|
مأرب برس – ريما الشامي - خاص
قبل ما يقارب العامين قدمت أحزاب اللقاء المشترك برنامجها السياسي للإصلاح الوطني الشامل والذي احتوى تشخيصا دقيقا وموضوعيا لأوجاع اليمن و أحوالها المتدهورة الى جانب تقديمه للأدواء والمعالجات المنبثقة من فهم واع للظروف القائمة وإدراك للمسؤولية تجاه الوطن وبدون ادعاء الكمال واحتكار الحقيقة.
وان كانت المعطيات الراهنة لظروف الحياة السياسية والاجتماعية ومجمل الحراك والتطورات على الساحة الوطنية تؤكد شواهد التدهور والانهيار الشامل على كافة المستويات ومجالات الحياة العامة وذلك كنتاج طبيعي لسياسات الفساد والاستبداد التي تحكم بها البلاد في ظل تركز مقاليد السلطة والقوة والصلاحيات في شخص فر
د وبدون مقابلة ذلك أي مسؤوليات او حساب وان كان هذا هو حال وطننا اليوم كما حذرت منه مبادرة المشترك وتوصيفها الدقيق أيضا لمجمل السياسات الخاطئة التي تدار بها البلاد الا ان مسؤولية أحزاب المشترك لا تنتهي عند مستوى طرح البرنامج للجمهور للمرة الأولى وكفى .
اليوم هناك إستراتيجية مدروسة وسياسات منهجية معتمدة من قبل السلطة وبإمكانيات الدولة تنفذ بكل قوة لفرض الاستبداد السافر ومشاريعه على الشعب في إطار الارتداد المدروس عن أخر ما تبقى من بقية لقيم الديمقراطية والحرية .
والمفترض على الجانب الأخر ان يكون لدى القوى الوطنية بنفس القوة والمقدار إدراك وطني مسؤل بحجم الاستبداد و خطورة مشاريعه التي تحاك للوطن وأن يترجم هذا الوعي والإدراك الى خطة إستراتيجية منهجية تكون قاعدتها والياتها هي الإرادة الشعبية والجماهير العريضة لتقف مدافعة عن حريتها وإرادتها وحقوقها و اختياراتها الحرة في حياة كريمة.
وفي مثل هذه الظروف والمعطيات الحساسة للمرحلة الحالية ينبغي لبرنامج اللقاء المشترك للإصلاحات الوطنية ان يأخذ دوره ومكانته كرؤية تمثل خلاصة للمطالب الوطنية وطرحا موضوعيا ممثلا للإرادة الشعبية في مواجهة إرادة الاستبداد ومشاريعه.
لكن على الواقع العملي وعلى رغم مرور فترة زمنية طويلة نسبيا على إعلان برنامج الإصلاح السياسي والوطني الا ان التعامل معه ظل يتم في اطار نخبة المشترك وقياداته العليا واستدعاء البرنامج والتذكير به كلما دعت الحاجة الظرفية الموسمية ولم ينزل البرنامج بعد الى الشعب وفئاته ولم يفعل في أوساط الناس بالشكل المطلوب الذي يكون فيه جزءا من حياة الناس خاصة وان الشعب هو المعني بالبرنامج وهدفه.
وفي هذه المرحلة المفصلية من حياة شعبنا لم يعد مجديا ولا مقبولا ان يظل برنامج المشترك نخبويا محصورا في إطار المجلس الأعلى لقيادة المشترك بل ينبغي أن تأخذ الأحزاب مشروعها مأخذ الجد والاهتمام وتنزل به الى أنصارها وقواعدها في الساحة الوطنية كبرنامج عمل حقيقي يتأسس عليه النشاط الحزبي وتعمل على ترسيخه قواعديا الفعاليات والمناشط المختلفة لاحزاب المشترك ولأن تجربة الانتخابات الرئاسية والمحلية قد أوضحت عن نجاح المشترك وخطابه في الانتخابات الرئاسية كان ذلك جليا من خلال الدعم والالتفاف الشعبي حول مرشح الرئاسة المهندس فيصل بن شملان حيث كان لوحدة الموقف والتنسيق الكبير الذي لعبته القيادة التنفيذية للمشترك دورا كبيرا في انجاح حملة مرشحها الرئاسي شعبيا اذ كان الهدف واضح والبرنامج محدد بينما في المحليات كانت التجربة معكوسة والنتائج سلبية اذ دخلت احزاب المشترك في المحليات في ظل فراغ و انعدام تنسيق و غياب برنامج مشترك هو اصلا موجود ومعلن عنه وسيطر تشتت مواقف احزاب المشترك ويعود ذلك الى الجهل وعدم الوعي ببرنامج الإصلاحات بسبب تجاهله ابتداء منذ إعلانه ثم عدم تفعيله في أوساط قواعد الأحزاب التي دخلت تجربة الانتخابات دون تبلور وعي وإدراك لأهمية النضال السلمي وتراكم التجربة الشعبية في الاصطفاف في إطار برنامج وطني بغض النظر عن نتائج انتخابات محسومة سلفا .
واليوم في اطار ظروف البلد التي تدار بسياسات منهجية تريد العودة بالوطن الى عصور الشمولية فان الحاجة الموضوعية تفرض نفسها بضرورة تفعيل برنامج المشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل في أوساط الناس كمنهج فكري وسياسي مقاوم لمخططات وسياسات الاستبداد وبحيث يأخذ الشعب دوره ويتحمل مسؤلياته في تحديد مصيره ورسم مستقبل أجياله ولعل أوضاع البلد لاتحتمل تأخر أو تقاعس أحزاب المشترك عن أداء التزاماتها الوطنية تجاه الشعب الذي رأي في برنامج المشترك الامل والخلاص وحتى لا نجد أنفسنا في وضع لا يسمح بطرح رأي أخر- مخالف للسلطة- في وسط مؤشرات سلبية جمة ومخيفة على مستقبل الوطن على المدى القريب المنظور فنتائج الانتخابات ومابعدها كشفت حقيقة سلطة تعتمد القوة السافرة لاكتساب شرعية الحكم في ظل اعتمادها لحكم مشائخي - اقطاعي بأيدي مراكز القوى والنفوذ الذين توكل إليهم مهام إرهاب الناس واغتصاب الإرادة الشعبية وحسم الانتخابات بالتزوير الفاضح والى جانب ذلك تفجر الحروب الداخلية والتي أخرها حرب صعدة التي تضع الشعب اليوم أمام حقيقة ومصداقية نتائج انتخابات تمنح تفويضا للحروب والدماء والى جانب كل هذا أيضا التدهور المضطرد في مجال قمع الصحافة وحرية الرأي وخنق ماتبقى من هامش ديمقراطي ظل ديكور خداع من اجل استجداء مساعدات الخارج ويضاف الى ذلك مؤشرا سلبيا جوهريا و هاما هو زيادة تمكين سطوة مراكز قوى الفساد في حكم البلاد في شتى المجالات الأمر الذي زاد الأمور تدهورا وضاعف المعاناة الشعبية بدرجة مهولة ولا منطقية وفي إطار ثنائية رهيبة اجتمع فيها تسليط المتنفذين والإقطاعيين وقمع الحريات وانتهاك الحقوق الإنسانية الى جانب تفشي الفساد وتدهور الاقتصاد ومعيشة الناس واستفحال الغلاء والبطالة والجوع لصالح مراكز النفوذ وقوى الفساد التي تدير البلد وتسيطر على كافة المقدرات والموارد الوطنية .
كل هذه المعطيات وكل مايعتمل اليوم في وطننا يوصلنا الى نتيجة مفادها ان الأمور تسير نحو فرض الاستبداد قهرا على هذا الشعب و بمنهجية منطق القوة والقهر وهذا مايفسر التوجه نحو تهميش المعارضة واللقاء المشترك وتقليص وجوده وتمثيله السياسي في البرلمان الى أقل من ربع النسبة التي يشغلها اليوم ولعل تجربة انتخابات ال 20 من سبتمبر التي حددت السلطة فيها حصة احزاب المشترك ونسبة تمثيلها ونجحت في ذلك رغما عن اتفاق المبادئ والتسويات الفوقية فهي تسير على نفس الطريق لفرض النسبة التي تريدها للمعارضة في انتخابات قادمة ومن ثم تمرير مخططها وفرض مشاريعها التي تريد عيانا بكل أريحية وطمأنينة وفي صورة يمكن مقاربتها مع التعديلات الدستورية التي جرت مؤخرا في مصر التي فرضت مزيدا من احتكار السلطة وهيأت الامور وسوت الأرضية المناسبة لتوريث الحكم .
ليس هناك من رهان الا على الشعب وخارطة طريق انقاذ اليمن لن تكون الا بالتوجه بمشروع الاصلاحات الوطنية الشاملة الى الشعب وغرسه في خارطة الوطن كثقافة حقوق ومطالب حية وبرنامج عمل يتبناه الرأي العام وحتما الارادة الوطنية اذا ما ناضلت في اطار مشروع منهجي قاعدته شعبية ستنتصر على السياسات المنهجية التي تتبنى وتسعى اليوم لفرض الاستبداد ومشاريعه .
في الجمعة 23 مارس - آذار 2007 10:06:42 م