أردوغان والسيسي يوقعان اتفاقيات استراتيجية كبيرة بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه مقاليد الحكم...زعيم خليجي يصدر عفوا عن مئات المحكومين كويكب يضرب الأرض خلال ساعات.. والعلماء يحددون بأي دولة سيسقط الحوثي يسرق اليمنيين بأسم النبي.. هذا ماحدث في مديريتين من مديريات صنعاء فقط كارثة غير مسبوقة.. انفجار وشيك للناقلة النفطية (سونيون) في البحر الأحمر وزير في الحكومة الشرعية يوجه نداءً هاماً لجميع اليمنيين في الداخل والخارج مسؤول حكومي يعري الاعترافات المُفبركة التي تنشرها مليشيا الحوثي لنخبة المجتمع في صنعاء إغلاق مصانع وإلغاء وظائف.. ما الذي يحدث في قطاع السيارات الأوروبية؟ الكشف عن أكبر صفقة فساد جديدة في دولة عربية بقيمة 18 مليار دولار ضربة موجعة وغير متوقعة… مانشستر سيتي يقطع الطريق على ريال مدريد
هناك فساد صامت،
وهناك فساد يتكلم،
وهناك فساد يصرخ.
والأخير “فساد حوثي” بامتياز:
الحوثي، الذي أباح لنفسه الانقضاض على الدولة اليمنية بكافة مؤسساتها وأجهزتها بحجة “تطهيرها” من الفساد والفاسدين، مَنْ سيطهِّر الآن مؤسسات وأجهزة الدولة من فساده ومنه؟!
بالأمس، داهم الحوثيون مؤسسة الثورة بحجة مكافحة الفساد فيها. واليوم، داهموا المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ومؤسسة الأحوال المدنية بنفس الحجة، فيما ما يزال الوضع متوتراً في محيط وزارة الدفاع حيث يصر الحوثيون على استعادة سيطرتهم على الوزارة، بنفس الحجة أيضاً.
من ينكر وجود فساد في مؤسسات الدولة اليمنية؟ لا أحد. مثلاً، رئيس مجلس ادارة مؤسسة الثورة فيصل مكرم ونائبه خالد الهروجي فاحت رائحة فسادهما في الأرجاء، ولا يمكن الدفاع عنهما، لكنْ هل يبرر هذا اقتحام ميليشيا الحوثي للمؤسسة وسيطرته عليها؟ لا، طبعاً، فهذا عدوان غير مشروع على مؤسسة صحفية تابعة للدولة، وهو لا يستهدف “مكافحة الفساد” فيها، بل سيطرة الميليشيا عليها. بارك الحوثيون هذا العدوان وينتظرون منا مباركته أيضاً بمبرر أن الرجلين فاسدين، لكن المشكلة أن الحوثي لم يطِح بمكرم والهروجي فقط، بل أطاح المؤسسة بالكامل من يد الدولة الى يده!
للحوثيين الذين يتهمون كل من يرفض سيطرة الجماعة على مؤسسة الثورة بأنه يدافع عن الفساد، نقول: حسناً يا سادة، دعونا “نلحقكم الى باب بيتكم”، ونفترض أمرين: الأول أن من حق جماعتكم اقتحام مؤسسات الدولة وتعيين من تشاء في مواقع مسؤوليتها، والثاني أن جماعتكم اقتحمت الثورة بهدف “تطهيرها” من الفساد لا السيطرة عليها. لكنْ، هل ستعيدها جماعتكم لـ”الدولة”؟ على الأرجح، “لا”.
طيب، سنقول لكم: اوكي، هنيئاً مرئياً لكم مؤسسة الثورة! لكنْ، هل “ستطهرونها” فعلاً من الفساد؟ على الأرجح أيضاً، “لا”.
وعلى أي أساس، أجبنا بـ”لا”؟ على أساس كل ما فعلتموه منذ اقتحمتم العاصمة وسيطرتم على معسكرات ومؤسسات الدولة فيها. ألم تقولوا أنكم تريدون دخول “الفرقة” لإخراج علي محسن منها وتسليم الحديقة؟ أخرجتم علي محسن، صحْ. لكنكم أخرجتم بعده كل شيء آخر في الفرقة، من الدبابات والمصفحات والمدافع والأطقم العسكرية وكل الأسلحة المتوسطة والخفيفة. أخرجتم السارق من الفرقة وسرقتم كل شيء! حتى الحديقة لم تسلموها! وهذا مجرد واحد من أمثلة لا تُحصى، فكيف نصدق هراءكم عن مكافحة الفساد في حين تؤكد كل أفعالكم العكس؟!
الحوثي “يكافح” الفساد بفساد أكبر، و”يكافح” النهب بنهب أكبر، و”يكافح” الظلم بظلم أكبر! والأمثلة على هذا أكثر من أنْ تُحْصَى وأكبر من أن تُوْصَف، ولكني سأكتفي هنا بمثال واحد من نماذج الفساد الصارخ، والذي دوَّن نفسه بكل “بجاحة” في وثائق العالم:
الوثيقة المرفقة هنا هي عبارة عن شكوى مرسلة من السفارة الألمانية الى وزارة الخارجية اليمنية قبل أسبوعين بالضبط: الرسالة الألمانية تشكو من المضايقات التي يتعرض لها دبلوماسيوها في مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، والتي بلغت حد: فرض (200- 250 دولار) على كل فرد من الدبلوماسيين الألمان كرشوة، مقابل السماح لهم بالمغادرة أو الوصول عبر صالة التشريفات، رغم امتلاكهم مذكرات رسمية “من وزارة الخارجية الموقرة”، وفقاً للشكوى!
عبر تاريخ مطار صنعاء، وعبر تاريخ العلاقة بين اليمن وألمانيا، لم يسبق أن سُجِّلتْ مثل هذه الفضيحة. ولكنها سُجِّلَّتْ أخيراً بفضل الحوثي! وهناك ما يقارب (14 رسالة) مماثلة من عدة سفارات غربية وغير غربية تحمل شكاوى حول اساءات مختلفة يتعرض لها دبلوماسيوها في مطار صنعاء. وإذا كان الحوثي قد بدأ سلطته في مطار صنعاء على هذا النحو، فتخيلوا كيف ستتطور وكيف ستنتهي!
الحوثي لا “يكافح” الفساد بفساد أكبر منه فحسب، بل وبفساد غير مسبوق: فساد الحوثي صريح وصارخ، لكنه فساد شجاع وفخور بنفسه يجوب مؤسسات الدولة ويتجول في الأنحاء وعلى كتفه كلاشينكوف. إنه فساد أرعن، وقح، وأخرق، فساد يؤدي “الصرخة”، فساد “مبَهْرِر” على الدوام. وأحياناً، يسألك بـ”هنْجَمَة”: “أيش أنا؟”، وإذا أجبته: “فساد!”، يطلق عليك الرصاص، أو في أحسن الأحوال: يهوي عليك بعقب البندق!
وبماذا، إذنْ، يتعين عليك أن تجيبه كي تتفادى شرَّه؟
قل له: أنتَ مكافحة الفساد!
أنتَ سِيْد الناس!
وإيَّاكَ أنْ تخطيء، وتقول له:
أنتَ سِيْد الفساد!