رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
النزول إلى الشوارع والمشاركة في المظاهرات، وتحدي قوى الأمن، والمخاطرة بالصدور العارية أمام مناجل الموت والرصاص المسكوب، فعل بطولي، وعلامة على الروح الثورية، لكنها ليست بالضرورة هي الروح الثورية في صيرورتها وتجلياتها المبهرة. قد نجد نماذج من النازلين إلى الشوارع المتحدين للرصاص المسكوب، غير أن هذه النماذج تكشف بممارساتها عن روح غير ثورية، حتى وإن احتلت الصفوف الأولى للثوار.
الثائر الذي رفع شعار الدولة المدنية، وهو يضمر في باطنه دولة ثيوقراطية ليس بثائر، هو رمز للانتهازي الذي قدم من باريس ذات يوم وركب موجة شباب طهران، وأسس نظاما دينيا قمعيا من أبشع الأنظمة بشهادة منظمات حقوقية دولية، هذا ليس بثائر، من أي مذهب كان، وإلى أي فرقة انتسب.
الثائر الذي صفق للمرأة الثائرة في الشارع، ثم عاد إلى البيت ليحرمها حقها في الميراث، والدراسة، والمشاركة في الحياة العامة ليس بثائر، هو في أحسن أحواله يخدع نفسه، وفي أسوأ أحواله يخدعنا، لكنه في كل أحواله ليس من الثائرين.
الثائر الذي كتب في كل المواقع الإلكترونية، والصحافة الورقية، وظهر على كل وسائل الإعلام مع الثورة، ومع الدولة المدنية الديمقراطية، ثم عاد ليخون كل فصائل الثوار ما عدا نفسه، هذا أقرب إلى الثور منه إلى الثورة. الثائر الذي على الفضائية ينظر في التعددية، وأدب الاختلاف، وهو في الواقع لا يرى إلا نفسه، ولا يعبد إلا هواه، هذا ليس بثائر، هذا ممن كان ينبغي أن يرحلوا على أول موجة من موجات السيل البشري الهادر في شوارع صنعاء وتعز وعدن والمكلا وإب.
الثائر الذي نزل إلى الشارع، واعتصم في مخيم الاعتصام، ليس بثائر إذا كان خرج من مخيم الاعتصام، ثم ذهب ليشترك في عكفة «الشيخ» الذي يستخدمه لأغراضه، ومصالحه الشخصية، وليكون مجرد عسكري لشيخ قبيلته الذي ربما لا يحمل مؤهلا علميا في الوقت الذي يحمل فيه هذا الثائر «العكفي» على الأقل شهادة جامعية، هذا ليس بثائر، وإنما هو نسخة منقحة من «عكفي الإمام» قبل 1962. من العار أن يثور هذا الثائر ضد سلطة النظام، وينجز هدف التغيير، ثم يخنع لسلطة شيخ القبيلة الذي غالبا ما يزن الأمور بميزان الربح والخسارة.
الثائر الذي نزل إلى الشارع، وهتف ضد النظام، ثم عاد إلى قبيلته ليقدسها بأشد مما يقدس أتباع النظام نظامهم، ليس بثائر، لأنه إنما رفض سلطة النظام، ليدخل تحت سلطة القبيلة. الثائر الذي يختصر الوطن في القبيلة أو المنطقة الجغرافية هو أقرب إلى عقليات ثوار نمور التاميل منه إلى ثوار الربيع.
الثائر الذي رفض أن ينحني لعلي عبد الله صالح، ثم رجع من الشارع ليقبل ركبة عبد الملك الحوثي ليس بثائر، هذا من الجبناء الخانعين، حتى لو خرج في ثوب الشهداء. الثائر الذي خرج إلى جانب أخته الثائرة في مشهد حضاري رائع، ثم عاد إلى البيت ليرد خطيب أخته أو ابنته لأنه ليس من سلالته أو من قبيلته، أو لم يتوفر له شرط الكفاءة في النسب، ليس بثائر، هو أقرب إلى فرسان عبس وذبيان منه إلى فرسان التغيير. الثائر الذي خرج تحت شعار «مطلبنا دولة مدنية» وهو لا يزال يؤمن بحكاية «الأئمة في البطنين» وتخاريف «ألف ليلة وليلة»، حقه أن يذهب إلى أحد كهوف التاريخ ليعيش فيه، أو أن يبحث عن سرداب الخرافات، فهو مكانه الطبيعي بدلا من ساحة التغيير، هذا ليس من الثائرين.
الثائر الذي جاء إلى مخيم الاعتصام ليمضغ القات، ويستمتع بجلسات المقيل، وأناشيد الأضرعي وحسب، ليس بثائر، مكانه ليس ساحة التغيير، مكانه «منظرة» دافئة، مع ماء بارد وحزمة قات في إحدى دور صنعاء القديمة، وهذا يكفيه.
الثائر الذي خرج من دون هدف، سوى هدف إسقاط النظام ليس بثائر، الثائر الذي لا يعي أن إسقاط النظام ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة لبناء نظام جديد، أو لبناء دولة جديدة، هذا أحد خريجي «مدرسة المشاغبين»، ليس من الثائرين.
الثائر الذي دعم الثورة بماله، على أمل أن يجني ثمارها ليس بثائر، والعسكري الذي يحمي المتظاهرين اليوم ضد جنود النظام من أجل أن ينفرد بهم غدا ليس بثائر، هو طالب سلطة أقرب إلى سلوك الانتهازيين.
الثائر الذي خرج من أجل الدولة الديمقراطية، وحرية الشعب في اختيار حاكمه، ثم رفض الذهاب إلى صناديق الاقتراع، هذا ليس بثائر، إنما أراد أن يحقق من الثورة هدفه، ولما فاته الهدف انحرف عن الثورة، هو ليس من الثائرين.
الثائر الذي رأى أبناء اليمن في صفوف تنحني لها القامات إجلالا في كل محافظات البلاد، ثم لم يقدر هذه الملايين، وظل يصرّ على خطاب ما قبل ثورة الشباب، ويطالب بفصل الجنوب عن الشمال، هذا ليس بثائر، إنما أراد من الثورة أن تسير وفق مشاريعه التشطيرية الصغيرة التي اكتسحتها الثورة في سعيها لبناء اليمن التعددي الواحد في الآن ذاته. هذا الثائر الذي لم يقدر آلاف الضحايا، الذين سقطوا من أجله، ومن أجل حل عادل لقضيته في الجنوب، ليس بثائر، هو رجل موبوء بالأنانية الضيقة، والأحقاد المتراكمة. لا، لا، ليس بثائر.
الثائر الذي يريد تقسيم أبناء اليمن على أساس جنوب وشمال، أو على أساس أن فريقا من اليمنيين أصولهم هندية، أو فارسية، أو أفريقية أو تركية، وعليهم الرحيل إلى مواطنهم الأصلية، هذا ثائر عنصري، لا علم له عن يمنيين أخذوا جنسية دول عظمى لمجرد مكوثهم فيها خمس سنوات، في الوقت الذي يريد هو فيه أن يرجع من سكن اليمن مئات السنين إلى حيث جاء أجدادهم الأقدمون، هذا ليس من الثوار، بل هو أقرب إلى عضوية الحزب القومي البريطاني الذي يطالب بطرد المسلمين وغيرهم من المهاجرين الذين استقروا في بريطانيا منذ عشرات السنين.