الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
مؤشرات الحرب وعلاماتها..
بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من عمر الثورة اليمنية عاد صالح إلى قصره ، ولا زالت جموع الناس تفترش الأرض والساحات في معظم محافظات اليمن ، وكلما مرَّ الوقت كلما زاد التوتر السياسي والاحتقان الداخلي ، ويتنبأ الكثير من المتابعين والمحللين وحتى المواطنين العاديين بأن حرباً طاحنة ستنشب عما قريب ، وسيكون لها عواقب وخيمة على مستقبل اليمن واليمنيين .
أولاً : هل ستنشب حرب في اليمن :
لقد ظل هذا السؤال يؤرق الملايين سواء داخل اليمن أو خارجها ، فقد بات شبح الحرب الأهلية يطل برأسه على مستقبل اليمن بحسب كثيرين ، وفي المقابل يعارض البعض هذا الخيار ، ويراهن أن الحكمة اليمانية ستتغلب على شبح الحرب ، ولكن في ظل الأوضاع والأحداث المتواترة والمتعاقبة يبدو للمتابع أن هناك لاعبين في لعبة السياسية اليمنية يصرون على دخول نفق الحرب ، وخاصة ما يتعلق بعودة صالح إلى البلد في خطوة يعتبرها كثيرين مقدمة للحرب وشرارة البداية ، وهناك العديد من العوامل التي تدلل على أن هناك حرباً تلوح في أفق الساحة اليمنية ، وفي النقطة التالية سنتناول أهم هذه العوامل .
ثانياً : مؤشرات الحرب وعلاماتها :
1 – إصرار صالح على مواجهة التحدي بالتحدي :
في الخطاب الأول لصالح بعد محاولة اغتياله (المزعومة) ظهر الرجل بشكل مخزي ، ولكن ذلك لم يمنعه من القول بأنه سيواجه التحدي بالتحدي ، ويومها ضحك الناس من كلامه ، وقالوا بأن أكبر تحدي يستطيع أن يشغل صالح نفسه به هو تحدي (العلاج) ، ولكن فيما يبدو أن (المسرحية) انطلت على كثير من المتابعين سواء في الداخل أو في الخارج ، وظهر صالح في الخطاب التالي في صورة مختلفة عن خطابه الأول ، واختفت كل آثار الحريق التي كانت بادية على وجهه وكأن عيسى عليه السلام قد وضع يده على وجه صالح فعاد سليماً بإذن الله ، ورغم ذلك استمرت (المسرحية) الهزلية وخرج أنصار صالح ليقولوا بأن تلك مكرمة من الله وأن الله قد شفاه ، وخرج بعضهم ليقول بأن صالح ولي من أولياء الله كما قال (البوق) عبده الجندي ، ووصل الانبطاح والتزلف والنفاق بالبعض ليقول بأن صالح (نبي) ، ومرت الأيام والشهور وكان أكثر المتفائلين من أنصار صالح لا يتوقع أن يعود صالح إلى البلد ، وظن المتابعين أن كل ذلك لم يكن إلا بغرض الهروب والخروج من البلد ، وأنه – أي صالح – يحكم البلد وهو في عاصمته السياسية – كما قال – الرياض ، وليس بحاجة للعودة إلى (جُحر) الثعابين التي ظل يراقصها طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، والتي يمكن أن تصيبه بـ(لسعة) سامة تودي بمستقبله ، ولكن في ليلة اختفى فيها ضوء القمر وعلى حين خلسة من الناس أجمعين عاد صالح بشكل مخزي إلى البلد ، وكان وصوله عبر مطار عدن بعد أن تم إيهام العاملين في المطار بمن فيهم ضباط أمن واستخبارات المطار أن الواصل إلى المطار هو وفد سعودي رفيع المستوى ، وتفاجأ الجميع بأنه بعد هبوط الطائرة السعودية لم يدخل الوفد إلى صالة كبار الضيوف ، بل استقل مباشرة (هيلوكبتر) كانت في انتظاره ، وانطلت الحيلة على الجميع ، ولم يعرف أحد بعودته إلا بعد أن اعتلى الخبر العاجل أكثر من نصف شاشة قناة اليمن في فجر ذاك اليوم ، وذاك يعد تحدياً من صالح رغم الطريقة المخزية التي دخل بها إلى البلاد ، إذ أنه لو كان رئيساً شرعياً لما دخل بتلك الطريقة (المهينة) والتي لا يتقنها إلا المهربين في الحدود !.
ونتيجة لكل ما سبق فإن صالح يبدو عازماً على دخول الحرب ، رغم أنه قال أنه جاء يحمل (حمامة) السلام و(غصن) الزيتون ، ولكن لأن المعروف عن صالح مناقضة أقواله لأفعاله فإن تلك (الحمامة) لم تكن إلا عودة (غراب) الشؤم ، وهاهو الغراب قد بدأ بالعمل ، ومنذ أن عاد حامل الغصن والحمامة سقط في يومين فقط أكثر من 73 شهيداً ومئات الجرحى ، حتى أنه لحظة دخوله صنعاء كانت الدبابات والصواريخ تضرب منزل الأحمر وحي الحصبة ومداخل ساحة التغيير بصنعاء ، وكانت دباباته تقصف تعز أرض العزة والصمود من مختلف النواحي ، فأصبحت تعز محاصرة من كل الجهات ، فتحولت المستشفيات إلى متارس كما هو حال مستشفى الثورة والمعهد الصحي ، وتحول المجمع القضائي في جبل (جرة) إلى ثكنة عسكرية ممتلئة بشتى الأسلحة بما فيها الثقيلة ، بل وصل بهم الأمر إلى ضرب مناطق مختلفة من المدينة من قلعة (القاهرة) ، وهي القلعة التاريخية التي ظلت مزاراً وقبلة للسياح لمئات السنين ، وفي ظل إصرار صالح على إدخال البلد في دوامة العنف يبدو خيار (السلمية) الذي ينتهجه الثوار إلى الآن ، تبدو نسبته في تدني مستمر ، وذلك لا يعود إلى الثوار أنفسهم ، بل إلى نفسية الطاغية الرافضة للواقع الجديد الذي تفرضه إرادات الشعوب !.
2- ظهور الجيل الثاني من (آل صالح) بدون أقنعة :
طيلة سنوات حكم صالح ظل ولده أحمد يحاول الابتعاد عن السياسية ، ونادراً ما كنا نشاهده على الشاشات ، وكانت شخصيته تبدو في غاية الهدوء ، ولكن يبدو أن المثل الشعبي القائل (من خارج الله الله ، ومن داخل يعلم الله) ، والمثل الآخر (يا ما تحت السواهي دواهي) ينطبقان على أحمد بكل حذافيرهما .
ورغم استمرار (الشيطان الأكبر) في الحكم لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن (اللعين) أذاق فيها الشعب صنوف الألم وألوان العذاب ، فإنه لم يكتفي بكل ذلك ، بل حاول عبر (بذرته) الإبليسية أن يورث السلطة لابنه ، وكأن الثورة لم تأتي إلا لتعجل بعملية توريث السلطة ، وذلك ما يعد استخفافاً بعقول العالم أجمع ، فظهرت الأباليس الصغيرة والتي حاولت أن تنتقل إلى مربع الشيطنة الكبرى بأسرع وقت ممكن ، وفعلاً لأن الهمة كانت عالية وقوية فقد نجحت في الوصول إلى مربع الشيطنة في أسرع وقت ، ودخل (أحمد) مقام الشيطنة آمناً ومطمئناً ، وما مات الشيطان الأكبر إذا ورَّث (إبليساً) حاذقاً !!
وبدأ الشيطان الصغير الذي كان في السابق (حبة) فإذا بالقدرة الشيطانية تحيله إلى (قُبة) بدأ باستدراج البلد إلى الهاوية والمنحنى السحيق ، وعمل على توزيع (الشر) الكامن في أعماقه إلى كل أنحاء اليمن ، ففتح باب أبين لتدخل منه القاعدة (الصالحية) ، واستمر على نهج والده في ضرب تعز ومحاولة إذلالها وهو لا يدرك أنها (تعز) التي أسقطت والده وهو الذي يفوقه شيطنة وأبلسة بكثير ، فكيف سيكون الحال معه ، وفتح أيضاً جبهة من نار باتجاه أرحب ونهم واستخدم ضد هاتين المنطقتين كل ما لذ وطاب له من أنواع الأسلحة بمختلف أحجامها وأشكالها وأصنافها ، وحاول اقتحام ساحة التغيير رغم أن والده لم يجرؤ على تلك الخطوة ، واستمر في استقدام السلاح وتوزيعه على مختلف المحافظات مركزاً على صنعاء التي تشكل حولها (حزام أمني) بأكثر من نصف قوات الحرس الجمهوري ، وتأتي بعدها تعز لأهميتها وخاصة أنها منبع الثورة والثوار والتي تتوافد عليها (قواطر) السلاح من كل حدب وصوب ، ولعب (الولد الصغير) على عقل (الشيوبة) بمن فيهم عبده ربه منصور هادي ، وبمناسبة الحديث عن هادي ، فإن من لا يتخذ موقفاً مع الشعب لا يفلح وعاقبته الخسران ، وقد كانت الفرصة مواتية لهادي لأن يدخل التاريخ اليمني من أوسع أبوابه ، ولكن الرجل لم يعتاد أن يكون في منصب فعلي ، وأن يكون له أوامر تُسمع وتُطاع ، فقبل أن ينصاع لأوامر (صبي) لم يبلغ من العمر ما بلغته سنين هادي في الخدمة العسكرية ، وقد سمعنا مؤخراً الأخبار التي تم نشرها في مجلة (الحارس) التابعة لوزارة الدفاع والتي تقول بأن وزارة الداخلية أحبطت محاولة انقلابية للفريق عبده ربه منصور ، ورغم نفي مكتب هادي للمحاولة ، إلا أن نشر الخبر في هذا التوقيت ، وفي مجلة تابعة لوزارة الدفاع تدلل على أن شيئاً ما يتم تدبيره لهادي ، وهكذا تكون العاقبة ، وسنعرف قريباً ما يكون العقاب !
وعوضاً عن أحمد ، فقد ظهر بقية أفراد الجيل الثاني من (آل صالح) بشكل (مفزع) ، فضرب يحيي بيد من حديد في قيادته للأمن المركزي ، ولعب طارق أيضاً دوراً هاماً في فترة غياب صالح ، وكذلك عمار ، وبقية أفراد الأسرة ، ويبدو أن صالح قد عمل على تربية هؤلاء تربية (صالحية) ليس فيها من الصلاح شيئاً ، وإنما فيها كل مفردات التدمير والتخريب تحت شعار : لنحمي الوطن ، ولم يكن ذاك الوطن سوى علي نفسه !.
إذن ، يبدو أن الجيل الثاني من (آل صالح) يبدو أكثر ميولاً إلى دخول الحرب ، خاصة مع حالة (الطيش) و(المراهقة) التي لا زال أغلب هؤلاء يعيشها ، وأيضاً حالة (القِمر) التي تؤرق صدورهم من أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وخاصة (حميد) وبنسبة أقل (حسين) ، وذلك ما يفسر استهداف قوات أحمد علي لمقرات شركة (سبأ فون) ومطاعم (كنتاكي) وقاعة (أبوللو) وغيرها من الممتلكات التي تتبع حميد الأحمر ، ويبدو حتى أنهم يتبعون قاعدة (الثورة ثورة شباب ، والقمع قمع الشباب) ، فهم يواجهون صدور الشباب العارية بالأسلحة المختلفة ّ!.
3- ارتفاع عدد ضحايا عنف النظام ونفاذ صبر الناس :
في آخر إحصائية أجريت لعدد الشهداء في اليمن قبل حوالي ثلاثة أسابيع كانت الأرقام تشير إلى أنه تم تجاوز الرقم ألفين ومائة وثمانين شهيد ، وفي ظل تصاعد أعمال العنف يبدو أن الرقم يتسارع بشكل كبير ، وفي مقابل أعمال قصف المدن بالأسلحة واستمرار تدهور الأوضاع يبدو أن صبر الناس لن يطول ، ورغم أن الشعب اليمني قد ضرب أروع الأمثلة في (السلمية) رغم امتلاكه لأكثر من ستين مليون قطعة سلاح ، مما يجعله من أكثر مخازن السلاح في العالم ، ولكن استمرار تدفق الدماء في كل الساحات والميادين والمناطق يجعل البعض يتخلى عن السلمية ، متعللين – وهذا حقهم - بأن السلمية لا تكون بأن نوجه لهم صدرونا ونحن نعرف أنهم سيقتلوننا ، إذ أننا نواجه قمعاً ممنهجاً وبأعنف الطرق وأصلفها ، وقد رأى العالم مشاهد الجثث المنقسمة إلى نصفين ، والجثث المتفحمة جراء قذائف (الآر بي جي) ، وفي الأول والأخير ما يفعله من يحمل السلاح من مناصري الثورة هو الدفاع عن النفس ، فإلى الآن لم نسمع أن قوات الفرقة الأولى مدرع حاولت اقتحام ميدان (التحرير) ومناطق تواجد الحرس الجمهوري ، وإنما كانت تقوم بالرد على محاولات اقتحام الساحة ، حتى أنها لم ترد على الاعتداءات على المسيرات التي تكون بعيداً عن الساحة والشوارع المحيطة بها ، وقد بلغت درجة (ضبط النفس) بقيادة الفرقة إلى أنهم لم يردوا على قصف مقر قيادة الفرقة في كثير من المرات ، وقد فوتت هذه (العقلانية) على (مصاصي الدماء) فرصة أن تسيل أنهار أخرى من الدم اليمني ، سواء كان من جهة الفرقة أو من جهة الحرس الجمهوري الذي يتم الزج بكثير من أفراده في القتال نتيجة التعبئة الخاطئة والتربية المعتمدة على الولاء لعلي وأحمد فقط دون الالتفات لدين أو وطن أو شعب !.
وإلى الآن تبدو الثورة متمسكة بالخيار السلمي ، وهذا ما نتمنى أن يستمر إلى النهاية ، ولكن في ظل إصرار النظام على العنف ، وفي ظل استغلاله لأخلاق خصومه من الشعب والمعارضة ، وفي ظل انحدار مستوى أتباعه الأخلاقي فلن يطول السكوت عن الظلم ، فقد قال تعالى (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا) ، فالدفاع عن النفس لا يعد خروجاً عن سلمية الثورة ، وإن كان الشعب سيدفع فاتورة باهضة لخيار تغيير النظام الفاسد ، فإنه سيدفعها بأي طريقة كانت !.
إذن ، بعد أن مررنا في هذه الإطلالة على أهم المؤشرات التي تبدو أنها ستكون أسباباً للحرب في اليمن ، فإننا ندعو الله أن يجنب وطننا ويلات الحروب ، ونسأله أن يهلك من يسعى لتدمير هذا الوطن ، فإنه قوي عزيز ، وعلى ما يشاء قدير .
همسة : (أشرف) وقاتله الوضيع :
الدكتور أشرف طارق المذحجي ، شاب في مقتبل العمر ، يبدو لمن يعرفه أن ذاك الشاب كان يحمل في قلبه آمالاً كبيرة وطموحات عظمية ، عندما تراه تشعر بشاب ينظر إلى الحياة بتفاؤل كبير ، ونتيجة تفاؤله هذا كان من أوائل من التحقوا بساحة التغيير في صنعاء ، وكله أمل في أن الواقع المظلم سيرى الطريق إلى النور عما قريب ، وذلك لن يكون إلا بتضحيات الشباب ، فأقام خيمته في الساحة وكان مشرفاًَ طبياً على بعض الخيام المجاورة ، ولإيمانه بالتضحيات فقد كان يتصدر المسيرات ويتقدم المظاهرات ، وفي جولة النصر (كنتاكي) تهادت رصاصة غادرة أطلقها قناص (وضيع) إلى رأس أشرف ، فسقط مضرجاً بدمائه ، ودخل في موت سريري ، ولكن بعد يومين فقط أراحه رب العزة من عناء الدنيا ومن عذاب رؤية حاكميه ، واصطفاه إليه ، واختاره للعيش بجواره ، نعم سقط أشرف على الأرض ولكنه كان حينها يتعالى في جنات رب العالمين ، وحينها كان صاحب تلك الرصاصة يكتب جزائه بيده ، كان يتهاوى إلى أسفل سافلين ، كان يتهاوى وبجواره أركان نظامه ، كان بجواره علي وأحمد ويحيي وطارق وعمار وبقية العصابة ، فعاش الشهيد حياً في القلوب وفي جنات الإله ، وسقط الطغاة والظالمين ، وستبقى دماء أشرف وغيره من الشهداء قناديل تضيء لنا الدروب كلما أظلمت سُبل الحياة .