رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ برئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية موجة برد قاسية متوقع أن تستمر في 8 محافظات البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا حكم قضائي يعمّق الخلاف بين الرئاسي والنواب شرطة تعز تعتقل قاتل أربعة من أفراد أسرته في صنعاء اشتعال حرب التكنولوجيا ..الصين تسبق الولايات المتحدة في التاكسي الطائر ذاتي القيادة
alboox@gmail.com
قبل فترة وجيزة، تلقى(فاير استاين) ست دبب عسل، الحجم الطبيعي للدبة الواحدة سعته (5 لترات)، هذه الكمية واحدة من الهدايا التي – ربما - يتلقاها معالي السفير على الدوام.
الهدية أو الرشوة - لا فرق في التسمية - تتطلب أن نتناولها، ليس بدافع التشهير بشخص ممثل الولايات المتحدة الأمريكية الأول في اليمن، أكثر من الحديث عن أدائه الدبلوماسي.
معه زادنا من محاسن الأداء الأمريكي، وبتنا نعرف الآن بأن (العسل) له علاقة مباشرة بتقلبات مواقف معاليه الدبلوماسية، وهو يمانع من إعادة هيكلة الجيش، حتى بات السفير يمثل مصدر العسل بتعنته العجيب لفكرة الهيكلة.
لنهمل الكثير من التفاصيل، لا تبدو ضرورية، سأخفيها مع أنها كثيرة تخص صفقة العسل (زمان ومكان التسيلم، نوع العسل هل هو أصلي أو مقلد مغشوش)، لقد حصل عليها فاير استاين وانتهى الأمر.
الكتابة عن هذا النوع من الهدايا يمكن وصفه في مثل هذه الظروف التي تمر به البلد عمليات منظمة لإفساد حقيقة الدبلوماسية، خاصة ومعالي السفير حصل على كمية العسل من شيخ قبلي مقرّب من الرئيس السابق، يتمتع (الشيخ) بنفوذ واسع في محافظة عمران، بالإضافة إلى موقعه القيادي في حزب المؤتمر الشعبي.
أتمنى من هؤلاء الذين تعوّدوا على شراء الذمم والمواقف، ويحاولون أن يخوضوا غمار السياسة ويتربعوا على الكراسي، حتى عبر دبب العسل، أن يلعقوا عسلهم، لعله يقيهم مرض السلطة المزمن، ويوفر عنهم الركض المستمر في اتجاه المناصب.
والسؤال الأكثر إلحاحاً: هل صار العسل يعمل على تقريب وجهات النظر بين السفير والأطراف التي تتبنى خط تقديم الهدايا؟ وإلى هذا الحد، ليصبح له القدرة في ذات الوقت على خلق التنافر والتباعد بين السفارة الأمريكية والأطراف الأخرى التي تنادي بهيكلة الجيش، ولكنها لا تحسن ربما تقديم الهدايا وكيل العسل إلى فم السفير.
إننا نخاف في هذه الحالة بأن يعود غياب العسل بالاتفاق والوفاق الوطني إلى المربع الأول، ليس لأن الفرقاء يرفضون إعادة هيكلة الجيش التي تضمنتها المبادرة والآلية المزمنة، أو ينوون تعميق جراحات البلاد، ولكن لأن المزيد من العسل ربما يجري تدفقه نحو السفارة بشكل منتظم، وذلك يجعل من مواقف الراعي الرسمي ومشرف السفارة الأولى (فاير استاين) على هيكلة الجيش في حيرة من أمره.
بعد أن تلقى معالي سفير الولايات الأمريكية العسل، أصبح يتحدث عن بقاء أقرباء الرئيس السابق في مفاصل مؤسسة الجيش، وذلك يعني بشكل واضح جريء تحالف الدبلوماسية مع البيادات العسكرية.
من يخبر هذا الرجل العجيب الذي يتذوق عسلنا أنه يرجمنا بتصريحات شديدة المرارة؟ من يخبر السفير الأمريكي في صنعاء أننا في صدد ثورة حقيقية، ننشد التغيير في كل المؤسسات أهمها المؤسسة العسكرية؟ من يشكره نيابة عن كل هذه الساحات، نيابة عن الشهداء وباسم الجرحى، ويقدم له التحية الأخيرة عن دوره حتى اللحظة، ويقول له: كفى؟.
اخبروا هذا المثابر المتذبذب.. عليه أن يرتاح، عليه أن يستجم في ظلال فندق الشيراتون أو موفمبيك، ألا يكفيه كل الدمار الذي خلفه في أفغانستان والعراق مذ كان سفيراً فيهما؟ إنه لا يبدو أكثر من الباعث على لعب دور الدبلوماسي الرديء، متكدس المواقف في السوق الدبلوماسي الواسع.
الدبلوماسي الغبي (يرسب) حينما يتجاهل أن ينسج العلاقة مع المجتمع المدني والإعلام الحر، والنخب الوطنية الحقيقية وقادة النقابات والأحزاب الناضجة، ويذهب ليباشر مهمة تحالف الدبلوماسية مع قادة الحرب والتدمير.
من وقت لآخر يطل علينا سعادته، يصدر تصريحاته المشمئزة المنفرة، ولا يهمه أن ينزعج منها اليمنيون أو لا، الأهم هو تحقيق أكبر قدر ممكن من أجندات الحاكم في الظل، المضروبة حول أعناقنا، نشعر بمرور الوقت أنها تضيق.. كلما تحدث (استاين)، يبلغ فينا من التقزز ما يصل حدود مستوياته المروعة، نصاب معه بزوغان العيون ويثير فينا الغثيان.
بالنسبة لي شخصياً مواقف (فاير استاين) لا تدهشني كثيراً، إنني لا أستطيع أن أطلق على غالبيتها وصف إيجابي، في مجمل أدائه، من الطبيعي أن يراعي (فاير استاين) مصالح بلده على خارطة وطننا.
وتلك خاضعة لمعايير عدة كالفقر والتخلف وشماعة القاعدة والحاجة للتخلص منها الآن قبل الغد، ونعاني من غياب أدوات الخلاص منها نهائياً، كما أن هذا ليس الجديد.
حالة الثورة اليمنية - من وجهة نظر سعادة السفير - هي الجديدة في بلد كاليمن، يشكل الفساد والعبث أبشع صورة له، ويرى أبناؤه أن الوقت حان لاستئصال أرباب الفساد ورموزه، وهذا ما يجعل السفير بمواقفه مرتبكاً على الدوام؛ لأن بقاء الوضع على ما هو عليه يمكنه من مواصلة تلقي الكثير من الهدايا خاصة العسل، ولا تبدو فكرة التغيير مستحسنة لديه الآن، لذلك يريد البقاء في هذه الحالة، يفرط في تعلقه بمذاق العسل الفريد، وربما خارج وصفة الطبيب، ما يفقده اتزانه المهني والأخلاقي أيضاً.
في اليمن وحده يؤدي العسل أكثر من وظيفة، إلى كونه يتمتع بنسبة عالية من الفوائد الصحية، وينصح في تناوله الأطباء، وهذه المنافع العلاجية الوقائية المتعارف عليها، أيضاً تضاف إليها منفعة أخرى هنا، أن ترفع - على سبيل المثال - نسبة أداء السفير الأمريكي في الجانب السلبي لعمله الدبلوماسي؛ ليتجاوز دوره (الدبلوماسي) إلى السياسي، حتى إنه يشعرني أحياناً أنه يقوم بدور أحد قادة أحزاب التحالف الوطني، ويجب أن يبدي مخاوفه من كل ما يطمح إليه اليمنيون من تغيير، ومؤخراً عملية هيكلة الجيش.
إن كميات العسل التي يتلقاها المسؤول الأول في سفارة أمريكيا بصنعاء تتحكم بمواصلة تنفيذ بنود المبادرة الخليجية والآلية المزمنة التي قبلها الشعب على مضض، أو تقف عائقاً في وجه التغيير، وهي ربما من تعقد الأمور أكثر من اللازم، وقد تدفع بالوضع نحو منحدر خطير، في حال ظل الجيش وأقرباء الرئيس السابق على ما هم عليه في مواقعهم العسكرية.
إن مواقف معالي السفير المشهودة كافية لوصفها بالمغايرة، يفاجئنا بها من وقت لآخر، وبدلاً من أن يباشر مع أصدقائه الدبلوماسيين في المساهمة الإيجابية في إعادة هيكلة الجيش عاود الحديث عن حاجتهم للاحتفاظ بأقارب الرئيس السابق في مواقعهم العسكرية.
تبدو هذه النزوة تواصلاً لقفزات (فاير استاين) المعهودة من الثورة، وحالة التخبط التي يمتاز بها هذا الرجل منذ باشر اليمنيون ثورتهم.
إن حالة الشطط التي يعانيها (فاير استاين) تبدو دائمة في أدائه الدبلوماسي، الدور الذي قبلت أن تلعبه سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وتتخذه من حالة الثورة اليمنية، تأخذ أفعال السوء مع هذا الرجل بعداً آخر.
وفي غالبية مواقفه السلبية تتراكم في طريق بناء قاعدة الأخطاء الشائعة، حيث سيصبح بعد انتهاء فترته الدبلوماسية سيء الصيت والسمعة، وسيتحدث اليمنيون أن سفير أمريكا في اليمن - في فترة بعينها - كان أسوأ من استخدم وظيفته الدبلوماسية هنا، كما بات يدركها الشعب اليمني؛ لأن سعادته لا يراعي مشاعر اليمنيين، يجري التصريحات الصحافية ويتفنن في إغاضة شعب يريد أن يتغير، ويقف في طريقه على أنه الحاكم في الظل والقابض على زمام الأمور.