الفتوى والفتوى المضاده ... كلاهما صحيح
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 10 أيام
الجمعة 07 أكتوبر-تشرين الأول 2011 02:52 م

الإصلاحيون أغبياء، ظنوا أن لعبة الدين ستظل حكرا عليهم وعلى مشائخهم ذوي التقلبات الدائمة، ونسوا أنه متى ما تم إقحام وإذلال الدين في قذارة السياسة فانه لن تبقى مقدسات مصانة وأن الأمر سيكون مباحا للجميع باستخدام ذات الأسلوب وبنفس القدر من الابتذال وخاصة أن المجتمع اليمني مازال يذعن لأية طريقة دينية تشرح أو تفسر أو تبيح أو تحرم أية عمل يتعلق به وبمستقبله.

و الإصلاحيون أيضا حمقى عندما يبيحون لأنفسهم استخدام الدين والإيغال فيه ثم التشنج ورفض أن يشاركهم أحد بنفس الطريقة التي يستخدمونها كأن الدين ما خلق إلا لهم ليتصرفوا به كيفما شاءوا، بينما لا يمكن لأحد أن يفرق بين شيخ دين منتمي إلى تنظيم الإصلاح وشيخ دين آخر منتمي إلى المؤتمر الشعبي العام، فكلاهما يستخدمان نفس اللغة وينهلان من ذات المصدر وجميعهم يتقنون فن لي أعناق الآيات والبحث عن الأحاديث المؤيدة ويوجد لديهم كم هائل وإرث ضخم من الأقوال المتناقضة في التاريخ الإسلامي يمكن لكل فريق أن يستند إليها.

لذا حين خرجت فتوى علماء السلطان التي رأت بأن الخروج عليه يعتبر محرم شرعا، لم أستغرب ولم أعترض عليها أو اشكك بأدلتها وشرعيتها، فهم لديهم أدلتهم من القرآن والحديث والسيرة ومن كبار علماء الدين في الماضي أو المعاصرين منهم، وهم لم يختلفوا كثيرا عن عبد المجيد الزنداني عندما وقف موقفهم ضد الحوثيين وأحل قتالهم ومحاربتهم بشكل لا يقل بؤسا عما عمله العلماء الحاليين في نظام صالح.

كما تذكرت أيضا فتوى الديلمي ( المعارض الآن ) بشأن فتواه التي أهدرت دماء الجنوبيين جميعهم والتي ساهمت بخروج قبائل الشمال لسلب كل شيء في عدن تحت حماية سماوية ساهم الإصلاحيون آنذاك بصنعها، بل جميعنا نتذكر مشائخ الإصلاح وهم يتنقلون في المعسكرات الشمالية لحث الجنود على الشهادة وقتال الكفار في الجنوب ودخول الجنة والنوم مع الحوريات هناك.

إذا ما الذي يجعل فتاوى الإصلاح صحيحة عندما كانت تخرج لصالح الطاغية وفتاوى غيرهم الآن هي مجرد بيانات سياسية ومدفوعة الثمن! وما الذي يجعل صالح في ذلك الوقت بالحاكم العادل كما وصفه الزنداني ذات مرة ويجعله الآن حاكم يجب الخروج عنه وخاصة أنه لم تطرأ تغيرات جذرية في طريقة حكمه أو استبداده؟

حين قال علي بن أبي طالب عن القرآن بأنه حمال أوجه، فهو كان يعلم بأنه يمكن استخراج الشيء ونقيضه من خلال لوي التفاسير والمعاني لإخضاعها لحاجة اللحظة سواءً كانت مع الاستبداد أو ضده، وهنا تكمن إشكالية الدين في السياسة، فهي تزيد الأمور تعقيدا وتصيب المتابع بالدهشة من طريقة عجن الدين ومضغه بهذا الشكل الذي لا يليق بمكانته، كما أنه يدخل الناس في دوامة عقائدية وبحث لا يخرج بفائدة إلا لمن أمتهن مهنة التدين كعمل سياسي.

بطبيعة الحال لن يتوقف الإصلاحيون عن استخدام الدين لأنه محور استنادهم عليه، كما لن تتوقف القوى المستبدة من ذات العمل لأنه من السهل جذب عمائم ولحى إلى صفها بواسطة المال الذي أغدق قبلها على جامعة الزنداني وأسرته وعلى كثير من المعارضين الآن الذين أصبحوا بين عشية وضحاها ثوارا يشار إليهم بالبنان.

واليمن ستظل تعاني كثيرا من هذه الإقحام للدين في العمل السياسي حتى وأن نجحت الثورة، لأن توليفة الدين والسياسة هي توليفة ناجحة لخلق أكثر من مستبد وطاغية، والتاريخ والحقائق كلها تشهد بهذا الشيء.

Yazn2003@gmail.com