إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة
تمر الذكرى الثامنة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر, وقد تغيرت كل القواميس اللغوية بشكل كبير, بإضافة توصيفات لا يستهان بها, شكلت بها تلك الأحداث منعطفا تاريخيا في حياة العالم, قاد هذا المنعطف إلى عدد من الحروب؛ بحجة مطاردة الإرهاب, واُستثمرت, على نحو مبالغ, مخاطر تهديد الأمن العالمي من قبل خلايا إرهابية عديدة, يبرز في مقدمتها "تنظيم القاعدة" فائق الشهرة.
في يوم الثلاثاء الساخن 11/9/2001م كانت العاطفة العربية عند معظم العوام مؤمنة أن الشيخ أسامة بن لادن قد تمكن فعلا من تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك, وبهذا صاغت عاطفتنا حينها كلاما جميلا, أعاد للإسلام مجده وعزته وشموخه, في أن يتمكن بضرب طاغوت العالم في عقر دارها, وبطائراتها, إلا أنني لا أعد الأمر إلا مسرحية مهولة الأحداث, تراجيدية النتائج.
وما زال بعض الشعور يخامر البعض أن الولايات المتحدة لم تستطع إلقاء القبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن, ولا الجناح الأيمن له أيمن الظواهري, ولا أمير المؤمنين "الملا" محمد عمر, الذي لم يعد يذكر كثيرا, ويستند ذلك الشعور إلى اعتقاد جازم, بأن هؤلاء الزعماء تحيطهم العناية الربانية, التي تمنع عنهم أي مكروه.
وينبري السؤال في الزمن الحاضر, باحثا عن إجابة منهجية منصفة, حول ما إذا كانت أحداث سبتمبر قد أفادت الأمة الإسلامية أم كان ارتدادها عكسي عليها, بالتسليم جدلا أن تنظيم القاعدة هو فعلا من قام بها؟
إن بيئتنا العربية قبل الإسلامية, لديها مناعة مبدئية عن معرفة الحقيقة؛ لكثرة الثوابت والمسلمات, التي تجرأنا ظلما وعدوانا وانتهاكا صارخا, على تضمينها معاني الإسلام, وملته السمحة.
والعاطفة آفة خطيرة حين تتجاوز حدودها وتصبح مبدأ في السلوك المجتمعي, تجاه مجمل المسائل والإشكالات, لتشكل تراكما يسعى للتضاد مع لغة المنطق والعقل, حتى أصبح التفكير بالعاطفة يرفض استيعاب أي شيء خارج نطاق مفاهيمه الضيقة.
إن أول حقيقة ظهرت بعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت مفادها أن أكثر من أربعة آلاف يهودي تغيبوا عن الحضور, ذلك اليوم, إلى برجي التجارة, ولعلها حقيقة دامغة لا تقبل التشكيك في مسألة أن اللوبيات اليهودية في أمريكا كانت على اطلاع مباشر بما سيجري حينها, وهو أمر لا أعتقد أنه وليد اللحظة, دون أن يمر بفترة حمل وولادة.
وثمة حقائق كثيرة كُشفت لاحقا, لكنها لم تجد صدى من قبل الإعلام, لسبب وجيه, أن من ملك التحكم بنقل المعلومة هو من ملك أسرار تلك الهجمات التي ما زالت تقيم العالم وتقعده.
فحين غاب أكثر من أربعة آلاف يهودي عن الحضور إلى حيث يعملون في برجي التجارة, وفي يوم واحد, هو ذات اليوم الذي هز أرجاء المعمورة, أستغرب كثيرا كيف أقنعنا أنفسنا بتجاهل هذه الحقيقة؟ وكيف اقتنعنا أن ما حدث على السطح هو نفسه الذي حيك في الأسفل؟.
وببلاهة غير خالية مما يشبه الأفيون, ذهبنا إلى استكثار مكانة البرجين في الولايات المتحدة, مما يعني صعوبة التفكير بغير معرفتنا التي التقطنا صيغ معلوماتها دون هضم أو تمحيص, وتناسينا تماما أن برجين بحجم برجي التجارة قد شكلا منعطفا تاريخيا عظيما كـ11سبتمبر, قاد إلى وقوع دول بكاملها تحت الاحتلال الأمريكي, ومن هي هذه الدول؟ هي إما تملك مكانا استراتيجيا في القاموس العسكري الأمريكي كأفغانستان, أو تملك مخزونا احتياطيا ضخما من النفط, كالعراق, في حين أن بقية دول المنطقة ليست بحاجة إلى منعطفات كي يبرر غزوها, فقد أعلن حكامها الطاعة والخنوع, مقابل البقاء, ليس إلا.
اليوم وبعد هذه السنوات من تلك الأحداث, أستطيع أن أطرح وجهة نظري بأن تنظيم القاعدة لم تكن له القدرة على فعل ما حدث, ولن تكون له القدرة على ذلك, وإذا ذهبنا إلى أن أدوات التنفيذ بالفعل كانت لمجموعة من الشباب العربي والإسلامي, فإن الأمر لا يتعدى أن يكون جزءا من مؤامرة عميقة وإستراتيجية, يسعى المخططون لها إلى السيطرة على مقومات النجاح لأهداف بعيدة المدى, ومن الصعوبة بمكان أن يكون الانتحاريون على إلمام بهكذا تخطيط, فالأمر بالنسبة لهم لا يتعدى أكثر من نشد الجنة والفوز بالآخرة.
لقد قلبت أحداث سبتمبر الحقائق رأسا على عقب, وسادت العالم فوضى لم يشهد لها مثيلا, وحرفت الوقائع, وساد قانون الغاب, وانحلت القيم, وذابت المبادئ, وانتهكت الإنسانية على مرأى ومسمع من الضمير العالمي, ووقف الحق مكتوف الأيدي, ليجري تركيب إفرازات منحرفة؛ لتكوين نتيجة تعسفية, يتقيأ المنطق من أسونتها.
إن رجلا مثل جورج بوش, حين سمحت الظروف بفرضه في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية, وهو مثال للبشاعة والسوء, أمكنه التنفيذ حرفيا لما صعد من شأنه إلى أعلى منصب في القطب الأوحد لهذا العالم.
ومما يبدو فإن الرجل كان بحاجة إلى خلق دافع كبير, وسبب مقنع للعالم في السير معه على خطا توحش الرأسمالية, وفرض أجندة لا تحترم الإنسانية, فكان أن خطط اللوبي الصهيوني, ومن داخل الإدارة الأمريكية نفسها, ومن أبرز وجوهها آنذاك نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني, على ضرورة أن يشكل الحدث علامة فارقة في التاريخ الإنساني, مستمدا فكرته من سوداوية التاريخ العسكري الأمريكي, وبالذات من إلقاء القنبلة على هيروشيما ونجزاكي, وهو ما حدث بالفعل أن تم تدمير أعلى برجين في الولايات المتحدة, قيل أن العملية تمت بتنفيذ انتحاريي تنظيم القاعدة, ولا ضرر أن يكون ذلك داخل الأراضي الأمريكية بل وفي عاصمتها الثانية و"محِّها الجديد" نيويورك, طالما أنه سيحقق أهداف اللوبي اليهودي الذي لا يهمه كم طن سال من الدماء, قدر اهتمامه بكم بليون كسب من المال.
ورافقت تنفيذ ذاك الحدث هالة إعلامية جبارة سهلت كثيرا من السيطرة على عواطف الرأي العام, وتضليله, وقيادته إلى الاتجاه الذي تريد, وهو ما وقع في براثنه, وكان أول ضحاياه الرأي العام الأمريكي, الذي صدق أن نظام طالبان هو من هدده وتعدى عليه إلى هذا المستوى الخيالي, لتمضي الأحداث وتتوالى على نحو مذهل قادت إلى ما قادت إليه في كل من أفغانستان والعراق, باختلاف مبرر اجتياح الأخير نوعا ما.
ولا أعد تنظيم القاعدة أكذوبة عالمية, ولكني أعتقد جازما أن هذا التنظيم الذي أنشئ من قبل الرأسمالية, وبدعمها وتنشئتها وتربيتها؛ لمقارعة المعسكر الاشتراكي المستشهد في نهاية تسعينيات القرن المنصرم, كان قد تمرد بعدما اكتشف مخططات التخلص منه, بعد أن أدى ما كان مرسوما له, كأنه أضحية عيدية. لكن هذا التنظيم لا يملك ما يمكنه من الانتصار على أصدقاء الأمس, وأعداء اليوم, إلا الروح الشجاعة والمستبسلة من أفراده, ليجري استخدامهم كقنابل موقوتة وفق أهداف محددة حسب الزمان والمكان, وهي وسائل تفيد لتشكيل ضغط هنا, أو فرقعة هناك, لكنها على المستوى الاستراتيجي, لن تحقق شيئا.
ولي أن أسأل عددا من الأسئلة, وأطرح عددا من الاستفسارات..
لماذا لم يتم التركيز على إسرائيل, أو سفارات إسرائيل في الخارج, تركيزا عميقا بحيث يشكل علامة بارزة على صدق مدلول الخطاب الإعلامي للقاعدة, إذ أن إسرائيل تعتبر العدو اللدود للأمتين العربية والإسلامية؟ ولماذا لم تصل هجمات التنظيم إلى الأراضي الأمريكية إلا مرة واحدة, هي التي هزتها في الحادي عشر من سبتمبر فقط؟ وإذا كانت قد عجزت عن النفاذ إلى هناك, فكيف تمكنت إذن من أن تقوم بحدث هائل كـ11أيلول؟
ويلاحظ أن هجمات سبتمبر كانت فاتحة للشهية الاستعمارية في عصر ما بعد الحداثة, وقد ابتدأت بأمريكا, ولم تختر أي دولة أخرى, أو أي مكان آخر, غير برجي التجارة, ذلك لذر الرماد على الأنظار, بأن أمريكا قد نالت قسطها من الإرهاب, ما لم تنله أي دولة أخرى, وبالتالي فهي, ومن معاناتها مع هذه الآفة العالمية اكتسبت الحق في حماية نفسها, ليس بالدفاع فحسب, وإنما بالضربات الاستبقاية الهجومية, ومن ذلك أيضا أن الاستعمار الأمريكي الجديد جاء مبشرا الشعوب الأخرى, من دول العالم الأكثر تخلفا, بالرفاهية والحرية والديمقراطية, وبهذا تكون الاستفادة من ناحيتين, الأولى هي رد الفعل والدفاع عن النفس, والثانية دغدغة عواطف الرأي العام والجماهير في الدول المستهدفة والحليفة والعالم بحمل مبادئ أخرى, ذات قيمة أجمل من بشاعة التفجيرات ولغة الموت, كما جرى تخويف العالم بتنظيم القاعدة, الذي تمكن من زلزلة الأراضي الأمريكية, حيث أن مؤشر الخطر بلغ درجة قصوى من هذا التنظيم, وقدرته على الوصول إلى أي مكان في العالم, ولا غرابة, وقد وصل إلى سيدة القطب الأوحد.
وللحقيقة, فقد أدت تلك السياسات الاستعمارية في نتيجة عكسية إلى مؤديين, الأول إلى الخوف الحقيقي من تنظيم القاعدة, ليس على الولايات المتحدة والدول الكبرى, بل على دول العالم الثالث بدرجة أدق, بسبب انهيار بعض الدول التي ولد انهيارها بيئة خصبة لتنظيم القاعدة أن يستقطب أكبر عدد ممكن من الشباب الذين ضاعت أحلامهم, ووجدوا أنفسهم أمام مستقبل مجهول, وبالتالي سهل كثيرا أمر استمالتهم وتغذيتهم بلغة الكراهية للحياة, ولكل ما هو إنساني, مستثمرين عنفوان الشباب, وقلة خبرته, بل وفقره وأميته, إضافة إلى ضياعه وتخبطه.
كما أدت تلك السياسات إلى تشويه صورة أمريكا, التي كانت إلى وقت قريب مقرونة بالديمقراطية والحرية والرخاء والإنسانية, وبهذا تكون السياسات المتبعة قد ضربت في العمق إستراتيجية عظيمة للولايات المتحدة, من ناحية غير مباشرة, ولم يتم الشعور بها إلا بالتراكم السيئ لأفعال إدارة بوش بشعة الصيت والسمعة, بل وتعد أسوأ إدارة عرفها التاريخ الأمريكي, في حين يعد بوش أسوأ رجل تربع على البيت الأبيض إلى الآن, على الإطلاق.
ولعلي اقتناعي يعتقد جازما أن هجمات سبتمبر خُطط لها, وبدقة كبيرة؛ لإجبار الولايات المتحدة على خوض حروب بالوكالة عن الدولة اليهودية الناشئة "إسرائيل", من ناحية, ولتحقيق مصالح الشركات العملاقة التي تملكها لوبيات يهودية, والتي كسبت ثراءها من تجارة الموت والدمار عن طريق تصدير السلاح, ولم تعبأ أبدا بحجم الكوارث الإنسانية الناتجة عن ذلك, إطلاقا.
ومما هو مؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش في حالة عداء متواصل مع أي عدو حقيقي, أو غير حقيقي تحاول خلقه من لاشيء, وخلق المبررات لمواجهته, عن طريق الحرب الحقيقية أو الباردة, ولعلي أقصد هنا الإدارة الأمريكية, التي أصبحت تحت أياد اللوبيات اليهودية الموسادية, إن صح التعبير, وليس الشعب الأمريكي, ظنا منها أنها إن لم توجه الأنظار نحو عدو خارجي, فإن الولايات ستعود إلى حروبها الأهلية السابقة, وبالتالي فالرأي العام الداخلي هناك لابد أن يظل مشدوها خائفا من عدو الولايات المتحدة, وهو الأمر الذي يجمع بين معظم الأمريكيين نحو التوحد في هذه البوتقة أو الإطار.
ومن هنا جرى اختلاق تنظيم القاعدة كعدو حقيقي يواجه الولايات المتحدة الأمريكية, ليجري بعد إذ توسيع هذه الصياغة بإدخال مفردات مطاطية في القاموس اللغوي, وتصدير الخوف من مستوى الداخل الأمريكي إلى حجم الخارج العالمي بشكل عام, وكل هذا يقوده توحش الرأسمالية, مهما اختلف المكان والزمان والمؤثر.
أي أن هجمات سبتمبر, تمت بفعل تدبير عقل سياسي "يهودي" امتدت أبعاد أهدافه إلى عقود زمنية قادمة, نجح كثيرا في تأسيس قاعدة لها, انطلاقا من منعطف تاريخي مثير, سيظل ساري المفعول بحجم تحقيق المصالح المكتسبة من ورائه, وستظل الإنسانية مشدوهة به في أدبياتها, ما إن بقت على ظهر هذا الكوكب.
nashwanalothmani@hotmail.com