آخر الاخبار

الجيش السوداني يحقق انتصارا كبيرا على قوات الدعم السريع وينتزع أحد اكبر المدن السودانية والاحتفالات الشعبية تعم المدن انفجار مهول في أحد محطات الغاز بمحافظة البيضاء يتسبب في مقتل وجرح العشرات من المواطنين. لماذا ساعدت الصين الحوثيين سراً في الهجمات على سفن الغرب بالبحر الأحمر وماهي الصفقة بينهما .. تقرير أمريكي يكشف التفاصيل تقرير أمريكي يتحدث عن دعم الصين للحوثيين ظمن خيارات الشراكة الناشئة بين بكين وطهران ... ومستقبل علاقة الحزب الشيوعي بعمائم الشيعة الاحزاب السياسية بالبيضاء تطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بضرورة التدخل العاجل نجاة شيخ قبلي كبير من عملية إغتيال بمحافظة إب ... وانفلات أمني واسع يعم المحافظة في ظل مباركة مليشيا الحوثي حرب ابادة في الحنكة بالبيضاء.. مليشيا الحوثي تقتحم المنطقة والأهالي يناشدون الرئاسي والمقاومة وقوات الشرعية برشلونة وريال مدريد وجهًا لوجه في الجوهرة المشعة (توقيت الكلاسيكو) موقف أمريكي من هجوم الحوثيين وقصفهم منازل المواطنين بمحافظة البيضاء أول زيارة لرئيس حكومة لبنانية إلى سوريا منذ الحريري 2010

صورة لجرح الحصبة
بقلم/ أحمد الطرس العرامي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 11 يوماً
الجمعة 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 01:30 م

بدا من كلامه أنه يتحدث مع فتاة أجنبية، اعتذر لأجلي، وسيعاود الاتصال بها لاحقاً، قال لي هذه فتاة هندية، سنتزوج قريباً، سائق التكسي الذي أوصلني إلى صحيفة "الشارع" أمس، شاب يمني ما بين 35-38 سنة، تقريباً، وسيم ووقور وجاد، كما تقول ملامحه، لم يكن سيتزوج بهذه الهندية إلا لأن زوجته متعبة... والغصة تكاد تذبح روحي...

أثناء المواجهات بين الأمن وآل الأحمر، في الحصبة، جاءت قذيفةٌ على الشقة التي يسكنها هو وعائلته (زوجته وثلاثة أطفال)، واشتعلت النار في البيت، تحت أضواء الجسر، ألمح آثار الحريق بادية على يده اليمنى، كان يحاول إنقاذ زوجته، لقد كانت أكبر المتضررين، هو الآن يعمل في التكسي ليقاضي الديون التي تراكمت عليه بينما هو يدور في المستشفيات وأروقة الحاجة والعوز ليعالج زوجته... ذلك قبل أن يدله أحدهم على إحدى المنظمات (أظن منظمة أطباء بلا حدود) لتتكفل هذه المنظمة بأخذ زوجته إلى الأردن حيث ما زالت هناك تتلقى العلاج حتى الآن.

بدا حزيناً وقوياً في الوقت نفسه، قال أنه سيتزوج الفتاة الهندية التي تعمل موظفة في إحدى المستشفيات اليمنية، وأنه يأمل أن ترعى أطفاله في غياب أمهم، لقد وعدته واتفقا على ذلك، سوف تُسْلِمُ وستتخلى عن أهلها لأنهم سيتخلون عنها بمجرد زواجها منه وإسلامها، (هم أبنائي سأرعاهم) هكذا قالت عن أولاده، هي طيبة وتحبه، كنت سأقول له في بداية حديثنا (أنت لستَ وفياً لماذا تتزوج لمجرد أن زوجتك متعبة؟؟) لكنه استبق سؤالي له بالحديث عن زوجته المتعبة وعن كون الزوجة الجديدة سترعى الأطفال، الطبيب أخبره أن زوجته تحتاج لأكثر من ثلاث سنوات حتى تتعافى نسبياً بما يمكنها من العناية بنفسها وأطفالها، تبادلنا أرقام الهواتف، أخبرته أنني صحفي، وقد أحتاجه، كانت الأسئلة تزدحم في رأسي وكنا قد اقتربنا من المكان الذي أقصده، مد يده إلى درج السيارة، وأخرج صورةً...

امرأة عمرها قد لا يتجاوز الثلاثين، الصورة تظهر الجزء العلوي من جسدها (الوجه وأعلى الصدر) آثار أقدام النار واضحة كالألم، لم تبقِ النار في جسدها سوى بعضٍ من خطوط الجمال والأمومة التي ما زالت صامدةً على وجهها... ما الذي يمكنني فعله؟! تراكمات يضيق بها صدر العالم، متى سيصبح للإنسان قيمة في بلادنا؟ لدينا مشكلة في وعينا، لدينا خلل في مبادئنا وقيمنا الإنسانية حتى لتكاد تكون ثقافةً مريضةً... ربما من الصعب أن نتعافى منها...

نزلت من التاكسي، وفي ذهني ليالي الرعب التي كنا نعيشها أثناء مرورنا عائدين من صحيفة الثورة، الحجارة التي حفر فيها الرصاص، النوافذ والأبواب المخلعة، المنازل التي كانت دافئةً بالحب والصغار، ظلت تنبعث منها روائح الجثث لأيام، الحي الذي كان غارقاً في نهارات أطفاله يلعبون الكرة في الأزقة، تحول إلى مدينة أشباح وأكياس من الطين، المنازل المحظوظة تحول أهلها إلى مشردين، البعض باعوا منازلهم، الأهالي وسكان الحارة يتحدثون عن صفقات كان يعقدها آل الأحمر لشراء المنازل مستغلين حاجة الأهالي وحنقهم على العالم واضطرارهم للهرب من "الحصبة" إلى أماكن بلا رصاص ولا صواريخ "لو"... الحصبة الحي الذي ارتفعت فيه المتارس وأكياس الطين، وسقط فيه الإنسان. الحي الذي ظلت صورتا علي عبدالله صالح وعبدالله الأحمر معلقتين فيه، بينما وقع الإنسان اليمني على الأرض وتهشم رأس الطفل الذي خرج يبحث عن مخبزٍ وقبل أن يقطع الشارع قطعت جسده قذيفةٌ بحجم "الروتي"، أو ربما صاروخ "لو"...

سائق التكسي الذي لم يخبرني باسمه ولم أسأله، قال أنه كان يبحث عن مساعدةٍ علاجيةٍ من الدولة لكن المعاملة لم "تخرج إلى طريق"، مجرد أوراق فيها توقيعات هذه حصيلة دوران طويل في المكاتب والمؤسسات الحكومية هو أشبه بالدوار، حكومتنا بلا ضمير أصلاً، كما أنها لا تفعل شيئاً من ذاتها، لذا سيظل سؤال الحصبة اختباراً حقيقياً أمام صحافتنا، وضمائر أقلامها، ثمة حياة في الحصبة اختفت، ثمة أناس جرفتهم "الكارثة"، وما زالت قصصهم مجهولة، الحصبة جرح كبير، ما زال بحاجة إلى من يلتقط صورةً له ويعرضها، لعلّ ثمة طبيب... بل يجب أن يكون هناك...

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
دكتور/ فيصل القاسم
نحن أفضل من الاتحاد السوفياتي
دكتور/ فيصل القاسم
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
علي محمود يامن
المقاومة الوطنية … ثبات البوصلة نحو مواجهة الإمامة
علي محمود يامن
كتابات
عبدالله بن محمد النهيديالسلفيون يتساءلون
عبدالله بن محمد النهيدي
قراءة في مبادرة السفير عبد الهادي طواف
معتصم أبوالغيثهلوسات لأجل وطن !!
معتصم أبوالغيث
مشاهدة المزيد