مقاومتنا اليمنية: قودوا ولا تنقادوا
بقلم/ خالد زوبل
نشر منذ: 9 سنوات و 5 أشهر و 13 يوماً
السبت 06 يونيو-حزيران 2015 10:02 ص
كنت كغيري من المتابعين نشعر بالزهو وشيئاً من الثقة في هادي وحكومته في الرياض بعد أن ثبتوا على موقفهم الرافض لمؤتمر جنيف بشرط تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، ثم ما لبث أن تغيّر للقبول بالمشاركة مبدئياً دون الكشف عن التفاصيل بتصريح وزير الخارجية اليمني رياض ياسين ومتحدث الحكومة الرسمي راجح بادي في الرياض.
هذه الترددات لها أبعادها في الواقع اليمني، وأقلها ما ستحدثه من انفصام بين المسار الجهادي المقاوم للانقلاب، وبين المسار السياسي للقوى الوطنية المتواجدة في الرياض، والذي سينعكس لابد على الأرض بنقص ثقة أو تشظّي أو تفكك لصفوف المقاومة التي تمثل رأس الحربة في الحرب البرية الدائرة في اليمن ضد ميليشيات انقلاب الحوثيين والمخلوع. 
ولعل الضغوط الهائلة التي تمارسها أمريكا وإيران وروسيا بأعمالهم الدبلوماسية هي التي جعلت حكومة هادي ترضخ للقبول بمؤتمر جنيف مبدئياً والقابل لتغيير الموقف من الموافقة أو عدمها حتى الآن. ويبدو هذا واضحاً بعد لقاء الوفد الحوثي بالأمريكيين في عمان انفراداً دون علم حكومة اليمن الشرعية إلا من وسائل الإعلام، و زيارة وفداً آخر لنوري المالكي ببغداد، والحكومة في هذا عاجزة حتى عن تشكّيل جيشا وطنيا أو تدفع على الأرض لتنفيذ مخرجات مؤتمر الرياض الذي اُتُفِّق عليه بإجماع القوى اليمنية باستثناء الانقلابيين.
إن تأخّر هادي في تشكيلة الجيش الوطني وتجنيد المقاومة الشعبية كبديل عن الجيش المتحوّث يضعنا أمام استفسارات كبيرة عن تفكير هذا الرجل، فأغلب قوى المقاومة الشعبية لا تؤمن به، ولا بأنه أهل، سوى لأنه شرعية يحتاجون إليها، كجائعٍ لم يجد إلا البصل يسد به جوعه، ويدمعه ألماً.
وعلى المقاومة والقوى الوطنية اليمنية والسعودية أن تفهم جيداً أن مجرد القبول بجنيف يعني الانهزام والاعتراف بميليشيا قاتلت الدولة وطاردتها واغتصبت حقوقها، ثم ما يعني بالضمن إلغاء قرار مجلس الأمن2216، والذي سيتبعه إنهاء عاصفة الحزم، والدعوة إلى هدنة مطولة، لتعيد الميليشيات ترتيب صفوفها والانتشار بين قياداتها بعد أن فقدت وسائل الاتصال بفعل العاصفة وضربات المقاومة. والمقاومة تعرف هذا جيداً على الأرض وقد جرّبته في الهدنة السابقة12-05-2015م، يوم أرجحت الكفة للميليشيات، ثم هاهو بان غي مون يطالب بهدنة جديدة أطول وأطول!
هناك أخبار كثيرة وتسريبات هنا وهناك مفادها تقول بوجود ضغوط أمريكية هائلة لتمكين الحوثي من شمال الشمال في مخطط لتقسيم اليمن وإشراكهم في حكومة ما بعد جنيف، بالإضافة إلى توقّع دمج الميليشيات الحوثية في الجيش الجديد واستيعابهم ليصبح جيشاً متحوّثاً مصرّح له من الدولة بالاقتيات الطائفي!
وهناك وثيقة خطيرة مسرّبة – يمكن للقراء مراجعتها- نشرتها الصحف موجهة من اللجنة الثورية لجماعة الحوثي يتم فيها مخاطبة وزير الداخلية ورئيس هيئة الأركان ونائبه ( المعينين من الحوثيين ) بضرورة دمج ميليشيات الحوثيين عدد عشرين ألفاً، بألوية الاحتياط حرس جمهوري سابقاً وبالأمن والشرطة. وهو ما يعني محاولة ضمان موضع قدم في الجيش الجديد فضلاً عن المكرمة التي سيلقونها في جنيف الملغوم!
إن هادي سيقود للبلاد لكوارث لا تُحمد عقباها، والمقاومة اليمنية تعرف أنه لو تواجد في اليمن لأودى بها للتهلكة ولارتمى في أحضان أمريكا وإيران مباشرة، لذلك تحتفظ به الرياض لصالحها ولصالح اليمنيين خوفاً من كوارثه التي اكتوت بها اليمن والثورة اليمنية ودول الخليج جميعاً.
يا أبطال المقاومة الشرفاء ....
إنكم تعرفون هادي أكثر منّا، وتعرفون جيداً ماذا حقق جنيف لسوريا، وماذا سيحقق لكم إن رضختم واتبعتم الشرعية التي قد تودي بكم للمهالك.. وقد ابتهجنا وأكبرنا موقف مقاومة محافظة مأرب الباسلة اليوم حيث أعلنت رسمياً أنها ترفض مؤتمر جنيف، وتطالب الحكومة بعدم الجلوس مع الانقلابيين والعصابات الميليشياوية ، وعلى المقاومة الشعبية في بقية المدن عدن وتعز وشبوة والضالع وصنعاء وإب البيضاء والحديدة الضغط الإعلامي في هذا الاتجاه والتصريح بواضح العبارة برفض الذهاب لمؤتمر جنيف جملةً وتفصيلاً، وأن الحوارات قد تمت في مؤتمر الحوار بصنعاء ومؤتمر الرياض، ولم يبق سوى التنفيذ بدل الدوران في الحِلق المفرغة ودوامات الجنيفات...
وبهذا الصدد فإنه يتوجب عليهم تعيين ناطق رسمي في كل محافظة مقاومة ثم ناطق رسمي للمقاومة الشعبية في كل المحافظات متحدّة والذي نعتب عليهم في عدم تعيينه حتى اللحظة برغم أهميته في خلق توازن وتوافق بين المسارين الجهادي والسياسي!
أيها المقاومون الشرفاء في ربوع اليمن، اقتدوا بمأرب وارفضوا جنيفاً وكل جيفة ولا تتركوا مأرب عرضةّ لنيران اتهامات مجلس الأمن وهذيانه بأنهم وحدهم من يرفض الحوار ثم تكون مقدمة لمعاقبة المحافظة بالقاعدة تمهيداً لضرب مقاومتها، فاللهم قد بلغت ،، اللهم أشهد..
ثم أين هي المواقف الرسمية للأحزاب اليمنية القابعة في الرياض والتي يجب أن تضغط على هادي، وأن تثبت على موقفها الرافض لأي حوار مع الميليشيات قبل انسحابهم من المدن والمعسكرات وتسليم سلاح الدولة، أم هو اتبّاع هادي في كل ما يقول ويفعل لأنه الشرعية!
ونعود للمقاومة كونها الحاكم الفعلي على الأرض : الميدان لكم، وأنتم في موضع نصر، وعاصفة الحزم في جوّكم، والمجتمع الدولي يؤيدكم إن ثبتم، فاثبتوا يا رعاكم الله، وقودوا ولا تنقادوا ، أنتم الأصل ، وهادي وحكومته فرع، أنتم من ستقررون مصير اليمن لا المؤتمرات، بيدكم الحسم بعد الله، توحدوا وارفضوا الألغام المزروعة في طريقكم من أمريكا والساذج هادي وإيران، ويخبرنا التاريخ الحي والمشاهد أنه في زمن الحروب الكلمة لمن هم على الأرض ومن يملك القوة والسلاح، اثبتوا فقط على مواقفكم وتوحدوا بإعلامكم وأحسنوا تسديده، وعندها فقط سيرضخ لكم هادي وينصاع، وتتبعه عاصفة الحزم جواً ، وملائكة الرحمن برّاً وجواً ...
وعودوا إلى صفوفكم يرحمني الله وإياكم
بقلم /