تجمعُ الإصلاح بين الصدفة واللؤلؤة
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 4 سنوات و شهرين و 28 يوماً
الإثنين 28 سبتمبر-أيلول 2020 10:18 ص

 ثلاثون عاما هي عمرُ التجمعِ اليمني للإصلاح ، في ممارسة العملِ السياسي . ومنذ انطلاقته سطعَ قويا سياسيا ، راسخاً دعويا ، يحظى بشعبيةٍ واسعة بين أوساطِ المجتمعِ . وتنبه الخصومُ سريعا إلى ما يمثله الإصلاحُ من تهديدٍ على مراكزهم ونفوذهم ، ولكنهم أدركوا أنهم لن يهزوا شعبيتَه ويهزموا صفَه بما تتعاملُ به دولٌ عربيةٌ أخرى ضد خصومِها من المكونات الإسلاميةِ بالعنف والاعتقال ، أو الحظر والنفي ، وغيرها .

فتدارسوا أمرَهم جيدا ، وشرعوا في مخططٍ يدفعُ بالإصلاحِ جبراً في إتجاهٍ يؤدي به إلى تنازلاتٍ وموازنات تسايرُ الضغطَ المحيطَ به ، بينما يبذرون هُم تدريجيا حبيباتِ شكٍ خفي في نفوسِ أبنائِه ، يتمُ رَيُّها بفيضانٍ إعلامي ، يثيرُ الشبهاتِ من حولهم ، ويتكررُ مرارا على مسامعهم .

فكان من ضمن مخططِهم : - الدفعُ بالإصلاح كليا نحو السياسة على حساب الدعوةِ . مما سيؤدي إلى هز الثقةِ في دعاته ومنهجِه ، حتى يصبحَ في نظرِ غالبِ الناسِ كلُ خطابٍ وطرحٍ منهم تكسبا سياسيا . - الاستعانةُ بجماعةِ السَلَفِ ، ومثقفي السلطةِ في نشر الشبهاتِ عن فكره وأهدافِه ، ليظلَ في دوامةِ الدفاع فقهيا ، ومتاهةِ التحليلِ سياسيا ، ومعضلةِ التعليل اجتماعيا ، فيضعف نشاطُه الاجتماعي ، ويقل اختلاطُه بالناس في برامجه المعتادةِ ، وسيؤدي قليلا أو كثيرا إلى تضادٍ وجدلٍ فكري لدى المؤَطَرين واللبنةِ الأساس ، فيغادر بعضُهم حلقاتِه وتنظيمَه .

  • تجفيفُ ينابيعِ مواردِه ومؤسساته وهيئاتِه واستثماراتِه ، وخفضُ حصصِه المستحقةِ من موازنة الدولةِ ، بما يعرقلُ خططَه وميزانيةَ دوائره .
  • واغلاقُ أهمِ محضنٍ تعليمي وتربوي لديه متمثلا في المعاهد العلمية ، وتفريقُ طلابه ومعلميه ، ودمج مناهجِه .
  • - شنُ حملةٍ إعلامية مركزةٍ تُحَملُه فسادَ غيره لمجرد مشاركته المحدودة ، والتركيزُ عليه دون غيره ، هجوما وتشنيعا على مواقفَ وقراراتٍ حكومية لم تكن له كلمةُ الفصلِ فيها .
  • والتشكيكُ في وطنيته وتحالفاته ومواقفه ، واتهامه بالتسلق الشعبي والاستغلال الدعوي
  • . - فتحُ بابِ الدنيا أمامهم ، للأخذ بما يَعُدونَه مشبوها ومكروها وحراما ، فيكون يوما وصمةَ ذنبٍ تحيطُ بهم عند كلِ حوارٍ وجدال ، وبما يمنعهم من التصدي للمخالفات والمفاسدِ ، كونهم ممن يأخذُ حصتَهم منها .
  • واليوم مع تأزم الجبهات والوضع ، وهجرة القادة وتباعد التواصل ، ومع شبه انقطاعٍ تامٍ لِحِلَقِ المتابعة والتثقيف ، وتعطل برامج الدعوة الربانية والأنشطة التربوية ، تعاطى البعضُ القاتَ ، وعاقرَ ما كان قد هجره من العادات والآفات اجتماعيا وسلوكيا .
  • وما أبرئُ نفسي ! . وهنا يطولُ التفصيلُ في هذا الشأنِ ، وما كتبتُ إلا غيضا من فيضِ مخططِ الخصوم ضدنا ، والذي بكلِ أسى سارعت نحوه خُطانا .
  • وخلاصةُ القولِ ، لقد آوى كثيرون إلى صدفة الإصلاح حبا وولاءً لنور اللؤلؤة المتجذرة في المحارة الطيبة ، وثقةً في نقاء عناصرها ، وفهما لحقيقة جوهرها ، وتصديقا لخلوصها من الشوائب والزيف ، وتأكدا من صلابة بنيانها ، وتقديرا لسبقها بين أقرانها ، واستعصائها عن الخدش والتزييف .
  • فلم تكن يوما المحارةُ هي سببَ اقبالِهم ، ولا علة ولائهم ، وإنما هي اللؤلؤةُ وما تمثله من خيرٍ ونماء ونورٍ وهدى .
  • فإن كانتِ الصدفةُ اليوم تتكيفُ مع المخاطر حولها ، وتحاكي شكلَ ما يحيطُ بها ، فإنَّ ذلك كلَه إنما هو حمايةٌ منها لتلك اللؤلؤة ، من أطماعِ قراصنةِ النور ، ومكرِ سماسرة القصورِ ، ومِمَن يبتغي خدشَ جدارِها وثقبَ بنيانِها ، وقلعَ جذورِها ، والتزينَ بها رمزا لعظمته .
  • وهذا أمرٌ يمكن تفهمه والتعايش معه مهما كان كمُ التلونِ والمسايرةِ ، وكيفُ التنازلِ والتوازنِ . ولكن ما لا يمكن تفهمه والقبول به ، إن كان قد تغلغلَ في صدفة المحارة شيءٌ من الطحالب الضارةِ والفطرياتِ السامة ، ثم ترسخَ في أركانها وتجذرَ في أساسها ، فأحاطَ باللؤلؤة ، لمحوِ مآثرها وتأكيدِ عدم صلاحيتها ، حتى تصبحَ الصدفةُ خاليةً من قلبها الحي المنير .
  • وهنا فكم حجمُ مَن سيغادرُ صدفةَ المحارةِ الخاوية ، مستحدثا صدفةً جديدةً لما ارتبطوا روحيا بنقاءِ باطنه ، وتوحدوا فكريا بسمو جوهره .
    • شخصيا أستبعد ذلك التغلغلَ ، ولكن يراودُ النفسَ هاجسُها ، فيقاومُه بضراوةٍ وثباتٍ سمو التربيةِ والولاءُ ، وذلك بعون الله كفيلٌ بصدِ كلِ وسوسةٍ ووأدِ كلِ نجوى .