حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب الحوثيون مذعورون من عودة ترامب إلى البيت الأبيض وسط تقارير حول عملية عسكرية قريبة.. وهذه أبرز تصريحات قادة الجماعة مقتل وإصابة 5 جنود سعوديين بحضرموت وأجهزة الأمن تخصص 30 مليون مكافئة للقبض على الفاعل بالأسماء والتفاصيل.. إليك المرشحون للمشاركة بإدارة ترامب فضيحة ثالثة تنفجر في مكتب نتنياهو.. ماذا تعرف عنها ؟ توقعات بحدوث زلزال مدمر بهذا الموعد… ومصادر تكشف التفاصيل إفراج الحوثيين عن موظفة أممية بعد خمسة أشهر من الاحتجاز 10 أغنياء استفادوا من فوز ترامب بالرئاسة مصدر مقيم في واشنطن : وزارة الدفاع الأمريكية أكملت استعداداتها لشن ضربة عسكرية واسعة تستهدف المليشيات في 4 محافظات
قال الكاتب والمفكر السياسي، عبده سالم بأن اليمن يشهد حاليا وضعا ضبابيا، ومرحلة انتقالية، تفصل بين عهدين، عهد تشكل نظام جديد قادم، وعهد رحيل نظام قديم راحل.
وأضاف سالم بأن هذا العهد الانتقالي كان نتاج ثورة شعبية عارمة أدت إلى حدوثه، لأن أي ثورة من ثورات العالم لا بد أن تعقبها مرحلة انتقالية، مؤكدا بأن هذا العهد لن يستمر كثيرا، لأن هناك مؤشرات على أن الانتقال التدريجي للعهد الجديد قد بدأت.
وقال سالم في حوار له مع صحيفة الجمهورية، يعيد «مأرب برس» نشره، بأن الثورة بحاجة إلى ثورة جديدة، وبأن المرحلة الانتقالية الراهنة هي نتاج ثورة سلمية، تختلف عن الثورات المسلحة، التي تحسم عسكريا، ولهذا فإن موازين القوى المادية والعسكرية، لم تتطبع بعد مع العهد الجديد، ولهذا فإن فترة التطبيع ستأخذ فترة زمنية أطول.
وأكد سالم بأن ثورة اليمن أشعلت جذوة التغيير في الجزيرة العربية، وقال بأن ثورة اليمن ليست ناشزة عن المنطقة ومتمردة على المجتمع الدولي، والمجتمع الإقليمي، حيث تجسدت الشرعية الثورية باعتراف دولي من خلال المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن، مشيرا إلى أن الثورة هي الأساس في التحولات التي تعتمل في الوقت الراهن.
وفيما يتعلق بالسيادة الوطنية، قال سالم بأن المشروعية الدولية ليس فيها تبعية، لأن اليمن لم تفتح مجالا لتدخلات الدول، ولكن للمشروعية الدولية القائمة على أساس مبادئ الأمم المتحدة.
وأكد سالم بأن الثورة اليمنية قامت في لحظة كان شارف فيها النظام السابق على نهايته، ولو لم تكن الثورة لكان حدث صراع داخلي في بنية النظام، خاصة بعد بروز مشروع التوريث، وفي هذه الحالة كانت المخاطر والخسائر ستكون أكثر.
كما أكد سالم على أنه ينبغي على النظام الانتقالي أن يوصف نفسه بناء على قاعدة التغيير التي أنتجتها الثورة، وإلا فإنه سيصبح أحد عناصر النظام القديم، وستتم مواجهته.
وفيما يلي نص الحوار.. حاوره عبيد الحاج:
ـ الثورة واللاثورة.. الاستقرار واللاستقرار.. اليأس والأمل.. الخوف والرجاء.. مفردات تكاد هي المسيطرة حالياً على المشهد اليمني وواقعه البنيوي.. ما ذا ترى؟
شكراً لك أولاً والشكر موصول لصحيفة «الجمهورية»، والسؤال الذي باشرتني به يحمل بين طياته الإجابة، صحيح نحن الآن في وضع ضبابي وهذا وضع انتقالي، فاصل بين عهدين، عهد تشكل وتخلق نظام جديد قادم وعهد رحيل نظام قديم راحل، وإذا افترضنا أن الفترة الانتقالية أو العهد الانتقالي ـ وهو الافتراض الصحيح ـ أن الثورة الشعبية العارمة أدت إلى حدوث هذا الوضع الانتقالي فأي ثورة من ثورات العالم لابد أن تعقبها مثل هذه المرحلة التي نعيشها اليوم وخاصة في مرحلة الانتقال، ولكن لا أتوقع أن هذا العهد سيستمر كثيراً، هناك مؤشرات بأن الانتقال التدريجي للعهد الجديد قد بدأت..
ـ قلت من الطبيعي أن تسيطر مثل هذه الفترة على أية مرحلة انتقالية ولكن هذا قد لا ينطبق على الشأن اليمني إلى حد كبير، بحكم أن عندنا المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وهي مرجعية الفترة الحالية تقريباً، وبالتالي قد نستغني عن أي تخبط سياسي.. المبادرة مرسومة الخطوات والبرامج، لمَ الضبابية والغموض في المشهد؟
ما دمنا افترضنا أننا في مرحلة انتقالية عقب ثورة شعبية وهي ثورة سلمية تختلف عن الثورات المسلحة التي عادة ما تحسم الثورة عسكرياً، موازين القوى المادية والعسكرية لما تتطبع بعد في العهد الجديد، وما دمنا أمام ثورة سلمية فإن فترة التطبيع ستأخذ فترة زمنية أطول، والذي يحول الآن هو ليس عدم فهم المبادرة التنفيذية ولكن بسبب أن ميزان القوى دائماً يستخدم من قبل النظام الجديد لإيقاف حركة التغيير، وليس بمقدور الطرف الآخر أن يستخدم قوة معينة لإزالة هذه العراقيل طالما والقوى الإقليمية والدولية هي الضامن والمنفذ لهذا الاتفاق، أو بمعنى آخر، أن الذي يجيد هذه العراقيل يحتاج إلى قرار دولي، أممي ما دام أن الفترة الانتقالية قد حجزت برمتها في المجتمع الدولي.
ـ الطرف الإقليمي.. المجتمع الدولي.. أين ذهبت الثورة الشعبية إذن بأدواتها الضاغطة؟
أنا أقول أنه لولا الثورة الشعبية لما كان للمجتمع الدولي حضور، وحقيقة فإن المجتمع الدولي بشرعية الأمم المتحدة يظل هو في الأخير مشروعية أممية، وثورة اليمن ليست ثورة ناشزة عن المنطقة ومتمردة على المجتمع الدولي، وعلى المجتمع الإقليمي، الشرعية الثورية تجسدت باعتراف دولي من خلال المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن، وأعتقد أن الثورة هي الأساس في التحولات التي تعتمل الآن، لما عمل المجتمع الدولي أي شيء، هناك رهان على المبادرة الخليجية وعلى المجتمع الدولي أن يستكمل إجراءاته طالما وقد تدخل في القضية ابتداء ولكن في إطار المشروعية الثورية والشعبية.
ـ تطلب من المجتمع الدولي والإقليمي أن ينفذ المبادرة الخليجية بنفسه في اليمن؟!
وإلا لماذا المبادرة؟
ـ المبادرة كخارطة طريق.. كخطوط عريضة للحل، وبالنهاية اليمنيون هم من يحلون مشكلتهم؟
لا نحتاج إلى وصفة علاج تأتينا من الخارج فنحن أعرف بتشخيص المشكلة والأزمة، ولكننا تعاملنا مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بحكم أنها وسيلة ضاغطة، نحن في مجتمع أصبح يعيش في ذمة المشروعية الدولية، ونحن لسنا نشازاً عن واقعنا في المنطقة..
ـ ألا يعتبر ذلك ارتهاناً أو تبعية؟
في إطار المشروعية الدولية ليس هناك تبعية، نحن لم نفتح مجالاً لدول، ولكن لمشروعية دولية قامت على أساس مبادئ الأمم المتحدة والأمم المتحدة للناس كلهم.
ـ ليكن.. لكن الطرف الإقليمي حاضر بقوة فما مشروعيته؟
أصبحت المبادرة الخليجية في ذمة الأمم المتحدة وبقرار 2014.
ـ تتحدث منذ البدء قائلاً ثورة.. ثورة.. عن أية ثورة تتحدث، كثير من وسائل الإعلام الدولية وحتى بعض الأطراف الإقليمية والدولية أيضاً تعاملت مع ما حدث على أساس أنه أزمة، ما ذا ترى؟
هي صحيح أزمة، والثورة هي نتاج لأزمة، ولولا الأزمة لما وجدت الثورة، الثورة حاضرة وموجودة، وليس بوسع دول الخليج ولا غيرها أن تتدخل بمبادرة لإزاحة رئيس دولة لو لم تكن الثورة قد بلغت رشدها، وبلغت منتهاها، وأنا أعتقد أن المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن ما جاءا إلا بفعل وقائع ثورية حاسمة واعتراف هذه المبادرة بالثورة، وبالتالي فأي تحول يتم على قاعدة التغيير.
ـ هل هناك ثورة تنتهي بمفاوضات سياسية على الطاولة؟
نحن بين نموذجين: إما ثورة مسلحة والرشاش هو الذي يحسم القرار ويحقق المطالب، وإلا ثورة سلمية يحل محل الرشاش الحوار السلمي، وإلا لماذا هي ثورة سلمية؟
ــ طيب أقول لك: ألفا شهيد وآلاف الجرحى خلال أشهر.. دمار مدن وحارات.. قتل بالجملة.. أين السلمية؟
الثورة سلمية في الأصل، وأي حدث من الأحداث، ربما مظاهرة طلاب مدارس ربما تسفر عن عنف في الأخير وهي لا علاقة لها بالعنف، وما حدث من دماء هي بفعل سلمية الثورة نفسها، وربما أن الثورة السلمية تدفع من الدماء أكثر مما تدفعه الثورة المسلحة، على اعتبار أن الثورة المسلحة تعمل على توازن الرعب بين الطرفين فيقل نزيف الدماء، أما الثورة السلمية فيحدث فيها تجاهل لذلك.
ـ بحدس السياسي الماهر، والمحلل الرصين ألا ترى أن حضور المجتمع الدولي والإقليمي إلى هذا الحد في الشأن اليمني قد يكون له انعكاس سلبي مستقبلاً على الشأن السياسي اليمني ومصالحه الاستراتيجية؟
هذا القلق موجود، وهناك مخاوف على سيادة اليمن من أي استهداف خارجي وخاصة في هذه اللحظات العصيبة، وهذه مشكلة ليست وليدة اليوم، ولكنها مشكلة قديمة جداً ومؤرقة، واليمن مستهدفة دولياً على كل الأحوال، بسبب أنه لم تترسخ فيها ثقافة الدولة، ولم تفِ بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي. وهذا قدرنا أن نعيش مهددين من الخارج سواء في الماضي أو في الخارج، ولولا هذه المخاوف لما قامت الثورة أصلاً، لأنها ما قامت إلا بعد أن بدت ملامح انهيار اليمن بشكل جلي وواضح، وأنا أعتقد أن أية دولة تتعرض للانهيار والتآكل فلا بد للمجتمع الدولي أن يتدخل، سواء بشرعية الأمم المتحدة أو حتى بشرعية الغاب.
ـ يقرر البعض أن النظام تم إسقاطه من الداخل بفعل التداعيات السريعة بين أركانه أكثر منه بفعل خارجي.. إلى أي حد قد يكون ذلك صحيحاً؟
الثورة أحدثت اختلالاً داخل منظومة السلطة الحاكمة والاختلال عندما يسري لا شك أنه يفكك مفاصل النظام، وهناك كثير من الاختلافات حول تفسير الاختلال، يقال إن الاختلال يسير مثل شرر الكهرباء فيصيب الأنظمة المصونة في مقتل ولا تدري إلا والأمور تتداعى لتصبح كالرماد في الأخير، الثورة ليس بالضرورة أن تجهز على النظام من أول وهلة وتنهيه، ولكنها تحدث الاختلال، فإذا حدث الاختلال يبدأ التداعي والانهيار، ولهذا قالوا ميزان القوى يتشكل من عنصر تفوق، وعنصر توازن وعنصر اختلال، فإذا غادر النظام من ساحة التفوق إلى ساحة التوازن يعتبر نظاماً منتهياً، فمهمة الثورات والصراعات السياسية نقل النظام إلى ساحة الاختلال ومن ثم تسير الأمور إلى قواعدها الطبيعية في تحديد المصير.
ـ هل عملت الثورة اليمنية على هذه الفلسفة من بدايتها؟
أنا أقول: إن أية ثورة لا تقوم على نظام سليم، لا تقوم أية ثورة إلا على نظام مريض في الأصل، أما إذا كان النظام سليماً وقوياً حتى لو كان مستبداً أحياناً، فإن الثورة ـ أية ثورة ـ لا تطمع فيه. أقول: مررنا بنقطة تقاطع بين موت نظام وقيام ثورة..
ـ تقصد نقطة تقاطع بالمفهوم الهندسي طبعاً التي تعني الالتقاء لا بمدلولها المعجمي.. أليس كذلك؟
نعم.. الثورة قامت في لحظة أشرف النظام على نهايته، ولو لم تكن الثورة لكان حدث صراع داخلي في بنية النظام نفسه، وخاصة بعد بروز مشروع التوريث، وستكون المخاطر والخسارة أكثر، الثورة جاءت في لحظة مناسبة وأدت إلى هذه النتيجة.
ـ هل هذا هو سبب انقسام البرجوازية السياسية إن صحّ التعبير أولاً على نفسها بسبب التوريث؟ خاصة وأن الطبقات البرجوازية بمنأى عن الثورات أو الالتحاق بها في الغالب، في الشأن اليمني هناك مفارقة أن التحقت بعض أعمدة الحكم بالثورة؟
في كل مجتمع من المجتمعات توجد مراكز قوى، تسمى هذه القوى مراكز تحكم، هناك مراكز حكم وهناك مراكز تحكم، في المجتمعات الأخرى، مراكز التحكم تنتقل مباشرة إلى مراكز الحكم وتمارس التحكم باسم الحكم وباسم قانون الحكم وباسم دستور الحكم، في اليمن، ظلت مراكز التحكم خارج إطار الحكم، وضمن علاقة مع النظام، فإما أن تكون ضامنة لبقاء الحكم، أو لعدم تهديده، أو ضامنة لحمايته نتاج مصلحة معينة قائمة، يبدو أن علاقة مركز الحكم بمركز التحكم اختلت في الفترة الأخيرة، وبدأ النظام ينتج مراكز تحكم أخرى مما أدى إلى أن أصبحت مراكز التحكم الأولى خارج إطار العلاقة أو المعادلة السابقة، وعندما قامت الثورة كانت مراكز التحكم قد حددت موقفها من النظام، ولم يعد بين الطرفين مصالح قائمة، وربما أننا سمعنا تصريحات كثيرة من قبل أن تقوم الثورة وقبل أن ينهمر الربيع العربي، سمعناها من مراكز تحكم محسوبة على مركز الحكم، ولذا لا غرابة أن يقول البعض إن المشايخ مسيطرون على الثورة، وكذا القبائل.. علي محسن تسلق الثورة كما يقولون، لكن جاءت الثورة ومراكز التحكم قد ضاقت العلاقة بينها وبين مركز الحكم وكأن مراكز التحكم وجدت المشروعية الوطنية لتعلن موقفها بشكل واضح، وأعتبر أن هذا تصرفاً ذكياً يمكن أن يتصرفه أي عاقل.
ـ ولكن ما سبب هذا التفكك أولاً فيما بين مراكز التحكم من جهة ومركز الحكم من جهة أخرى؟
أقول: إن التفكير بالتوريث يقتضي أولاً خلق مراكز تحكم جديدة للنظام الجديد القادم غير المراكز الأولى، ومشكلة التوريث هي التي صدعت النظام وشلّت العلاقة بين مركز الحكم ومراكز التحكم! أو بمعنى أوضح أن النظام القائم كان قائماً بضمان مراكز التحكم وفق مصالح متبادلة أو قاعدة عرفية تحكم قضية الغرم والغنم بالمفهوم القبلي، عندما جاءت فترة استبدال النظام القديم بنظام جديد، أصبحت مراكز التحكم خارج إطار النظام، ولو تبنت المواجهة مع النظام قبل الثورة لتعامل معها النظام كتمرد، لكن جاءت الثورة في لحظة انفعال مراكز التحكم من تصرفات الحاكم فأخذوا طريقهم بالشكل الطبيعي وأتوقع أن هذا من إبداعات الثورات دائماً.
ـ أفهم الآن من كلامك أن هؤلاء “مراكز التحكم” التحقوا بالثورة احتماء بها في لحظة انفعال صادف لحظة الثورة، أو على الأقل وفق قاعدة: “اقتلوني بمالك واقتلوا مالكا بي”؟
الثورة هي مصلحة ولا يمكن أن نتناسى ذلك. والثورة إن لم نحتم بها ليست ثورة، أما إذا تحولنا إلى وقود لها وحطب فهذا استبداد، الثورة لها شاطئ كبير يحمي كل من لجأ إليه، وهذا التصرف الطبيعي في الأصل، لكن أقول إن مراكز التحكم جزء من معادلة نظام الحكم في فترة تاريخية معينة، في الفترة الأخيرة من تاريخ الحكم بدأت هذه المراكز تتفرق، جاءت الثورة والمواقف قد تحددت، وبهذا ليس من مصلحة مراكز التحكم أن تتصرف بتصرف ضد النظام بأي تصرف غير تصرف الثورة، وبالتالي استفادت الثورة من موقفهم هذا، ولو حصل قبل هذا الوقت لما كان لهذا التصرف معنى. ثم يأتي بعد ذلك دور أطراف الثورة التي تحدد المصلحة. وبالنهاية حتى الدين نفسه هو مصلحة.
ـ ألا تتوقع أن تتحول مراكز التحكم القديمة هذه إلى ثقالة سياسية واجتماعية وعبئاً على الثورة التي التحقوا بها؟ وسيفرضون معادلة من حضر غرم الثورة يحضر مغنمها؟
هذه سنّة الثورات عبر التاريخ، وقد تصبح فعلاً ثقالة على النظام القادم، لكن الثورة نفسها تحتاج إلى ثورة جديدة بعد ذلك، ولذا يقول السياسيون: الثورة دائمة. الثورة محتاجة إلى تجديد وإلى ثورة إصلاحية بعدها، نحن مشكلتنا أن الناس كانوا قد نسوا مفهوم الثورة، الثورة منهج، ولهذا ينبغي أن تنتقل ثقافة الثورة إلى الميادين الأخرى بحيث من كان على منهج الثورة وحتى لو كان من ركائز النظام القديم يظل جزءاً منها، حتى ولو ينضم إليها سلفاً، ومن تحول إلى طاغوت حتى ولو كان من الثوار أنفسهم فهذا ليس منها، ينبغي أن يكون للثورة منهج يحاسب التجاوزات كلها.
ـ هل عندكم تصور لهذا المنهج ولو في صورته الأولية حتى الآن، ولئلا نكرر تجربة ما بعد ثورة 62م في الشمال تحديداً؟
بالنسبة لي شخصياً لست من قادة الثورة ولا من قادة المشترك، ولست ثائراً في الأصل، ولكنني من أدوات الثوار، فأي شيء يطلب في هذا الإطار مني سأقدمه، ولكني أستقرؤها من منظور سياسي، المرحلة المقبلة سوف تشهد كثيراً من التناقضات لأن ميزان الثورة لا يستقر ويتوازى إلا بعد سنوات من الثورات، بمعنى أوضح، إذا لم تكن الثورة بداية لمرحلة تاريخية جديدة فهي ليست ثورة، الثورة نتاج حالة غضب.
ـ هل ما مضى من المشهد الثوري السابق يحمل الجينات الثورية المكتملة والسوية حتى نتنبأ بعهد ثوري جديد أي نحس بتغيير تاريخي لعهد جديد؟
الثورة لحظة حمية ولحظة غضب، ينبغي أن تحدث أثراً في ميزان الحاكم إلى حد الاختلال، فإذا اختل الوضع نقول إن الثورة أدت غرضها وحققت هدفها، وما بقي من ذلك فهي تداعيات، الثورة تحدث اختراقاً في الجسم الصلب يعقبه اختلال وتنتهي عملية الثورة هنا، وأنا أقول: إن جمعة الكرامة كانت يقين الثورة وعنفوانها، ويومها تحققت أهداف الثورة.
ـ قد تبدو المعادلة هنا طردية بحكم أن النظام السابق هو من صنع حدثها؟
قد يكون تصرف النظام هذا ردة فعل لعنفوان الثورة وزخمها نفسه، النظام ليس ثائراً، لكن الطغيان يخدم الثورات، وأنا أقول لك إن الذي أنهى النظام هو النظام نفسه، الثورة صادفت في لحظة انهياره.
ـ المشيخة والرموز القبلية مطلة بقرونها اليوم تبحث عن موطئ قدم لها في المستقبل في ظل النظام الجديد، البعض يخشى من تكتيك جديد لها يعيدنا إلى معادلة جديدة ـ قديمة هي “شيخ الرئيس ورئيس الشيخ”؟ ما ذا ترى؟
أريد أن أقول إن القبائل موجودون في أي مجتمع من المجتمعات..
ـ في المجتمعات التي تشير إليها قبائل انساحت وتماهت في الدولة بعكس قبائلنا قبيلوا الدولة ولم يمدنوا القبيلة؟
القبيلة موجودة في كل دول العالم حتى في الدول الحديثة لأنها في الأخير مكون من مكونات الشعب، لكن هناك فرق بين القبيلة والنظام القبلي، النظام القبلي هو الذي يدير القبيلة، وقد يكون هناك صراع بين القبيلة ونظامها القبلي، ما أريد أن أتساءل بشأنه هو هل سيكون النظام هو المهيمن بدلاً من نظام الدستور والقانون؟ أقول: هذه المخاوف توجد عادة عندما لا توجد دولة، والآن يجب صنع وتأسيس الدولة والدستور، شخصياً لا أرى أن النظام المشيخي سيكون عبئاً لأننا أمام ثورة، والثورة ستصل إلى ثقافة الناس كلهم، ونأمل أيضاً من النظام القبلي المشيخي أن يبدأ حركة بيروستريكا داخل المجتمع القبلي بحيث يتأقلم مع مفهوم الدولة المدنية، نحن لا نريد بالطبع أن يتحول النظام القبلي إلى نظام بديل عن نظام الدولة.
ـ فيما أعرف أن داخل منظومة القوى الثورية كاملة أجندات متباينة لكثير من الأطراف تتقاطع مع بعضها.. مثلاً: للحوثيين أجنداتهم الخاصة، الحراكيون لهم أجنداتهم أيضاً، القوى الأخرى تختلف إلى حد كبير مع هؤلاء.. إلى أي حد سيؤثر ذلك مستقبلاً على مخرجات الثورة؟
لما نقول الثورة نقصد ثورة اليمن، فقضية الحوثي والحراكيين والمشايخ والقاعدة وغيرهم هؤلاء هم داخل اليمن والثورة داخل اليمن، وليس لها طبقة مثالية تدعي ريادتها، هذه ثورة شعب وملكه الصالح والطالح والمنهج الثوري هو المقياس الصحيح لها، الثورة مهمتها الآن أن تنتج منهجها وترسخه، وتوجد الطليعة الثورية الحامية لهذا المنهج. بعد ذلك تتعامل الثورة مع كل الناس وفقاً لهذا المنهج الذي يستوي فيه الجميع.
ـ ألا ترى أن طليعة الثورة في المشهد الحالي إلى حد ما هم اللقاء المشترك؟
أتوقع المعادلة السياسية في اليمن كانت معادلة حاضرة قبل الثورة، الثورة لم تعد في ظل غياب المعادلة السياسية، كان يوجد نظام تعددي وتوجد سلطة ومعارضة، المعارضة موجودة على أرض الواقع، وليس بالضرورة أن يكونوا هم طليعة الثورة، أنا أقول: طليعة الثورة يشكلها منهجها، والمطلوب من الثوار أن يحددوا منهج الثورة، قد تكون الأحزاب طليعة سياسية موجودة، لكن الحدث الموجود في اليمن على امتداد الساحة أكبر من هذه الأحزاب نفسها، ربما تكون أحزاب اللقاء المشترك أحد طلائع الثورة أو أحد أدوات الثورة وليس طلائعها، ولكن الواقع سينتج جيلاً آخر ليس بالضرورة أن يولد اليوم، قد توجد الثورة اليوم، ويأتي جيلها بعد سنوات لكن يجب أن تبقى ثقافة الثورة حاضرة، أنا لا أتوقع أن البسطاء هؤلاء من الناس الذين خرجوا يهتفون لم يتشكل في رؤوسهم وعي سياسي وثوري، ولا يستبعد أن يتحول الثوار إلى مثور عليهم في لحظة تاريخية ما، لأنه أحياناً تقوم الثورة ولكن منهجها يتشكل بعيداً عن القائمين عليها!! تبقى ثورة الثورة حاضرة في وعي الإنسان، ولذا فإن من طبيعة الثورة ـ في الأصل ـ الديمومة، الثورة ليست مناسبة، الثورة منهج وديمومة.
ـ حبذا لو أشرنا إلى تداعيات الثورة اليمنية على الجزيرة العربية التي تشكل اليمن جزءاً منها؟
أقول: العالم أمام دورة تاريخية وخاصة منطقتنا هذه في الشرق الأوسط، أمام دورة تاريخية جديدة، سمها ثورة، وسمها موت نظام قديم، هناك تحول قادم، أما عن الأسباب الدافعة لذلك فمتعددة والخلاصة أن ثمة ورقة ستقلب من التاريخ وهناك شعوب قد تتأخر لكن التغيير قادم والجزيرة العربية ليست بمنأى عن هذا التغيير، وأتوقع أن اليمن هو الجذوة في الجزيرة العربية.
ـ الشباب والساحات.. موضع جدل بين المغادرة والبقاء.. ترى هل من جدوى حقيقة لبقائهم تحت الخيام من الآن وصاعداً؟
أتصور أنه لو كانت الثورة استكملت شروطها كانت الساحات قد انتهت عملياً، وإذا عاد الناس إلى بيوتهم قبل أن تكتمل أهداف الثورة سيتم إنتاج وخلق ساحات جديدة من جديد، وأعتقد أن النظام الانتقالي هذا أمام فرصة تاريخية ما دام أن المبادرة الخليجية انطلقت عل قاعدة التغيير، فينبغي لهذه العلاقة أن تحدث عملية تشبيب بين الساحات والنظام الانتقالي والمبادرة الخليجية والشرعية الدولية، لأنه ليس من المعقول أن يكون المجتمع الدولي ثورياً، ولا مطلوب من عبدربه منصور هادي أن يكون طليعة ثورية، الثورة أنتجت علاقة اسمها التغيير، الكل اعترف بها، الناس يتطلعون إلى النظام الجديد الذي انتخبه واتفقت على مبرراته كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
ـ هل هناك من مبرر لبقائهم في الساحات؟
ينبغي على النظام الجديد أن يوصف نفسه توصيفاً جديداً وأعتقد أنه قد أشار إلى ذلك أنه على قاعدة التغيير، وأن المطالب التي نادى بها الثوار هي نفس المطالب التي ينادي بها النظام الجديد، الثورة الآن ثورة إسناد للنظام الجديد لتنفيذ هذه المطالب ما لم فسيصبح النظام الجديد أحد عناصر النظام القديم، أو ستتم مواجهته.
ـ في حال فشلت حكومة الوفاق ـ وهذا جدل افتراضي ـ ما الحل؟
الحل صنع نظام جديد من قبل الثورة، وربما تكون في أحد أوجهها ضد الثوار أنفسهم!! سيأتي ثائر جديد غير الثائر الموجود اليوم، المسألة حالة ثورية وليست سوقاً، الثورة حالة ومنهج وثقافة، هذه الثقافة التي سمعناها في أناشيد القوم وهتافاتهم وشعاراتهم قد ثبتت في أذهانهم، وأصبحوا يدركون ما معنى يمن جديد.