إله الجمهورية
بقلم/ مريم عبدالله الغرباني
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 15 يوماً
الإثنين 01 أغسطس-آب 2011 10:43 م

لا أستطيع أن أصف دهشتي يومها ومدى صدمتي بما سمعته على لسان صالح حين كان رئيسنا قبل ان نخلعه, في مقابلته مع أحمد منصور على قناة الجزيرة حول الانتخابات الرئاسية في عام 2006 عندما سأله عن الإخوان فقال وبالحرف الواحد: "كرت واحترق".

نزلت عليا كلماته وكأنها صاعقة ومن يومها سقط في نظري ولم أعد أعتبره رئيساً لبلدي. ولم أعد أسمع له ولا أرغب حتى أن أراه.

ليس غضبة على الإخوان والممثل في حزب الإصلاح في اليمن, ولا محبة فيهم, لكن لما حملت هذه الكلمة من معان ودلائل رسخت في ذهني سياسة صالح في الحكم ألا وهي بأن السياسة لعبة قمار.

نعم لطالما قامر باليمن وأدخلها في حروب لا تعد خسائرها ولا تحصى، فهاهو يختلق الفتن باستجلاب القاعدة, ومن ثم يثير مسألة الحوثيين, وناهيك عن قضية الجنوب وما أدراك ما الجنوب، واستمر في تلك المقامرة إلى أن انقلبت الطاولة عليه وبدأ بخسارة كل أوراقه (كروته) واحدة تلو الأخرى إلى أن وصل به الحال إلى أن أصبح هو الكرت الحارق الوحيد. نسي بأن الزمن دوار اليوم تحرق كرت بكرة انت اللي تنحرق, عفواً تصير كرت محروق. فلم يجد أمامه أي مخرج من هذه الخانة إلا بأن يصبح نيرون اليمن فيحرقها!

رجل كصالح لكي يسود اليمن ولثلاثة عقود ونيف كان لابد له بأن يستخدم طرق ملتوية تساعده على البقاء، وكان عليه أن ينتقي مجموعة من الفاسدين وضعيفي النفوس حوله ليساعدوه على ذلك، وليساعدوه على خلق ثقافة الحياة قبله عدم وبعده ندم، ومالنا إلا علي، ولولاه ما قامت وحدة ولا عشنا في أمان). أو لنسميها اللاثقافة واللاوعي المجتمعي ليتقبل وجوده بينهم، وليسهل عليه أن يسيطر على بلد الحكمة إلى ما شاء.

وكان له ما أراد. ويا للأسف الشديد لا أعرف هل كان ذلك شطارة منه أم غفلة منا؟؟

ولكن ما أعرفه الآن وأعيه جيداً بأنا نعيش واقعاً مزرياً تحولت فيه أبسط مقومات الحياة الطبيعية إلى حلم كبير بالنسبة للمواطن اليمني، هاهو اليوم يدفع ثمن صمته الطويل وقبوله بأقل القليل. نعم فلو عرف المواطن حقه لما سكت عنه ولو عرف ما هي واجبات وصلاحيات "إله الجمهورية" استغفر الله "رئيس الجمهورية" لما اضطر إلى أن يدفع ثمناً باهظاً اليوم لكي ينال حريته، أصبحت الكهرباء حلمًا يراود كل بيت يمني ولم يعد للفواتير أي معنى، وأصبحت الطوابير أمام محطات البترول تمتد لأميال، وأصبحت لقمة العيش أغلى من مهور الحسناوات، فاليوم الشعب اليمني يتعرض لعقوبات جماعية متنوعة بين إرهاب القاعدة والخوف من حرب أهلية وصومال يمنية وبين النضال من أجل لقمة العيش.

أتريد من ذلك أن تعيدنا إلى تلك الفترة التي لا يفكر فيها الإنسان إلا في بطنه، وأن نغرق في هموم الحياة وأن نسعى وراءها وننسى رغبتنا في الحياة الكريمة.

فأي حكم تطلب يا عمو علي ويا أحمد أفندي؟

هل تريد أن تكون حاكماً على مقابر جماعية، أم هل تريد أن تكون زعيما على خرابات يسكنها أشباه الأحياء؟ أم هل تريد أن يركع لك الجائعون متوسلون إليك بأن تطعمهم يا من تظن انك "إله الجمهورية"؟

دعنا نقولها لك: ما انت الا عبد آبق ولست إلها فلا تغرنك قوتك فان إلهنا أقوى منك وجنده أقوى من جندك. احذر فإن عقابه لن يفلتك وسيرينا فيك ما لا تتوقعه, ومثلما يقولوا عندنا في البلاد "ما رأيت من الجمل سوى أذنه".

وهي دعوة لكل المغرر بهم الخارجين عن سلطة الشعب من بقايا الحرس العائلي ان يتوقفوا عن طاعة العبد الآبق وليطيعوا الله الذي لا يطاع سواه، وليكفوا ايديهم وليقولوا لمن يأمرهم بالقتل لست إلها يا فندم.