يا حكماء الحراك .. تحركوا !!
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و يومين
السبت 26 مايو 2012 08:16 م

كثيرون من يصور لهم تعصبهم الأعمى وثوريتهم المجنونة في الحراك الجنوبي أن كل نصح ونقد يوجه لهم يعد عداء صارخا لكيانهم وخيانة لقضية الجنوب المشروعة , وكل ما نطلبه منهم أن نرى كجنوبيين ما يثلج الصدر ويطمئن النفس بحياة أمنة مستقرة في وطن جنوبي موحد الأطراف بعدل وإنصاف . فلا نستطيع نحن ولا غيرنا أن يسلب الحراك حقه فهو الرائد في مجال النضال السلمي والأول في مواجهة السلطة الظالمة مطالبا بحقوق تم انتهاكها ونهبها في الجنوب , ولكن المتابع لمساره سيلحظ الانحراف الذي لحق به منذ أن تم الإعلان عنه , انحرافا في الفكر والغاية وخطورة في الهدف والوسيلة وعنفا في التعامل مع الرأي الأخر وتخوينا لكل مخالف ولو كان يعد قديما ( كالناخبي والسعدي ) من الثوار الأحرار.

وبدأ هذا التحول متدرجا فكان خصمهم هو الحاكم وما حوله من سلطة وحكومة , وأخذ هذا في التوسع قليلا ليشمل كل ما هو شمالي ولو كان بائعا متجولا وعامل بناء , وليتمدد أكثر فيدخل فيه كل من أيد الشمال شعبا أو مكانا أو كيانا سياسيا ولو كان جنوبيا , وصار دم الجنوبي وعرضه على الجنوبي المخالف لهم مباحا ومستباحا ! وشيئا فشيئا يتحول الحراك من السلمية إلى خط غير سلمي عبر مواجهات عنيفة قام بها في عدد من المحافظات الجنوبية , ولست هنا بصدد رصدها ولا تحليلها فهي كثيرة ولا ينكرها الحراك بل ربما فاخر بها كانجازات ثورية له , وقد بلغت ذروتها في الانتخابات التوافقية الرئاسية حيث صمم أفراده على منع دخول صناديق الاقتراع إلى مدنهم وقراهم ولو كان الثمن قتل الأخ أو القريب , وبعد سقوط النظام نقل الخصومة إلى جهة شباب الثورة وكل جنوبي فيها , فبدلا من التعاون ومد جسور التواصل مع من أطاح بالنظام وحقق نقلة جبارة في تاريخ اليمن نرى الحراك يجعل من نفسه الند والخصم لهذه الثورة , فمن التحرش الكلامي الجارح إلى الهجوم على بعض المخيمات ورشقهم بالحجارة و إحراق الخيام . وهو تحول لا ندري هدفه وتوجهه ما لم يكن انعطافا خطيرا بالثورة نحو طريق جانبي يشغلها عن السير في خطها الرئيس نحو تحقيق بقية أهدافها الكريمة , وهو كذلك يعد انحرافا غير محسوب العواقب بالوطن والجنوب نحو المزيد من الاحتقان والعدائية ونحو مواجهات تزيد من حجم التباعد والتباغض بين الأشقاء وربما تصل إلى ما لا تحمد عقباه . وقد أكد عدد من كتاب الحراك والجنوب عن رفضهم لمثل هذه التصرفات الهوجاء .

ويوميا يقوم الحراك بالتقدم خطوات في هذا الدرب متغافلا عما يسببه ذلك من تراجع لشعبيته وما يؤدي إليه من فقدان ثقة الناس فيه ويعيد الذاكرة لأيام التسلط والدموية في سبيل تحقيق مصالح وأفكار ضيقة , ومن أجل امتصاص ردة الفعل الرافضة لأعماله يقوم بإلقاء المسئولية على مندسين في صفوفه أو لشباب ثائر غيور تصعب السيطرة عليهم . والواقع أن كل كيان فيه هذه النوعية الثائرة ولكنها أحسنت فن التعامل معهم بما يحقق الخير للجميع . وفي أيام خلت تم الإشهار عن ( التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي ) و ( مجلس تنسيق القوى الثورية في المحافظات الجنوبية ) وهما تجمعان جنوبيان يريان بضرورة العمل على حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً بما يلبي طموحات أبناء الجنوب ويمهد أرضية ملائمة لبناء دولة مدنية حديثة على أسس الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والشراكة الفعلية في السلطة والثروة .

ولم يتوان الحراك عن مهاجمة رموزهما بالسب والتسفيه ومتوعدا البعض بالتصفية الجسدية .

فيا حكماء الحراك : الكل متفق على مدى ما تعرض له الجنوب من ظلم وتهميش وتسيد عل أرضه وثرواته من قبل فئة فاسدة ظالمة عاثت في شمال الوطن قبل جنوبه فسادا وقهرا , والكل مجمع على ضرورة إصلاح الأوضاع وإعادة الحقوق وبناء وطن أمن مستقر متكامل , أليس هذا هو مطلبنا وهدفنا ! فكيف لا يتفق الجميع على آلية تحقق لنا هذا بدون تعصب ولا نزاعات طائفية وسياسية .

ولذا وجب عليكم البحث في أسباب هذه العدائية الصارخة لمخالفيكم والثورية المجنونة في أفرادكم والتعصب لرأيكم . وأن تبادروا بالمعالجات الحاسمة والوقفات الجادة لتصحيح سيركم وتزيين سيرتكم , وما لم تفعلوا فذلك يدل على أنكم لا تريدون جنوبا مستقرا موحدا أمنا .. ولا تريدون شعبا متآخيا متحابا , وستكون العاقبة مواجهة جنوبية جنوبية يتمزق فيها الجنوب شعبا وأرضا لا محالة , وهي مواجهة كما عهدناها أيامها قليلة ودمائها كثيرة , ولن يخلوا بيت من أنين ونحيب ! فهل حقا هذا ما تريدونه لنا ؟ وستكشف الأيام من يحب الجنوب وكان سببا في خيره وبناءه ومن كان حبه سببا في تمزيقه وخرابه . فنحن نحبه حب العاقل الحصيف الحكيم , وغيرنا يحبه حب العاشق العذري الأليم ..

لقيس الصدمات والجنون .. وأما ليلى فعروس تتلألأ لفارسها الشهم الكريم .