|
لم يقدم الرئيس عبدربه منصور هادي في خطابه في الجلسة العامة لمؤتمر الحوار ما يمكن أن يمثل زادا للمتحاورين (الافتراضيين) ليواصلوا رحلتهم العبثية بحثا عن الكنز الخرافي الذي يشدد عليه جمال بنعمر وأهل الحل والعقد اليمنيون!
ليس متصورا أن يقدم لهم خارطة طريق تصل بهم إلى الكنز المخبوء في صندوق الخرافات الانتقالية, الخرافات التي خرجت من جعب حواة السياسة اليمنية الذين يترأسون مؤتمر الحوار الآن. الرئيس نفسه لا يملك هذه الخارطة لأنه لا وجود لكنز مخبوء من الأساس.
قال لهم إنكم الأمل الوحيد! لكن الخبراء يقولون إن المؤتمرات تفشل في العادة في انعقادها الأول. وحظوظ مؤتمر منتجع موفمبيك بائسة فعلا لأن الأطراف المشاركة فيه جاءت بمراكز متفاوتة القوة بحدة, ودوافعها متباينة إن لم تكن متناقضة, وعلاقتها بقضايا الحوار نفسه لا تستقيم على معايير موضوعية, فهناك قضايا ممثلة وأخرى غير ممثلة, وهناك قضايا تحسم بقرارات وإجراءات وأخرى يصح أن تكون موضوعا لحوار ندي لأن من المستحيل ان ينفرد طرف بحسمها.
قال الرئيس هادي إن القضية الجنوبية هي بوابة حل القضايا جميع, وهذا كلام مكرور سبق أن قيل عشرات المرات, لكن البوابة موصدة بقفل "غثيمي" في العاصمة مفتاحه بيد الرئيس هادي الذي ورثه من سلفه, وورث معه العديد من العادات السيئة من شاكلة اللعب على التناقضات وإنهاك الشارع بالانتظار والترقب وتعويض اللاعبين الأساسيين بتوليد لاعبي "الأنابيب" باستخدام المال العام والإعلام الحكومي, وتشكيل اللجان وشراء الولاءات التي تكرس نهج الفساد وتوفر مشتلا لبزوغ المزيد من الانتهازيين والمقامرين, وبالطبع هناك الأدوات الأمنية والعسكرية التي تتعاظم أهميتها لدي الرئيس حتى وإن انخفضت قدرتها في تغيير الحقائق على الأرض!
يصر الرئيس هادي ومبعوث العناية الخليجية والدولية جمال بن عمر ونجوم الحوار الوطني الأخرون, الأفلون واللامعون, على تجميل المؤتمر بطنان الكلمات وأطنان المنجزات البيروقراطية, من شاكلة عدد الاجتماعات واللقاءات التي اجراها أعضاء المؤتمر والزيارات الميدانية التي نفذوها _ من دون تدشين مشاريع أو وضع أحجار أساس (!)_ وهي منجزات تذكر بتقارير الحكومات اليمنية والبرامج التلفزيونية في المناسبات الوطنية خلال العقدين الأخيرين. يصرون, فيما يشبه الصرير, على أن المؤتمر يحقق نتائج مذهلة تثير إعجاب العالم وتؤكد حكمة اليمنيين, ما يعني أن توقعاتهم من هذا المؤتمر متواضعة جدا, وإن النتائج المذهلة التي يتغنون بها لا ترى بالعين المجردة [ وإلا لماذا لا يراها أحد غيرهم؟]. وفي الأثناء تجري, بعيدا عن أنظار المنتجعين في الضاحية الشرقية الشمالية للعاصمة, اتصالات ومشاورات بشأن بدائل, تسويفية خطرة لتدارك الوقت بالتمديد, أو للالتفاف على الاستحقاقات والتطلعات الشعبية ببرمجة الحوار على مراحل, أو برمجة المخرجات المقررة سلفا بشأن تفكيك الدولة وتقسيم الثروة وتقاسم السلطة على دفعات لكأن اليمن شركة (دولة) فاشلة رهن التصفية.
لم يقل الرئيس هادي جديدا في الافتتاحية البائسة الثانية لمؤتمر الحوار باستثناء شيئا واحدا فقط؛ فهو شدّد على ضرورة التشخيص المتعمق للقضايا محل الحوار. لعله محق في تشديده, بيد أن التشخيص المتعمق والمنزه من التحيزات, مشروط بتغيير وصف المؤتمر الذي "يحقق نتائج مذهلة" بحيث تمحي من صفة الحوار!
في الأحد 09 يونيو-حزيران 2013 09:50:45 ص