عن أي وحدة يتكلمون؟ 2
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 16 يوماً
الثلاثاء 11 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:32 م

قبل مواصلة الحلقة الثانية وجدت أنه يتوجب علي إيضاح بعض القضايا التي أثارتها التعليقات المنشورة على الحلقة السابقة، ولن أتناول التعليقات المؤيدة لما طرحته، كما لا أعني هنا تعليقات ضباط الأمن القومي المعروفة من السطر الأول والكلمة الأولى لكنني أعني هنا بعض التعليقات التي تبدو الجدية من حديث أصحابها وأهمها:

* قول أحد المعلقين أنه يسمع من كاتب السطور هذا الحديث لأول مرة، وهو ما يبدو لي أنه لا يتابع مواقف كاتب هذه السطور من القضية الجنوبية إلآ من أشهر، ولأنني لست بصدد استعراض مواقفي وآرائي بشأن القضية الجنوبية، أو غيرها من القضايا فإنني أذكر فقط أن هذه القضية قد طرحت من قبلنا وآخرين عندما كان الحديث عن الجنوب خيانة ويمكن العودة إلى مئات الروابط على جوجل لتبيان ذلك وأشير هنا إلى بعض منها: http://www.mostakela.org/master6/story7586.htm

http://www.shabwaonline.com/vb/showthread.php?t=1369

http://www3.smart-scanereq.in/?ibjf=jdfTyrCil6KpU%2BPMxauYmNnl1Z%2FPl9WixaSrYqiZw5I%3D

http://www.al-ayyam.info/default.aspx?NewsID=6d5bddad-d4dd-4464-99d8-2a4a25beb9b1

http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1285&artid=138984  والإشارة هنا لا تعني المنية على أحد فكل ما نفعله يظل أقل من عدالة ومشروعية القضية الجنوبية كما إننا لا نطلب من أحد جزاء ولا شكورا،

* النقطة الثانية وهي القول بأن كل محافظات الوطن تعاني من ظلم صالح ونظامه ونحن لا ننكر ذلك بل إننا من المدافعين عن كل ضحايا السياسات المعوجة أينما كانوا، لكن ما يميز الجنوب عن سواه من المحافظات أنه ليس فقط مجرد ست محافظات، بل إنه كان حتى أربع سنوات ما قبل حرب 1994م الظالمة دولة معترف بها عالميا، وبالتالي فهذه القضية تجعل الكثير من المواطنين يستحضرون هذه الحقيقة كلما اكتشفوا حقيقة الوضع الذي إليه بعد تلك الحرب المشؤومة،

ودائما ما أكرر إنه حتى العام 1993م كان هناك أربع كليات أمنية وعسكرية في عدن (العسكرية والبحرية والطيران والشرطة)، كان يتخرج منها سنويا أكثر من 2000 ضابط، اليوم كل محافظات الجنوب لا يصل نصيبها في كل الأكاديميات والكليات العسكرية والأمنية عشرة إلى عشرين ضابط، وهذا يلخص ما نتحدث عنه من الحقوق المغيبة، وهو ما يمكن أن نقيس عليه ما يتحصل عليه الجنوبيون في كل المجالات الثقافية والفنية والاستثمارية والمشاريع وتوزيع الدخل الوطني، وهذا بالتأكيد لا يمنعنا من تأييد كل المطالب المشروعة لجميع المحافظات التي تعاني من الإقصاء والظلم والاستبعاد.

* هناك من قال أن المهمة الرئيسية هي إسقاط نظام صالح، . . . نعم هذه هي المهمة الرئيسية ولم يقل أحد غير ذلك لكننا نتحدث عن مظالم تسبب فيها هذا النظام الذي يتباكى على الجنوب حتى بعد أن أباح جزء من هذا الجنوب للجماعات الإرهابية المسلحة وتنازل لها باتفاق عن بعض هذا الجنوب، وطرحنا لهذه القضية لا يعني أننا نتناسى مهمة إسقاط النظام التي هي اليوم الأولوية رقم واحد لكل اليمنيين.

 مرة أخرى نعود لمناقشة ما يدور من الأحاديث التي تشير إلى التخويف من مصير الوحدة اليمنية، وحدوث الانفصال في ضوء الثورة الشبابية السلمية وما تحمله من متغيرات عاصفة على الساحة اليمنية، ولكن هذه المرة من خلال التعرض لما يدور من تفاعل بين الأوساط السياسية المؤيدة للثورة التي يرى فيها الكثير من اليمنيين مخرجا لهم من عذابات وآلام عقود من الزمن ومنها رواسب قرون طويلة من التخلف والجهل والتناحر مما لم تنجح الثورتان الأولى والثانية في اجتثاثه بسبب تعرضهما للاختطاف من قبل بعض لصوص التاريخ، وانحرافهما عن المسار الذي اعتقد صانعوهما بأن السير عليه سيفضي إلى غدٍ أكثر إشراقا وسؤددا وكرامة وعزة وحرية لليمنيين كل اليمنيين.

في إحدى الفعاليات النقاشية التي أقامتها بعض مكونات الثورة الشبابية السلمية، عن القضية الجنوبية كان أحد المتحدثين وهو من مؤيدي الثورة بحماس، يؤكد دعمه للقضية الجنوبية وانتصاره للمطالب العادلة للجنوبيين، وأهمية الشراكة الوطنية، وبناء الدولة المدنية لليمن الواحد، وسواها من المفردات التي يقولها الجميع بما قي ذلك علي عبد الله صالح نفسه، بيد إنه ما لبث أن أردف قائلا: "لكن الوحدة تظل خطا أحمر لا يمكن المساس به" وهنا يأتي الالتباس الذي نحن بصدده، وهو ما هي الوحدة التي يتحدثون عنها؟ وكيف يجب أن نفهمها جميعا؟

كان البعض قد ردد كلاما قريبا من هذا بعيد اندلاع الثورة الشبابية السلمية التي انتصر لعدالتها كل شرفاء البلاد، من خلال القول إنه بعد قيام الثورة الشبابية لم تعد هناك قضية جنوبية أو إن الثورة الشبابية قد قضت على رغبة الجنوبيين في الانفصال، وهو ما يعيدنا إلى السؤال: عن أي وحدة يتحدثون وأي انفصال يقصدون؟

كنا قد أكدنا مرارا أن الوحدة التي يتحدثون عنها قد تم وأدها في حرب 1994م الظالمة، تلك الحرب التي مكنت كبار لصوص الأراضي وناهبي المال العام أن يغدوا متحكمين رئيسيين في مصير الجنوب الذي كان حتى الأمس القريب دولة لها صولاتها وجولاتها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.

إذا ما اتفقنا على أن حرب 1994م قد وأدت مشروع 22مايو الوحدوي النهضوي المدني، وهي فعلا كذلك، فإن أي حديث عن خطوط حمراء سيعني قدسية النهب والسلب والتهميش وجعله خطا أحمر لكن هذا الخط الأحمر بالنسبة للمواطنين الجنوبيين، لا يخص إلا أصحابه أما مواطنو الجنوب الذين ذاقوا مرارة التهميش والإقصاء والسلب والنهب والاحتقار والشعور بالدونية فلم يعد لديهم ـ مثل السواد الأعظم من اليمنيين ـ مقدسا غير حريتهم وكرامتهم وحقوقهم التي افتقدوها بعد 7/7 /1994م.

الخلاصة أن اليمنيين يستطيعون العيش في دولة واحدة، لكنها ليست تلك التي جسدها نظام علي عبد الله صالح، والتي حول فيها الجنوب وهو يمثل ثلثي مساحة اليمن، وثلاثة أرباع موارد الموازنة الععامة، من دولة يعرف تاريخها القاصي والداني إلى مجرد ملحق جغرافي بلا تاريخ، ومورد للثروة بلا مكانة ولا قيمة، وهناك من يستكثر على الجنوب أنه جاء بمائتي ألف موظف باعتبار ذلك عبئا عليهم، وكأنهم كانوا يريدون أرضا بلا بشر وهو ما أوصل إلى ما أوصل إليه من تهميش وإقصاء واستبعاد وسلب ونهب للحقوق وتزوير للتاريخ وتزييف للحقائق وما ولدته من شعور بالرغبة إلى العودة إلأى ما قبل 1990م.

إن بقاء اليمن كيانا واحدا يستحق أن نعيد من أجله النظر في بناء منظومة المشروع الوحدوي من خلال الدولة المركبة ـ الفدرالية الثنائية ـ ببرلمانين إقليميين وحكومتين إقليميتين وبرلمان وحكومة مركزيين ـ دولة يجد كل مواطن نفسه فيها دون أن يقصيه أحد أن يقصي أحد، دولة تجنب اليمن مخاطر التفكك والاحتراب من ناحية وتلغي مبدأ الفرع والأصل وتشطب من قاموسنا ثقافة الغالب والمغلوب والناهب والمنهوب، وعلى قوى الثورة أن تعلن منذ الآن تميزها عن نظام علي عبد الله صالح في التعامل مع الجنوب، أما بقاء الموقف من الجنوب كما كان في عهد علي عبد الله صالح، فإنه يجعل الجنوبيين ينطلقون نحو ثورة ثانية لاستعادة حقوقهم واسترجاع مكانتهم التاريخية التي غيبها مشروع 7/7 القائم على الإقصاء الاستباحة والفيد والغنيمة.

برقيات

* مرة أخرى يظهر رئيس بقايا النظام ليخاطب العالم بمفردات مطاطة لا تعني سوى ما قاله على مدى 33 عام وهي أنه سئم السلطة وسيسلمها لأيادي آمنة، خلال الأيام القادمة التي قد تعني سنوات وربما عقود، أحد الخبثاء قال: أن الرجل ينوي أن يظل يرفض السلطة لـ 33 سنة قادمة.

* خاطرة شعرية

كلــــــــــــــــما جاء احتـــــــــــــفالٌ صاخباً فاحت الأحزان قبل الاحــــــــــــــتفالِ

فاقــــــــــــــــترب يا ســــــيَّدي من جرحنا عابراً فوق المــــــــــــسافات الطوالِ

وامتشق صــــــــــــــــــــوتك إنَّا ها هــــنا لم نزل نرقــــــــــبُ ساعات الوصالِ

كي يــــــــــــــــجيء الصبح يوما حاملا قبس البشرى ولون الاخــــضلالِ