الثورة ورُباح اللحظات الأخيرة
بقلم/ محمد سعيد الشرعبي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
الأربعاء 11 إبريل-نيسان 2012 05:15 م

كلما تسارع الزمن وبدأت ثمار الثورة بالنضوج ،تقافز الرُباح لإلتهام ثمار تضحيات البسطاء والمساكين والمضطهدين في البلد وفي مقدمتهم شباب الثورة ومضة فجرنا البهي واشراقة صحبنا المجيد، بإخلاصهم وصدق ثورتهم منذ انطلقت الشرارات الأولى للثورة ومستمرون في نضالهم المقدس الى نهاية المدى الثوري دون تراجع او تهافت على المكاسب الآنية..

منذ خرجنا الى الشارع مطالبين برحيل نظام صالح الدموي ،لم نخرج لحصد الميداليات وادعاء البطولات في الوقت الضائع ،خرجنا و ندرك بأن ذاهبون الى وطن يتسع لأحلامنا بالحرية والعدالة وتطلعاتنا بالمواطنة المتساوية بين جميع فئات الشعب ، وكنا نعلم بأنا ذاهبون والله حليفنا في السراء والضراء ،وقلما تسلل اليأس الينا بالفشل والفناء والعودة على اكتاف الرجال الى مقابر الوطن التعيس الذي خرجنا منه بحثا عن مستقبل افضل في يمن جديد ،فتكللت تضحيات شباب الثورة بهزيمة صالح ونظامه ولازلنا على العهد والوعد نخوض درب الثورة حتى تحقيق النصر النهائي ...

انا لا ازكي نفسي او اخص فئية بريادة مشهد الثورة دون ملايين الثوار الذين شاركوا بصنعها في ارجاء البلد،واعتقد بأن كل مواطن يمني شريف ثورة بحد ذاته بصبره على المستبد وأعوانه طيلة ثلاثة عقود من الحكم ،وكل شخص لبى نداء الثورة السلمية ،وانحاز لها بأي شكل في اشد اللحظات حرجا من عمر الثورة نعتبره جزء اصيل من هذه الثورة ،ومن حق اي يمنيا كان الفخر والاعتزاز بهذا الفعل الشعبي الخالد ،وبلا شك من ذاق طعم البدايات الأولى للثورة ليس كمن هب متأخرا بعدما اشرق نور الثورة في رابعة السماء ..

ومع قناعتنا بأن الثورة فعلاً مستمراً لا ينتهي قبل انتصار الثائرين بتحقيق كافة اهداف الثورة التي فتحت باب المشاركة فيها لكل انسان يريدها ثورة على النظام الفاسد دون قيد او شرط ،وبالعفل ،كانت الثورة اما رؤوم بالباحثين عن الحرية والعدالة والدولة المدنية ،وعلى الرغم من طول مشوارنا ،يظل من قدر له شرف ريادة الفعل الثوري السلمي كانوا ولازالوا شعلة النار الي اضرمت النار تحت عرش المخلوع صالح ،وها نحن ندخل مرحلة جديدة من المراحل الأخيرة لإسقاط النظام ولو كنا ندرك بأن امامنا مراحل طوال ...

ومن عاش بدايات الفعل الثوري ،يعرف قسوة الظروف ومخاوف تلك الايام العصيبة التي قاومناها بصلابة المؤمنين بحقهم بالحرية والتغيير في مواجهة نظام الموت و طالة القمع على يد اجهزة قمعية تفننت في قمعنا لكنها فشلت في وأد ادارتنا الثورية ،لذا ومن باب الحرص على استمرار تلك الروح الثورية المتفانية والمتسامية ،ننبه المهرولون لإدعاء البطولات في هذه الأيام بمراجعة حساباتهم الخاسرة ،ونذكرهم بأن التأريخ ليس لعبة في الثورة الرقمية ،كما لدى الثورة قاموسها وأرشيفها الخاص ،وأكبر من ذلك ،نطمئن المتناكعين الى الواجهة بأن لدى الشعب ذاكرة ،بمعنى آخر ،الثورة تعرف ابنائها ،فلا داعي لـ(المداحشه ) في هذه الساعة ...

وبصراحة المؤمن بالثورة والواثق من دوره فيها وبلا ادعاء ،اقول لمزوري التأريخ والمتطفلين على الثورة ، امنحوا صكوك الثورة لمن تريدون ولن نطالبكم بتوزيعها وفقاً لمعايير ثورية مطلقا ،لأنا نؤمن بأن الثائر الحقيقي مخلوق ثوري بالفطرة من ولادته الى مماته ،يعيش مؤمنا بقضية شعبه في مواجهة السلطة الظالمة وقواتها الغاشمة ويعمل بصمت لوجه الله والوطن في السر والعلن و لا يستطيع اي انسان ثوري أن يعيش بين جنة الخذلان ونار التمرد الخلاق ،او يمارس يوما فعلا مشينا يتنافى مع قناعته وتتعارض مع خيارات شعبه في هذه اللحظات التأريخية ...

كما أن الثائر الحقيقي مخلوق جميل يتميز بروح ثورية لا ينتظر صك وإن حس بالنكران والجحود ،والثائر هو من يتحلى بأخلاق الفرسان في وقت الشدائد العاصفة بالوطن الثائر،وتجده في صفوف الأحرار الرافضين للقهر و الإستبداد والحرمان ،ينشد الحرية للناس والعدالة في وطنه ،ويدعوا الى المواطنة المتساوية في مجتمعه ..

وعلينا أن نعرف بأن الثائر الحقيقي والناضج يعمل ويجتهد لأجل شعبه وتحقيق اهداف ثورته بتفانٍ بعيداً عن الضجيج بنفس لا ينقطع بفعل فاعل ،وروحا تتسامى فوق الخلافات و الاشكاليات الهامشية على قارعة الوطن المصلوب ،ويتجاسر عن جراحات الجسد الوطني الذي مزقته الحراب والسهام الغادرة والنيران الصديقة في آن ...

ومهما تدافع البعض لإثبات الذات الثورية كردة فعل على خطاب الجحود او تطفلا على الثورة ،وأن حاول البعض تزكية ذاته ومن يروق له على حساب الآخرين بقصد او بدون قصد،علينا أن نتغاضى لهذا التزييف الإقصائي ،من يؤمن بقضية شعبه ويثق بنفسه المعبرة عن ارادة الشعب وبصواب فعله الثوري المجسد للثورة التي خرج من فيها الملايين وضحى لأجلها الآف بأرواحهم من الشهداء والجرحى الى المعتقلين والجنود المجهولين ..

واهمس بنتفة شعرية للشاعر "الفضول " في اذن من يشعر بلعنة المأثورة : الثورة تأكل ابنائها !

اهتفوا للشعب إن الشعب جيش لا يُذَلُّ .... وقفوا للشعب إن الشعب أولى من يُجَلُّ

وثقوا بالشعب إن الشعب شهمٌ لا يُغَلُّ..... وادخلوا في الشعب إن الشعب أفياءٌ وظلُّ