عبده الجندي.. وشرعنة الإرهاب والبلطجة
بقلم/ رصين الرصين
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و يومين
الثلاثاء 10 إبريل-نيسان 2012 04:52 م

أن تكون من أنصار النظام وضد الثورة، فهذا حقك الدستوري والقانوني.. وأن يقول رجل الشارع العادي \"علي وبس، لوما نبس\" فهذا مفهوم.. لكن ما فعله وما قاله عبده الجندي على قناة العربية لا يفهم إلا في إطار واحد، وهو تبرير الإرهاب والبلطجة..

عبده الجندي مثقف وسياسي محنك، لكن الملاحظ عليه أنه قلما يظهر بالصورة في فضائية غير يمنية، ويكتفي بالاتصال الهاتفي؛ وأظن السبب هو أنه - كونه مثقفا وقارئا في علم النفس – فهو يدرك تماما أن ملامحه ستفضح شيئين لن تغفلهما اي عين فاحصة، الأول: هو أنه كاذب ولعل الأولى أن نستخدم صيغة المبالغة \"كذاب\" فالقاعدة لديه الكذب، والصدق هو الاستثناء. والثاني: أنه - مرة أخرى كونه سياسيا محنكا – يدرك تماما ألا أحد سيقتنع بما يقول؛ لأنه هو نفسه غير مقتنع به.. والجندي يدرك تماما أن المستمع إليه – لأنه لا يظهر بالصورة غالبا – يتساءل في نفسه: أي مؤهل علمي يحمله هذا الرجل؟ لأن كلامه لا يختلف كثيرا عن كلام رجل الشارع العادي، الذي لم يتلق أي نوع من التعليم..

إن قرار الرئيس هادي – مهما كان - هو ملزم لأي مسؤول مدني.. أما العسكرية فلا تعرف إلا الأمر العسكري، الذي من خالفه وجب إحالته إلى محاكمة عسكرية، والجندي يدرك هذا كله، ويدرك أن هادي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن.. لكن الجندي يستمري الاستهبال، ويستسهل الاستغفال. إلا أنه كان من سوء حظه أن خصمه في قناة العربية، هو منير الماوري، وهو كاتب صحفي ومحلل سياسي من الطراز الأول، مع تحفظنا على قليل أو كثير من طروحاته..

لقد تبسمنا جميعا أنا والماوري وحتى المذيعة ريما صالحة، لما قال الجندي: علي محسن من جيل الرئيس، أما هذا القرار فلا ينبغي أن يشمل الشباب.. والسؤال: هل اللواء محمد صالح ينتمي إلى الفئة العمرية للشباب، وقد قضى ربع قرن في منصب واحد؟

الجندي ارتكب خطأين بل خطيئتين في حق السياسة اليمنية، هذا أحدهما.. والثاني هو أنه لما كان في اللجنة الإعلامية عام 2006 صدرت الأوامر بإعلان فوز صالح، وحينئذ لم يتردد وأعلن فوزه قبل انتهاء الفرز، وليته اكتفى برقم صغير كاف لتسجيل أغلبية، لكنه اختار بنسبة فوق 70%، وكان بإمكانه أن يقول مثلا 55% فهذا كان أقرب للمنطق.. أما أنا فلم أكن بحاجة لاعتراف علي محسن واستيقاظ ضميره – بعد خمس سنوات - ليعلن أن تلك الانتخابات كانت مزورة، وأن الذي فاز فيها هو فعليا بن شملان، لأني منذ ذلك اليوم لم أقتنع بهذه النسبة الكبيرة، التي لا يستطيع إثباتها عمليا لدى المقارنة بعدد ونسبة وتفاصيل الأصوات التي حصل عليها كل منهما، وتدل أنه إنما سحب رقما ونسبة من قرعة دماغه كما نقول \"مشع\" رقما هكذا كما تمشع الجنبية، دون تفكير في عواقبه ونتائجه في المستقبل..

وعلى هذا فالشرعية التي فلق النظام رؤوسنا بها – على طول عام الثورة الفائت 2001- هي شرعية باطلة ساقطة، قبل حتى جمعة الكرامة التي أسقطتها للمرة الثانية..

أما الرئيس هادي، فلم يحظ رئيس في تاريخ العرب الحديث بمثل الشرعية والدعم الذي حظي بهما، فهو دعم يستند إلى شيئين لا يستطيع أحد أن يقاومهما، أحدهما البيادة الأمريكية، والثاني المال الخليجي الذي لدى أصحابه استعداد أن يدفعوه بلا حدود؛ لأنه فيما لو لا سمح الله عدنا إلى نقطة الصفر، ونشبت الحرب، فستكون السعودية خاصة مجبرة على استقبال عشرات آلاف اللاجئين يوميا، وستكون مضطرة للتعامل مع ولاية إيرانية على حدودها الجنوبية.. وسيكون على أمريكا والعالم الغربي أن يستعدوا للتعامل مع خمسة وعشرين مليون إرهابي، هم سكان الشعب اليمني الذي يسوده الجهل والفقر، وهما أنسب بئتين وأخصب تربتين لبذرة الإرهاب.. ونستبعد تماما أن مثقفا وسياسيا بحجم الجندي لا يدرك هذا كله..

ولكل ما سبق، ففقد كان على الجندي – وعلى كل قيادي في المؤتمر - أن يقول:

1- التهديد بقصف الطائرات المدنية لا يمكن وصفه بشيء سوى الإرهاب..

2- بما أن هذا أمر عسكري، فالمبدأ معروف \"نفذ، ثم ناقش وتظلم\" وعلى الشرطة العسكرية ضبط أي ضابط لا يلتزم بأوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإحالته إلى محكمة عسكرية..

3- على قيادات المؤتمر أن تختار بين: الكف عن ترسيخ وتكريس الاتهام لصالح بأن نظامه ملكي، أو الاعتراف بأنه ملكي بامتياز، وحينئذ لا داعي للغضبة المضرية ووصف هذا الاتهام مرارا وتكرارا بأنه وقاحة..

4- على المؤتمر أن يكون قدوة وسباقا إلى احترام الدستور والقانون، وليس أن يبحث عن أعذار أوهن من خيوط العنكبوت لمخالفيها والمتمردين عليها..

5- ما ينطبق على المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين من النظام، ينطبق تماما وبنفس القدر على نظرائهم من الثورة، وننتظر قرارات بنقل أحمد ويحيى، وإحالة علي محسن إلى التقاعد..