مع الرئيس.. وحادثة معين عبدالملك وعلي الغريب
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: سنة و شهرين و 22 يوماً
السبت 19 أغسطس-آب 2023 04:51 م
 

 أرادوا ان يكون الرجل مجرد شماعة وواجهة شكلية للسلطة من خلال بقائه في قصر معاشق الذين يحكمون سيطرتهم عليه لتحميله مسؤولية الاوضاع في محافظات الجنوب التي يسيطرون عليها وعلى إيراداتها ومرافقها الحيوية. وعندما بدأ الرئيس الدكتور رشاد العليمي تحركاته الفعلية خارج دائرة الفراغ التي رسموها له كما حصل في زيارة حضرموت ثم المهرة أخيرا ظهروا هم وتعروا مكرهين أمام الناس في واجهة المشهد المتحكم بأمور وشؤون عدن ومعظم الجنوب ولكن دون حيلة او فتيلة.

ولا يوجد شريك أساسي متحكم بالسلطة والعسكر والقوة ومفاصل الوزارات والمؤسسات الحكومية يتنكر لمسؤوليته ودوره في كل ما يحدث الا هؤلاء الذين ساووا بين التنصل من المسؤولية الأخلاقية وبين مغانم الانتفاع بمزايا أموال وبريق السلطة, واعتبروا الهروب من الاستحقاقات ذكاء ودهاء وفطنة وليست فضائح سياسية مجلجلة.

ولا تخرج حملة الهذيان الاعلامية المحمومة المفتعلة ضد الرئيس العليمي عن حيلة العاجز عن ادنى الحلول لمتطلبات الناس الخدمية والقاء التبعات على الغير. وليس المطلوب من الرئيس أكثر من كونه موظفا لديهم فقط لتمرير مصالح البعض الخاصة والتوقيع على مايريدون ومنع واعتراض ما لا يروق لهم, ثم كذلك تحميله نتاج اخفاقاتهم وفشلهم الإداري الذريع.

لا يريدون ممارسة مهامه من عدن ويعترضون على جولاته الرسمية في حضرموت والمهرة وسقطرى وشبوة. واذا غادر خارج البلد بفعل حماقاتهم اليومية قالوا تركنا وورطنا العليمي بمواجهة متطلبات المواطنين.

واذا عرقلوا حركة ميناء عدن وأثقلوا الجبايات على أصحاب النقل الثقيل وضاعفوا اسعار السلع والمواد الغذائية وشقوا على حياة الناس ومعيشتهم قالوا مجلس الرئاسة الذي يشكلون غالبية أعضائه فاشل ويجب إسقاطه.

وعندما فشل فرج البحسني في مهمة عرقلة إدارة محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي والتنغيص على الناس قاموا بإعادة تدويره وتصديره من المكلا إلى عدن لاستباق عودة العليمي الذي طلع لهم هذه المرة وفاجأ الجميع من المهرة, وبعدها من شبوة وسوقطرى..

فطفشوا منه أكثر من رهانهم على تطفيشه ومغادرة الرئاسة. ومثلما كانت خيارات الحضارم النأي عن المشاريع الجغرافية الجهوية الضارة والرهان على الاستقرار الأمني والتنمية, لن تشذ خيارات المهريين عن الذي طالما انتظروه طويلا ليواكب نزعتهم الاستقلالية وتوقهم الى الأمن وعوامل الاستقرار والرخاء بعيدا عن مشاريع شعاراتية خبروها في السابق إلى اليوم, كمن يحرث في بحر, أو واد غير ذي زرع يأكله القحط والجفاف.

وسيقول المتربصون ان الرئيس العليمي سبب خيباتهم وحصادهم المر وليست أساليب إدارتهم العرجاء للأوضاع السياسية والأمنية.

وبعد كل الذي حصل لرئيس الحكومة معين عبدالملك من تعديات وتهديد لحياته الشخصية ومحاصرته في مقر إقامته(سكنه الشخصي) ليلا بقصر معاشق لإرغامه على توقيع معاملة مالية تجارية غير مشروعة يجعلنا نمسك برؤوسنا كيف ان هؤلاء الذين يسخرون السلطة والقوة القاهرة بوسائل غير مشروعة لمصالحهم ومنافعهم الخاصة لا يكترثون لمعاناة الناس, بل أساءوا إلى هيبة الوظيفة القيادية العليا في الدولة والدستور والقانون.

وان الابتزاز القهري وما تعرض له معين عبدالملك يلخص باقي الوضع الترهيبي القمعي المخيف الذي يحيط أيضا برئيس مجلس الرئاسة نفسه ومزاولة مهامه وظروف اتخاذه القرارات الكبيرة والصغيرة وتأثير الوضع الأمني القهري عليه.

واذا لم يعاد النظر بتشكيلات حراسات الرئيس وتقييد دخول قادة المليشيات المناطقية إلى قصر رئاسة معاشق من قوة محايدة على الاقل يختارها الرجل بنفسه فلا جدوى من بيانات ادانة وتعاطف دول كبرى ولا صغرى عندما يكون التهاون بأمن الرئيس ورئس الحكومة بهذه المهزلة, فما الذي سيقدمه للمواطن في ظروف كارثية من لا يستطيع حماية نفسه, حيث لا سلطة الا لكل صاحب قوة قروية غاشمة منفلتة تستقوي بلا مشروعية شغلها مناصب وألقاب أكبر من حجمها بكثير..

وما كتبه امثال الأستاذ علي هيثم الغريب هو شيء أغرب بكثير من شخص محامي وقانوني محترم شغل منصب وزير العدل عن حكومة الشرعية السابقة ثم انبرى بحمية لتبرير الاعتداء الهمجي على سكن رئيس الوزراء وإعلاء شأن المعتدين, وخلط الأوراق في واقعة جنائية مخزية, الدفاع عن مرتكبيها جريمة موازية..

عدا إن من يسيء إلى بعض التشكيلات العسكرية أخي علي الغريب هو الذي يستغلها ويستقوي بها كواجهة لمصالح شخصية ومناطقية غير مشروعة, فتحولت من أداة بيد دولة افتراضية الى إقطاعية خاصة.

وفرق شاسع بين رجل القانون والوزير السابق الذي انحاز لرابطة القبيلة ورفعها بالباطل فوق سيادة الحق ودولة الدستور والقانون المنشودة.

وليس الدفاع هنا عن شخص رئيس الحكومة الذي طال ما كانت مخالفاته الدستورية وأداؤه محل انتقادي الدائم وغيري, إنما ذلك انتصارا لقيم الدولة ومكانتها المعنوية والرمزية وكشف كل الطارئين والمتسلقين على أكتافها. وبدون محاكمة عادلة للمتسببين بالجريمة ومثيلاتها لن تقوم دولة مواطنة حقيقية وفق هذه العقليات الهمجية لا في الجنوب ولا في الشمال.

والدعاء موصول للسيد الرئيس رشاد العليمي وبالتوفيق والحلم على المكائد, وهو يتخطى بصعوبة وصبر منقطع النظير حاجز الألغام والأشواك والأهوال في أسوأ مراحل اليمن تعقيدا وقتامة.