالية
بقلم/ علي الشاطبي
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و 21 يوماً
الخميس 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 05:31 م

مأرب برس – خاص

في حوار أجرته معه الزميلة"النداء" تحدث أول رئيس وزراء لدولة الوحدة ابوبكر العطاس أكثر من اللازم في طوافه على أحداث عديدة رافقت مسيرة إعلان الوحدة الاندماجية بين شطري الوطن, وأسباب رفضه لقيام الوحدة التي قال بأنه كان يجب انتظارها عشر سنوات لضمان تكامليتها, في مواجهة أخرى قد لا تكون الأخيرة في حياة العطاس المليئة بالم نتاقضات والمثيرة للتوجس.

 وما لفت انتباهي هو أن العطاس في الحوار ظهر متقمصاً لعباءة الرجل الوحدوي والمناصر لقضايا الوطن والفارس الذي ترجل لينتصر لأبناء جلدته, والمتفلسف في تمجيد ذاته, التي لم تصمد كثيراً, ليميط الحوار العباءة عن الوجه الحقيقي للسيد ابوبكر العطاس كاشفاًُ التوجه الذي يعمل على خدمته, وأن بدا متداخلاً في رؤاه ليمن ما بعد الوحدة, وحلوله للاحتقانات الداخلية, ومروره السريع على منهجية تقاسم السلطة بين الرئيس علي عبدالله صالح والشيخ عبدالله الأحمر.

والحقيقة أنني صدمت بأن الرجل قد وصل إلى مرحلة الخرف, وأصبح يهرف بما لا يعرف في صورة تموضعه وكأنه "مهرج في سيرك نخبوي" .

والرجل وأن ملك علينا حق الاختلاف معه, لم يعطي للاختلاف معياراً على أساس أن الاختلاف لا يفسد للود قضية, فلم يراعي ود القضية وقبل كل ذلك فرضيتها على أرض الواقع كنتاج لحق شعب في الاندماج تحت نظام واحد وجغرافية واحده, بغض النظر لعدم مراعاتها للجانب السياسي منها, والذي لا نعمل على إقصائه بالقدر الذي نرجع الخلاف حوله لصراع جماعات بداخله كانت تعمل للحصول على النصيب الأكبر لضمان تفردها في القيادة أو في استحواذها على النصيب الذي لا يرتقي بالآخرين لمكانتها, وهذا الصراع كان صراعاً فردياً بين تلك الجماعات ما لبث أن عملت على تحويله تلك الجماعات إلى صراع لفك الاندماج لفرض الواقع التي تريد تطبيقه وهو واقع مناف للمقتضيات التي أرادت الوحدة تبنيها عبر طموحات قيادات الشطرين , لكن العطاس حاول تحميل نظام الرئيس علي عبدالله صالح والجماعة التي كانت تقف داعمة لشعار الوحدة أو الموت , أسباب التحول في مسار الوحدة مبرراً ذلك بأن الوحدة لم تضمن تكامل مصالح و امكانيات , بل جندت الشريك الآخر"لتعظيم" قوة العضو الآخر, وهو بذلك نسى بأن الانفصال لم يأتي لتصحيح مسار الوحدة بل جاء لأيمان البعض من القيادات في الحزب الاشتراكي بمشروعه في العودة إلى منطق الشطرين مرة أخرى, والأسباب وأن عددها لتأكيد تقولاته بأن الوحدة رجحت إلى كفة الرئيس علي عبدالله صالح مقصيه الحزب الاشتراكي و"الجنوب" فأنها لا تخلي اليد التي تزعمت قرار إعلان الانفصال, والتي جند نفسه خدمة لنجاحها , وهي اليد التي فشلت في الوصول بأهدافها إلى دائرة التحقيق . وبالمناسبة كان لدى القيادات في الحزب الاشتراكي طموحات شخصية غير معلنه مهدت من السير نحو الوحدة لكنها لم تنجح , فأضطرت تلك القيادات لتململ ومن ثم الخروج عن مسار الوحدة متعللة بفكر حزبي منبته بأن نظام علي عبدالله صالح لا يريد فقط القضاء على الاشتراكي كحزب وكدولة وانما يريد القضاء على الجنوب ككل!!

 وما يهمني بالموضوع بأن السيد ابوبكر العطاس يلعب على وتر التجاوزات التي تحدث والتي لا يمكن التغاضي عنها ممرراً مشاريع مضرة بالوحدة الوطنية, فمثلاً لو قلنا بأن الحزب الاشتراكي نجح في مشروعة السري إقصاء الرئيس علي عبدالله صالح من السلطة وهذا المشروع أعقبة مشروع الانفصال فما هو الوضع الذي ستكون عليه اليمن ككل, باعتقادي بأن الوضع لو نجح المشروع سيكون أكثر مما هو عليه اليوم.

 لكن العطاس الذي أكد على وحدوية الشريك في التوقيع على اتفاقية الوحدة نائب الرئيس علي سالم البيض والتي كان يعارضها أظهر جانباً آخر من حقده الدفين على المضي نحو إعلان الوحدة ومن ثم ترسيخها وانقلابه على القومية العربية التي كانت تدعم الوحدة بين الدول العربية علاوة على عملة قتل بوادر الاتفاق التي كان من الممكن أن تبقي الاشتراكي شريكاً في نظام ما بعد الوحدة , لكن السيد العطاس وفي أكثر من استدراك أكد على أن الوحدة حققت لتقتل, والدخول فيها لم يكن موافقاُ عليه إلا عندما وجدت الضمانات بعدم استمراريتها, وأن الخلافات بين الرئيس ونائبة والتدخلات التي حاولت استيعابه لم تكن خلافات حول بناء دولة من عدمها, (ونحن هنا لا نتناول التجاوزات التي كان مصدرها قيادات تابعه للرئيس علي عبدالله صالح والمواليه له وإنما خلافات حول تقسيم الثروة وتضاد في الفكر الحزبي والشعارات التي رفعتها القيادات الاشتراكية لتبرير الانفصال).

فالشعب الذي كان العطاس يتحدث باسمة أيد الوحدة وأيد ترسيخها , و قوله بأن الجنوب استباحه نظام علي عبدالله صالح هو محاولة للتتويه عن الحقيقة لكونه أول من وقف ضد الانفصال المشئوم ودعم قوات الشرعية إيماناً منه بواحدية المصير والشعب الواحد.

في الأخير الخيارات التي طرحها العطاس إمام السلطة لإصلاح الأوضاع والتي من ضمنها تقسيم اليمن إلى إقليمين" إقليم شمالي وإقليم جنوبي" يضمن حكم ذاتي لكل إقليم يكون مراعياً للخصوصيات الجغرافية وتعدد الموارد,خيارت فيما إذا طبقت ستكون دافعاً قوياً للعطاس وآخرين للعودة ليس للعمل من أجل الوحدة وإنما من أجل إحياء ما تبقى من روح انفصالية وحروب أهلية , و الأقلمة التي يدعو إليها العطاس بعيد عن طرحها كبديل للمركزية فأنها ستوفر البيئة السانحة لنمو فكر يقضي على الوحدة. والسيد العطاس لو أراد فعلاً خدمة اليمن لكان عاد عندما وجهت له اكثر من دعوة للعودة والتي رفضها لما قال عنه قناعة شخصية بأن مطالبه هي القيام بعملية إصلاح وطنية عندها سيكون قد عاد.

لكنه لن يعود من أجل اليمن بل من أجل مشروع آخر يخدمه, وهو مشروع يقسم اليمن من جديد تحت ذرائع عده لعل العطاس نفسه أكثر العارفين بها , سيما وأنه يتواجد في الخارج ويتواصل مع قيادات معادية للوحدة.

أن عرض بضاعة الترويج لفكر انفصالي اصبحت بائرة على الأقل في الوقت الحالي الذي يبحث فيه الناس عن تحسين لأوضاعهم المعيشية, لكن عوامل داخلية تجعل من هذا البضاعة متواجدة بقوة , وأكثر من مرة ننادي بضرورة الإصلاحات الداخلية على أساس عادل, لكن لا حياة لمن تنادي السلطة مشغولة بالانتخابات البرلمانية القادمة والمشترك يقاطعها ومسببي الأزمات يصولون ويجولون دون من يوقفهم عند حدهم.

ونحن هذه المرة نعيد إطلاق الدعوة للرئيس, بضرورة إصلاح النظام من الداخل.. بضرورة القيام بعملية اجتثاث واسعة للفساد والمفسدين.. بضرورة إعادة الحقوق لأصحابها.. بضرورة التأسيس لمرحلة يعاد فيها الأمر بتوزيع الهبات لكسب الولاءات.. اليمن ليست ضيعة.. لذلك فلتقم يارئيس ونحن سنقف إلى جانبك بكل ما يعيد للوطن عدالته.

alshatipi@hotmail.com