رسالة إلى أحمد علي عبدالله صالح
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 13 يوماً
الجمعة 17 يونيو-حزيران 2011 11:56 م

ملاحظة هامة...كتبت هذه الرسالة قبل ثلاث سنوات كاملة ، ولعدة اسباب لم يكتب لها الحظ في النشر ، غير أن ما وصلت إليه الأوضاع في وطننا اليمني اليوم ، عبر مشاركة احمد علي كقائد لما يسمى الحرس الجمهوري في قتل المتظاهرين والمعتصمين وشن الحرب على المدنيين في عدة مناطق من وطننا اليمني ، دفعني لنشر هذه الرسالة واملي أن تنال شرف القبول من القراء الأعزاء.

تقيدا بالقواعد المتعارف عليها في كتابة الرسائل ،يفترض أن أبدأ مخاطبتك بصفتين ، أولهما كلمة عظيمة في معناها لأنها تحمل رابطا ساميا بين الأفراد يرتقي بهم إلى مصاف المحبة والإيثار ويجمعهم كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وتلك هي كلمة (الأخ).

غير أني عودت نفسي في حديثي وكتاباتي على التمسك بالصدق والوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، والحديث الصادق هنا كناقل مباشر لما أظن أني أحمله من قيم وأحاسيس يلزمني تجنب إستخدام كلمة"الأخ"بسبب غياب كل عوامل حضور هذه الكلمة فيما بيننا ، إستنادا إلى المصادر الشرعية المحددة لمعاني الأخوة بين المسلمين ، ثم معايير الأعراف القبلية التي رسخت أواصر الأخوة بين الأفراد بصورة لا أرى لها أثرا بيننا وبينك في قبيلتنا اليمنية الكبرى( إن جاز اللفظ) ، وقبل أن تقول أني ظالم في حكمي هذا أو حتى حاقد وحاسد(بحسب ثقافة القصر)دعني أستحضر لك بعض الأدلة الشرعية المؤكدة لما أقول ، فالقرآن الكريم يخاطب المسلمين ويذكرهم بالنعمة التي من الله عليهم بها يوم أن نقلهم من فوضى العداء والتناحر إلى روح الألفة والأخوة في قوله تعالى"واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا"صدق الله العظيم.

تشرح الآية الكريمة نفسها وتؤكد بأن الناس وإن تعادوا فمن الممكن أن يتآخوا بعد أن تتحقق خطوة هامة للوصول إلى ذلك الرابط الإلهي ، وهي خطوة تآلف القلوب ومحبة أصحابها لبعضهم البعض ، وهذا ما يعني غياب المفهوم القرآني السابق فيما بيننا بسبب بروز معايير المعاداة من قبلكم تجاهنا ، لأنك تعتبر كل من ينتقد والدك وأنا أحدهم "أعداء لك وله" ، كما أنك تعادي بشدة كل من يرفض توريثك الحكم ووصولك إليه وبالطبع أنا منهم ، ولو أنك حملت تلك المشاعر العدائية واكتفيت بكتمها في نفسك ، ولم تنوي أو تسعى لإلحاق الأذى بأحد من الناس لأبقيت جزءا يسيرا من تلك المعاني الأخوية ، لكنك برضاك عن والدك في تصرفاته المخالفة لكل القوانين وسيرك على نهجه "القديم"، رغم أنك من جيل مختلف يتحتم عليه التطور بتطور الحياة نفسها ، تثبت لنا أنك ستقاتل بسلاح السلطة وبشتى الوسائل كل الأعداء من أبناء اليمن الذين لا هم لهم سوى تطور الوطن وسيادة القانون وتمكين كل فرد يمني من العيش مرفوع الرأس منتصب القامة ، فهل من الممكن أن يكون هنالك تآلف بيننا وبينك حتى نرتقي لمعنى الأخوة العظيم؟..... بصدق أقول لك لا أعتقد ذلك أبدا.

في سيرة مربينا ورسولنا الأكرم محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم صور ومشاهد تعلمنا الأخوة الحقيقية التي تجمع المسلمين ، ولحظة الإستدلال بها على واقعنا اليوم لم أجد لك أي مكان في صفوف التعلم منها ،وبإمكانك إن واصلت اتهامي بالظلم في أحكامي عليك مراجعة وقرائة درس المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كأزكى صورة مشرقة في تاريخ الأخوة البشرية ، يوم أن وصل المهاجرون الأغنياء بدينهم والفاقدين لكل شيء مادي في الدنيا إلى قوم الأنصار في المدينة الذين آخوهم قولا وفعلا ، فإلى جانب الترحيب بهم في وطنهم الجديد تقاسموا معهم كل ما يمتلكوه ، فمن كان يملك بيتين تنازل عن أحدهما لمهاجر ، ومن كان يملك نقودا قسمها نصفين بينه ومهاجر آخر ، حتى أن الأنصار تقاسموا الأرض والأغنام والبعير مع المهاجرين لأنهم بنعمة الإسلام أصبحوا إخوة ، بينما نحن وأنت نعيش في فوارق لا يمكن أن تتقارب أو حتى تتشابه ، ولكي تعلم أنك ونظام والدك من صنع تلك الفوارق أدعوك لقرائة حديث المصطفى القائل(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) فبالله عليك هل تحب للشباب اليمني اليوم ما تحبه لنفسك؟؟.......سؤال لا يحتاج لرد أو تعليق.

دعنا ننتقل سويا نحو رابط الأخوة القبلي الجامع للناس بأسلوبه المميز ، ومن الواضح هنا أن ثقافتك في فهم أعراف وقوانين القبيلة الحقيقية وليس تلك التي تم مسخها في عهد والدك تبدوا معدومة تماما ، لذلك دعني أقدم لك درس الأهولية في القبيلة "الأصلية"التي تجعل الناس إخوة بروابط الصحب وتحقيق الخير والمصالح المشتركة في إطار منفعة الجميع وإنتاج عزة وكرامة الكل ، لأنهم يعلمون أن الإسائة لفرد إسائة للجميع ، مثلما أن الفرحة للقبيلة كلها وكذلك الحزن ، ولعل أجمل وأعمق الصور المعبرة في أعراف القبيلة عن أخوة أفرادها(بغض النظر عن مكانتهم الإجتماعية)لحظة نزول مصيبة على أحد أبنائها ، حيث تلتقي القبيلة ليصبح الكل"غرّامة" أي مساهمين في تلقيها وتقاسم أحزانها ، فهل تعتقد أننا وأنت كأبناء قبيلة يمنية كبيرة نلتقي في جزء من تلك الجزئيات حتى نصبح "إخوة" ولو في أعراف القبيلة؟!!

أقول لك بشفافية مطلقة ، أن أخوة القبيلة ملغية تماما لأننا كشعب يمني أصبحنا"غرّامة"من أجل أن تسعد وتفرح وتأمر وتنهي وتعيش في بحبوحة وتصل إلى العرش على حساب كرامة وعزة وطن ، فيه من الأحزان والأوجاع التي كتب علينا أن نتقاسمها بسببكم ما ينسف ويدمر الأخوة ويستحضر كما تعتقدون ممارسة العبيد والملوك.

الصفة الثانية التي كان يجب مخاطبتك بها ، تتمثل في موقعك القيادي ورتبتك العسكرية ، ولا أخفيك أنني لا أعرف ما هي(عقيد -لواء -مشير...)كما أنني في الأصل لا أعترف بها ، لأنك لم تحصل عليها بعلمك وجهودك وكفاحك بل حصلت عليها ووصلت لمواقعك القيادية لأن والدك هو الرئيس ولا شيء آخر ،وذلك ما مكنك من تجاوز الصفوف والكفائات العسكرية بعلمها وخدمتها وخبرتها وأكاديميتها ،وأنا هنا لو خاطبتك بتلك الصفة فسأرتكب خطأ في حق كل العسكريين المفترض نيلهم المناصب التي نلتها ، وسأعتبر ذلك خيانة لأمانة القلم الواجب كتابته الحق كما أقسم به المولى تبارك وتعالى في سورة عبرت عن عظمته ومكانته.

حتى أسمع لك رأي مخالف ينفي بالحجة والبرهان ما قلته دعنا نتفق أن معايير الأخوة قد تم إعدامها شنقا وخنقا ورميا بالرصاص من قبلكم(أنت ووالدك ونظامه)شرعا وقبليا كما تم أيضا سحلها قانونا ، لأنكم لو طبقتم القوانين على أنفسكم وتقيدتم بها أولا ، ثم على الشعب اليمني لوجدت نفسك أخا للجميع في العدالة والمساواة والفرص الوظيفية والإدارية ، وبناءا على ما سبق ذكره فسأخاطبك بصفتك التي مكنتك من الوصول إلى ما أنت فيه تمهيدا لتوريثك"العرش"لأنك-إبن الرئيس- وتلك صفة المخاطبة فيما بيننا.

أخاطبك من الولايات المتحدة الأمريكية ، لأقول لك بصوت واضح وصريح أننا سنقف صفا واحدا ضد توريثك الحكم ووصولك لرئاسة البلاد ، ليس لأنك ابن الرئيس أو أننا نحسدك ونعارضك بدون سبب ، فتلك في الأساس ليست من قيمنا وأخلاقنا ، بل لأنك لست أهلا لتلك المسؤولية العظيمة والمهمة القيادية المتطلبة رئيسا من نوع خاص عنده من الإيمان بوطنه ما يجعله يحمل مشروعا طموحا يصحح به تركة والدك الكارثية ، ويعيد اليمن إلى مكانه الطبيعي كمصدر ومنبع لمعايير أخلاقية وأضواء قيمية إشتهر بها وأهله على مر التاريخ.

لقد بات واضحا ومنذ سنوات مضت ، السعي الحثيث والمتواصل لتنفيذ"مشروع التوريث الصغير"المحصور في وصولك لمنصب الرئيس ، ولأجل ذلك تحول الوطن إلى "لعبة شطرنج"تتحرك الأحجار فيه بما يتوافق وقدراتك التي يرى والدك قبل أي أحد آخر أنها ضعيفة ولا تصلح لتلك المهمة المكمّلة لمملكة الصالح ،لذلك عمل على استبعاد كل الشخصيات الوطنية القوية ، وتقريب "الضعفاء"تاركا لهم الحبل على الغارب ليلعبوا ويرتعوا في الوطن فسادا وتوريثا لأبنائهم(القريبين منك في كثير من المواصفات)إعتقادا أن ذلك "التقريب"سيؤدي إلى نجاح المشروع وبقاء مملكة الصالح في اليمن.

أنت يا ابن الرئيس من نشأت وترعرعت في بيت السلطة والملك ، وتعودت على الحصول على كل ما في نفسك بإسلوب أبناء الملوك الضامنين لكل شيء مادي في الدنيا ، حتى صار منصب الرئيس كمطلب يمثل عندك"لعبة أو جعالة" ، معتقدا أن الكرسي أصبح في "الجيب" ، لكنك لم تنتبه أو تلاحظ أن والدك لم يهيئك لذلك بصورة صحيحة علمية وأكاديمية وقانونية ، لتنافس بصدق من يستحق قيادة الوطن من رجال اليمن الشرفاء ، كما أنك لم تبني نفسك بناءا يتقارب وحجم ذلك المنصب لتتلافى أخطاء والدك ، ولهذا تجد صعوبة في التعامل مع الأحداث البسيطة بعد أن عجزت في إظهار عبقريتك المبكرة لتبصير"الصالح"ومنعه من الوقوع في الأخطاء الكارثية أو التخفيف من المشاكل المعقدة في البلاد.

إليك يا ابن الرئيس أقول..أنك لن تأتي أو تحمل جديدا للوطن(لو وصلت إلى العرش) ، لأنك أتيت من بيئة خالية من أي مشروع وطني يقدس اليمن ويعيش هموم وآلام الناس ، ويحرص على عزة وكرامة الوطن ، وعليه فليس من الغريب أن تمارس أدائك بنفس العقلية المشهورة منذ ثلاثين سنة ، فتتجاوز الجميع وتستهتر بكل الآراء ، رغم أنها أعلم وأدرى منك بشؤون الحياة وإدارة الدولة ، كما أنك لا تعرف القانون أو تلتزم بأحكامه لأنك من مجموعة لا تؤمن بأن عليها قانون من الأساس ، مع أن القائد المخلص والذكي في هذه النقطة بالذات يجب أن يكون مثلا أعلى بسلوكه ، حتى ينعكس ذلك على الناس فيتبعوه ، والواضح أن غياب تلك المفاهيم عنك ناتج بسبب ممارستك لمفاهيم أخرى ، تبدأ من مواكب سيرك الهائلة كأبيك تماما ، إضافة إلى عبثك بأموال الشعب وصرفك النقود والأراضي والسيارات بدون وجه حق ، لتمثل امتدادا لنظام دمر البلاد والعباد بتلك الأساليب التي مكنتك من مزاولة التجارة والإستثمار ، مخالفا القانون والدستور بشهادة وزارة العدل الأمريكية.

ستواصل التقوقع في برجك العاجي ، مؤمنا بأحاديث"حملة المباخر الصغار"من حولك ، ولن تشعر بالشعب لأنك لم تتجرع آلامه وأوجاعه ، ولم تعرف يوما أن يأتي العيد ووالدك عاجز عن توفير مستلزماته ، ولم تجرب الفقر حتى تتذكر صوره ومآسيه وأنت تحكم وتجلس على كرسي الملك ، ولم تذهب إلى المستشفى مريضا فيتم طردك لأنك فقير وليس لك مال ، فتعود لطلب الدين وتبيع الأرض وذهب الأهل إن كان هناك بيتا وذهبا.

من الصعب أن تتألم لآلام الشعب لأنك لم تذق مرارة الإقصاء والتهميش لأن ابن فلان تجاوزك بوساطة أبيه....لم تشرب من كأس الذل المقدم من أعضاء في نظام أبيك وهم يقفلون أبوابهم أمام المراجعين للحصول على وظيفة ، ولم تعرف معنى النوم جائعا بعد أن راجعت دروسك على ضوء الشموع......لم تعش محنة الأسرة اليمنية وهي بدون كهرباء وماء ، أو لحظة رميها خارج البيت لأن ولي أمرها لم يدفع الإجارويسدد الفواتير ، ومن أجل الشعور بأقسى وأشد ظروف الحياة وصنوف عذابها ، لم تجرب الغربة عاملا في المصانع وحمّالا في الموانئ ومغسّلا للأواني والصحون ، ولم تكن طالبا مبتعثا تتعرض لأقبح اشكال المعاملات من نظام أبيك الذي نجح في تحويل الإبتعاث إلى نفي لعقول اليمن الذكية ، كما أنك لم تغامر في الإغتراب إلى السعودية عن طريق التهريب لتتعرف على إذلال "الأشقاء"واستعبادهم لليمنيين في زمن"الصالح ، وليت أن المعاناة توقفت هنا ،بل لم ترى كيف يعد المهاجر الأيام والليالي ليعود لأهله بعد سنين طويلة من فراق جعّد الوجه وشيب الرأس.....لم ولن تحس أو تعلم بمعنى أن تغيب في بلاد الله الواسعة بحثا عن الرزق ، لتعود بعد أعوام وابنك الصغير صار شابا والأصدقاء فارقوا الحياة والأهل رحلوا بدون كلمة وداع ، وأنت بعيد عنهم تصحوا مع الحسرة وتتصادق مع القهر وتنام مع الحرمان.

إنها يا ابن الرئيس مأساة شعب ونكبة وطن ، وأنت بالفعل والقول لا ولن تشعر وربما لاولن تأسف لكل ذلك ، لأنك لو حملت ذرة من الإهتمام لقدمت ما يمكن أن يخفف من الأهوال ويساهم في بقاء اليمن بعيدا عن المستنقع الذي وصل إليه ، أو حتى لوقفت مدافعا عن الشباب الصانعين للوطن فكره والمحددين مكامن ضعفه والسائرين به نحو طرق الأمان ، وأقنعت والدك"وزبانيته"بضرورة ترك مشاعل الأمل تكتب وتتحدث وتناقش لتصب أسس التغيير ، لكنك كما قلت لك خارج من بيئة نظام لا يجيد سوى لغة الإستعلاء والتهميش والبلطجة والفساد وتدمير البلاد وتشريد العباد.

أنت الآن وكما هو مخطط له وريث العرش ، لكنك غائب أو متستر خلف سيئات النظام ، مع أنه من البديهي أن تقفز إلى الأمام وتتحدث وتناقش وتغير للأفضل لتقول للجميع"هآأنذا"لكن يبدوا أنك تكتفي بتطمينات"الخبرة"متصورا أن الشعب كله كذلك ، وهو اعتقاد ورثته عن والدك المكابر حتى اللحظة والواثق في تقارير"الشلة" ، رغم أن كل شيء يقول له أن الإعصار قادم والرياح بدأت في إزالة الرماد والجمر الملتهب بدأ في الظهور رويدا رويدا.

الكلام كثير وما في النفس أكثر ، وأعدك أن اعود للكتابة عنك مجددا ، غير أني الآن سأقول لك في نهاية رسالتي هذه كلمات من المؤكد أنك لو قرأتها كمواطن واعي وليس كابن الرئيس فإنها ستفيدك في قادم الأيام حتى لا تضع نفسك في مكان لست له أهلا ، إذ أن والدك بطريقة حكمه زرع لك الأشواك ونصب لك المسامير في كل مكان ، مع أنه كان بالإمكان أن يزرع لك الورود لو طبق القانون ومنع الفساد ليقدمك إلينا بصورة نقول فيها"هذا الشبل من ذاك الأسد" لكنه اختار لك الطريق الأصعب ليقنعنا بضرورة مقاومة التوريث ، فاعلم انك قادم إلى المجهول وأحكم الناس من تيقن وعلم أين هو سائر ، كما أنك مجبر اليوم بالنظر إلى والدك ومن حوله لتتعرف على سواد المشهد الذي يراد لك الوصول اليه ، فاحرص على أن لا تحمل نفسك ما لا طاقة لها به ، وفكر وتدبر في حجم وهول الأمانة وصعوبة الحكم وكثرة المظالم التي ستحاسب عليها يوم القيامة.

إن فاقد الشيء لا يعطيه وأنت لن تقدم أي نقطة ضوء تبشر، ومن المستحيل أن تكون مثل الرئيس بشار الأسد (اليوم صار بشار شبيها لعلي صالح ومعمر القذافي لا فرق ابدا ) في علمه وثقافته على الأقل ، صاحب الحضور السياسي القوي والحديث الإعلامي المبرهن أنه تعب وسهر وقرأ واطلع ليكون مثقفا من طراز فريد ، كما أنك لن تشعر بما شعر به سلطان عمان يوم أن زار السعودية ورأى شعبه ينظف الشوارع فحز ذلك في نفسه ، ليبني بعدها بهدوء وحكمة وطنه ويمنحه العزة والكرامة ، تاركا لنظام والدك المهمة لجعجعة الشعب وهدر كرامته في الخليج بأكمله.

هذا ما دار بين الخليفة الراشد عمر إبن عبدالعزيز وإبنه فماذ ا يدور بينك وبين أبيك؟

اتجه عمرإبن عبدالعزيز إلى بيته وآوى إلى فراشه، فما كاد يسلم جنبه إلى مضجعه حتى أقبل عليه ابنه عبد الملك وكان عمره آنذاك سبعة عشر عامًا، وقال: ماذا تريد أن تصنع يا أمير المؤمنين؟ فرد عمر: أي بني أريد أن أغفو قليلاً ، فلم تبق في جسدي طاقة. قال عبد الملك : أتغفو قبل أن ترد المظالم إلى أهلها يا أمير المؤمنين؟ ، فقال عمر: أي بني ، إني قد سهرت البارحة في عمك سليمان ، وإني إذا حان الظهر صليت في الناس ورددت المظالم إلى أهلها إن شاء الله. فقال عبد الملك : ومن لك يا أمير المؤمنين بأن تعيش إلى الظهر؟! فقام عمر وقبَّل ابنه وضمه إليه، ثم قال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني.

aalmatheel@yahoo.com